مسرة
Active Member
د. فلاح عبد جميل
وزارة العلوم والتكنلوجيا
يتناول المريض الدواء لتحسين حالته الصحية في الكثير من هذه الأدوية من الضرر ما يفوق المنفعة , وهذا يستوجب استشارة الطبيب الذي يقدر الموقف بعمل موازنة بين الضرر والنفع قبل تناول الدواء. والكثير من الأدوية يتم إيقافها فجأة بعد انتفاء الحاجة لاستعمالها وبحسب توصية الطبيب المعالج .
ومع ذلك يوجد أدوية لا يجوز إيقافها فجأة وبتوصية من الطبيب أيضا , خوفا من حصول الأعراض الانسحابية : وهي التفاعلات الضارة التي تحصل للجسم عند إيقاف الدواء بصورة مفاجأة بسبب تعود الجسم عليه.
و التعود Tolerance هو الحاجة لزيادة جرعة الدواء ليصل جسم المتعاطي للدواء إلى الفعل الدوائي المطلوب , وقد يحصل التعود بصورة سريعة في بعض الأدوية كما في المورفين.
فإذا حدثت أعراض انسحابيه عند إيقاف استعمال الدواء بصوره مفاجأة فان خلل في فسلجة الجسم سيحدث فيبدأ الجسم بطلب الحاجة إلى مزيد من الدواء , أي يعتمد الجسم على وجود الدواء لأداء وظائفه.
هنالك مجموعة كبيرة من الأدوية التي لايجوز إيقافها بصورة مفاجأة وهي أدوية المخدرات المسكنة مثل المورفين والبثدين والهيروين .
هذه الأدوية تستعمل كمسكنات للآلام المتوسطة والشديدة بعد العمليات الجراحية والحوادث وفي ألام الصدر بعد الجلطات القلبية .
ويحصل الكثير من الإدمان على هذه الأدوية بسبب المبالغة في استعمالها كأدوية علاجية أو الإساءة لاستعمالها والإدمان عليها .
في هذه الحالة يتوجب إيقاف الدواء بصورة تدريجية تنازلية وليس بشكل مفاجئ .
عند التوقف عن تناول الدواء فان الأعراض الانسحابية قد تظهر بعد 8 ساعات من تناول أخر جرعة . فالمخدرات قصيرة المفعول تكون الأعراض فيها اقسى من المخدرات طويلة المفعول مثلا في المثادون تظهر الأعراض خلال 15 ساعة من تناول أخر جرعة وتختلف أيضا من شخص لأخر.
تكون الأعراض الانسحابية لإيقاف المخدرات المسكنة كما يأتي :
الشعور بعدم الراحة والتذلل والتوسل للحصول على الدواء مع زيادة التعرق وزيادة تدمع العينين وتوسع بؤبؤ العين وكثرة التثاوب وزيادة في ضربات القلب .
الهدف من معالجة الأعراض الانسحابية هو مساعدة المريض لممارسة حياته الاعتيادية بدون الحاجة لتناول هذه الأدوية بطريقة الجرع التنازلية والتي تستمر عدة أيام لحين الوصول إلى اقل جرعة يمكن بعدها إيقاف الدواء . يتم إيقاف الجرعة بنسبة تنازلية تتراوح من 20-25 % كل 2-3 أيام لتجنب حصول أعراض انسحابية withdrawal .
تكون المعالجة أحيانا بإيقاف المخدر القصير الأمد واستبداله بمخدر طويل الأمد مثل عقار الميثادون الذي ستكون فترة الجرعة التنازلية له أطول .
هناك مجموعة أخرى من الأدوية التي لايجوز إيقافها بصورة مفاجأة و كثيرا ما يحذر الأطباء من تناولها كعلاج بسبب مضارها الجانبية , إلا في الحالات الضرورية وكثيرا ما يساء استعمالها عند الناس لخاصيتها في زيادة اوزانهم , وهذه الأدوية هي: الكورتزونات وهي مركبات صناعية تشبه هورمون الكورتزول الطبيعي الذي يفرز من قشرة الغدة الكظرية Adrenal gland ومن أمثلتها البردنزولون والدكسون .....
فلا يجوز إيقاف الكورتزونات بصورة مفاجئة بل يجب أن يكون بصورة تدريجية وبجدول زمني لإنقاص الجرعات وعلى فترات تتراوح أسابيع وقد تصل إلى أشهر. فكلما طالت فترة تناول الكورتزون كلما طالت فترة إيقافه وزادت الجرعة التنازلية .
إن تناول أدوية الكورتزونات مثل البردنزولون تؤثر على إفراز الكورتزول الطبيعي ليحل محله الكورتزون المتناول فعند إيقاف الكورتزون المتناول بصورة مفاجأة والذي يحتاجه الجسم فان ذلك سيؤدي إلى أعراض انسحابية :
هي صداع وآلام في العضلات والمفاصل وضعف شديد واكتئاب وانهيار مقاومة الجسم واشتداد الربو. وقد تحصل حالات اخطر ومهددة للحياة هي ما يسمى بالأزمة الكظرية .
(تظهر بشكل الم البطن وفقدان السوائل وحمى عالية وتسارع نبضات القلب وفقدان الوعي) .
ولتجنب حصول الضرر يجب إتباع أفضل الطرق لإيقاف الكورتزون وحسب نوع المرض وكما يلي :
ففي حالات الربو الحاد أو الحساسية الشديدة تعطى حقنة واحدة من الكورتزون في العضلة أو بالوريد بحيث لا تكرر أكثر من مرة إلى مرتين في السنة.
أما عند إعطاء الكورتيزون على شكل أقراص وبمقدار جرعة واحدة في الصباح , أو جرعة صباحاً وأخرى مساءً لمدة 3-7 أيام في هذه الحالة يجوز إيقاف الكورتزونات بصورة مفاجئة إذا تحسن المريض خلال 3 أيام لأنه يتوقع أن تكون الفترة غير كافية لتثبيط إفراز الكورتزول الطبيعي من الغدة الكظرية , وإذا لزم الأمر يمكن الاستمرار لمدة خمسة أيام عند قسم من الأطباء , وبهذه الطريقة يمكن أن يؤخذ الكورتزون في حالات الأزمات 5 مرات في السنة دون ضرر.
أما إذا احتاج المريض الكورتيزون لفترات طويلة مثل حالة حساسية الأنف المزمنة أو الربو المزمن ففي هذه الحالة ينصح بأخذ مركبات الكورتيزون على شكل رذاذ يؤخذ بالاستنشاق في الأنف أو الفم, لمدة طويلة قد تصل إلى سنوات دون الخوف من المضاعفات بشرط التقيد في الجرعات في الحدود الكافية للتحكم بالمرض .
وفي حال حساسية الجلد فإن الكريمات أو المراهم تستخدم لفترة قصيرة 5-7 أيام دون الخوف من حدوث امتصاص الكورتيزون من الجلد إلى الدم وبالتالي عدم حدوث مضاعفات , عدا الأطفال فان رقة الجلد تزيد من احتمالية وصول الكورتزون الى الدم بامتصاصه عن طريق الجلد أكثر منه عند الكبار . لذا يجب استعمال كورتزونات اقل تركيزا لعلاج الحالات الجلدية عند الأطفال ولفترة قصيرة .
إن استعمال الكورتزون كعلاج لكثير من الأمراض أو عند الإساءة في استعماله ففي هذه الحالة إما أن نوقف الاستعمال إذا انتفت الحاجة له وبجرع تنازلية لإعطاء مجال للغدة الكظرية لفرز كفاية الجسم من الكورتزول وإذا ثبت عدم قدرة الغدة الكظرية على تزويد الجسم بهذا الهورمون ففي هذه الحالة يستمر استعمال الكورتزون مدى الحياة .
و هنالك مجموعة أخرى من الأدوية لا يجوز إيقافها بصورة مفاجأة هي حاجزات بيتا BETA - BLOCKERS ومثال عليها عقار التينورمين .
الذي يستعمل في السيطرة على ارتفاع ضغط الدم وفي تسارع ضربات القلب. إن الإيقاف المفاجئ للتينورمين يسبب عدم انتظام ضربات القلب والم في الصدر ونوبات قلبية , لذلك يتم ايقافة بصورة تنازلية تدريجية إذا انتفت الحاجة لتناوله أو أصبحت حاجة لتبديله بدواء أخر . وهنالك أدوية أخرى منها الفاليوم وما شابهه وكذلك الإدمان على الكحول لا يجوز إيقافها فجأة .
المصادر :
1- موسوعة ويكيبيديا
2- Clinical Pharmacology
3- BNF 53