mohamadamin
حكيم المنتدى
فريق من الناس يسأل استرشاداً .. وفريق يسأل فتنة :
لماذا خلق الله الشرَّ ..؟!
ولهؤلاء وأولئك نقول:
خلق الله تعالى الشرَّ لحكَمٍ جليلة عديدة، نعرف بعضها، ونجهل أكثرها .. (وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)
من تلك الحِكَم:
أن الله تعالى ربُّ العالمين .. ومن كمال الربوبية وشموليتها .. أن يكون الربُّ رباً لكلِّ شيء .. وخالقاً لكل شيء .. للخير والشرِّ معاً.
ومنها:
لكي تظهر قدرته لخلقه .. وأن الله تعالى قادر على أن يخلق الشيء وضده .. وأنه المتفرد بذلك .. فكما أن الله تعالى قادر على أن يخلق الخير، وعلى تصريفه كيفما يشاء، وحيث يشاء .. فهو قادر على أن يخلق الشر، وعلى تصريفه كيفما يشاء، وحيث يشاء ..بلا ممانع ولا منازع .. وكما أن الله تعالى قادر على أن يخلق الحياة من لا شيء .. فهو سبحانه قادر على أن يخلق الموت وأسبابه ..!
ومنها:
أن الدنيا دار عملٍ، واختبارٍ، وبلاء .. وهذا من لوازمه أن يخلق الله تعالى الخير والشر، كما قال تعالى وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ) .
ومنها:
أن المخلوق يحتاج لمن يجلب له الخير، ويدفع عنه الشر .. فلا يستقيم شرعاً ولا عقلاً أن يجد الأولى عند خالقه .. والأخرى عند غيره .. تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً!
ومنها:
أن الخير يُعرف بضده .. وأن الحقّ يُعرف بضده؛ فنعمة الخير تُعرف بشرِّ فقدانها .. والحق يُعرف قدره بمعرفة ضده من الباطل ..!
كيف تعرف نعمة التوحيد وفضله عليك .. وأنت تجهل الشرك .. وما يُجلبه من شرور وأضرارٍ على صاحبه في الدنيا والآخرة ؟!
كيف تعرف نعمة الصحة .. وأنت لا تعرف المرض .. ولم تجربه ..؟!
كيف تعرف نعمة الشبع .. وأنت لا تعرف الجوع .. ولم تجربه ..؟!
كيف تعرف نعمة الغنى .. وأنت لا تعرف الحاجة ولا الفقر .. ولم تجربه ..؟!
كيف تعرف نعمة الوصل .. والعيش مع الأهل والأحبة .. وأنت لا تعرف شر وفتنة وآلام الفراق ..؟!
كيف تعرف نعمة العلم .. وأنت تجهل الجهل وآثاره .. وهكذا كل شيءٍ فإنه لكي يُعرف على حقيقته لا بد أن يُعرف ضده.
ومنها:
أن الشرَّ سببٌ للموت .. والإنسان لا بد له من الموت ..!
ومنها:
أن الله تعالى يُعبد في السراء والضراء .. ويُحب أن يُعبد في الضراء كما يُعبد في السرَّاء .. وهذا من لوازمه وجود السراء والضراء .. والخير والشر.
ومنها:
أن من مقتضيات ولوازم أسماء الله تعالى وصفاته .. وجود الخير والشر .. فالله تعالى هو الغني الرزاق .. وهذا من مقتضياته ولوازمه وجود الفقير المحتاج الذي يسأل الله تعالى الغنى والرزق .. فيعطيه.
والله تعالى غفور رحيم .. وهذا من لوازمه ومقتضياته وجود الشر والإثم .. الذي يحمل صاحبه على طلب الرحمة والمغفرة من ربه .. فيغفر له ويرحمه.
والله تعالى المنتقم الجبار .. وهذا من لوازمه ومقتضاه .. وجود الظالمين .. الذين ينتقم الله منهم ..!
وهكذا كل اسم من أسماء الله تعالى تجد أن له مقتضيات في خلقه .. لا بد من ظهورها ووجودها!
ومنها:
أن العبد لا يعرف فضل الله عليه .. إلا عندما يرى غيره مبتلاً بفقد ما منَّ الله به عليه ..
فيجد نفسه مشدوداً للقول:
الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاه به، وفضلني على كثير من خلقه تفضيلاً ..!
ومنها:
أن الخير الصرف يُطغي صاحبه ويُنسيه أن له رباً يُعبد .. كما قال تعالى كَلا إِنَّ الإنْسَانَ لَيَطْغَى . أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ) .
فيأتي الشر ليُذكره .. ويأطره لأن يقول: يا رب اغفر لي .. يا رب ارحمني .. يا رب عافني واعف عني ..!
فالشرُّ في الغالب يأتي بالعبد ليقف بين يدي ربه منكسراً ضارعاً متذللاً .. خائفاً .. باكياً .. يسأله العفو والمغفرة .. وهذا مطلب شرعي يُحبه الله .. بخلاف الخير .. وفعل الخير .. فإنه ـ في كثير من الأحيان ـ يحمل صاحبه على الغرور .. والأمن والرجاء .. إلا من رحم الله!
ومنها:
ليندفع به شرٌّ أكبر .. فكم من شرٍّ يُبتلى به المرء ليندفع به شرٌ أكبر وهو لا يدري .. كخرق الخضر للسفينة .. وقتله للغلام .. وما أكثر الأمثلة والشواهد على ذلك من حياتنا اليومية لو أردنا التوسع والاستدلال.
كم من مرة نُبتلى بشرٍّ .. نسخطه .. ثم ندرك بعد زمن يشاؤه الله .. أن هذا الشرَّ كان فيه خيراً كثيراً ..!
ومنها:
أن الشر يؤدب بعضه بعضاً .. فينتقم الله من شرٍّ بشرٍّ آخر .. فيسلط الظالمين بعضهم على بعض .. وهذا هو المراد من قوله r:" إن الله لينصر هذا الدين بالرجل الفاجر، وبأقوامٍ لا خلاق لهم ". فيدفع الله بهم ظلماً أشد .. وفجوراً أكبر!
ونحو ذلك الجهاد .. فيندفع بشر القتل والقتال .. شراً أكبر، وفتنة أكبر .. ليعم الأمن والأمان .. والخير والسلام!
ومنها:
أن من النفوس من لا ينفع معها الخير .. فالخير يزيدها طغياناً وتجبراً .. بخلاف لو جُرب معها الشرِّ فإنه يهذبها ويؤدبها ويُعيدها إلى رشدها وصوابها .. كما في القصاص بالنسبة للمجرمين الخارجين عن حدود الله ..!
ومنها:
أن من مقتضيات البلاء والتمحيص .. وحتى يُعرف الحق من الباطل .. والمؤمن الصابر من
غيره .. وجود الخير والشرّ .. والبلاء بالخير والشرّ ..!
فهل يرضى العبد بحكم الله تعالى وقضائه في الشر .. كم يرضى بحكمه في الخير .. أم أنه إذا أصابته سرّاء رضي وشكر .. وإن أصابته ضراء كفر وتضجّر .. واعترض؟!
فمن النفوس من تنجح في بلاء الخير دون الشر .. ومنها من تنجح في بلاء الشر دون الخير .. والنفوس المؤمنة الصالحة هي التي تنجح في بلاء الخير والشرِّ .. وترضى وتسلم في بلاء الخير والشر .. وهؤلاء هم الفائزون!
ومنها:
ليقذف الله الحق بالباطل فيدمغه .. وليصطفي الله من عباده الشهداء .. فالشر في كثير من صوره يكون بلاءً لأهل الخير .. ليُرى كيف سيتصرفون ويتعاملون معه ..!
ومنها:
أن الشرّ في بعض صوره يكون لصاحبه طهوراً وكفارة لذنوبه وخطاياه ..!
ومنها:
أن معالجة الشر .. والصبر عليه .. احتساب الأجر .. يرفع صاحبه يوم القيامة درجات ومقامات عالية في الجنان ما كان ليحظى بها لولا البلاء .. وصبره على البلاء ..!
ومنها:
أن الله تعالى خلق الجنة والنار .. وهذا من تمام عدله وحكمته .. ومن لوازم وجود الجنة والنار .. وجود الخير والشر .. والحق والباطل .. والظالم والمظلوم .. ليذهب كل فريق إلى ما أُعد له من نعيم مقيم أو عذاب أليم مهين ..!
هذه بعض الحكم من خلق الله تعالى للشر .. وما يعلمه الله تعالى .. ونحن لا نعلمه .. أكثر وأكثر .. ( وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً ) (وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)
------
لماذا خلق الله الشر ؟
فإن لله فى خلقه شئون وله فى أرادته حكمه وهو أحكم الحاكمين فهو خالق الخير والشر حتى إذا إعترض أصحاب وجهات النظر الذين ينزهون الله عن خلق الشر وقد يسأل سؤالاُ يظنه منطقياً وهو :
لماذا خلق الله الشر ؟ مع قدرته على إبدال كل شر خيراً ؟ والإجابه موجوده فى صلب السؤال نفسه ألا وهى إذا خلق الله الخير فقط ولم يخلق الشر فإن ذلك قد يشير إلى نقص فى قدرته تعالى لأنه يعنى قدرته على خلق الخير فقط أما خلق الشر فإنه يعجزه وتعالى الله عن ذلك علواً كبيراً لأنه على كل شىء قدير ومعنى كل شىء هو الشىء وضده كقدرته تعالى على خلق الطويل وضده وما بينهما والأبيض وضده والغنى وضده والذكى وضده والعالم وضده والمهتدى وضده ( ولو شاء لهداكم أجمعين ) ( ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ) ولذلك فلا غرابه فى وجود المنافقين بين المؤمنين والخونه بين المخلصين والعاجزين بين القادرين ولا غرابه فى الفقر بعد الغنى أو العكس والصحه بعد المرض والعكس والعز بعد الذل والعكس والعداوه بعد المحبه والعكس والحر بعد البرد والعكس لأن الله لا يسأل عما يفعل وجاز فى حقه أن يعذب من أطاعه وأن يثيب من عصاه فإذا علمنا أن الله على كل شىء قدير فلا يبقى أمامنا إلا أن نقول سبحان الله خالق كل شىء وهو العالم به والقادر عليه
-----
لماذا خلق الله سبحانه وتعالى الشر ؟.
سؤال يطرحه البعض :لماذا الله سبحانه وتعالى خلق الشر ..؟.. أوليس الله عز وجل خير محض . فهاهي الكوارث الطبيعية ، والحشرات السامة وكذا الأفاعي والعقارب وغيرها ، كما خلق الحيوانات التي تفتك بغيرها . كما خلق إبليس اللعين وخلق فرعون وهامان ويزيد وكل طواغيت الأرض .
الشر ينظر له من زاويتين
الزاوية الأولى : وهي النظرة النسبية فبعض الشرور بالنسبة لي هي خير بالنسبة الى غيري . فمثلا الشر الذي في الأفعى أو العقرب هو شر بالنسبة لي لكنه خير بالنسبة إليها فهو سبيلها للبقاء والغذاء . كما أن بعض السموم تستخدم في العقاقير الطبية ومن هذه الجهة هو خير لي .
وكذلك الزلازل فبعضها ينشأ بواسطة طرق اصطناعية وبعضها بصورة طبيعية ولولا هذه الزلازل ما تغيرت تضاريس الأرض وقشرتها .
.إن الإنسان بطبيعته يجهل أين يكمن الخير وأين يكمن الشر فنظرته محصورة وكثيرا ما ينظر للأمور من خلال نفسه وإن ابتعد ستكون نظرته شاملة لمن هم حوله فقط .
الزاوية الثانية : بعض الشرور هي عدم الوجود فافتقار الإنسان لبعض الأمور التي يحتاجها قد تكون شرا بالنسبة إليه . والله سبحانه وتعالى لم يجعل هذا النقص في هذا أو ذاك . بل الوجود وعدم الوجود مرتبط تارة بعلل طولية وتارة أخرى بعلل عرضية . فمثلا لا يمكن أن تزرع أرضا قبل أن تسوي تربتها وتجعلها صالحة للزراعة ، وحتى إن كانت صالحة للزراعة فالطقس له دور والماء له دور واليد العاملة الخبيرة لها دور والمواد العضوية الموجودة لها دور وغيرها من الأمور الأخرى فهي كلها تعتبر شرائط معدة لاستكمال عملية الزراعة ، وأي خلل من هذه الشرائط سيكون له أثر سلبي على الزرع . وهذا ما يسمى بالعلل العرضية .
الله سبحانه وتعالى جعل الأمور تجري بأسبابها وجعل لهذا الكون سنن وقوانين تحكمه فأي خلل أو قصور يعرض على أمر ما يجعل القابلية والاستعداد للفيض الإلهي غير تام . فالزواج مثلا من مصاب لامرأة مصابة بمرض وراثي أو غير وراثي سيكون سببا لنشوء أطفال مصابين بهذا المرض ، فهل سنقول أن سبب إصابة هذا الطفل للمرض بفعل الله أم بسبب الأم والأب . نعم اذا لم يصب هذا الطفل بهذا المرض سيكون ذلك من لطف الله وكرمه .
فيزيد ولد من أب و أم عرفا بطغيانهم وفجورهم وتربى في أرض غير مهيأ لحمل أي فكر سليم وعلاوة على ذلك كان مفتقرا للأخلاق شاربا للخمر وغيرها من الأمور التي تدمي القلب . ثم أخذه حب الجاه والسلطان وإستهوته الدنيا بزخارفها . فكان نتاجا طبيعيا مع كل هذه المقومات ، إذ لو كان غير ذلك لكان شاذا عن الصورة الطبيعية .
إن الله سبحانه وتعالى لا يفرق بين أحد من خلقه فالقصور ليس منه سبحانه ، بل القصور من الطرف المستقبل الذي هو أنا وأنت ، فإذا لم نكن نحمل مقومات الاستعداد لتقبل الفيض الإلهي فلن تكون شاملة لنا ولن يكتب لها الوجود في نفوسنا .
وقد يقول قائل : إن الله يعلم بهذه النتيجة فلما خلقهم إذا ؟.
والجواب : أن هذا مقتضى الحكمة الإلهية فلقد خلق الله الإنسان وجعله مختارا في تصرفاته ، وخلق البلاء ليكون سبيلا من سبل التكامل والرقي للإنسان فهو لا يرقى إلا بالسير إلى الله ومجاهدة النفس فالإنسان هو عين الفقر وهو كادح إلى ربه كدحا فملاقيه ويحصد في الآخرة نتائج عمله وما حمله معه في هذه الدار . كما أن بعض هؤلاء المفسدين كانوا سببا في وجود الصالحين إما بمجاهدتهم وإما بخروجهم من أصلابهم .
------
- لماذا خلق الله الشر ؟ -
كيف يسمح الله للاشرار بتمرير شرّهم؟
قال صاحبي ساخراً ( والحديث لمصطفى محمود )
" كيف تزعمون أن إلهكم كامل ورحمن ورحيم وكريم ورءوف وهو قد خلق هذه الشرور في العالم .. المرض والشيخوخة والموت والزلزال والبركان والميكروب والسم والحر والزمهرير وآلام السرطان التي لا تعفي الطفل الوليد ولا الشيخ الطاعن .
إذا كان الله محبة وجمالا وخيرا فكيف يخلق الكراهية والقبح والشر؟؟!! "
ونحن نقول :
إن الله كله رحمة وكله خير وأنه لم يأمر بالشر ولكنه سمح به لحكمة .
)إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ،قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ((الأعراف:28-29
الله لا يأمر إلا بالعدل والمحبة والإحسان والعفو والخير وهو لا يرضى إلا بالطيب.
فلماذا ترك الله الظالم يظلم والقاتل يقتل والسارق يسرق ؟!
لأن الله أرادنا أحرارا .. والحرية اقتضت الخطأ، ولا معنى للحرية دون أن يكون لنا حق التجربة والخطأ والصواب .. والاختيار الحر بين المعصية والطاعة .
وكان في قدرة الله أن يجعلنا أخيار، وذلك بأن يقهرنا جميعا على الطاعة قهرا ..
وكان ذلك يقتضي أن يسلبنا حرية الاختيار.
وفي دستور الله وسنته أن الحرية مع الألم أكرم للإنسان من العبودية مع السعادة ..
ولهذا تركنا نخطئ ونتألم ونتعلم، وهذه هي الحكمة في سماحة الشر .
ومع ذلك فإن النظر المنصف المحايد سوف يكشف لنا أن الخير في الوجود هو القاعدة وأن الشر هو الاستثناء .
فالصحة هي القاعدة والمرض استثناء .. ونحن نقضي معظم سنوات عمرنا في صحة ولا يزورنا المرض إلا أياما قليلة ..
وبالمثل الزلازل، هي في مجملها بضع دقائق في عمر الكرة الأرضية الذي يحصى بملايين السنين ..
وكذلك البراكين، وكذلك الحروب التي هي تشنجات قصيرة في حياة الأمم بين فترات سلام طويلة ممتدة .
ثم إننا نرى لكل شيء وجه خير، فالمرض يخلف وقاية، والألم يربي الصلابة والجَلَد والتحمل ، والزلازل تنفس عن الضغط المكبوت في داخل الكرة الأرضية، وتحمي القشرة الأرضية من الانفجار، وتعيد الجبال إلى أماكنها كأحزمة وثقالات تثبت القشرة الأرضية في مكانها، والبراكين تنفث المعادن والثروات الخبيئة الباطنة، وتكسو الأرض بتربة بركانية خصبة ..
والحروب تدمج الأمم وتلقح بينها وتجمعها في كتل وأحلاف..
وأعظم الاختراعات خرجت أثناء الحروب.. البنسلين ، الذرّة ، الصواريخ ، الطائرات النفاثة .. كلها خرجت من أتون الحروب .
ومن سم الثعبان يخرج الترياق . ومن الميكروب يصنع اللقاح .
ولولا أن أجدادنا ماتوا لما كنا الآن في مناصبنا ..
والشر في الكون كالظل في الصورة إذا اقتربت منه خيل إليك أنه عيب ونقص في الصورة .. ولكن إذا ابتعدت ونظرت إلى الصورة ككل نظرة شاملة اكتشفت أنه ضروري ولا غنى عنه.. وأنه يؤدي وظيفة جمالية في البناء العام للصورة .
وهل كان يمكننا أن نعرف الصحة لولا المرض ..
إن الصحة تظل تاج على رؤوسنا لا نراه ولا نعرفه إلا حينما نمرض .
وبالمثل: ما كان ممكنا أن نعرف الجمال لولا القبح، ولا الوضع الطبيعي لولا الوضع الشاذ.
ولهذا يقول الفيلسوف أبو حامد الغزالي: إن نقص الكون هو عين كماله، مثل اعوجاج القوس هو عين صلاحيته، ولو أنه استقام لما رمى .
وظيفة أخرى للمشقات والآلام:
أنها هي التي تفرز الناس وتكشف معادنهم .
لولا المشقة ساد الناس كلهم *** الجود يفقر والإقدام قتال ..
إنها الامتحان الذي نعرف به أنفسنا .. والابتلاء الذي تتحدد به مراتبنا عند الله .
ثم إن الدنيا كلها ليست سوى فصل واحد من رواية سوف تتعدد فصولها، فالموت ليس نهاية القصة ولكن بدايتها .
ولا يجوز أن نحكم على مسرحية من فصل واحد ولا أن نرفض كتابا لأن الصفحة الأولى لم تعجبنا .
الحكم هنا ناقص ... ولا يمكن استطلاع الحكمة كلها إلا في آخر المطاف ..
ثم ما هو البديل الذي يتصوره السائل ؟
هل يريد أن يعيش حياة بلا موت بلا مرض بلا شيخوخة بلا نقص بلا عجز بلا قيود بلا أحزان بل آلام ؟ هل يطلب كمالا مطلقا ؟ ولكن الكمال المطلق لله .
والكامل واحد لا يتعدد .. ولماذا يتعدد .. وماذا ينقصه ليجده في واحد آخر غيره .
معنى هذا أن صاحبنا لن يرضيه إلا أن يكون هو الله ذاته ؛ وهو التطاول بعينه .
ودعونا نسخر منه بدورنا .. هو وأمثاله ممن لا يعجبهم شيء ..
هؤلاء الذين يريدونها جنة . ماذا فعلوا ليستحقونها جنة ؟
وماذا قدم صاحبنا للإنسانية ليجعل من نفسه الله الواحد القهار الذي يقول للشيء كن فيكون؟
إن جدتي أكثر ذكاء من الأستاذ الدكتور المتخرج من فرنسا، بينما تقول في بساطة:
" خير من الله شر من نفوسنا " .
إنها كلمات قليلة ولكنها تلخيص أمين للمشكلة كلها ..
فالله أرسل الرياح وأجرى النهر ، ولكن ربان السفينة الجشع ملأ سفينته بالناس والبضائع بأكثر مما تحتمل ، فغرقت ، فمضى يسب الله والقدر ..
وما ذنب الله .. الله أرسل الرياح رخاء وأجرى النهر خيرا .. ولكن جشع النفوس وطمعها هو الذي قلب هذا الخير شرا .
ما أصدقها من كلمات جميلة طيبة: " خير من الله شر من نفوسنا "
لماذا خلق الله الشرَّ ..؟!
ولهؤلاء وأولئك نقول:
خلق الله تعالى الشرَّ لحكَمٍ جليلة عديدة، نعرف بعضها، ونجهل أكثرها .. (وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)
من تلك الحِكَم:
أن الله تعالى ربُّ العالمين .. ومن كمال الربوبية وشموليتها .. أن يكون الربُّ رباً لكلِّ شيء .. وخالقاً لكل شيء .. للخير والشرِّ معاً.
ومنها:
لكي تظهر قدرته لخلقه .. وأن الله تعالى قادر على أن يخلق الشيء وضده .. وأنه المتفرد بذلك .. فكما أن الله تعالى قادر على أن يخلق الخير، وعلى تصريفه كيفما يشاء، وحيث يشاء .. فهو قادر على أن يخلق الشر، وعلى تصريفه كيفما يشاء، وحيث يشاء ..بلا ممانع ولا منازع .. وكما أن الله تعالى قادر على أن يخلق الحياة من لا شيء .. فهو سبحانه قادر على أن يخلق الموت وأسبابه ..!
ومنها:
أن الدنيا دار عملٍ، واختبارٍ، وبلاء .. وهذا من لوازمه أن يخلق الله تعالى الخير والشر، كما قال تعالى وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ) .
ومنها:
أن المخلوق يحتاج لمن يجلب له الخير، ويدفع عنه الشر .. فلا يستقيم شرعاً ولا عقلاً أن يجد الأولى عند خالقه .. والأخرى عند غيره .. تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً!
ومنها:
أن الخير يُعرف بضده .. وأن الحقّ يُعرف بضده؛ فنعمة الخير تُعرف بشرِّ فقدانها .. والحق يُعرف قدره بمعرفة ضده من الباطل ..!
كيف تعرف نعمة التوحيد وفضله عليك .. وأنت تجهل الشرك .. وما يُجلبه من شرور وأضرارٍ على صاحبه في الدنيا والآخرة ؟!
كيف تعرف نعمة الصحة .. وأنت لا تعرف المرض .. ولم تجربه ..؟!
كيف تعرف نعمة الشبع .. وأنت لا تعرف الجوع .. ولم تجربه ..؟!
كيف تعرف نعمة الغنى .. وأنت لا تعرف الحاجة ولا الفقر .. ولم تجربه ..؟!
كيف تعرف نعمة الوصل .. والعيش مع الأهل والأحبة .. وأنت لا تعرف شر وفتنة وآلام الفراق ..؟!
كيف تعرف نعمة العلم .. وأنت تجهل الجهل وآثاره .. وهكذا كل شيءٍ فإنه لكي يُعرف على حقيقته لا بد أن يُعرف ضده.
ومنها:
أن الشرَّ سببٌ للموت .. والإنسان لا بد له من الموت ..!
ومنها:
أن الله تعالى يُعبد في السراء والضراء .. ويُحب أن يُعبد في الضراء كما يُعبد في السرَّاء .. وهذا من لوازمه وجود السراء والضراء .. والخير والشر.
ومنها:
أن من مقتضيات ولوازم أسماء الله تعالى وصفاته .. وجود الخير والشر .. فالله تعالى هو الغني الرزاق .. وهذا من مقتضياته ولوازمه وجود الفقير المحتاج الذي يسأل الله تعالى الغنى والرزق .. فيعطيه.
والله تعالى غفور رحيم .. وهذا من لوازمه ومقتضياته وجود الشر والإثم .. الذي يحمل صاحبه على طلب الرحمة والمغفرة من ربه .. فيغفر له ويرحمه.
والله تعالى المنتقم الجبار .. وهذا من لوازمه ومقتضاه .. وجود الظالمين .. الذين ينتقم الله منهم ..!
وهكذا كل اسم من أسماء الله تعالى تجد أن له مقتضيات في خلقه .. لا بد من ظهورها ووجودها!
ومنها:
أن العبد لا يعرف فضل الله عليه .. إلا عندما يرى غيره مبتلاً بفقد ما منَّ الله به عليه ..
فيجد نفسه مشدوداً للقول:
الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاه به، وفضلني على كثير من خلقه تفضيلاً ..!
ومنها:
أن الخير الصرف يُطغي صاحبه ويُنسيه أن له رباً يُعبد .. كما قال تعالى كَلا إِنَّ الإنْسَانَ لَيَطْغَى . أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ) .
فيأتي الشر ليُذكره .. ويأطره لأن يقول: يا رب اغفر لي .. يا رب ارحمني .. يا رب عافني واعف عني ..!
فالشرُّ في الغالب يأتي بالعبد ليقف بين يدي ربه منكسراً ضارعاً متذللاً .. خائفاً .. باكياً .. يسأله العفو والمغفرة .. وهذا مطلب شرعي يُحبه الله .. بخلاف الخير .. وفعل الخير .. فإنه ـ في كثير من الأحيان ـ يحمل صاحبه على الغرور .. والأمن والرجاء .. إلا من رحم الله!
ومنها:
ليندفع به شرٌّ أكبر .. فكم من شرٍّ يُبتلى به المرء ليندفع به شرٌ أكبر وهو لا يدري .. كخرق الخضر للسفينة .. وقتله للغلام .. وما أكثر الأمثلة والشواهد على ذلك من حياتنا اليومية لو أردنا التوسع والاستدلال.
كم من مرة نُبتلى بشرٍّ .. نسخطه .. ثم ندرك بعد زمن يشاؤه الله .. أن هذا الشرَّ كان فيه خيراً كثيراً ..!
ومنها:
أن الشر يؤدب بعضه بعضاً .. فينتقم الله من شرٍّ بشرٍّ آخر .. فيسلط الظالمين بعضهم على بعض .. وهذا هو المراد من قوله r:" إن الله لينصر هذا الدين بالرجل الفاجر، وبأقوامٍ لا خلاق لهم ". فيدفع الله بهم ظلماً أشد .. وفجوراً أكبر!
ونحو ذلك الجهاد .. فيندفع بشر القتل والقتال .. شراً أكبر، وفتنة أكبر .. ليعم الأمن والأمان .. والخير والسلام!
ومنها:
أن من النفوس من لا ينفع معها الخير .. فالخير يزيدها طغياناً وتجبراً .. بخلاف لو جُرب معها الشرِّ فإنه يهذبها ويؤدبها ويُعيدها إلى رشدها وصوابها .. كما في القصاص بالنسبة للمجرمين الخارجين عن حدود الله ..!
ومنها:
أن من مقتضيات البلاء والتمحيص .. وحتى يُعرف الحق من الباطل .. والمؤمن الصابر من
غيره .. وجود الخير والشرّ .. والبلاء بالخير والشرّ ..!
فهل يرضى العبد بحكم الله تعالى وقضائه في الشر .. كم يرضى بحكمه في الخير .. أم أنه إذا أصابته سرّاء رضي وشكر .. وإن أصابته ضراء كفر وتضجّر .. واعترض؟!
فمن النفوس من تنجح في بلاء الخير دون الشر .. ومنها من تنجح في بلاء الشر دون الخير .. والنفوس المؤمنة الصالحة هي التي تنجح في بلاء الخير والشرِّ .. وترضى وتسلم في بلاء الخير والشر .. وهؤلاء هم الفائزون!
ومنها:
ليقذف الله الحق بالباطل فيدمغه .. وليصطفي الله من عباده الشهداء .. فالشر في كثير من صوره يكون بلاءً لأهل الخير .. ليُرى كيف سيتصرفون ويتعاملون معه ..!
ومنها:
أن الشرّ في بعض صوره يكون لصاحبه طهوراً وكفارة لذنوبه وخطاياه ..!
ومنها:
أن معالجة الشر .. والصبر عليه .. احتساب الأجر .. يرفع صاحبه يوم القيامة درجات ومقامات عالية في الجنان ما كان ليحظى بها لولا البلاء .. وصبره على البلاء ..!
ومنها:
أن الله تعالى خلق الجنة والنار .. وهذا من تمام عدله وحكمته .. ومن لوازم وجود الجنة والنار .. وجود الخير والشر .. والحق والباطل .. والظالم والمظلوم .. ليذهب كل فريق إلى ما أُعد له من نعيم مقيم أو عذاب أليم مهين ..!
هذه بعض الحكم من خلق الله تعالى للشر .. وما يعلمه الله تعالى .. ونحن لا نعلمه .. أكثر وأكثر .. ( وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً ) (وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)
------
لماذا خلق الله الشر ؟
فإن لله فى خلقه شئون وله فى أرادته حكمه وهو أحكم الحاكمين فهو خالق الخير والشر حتى إذا إعترض أصحاب وجهات النظر الذين ينزهون الله عن خلق الشر وقد يسأل سؤالاُ يظنه منطقياً وهو :
لماذا خلق الله الشر ؟ مع قدرته على إبدال كل شر خيراً ؟ والإجابه موجوده فى صلب السؤال نفسه ألا وهى إذا خلق الله الخير فقط ولم يخلق الشر فإن ذلك قد يشير إلى نقص فى قدرته تعالى لأنه يعنى قدرته على خلق الخير فقط أما خلق الشر فإنه يعجزه وتعالى الله عن ذلك علواً كبيراً لأنه على كل شىء قدير ومعنى كل شىء هو الشىء وضده كقدرته تعالى على خلق الطويل وضده وما بينهما والأبيض وضده والغنى وضده والذكى وضده والعالم وضده والمهتدى وضده ( ولو شاء لهداكم أجمعين ) ( ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ) ولذلك فلا غرابه فى وجود المنافقين بين المؤمنين والخونه بين المخلصين والعاجزين بين القادرين ولا غرابه فى الفقر بعد الغنى أو العكس والصحه بعد المرض والعكس والعز بعد الذل والعكس والعداوه بعد المحبه والعكس والحر بعد البرد والعكس لأن الله لا يسأل عما يفعل وجاز فى حقه أن يعذب من أطاعه وأن يثيب من عصاه فإذا علمنا أن الله على كل شىء قدير فلا يبقى أمامنا إلا أن نقول سبحان الله خالق كل شىء وهو العالم به والقادر عليه
-----
لماذا خلق الله سبحانه وتعالى الشر ؟.
سؤال يطرحه البعض :لماذا الله سبحانه وتعالى خلق الشر ..؟.. أوليس الله عز وجل خير محض . فهاهي الكوارث الطبيعية ، والحشرات السامة وكذا الأفاعي والعقارب وغيرها ، كما خلق الحيوانات التي تفتك بغيرها . كما خلق إبليس اللعين وخلق فرعون وهامان ويزيد وكل طواغيت الأرض .
الشر ينظر له من زاويتين
الزاوية الأولى : وهي النظرة النسبية فبعض الشرور بالنسبة لي هي خير بالنسبة الى غيري . فمثلا الشر الذي في الأفعى أو العقرب هو شر بالنسبة لي لكنه خير بالنسبة إليها فهو سبيلها للبقاء والغذاء . كما أن بعض السموم تستخدم في العقاقير الطبية ومن هذه الجهة هو خير لي .
وكذلك الزلازل فبعضها ينشأ بواسطة طرق اصطناعية وبعضها بصورة طبيعية ولولا هذه الزلازل ما تغيرت تضاريس الأرض وقشرتها .
.إن الإنسان بطبيعته يجهل أين يكمن الخير وأين يكمن الشر فنظرته محصورة وكثيرا ما ينظر للأمور من خلال نفسه وإن ابتعد ستكون نظرته شاملة لمن هم حوله فقط .
الزاوية الثانية : بعض الشرور هي عدم الوجود فافتقار الإنسان لبعض الأمور التي يحتاجها قد تكون شرا بالنسبة إليه . والله سبحانه وتعالى لم يجعل هذا النقص في هذا أو ذاك . بل الوجود وعدم الوجود مرتبط تارة بعلل طولية وتارة أخرى بعلل عرضية . فمثلا لا يمكن أن تزرع أرضا قبل أن تسوي تربتها وتجعلها صالحة للزراعة ، وحتى إن كانت صالحة للزراعة فالطقس له دور والماء له دور واليد العاملة الخبيرة لها دور والمواد العضوية الموجودة لها دور وغيرها من الأمور الأخرى فهي كلها تعتبر شرائط معدة لاستكمال عملية الزراعة ، وأي خلل من هذه الشرائط سيكون له أثر سلبي على الزرع . وهذا ما يسمى بالعلل العرضية .
الله سبحانه وتعالى جعل الأمور تجري بأسبابها وجعل لهذا الكون سنن وقوانين تحكمه فأي خلل أو قصور يعرض على أمر ما يجعل القابلية والاستعداد للفيض الإلهي غير تام . فالزواج مثلا من مصاب لامرأة مصابة بمرض وراثي أو غير وراثي سيكون سببا لنشوء أطفال مصابين بهذا المرض ، فهل سنقول أن سبب إصابة هذا الطفل للمرض بفعل الله أم بسبب الأم والأب . نعم اذا لم يصب هذا الطفل بهذا المرض سيكون ذلك من لطف الله وكرمه .
فيزيد ولد من أب و أم عرفا بطغيانهم وفجورهم وتربى في أرض غير مهيأ لحمل أي فكر سليم وعلاوة على ذلك كان مفتقرا للأخلاق شاربا للخمر وغيرها من الأمور التي تدمي القلب . ثم أخذه حب الجاه والسلطان وإستهوته الدنيا بزخارفها . فكان نتاجا طبيعيا مع كل هذه المقومات ، إذ لو كان غير ذلك لكان شاذا عن الصورة الطبيعية .
إن الله سبحانه وتعالى لا يفرق بين أحد من خلقه فالقصور ليس منه سبحانه ، بل القصور من الطرف المستقبل الذي هو أنا وأنت ، فإذا لم نكن نحمل مقومات الاستعداد لتقبل الفيض الإلهي فلن تكون شاملة لنا ولن يكتب لها الوجود في نفوسنا .
وقد يقول قائل : إن الله يعلم بهذه النتيجة فلما خلقهم إذا ؟.
والجواب : أن هذا مقتضى الحكمة الإلهية فلقد خلق الله الإنسان وجعله مختارا في تصرفاته ، وخلق البلاء ليكون سبيلا من سبل التكامل والرقي للإنسان فهو لا يرقى إلا بالسير إلى الله ومجاهدة النفس فالإنسان هو عين الفقر وهو كادح إلى ربه كدحا فملاقيه ويحصد في الآخرة نتائج عمله وما حمله معه في هذه الدار . كما أن بعض هؤلاء المفسدين كانوا سببا في وجود الصالحين إما بمجاهدتهم وإما بخروجهم من أصلابهم .
------
- لماذا خلق الله الشر ؟ -
كيف يسمح الله للاشرار بتمرير شرّهم؟
قال صاحبي ساخراً ( والحديث لمصطفى محمود )
" كيف تزعمون أن إلهكم كامل ورحمن ورحيم وكريم ورءوف وهو قد خلق هذه الشرور في العالم .. المرض والشيخوخة والموت والزلزال والبركان والميكروب والسم والحر والزمهرير وآلام السرطان التي لا تعفي الطفل الوليد ولا الشيخ الطاعن .
إذا كان الله محبة وجمالا وخيرا فكيف يخلق الكراهية والقبح والشر؟؟!! "
ونحن نقول :
إن الله كله رحمة وكله خير وأنه لم يأمر بالشر ولكنه سمح به لحكمة .
)إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ،قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ((الأعراف:28-29
الله لا يأمر إلا بالعدل والمحبة والإحسان والعفو والخير وهو لا يرضى إلا بالطيب.
فلماذا ترك الله الظالم يظلم والقاتل يقتل والسارق يسرق ؟!
لأن الله أرادنا أحرارا .. والحرية اقتضت الخطأ، ولا معنى للحرية دون أن يكون لنا حق التجربة والخطأ والصواب .. والاختيار الحر بين المعصية والطاعة .
وكان في قدرة الله أن يجعلنا أخيار، وذلك بأن يقهرنا جميعا على الطاعة قهرا ..
وكان ذلك يقتضي أن يسلبنا حرية الاختيار.
وفي دستور الله وسنته أن الحرية مع الألم أكرم للإنسان من العبودية مع السعادة ..
ولهذا تركنا نخطئ ونتألم ونتعلم، وهذه هي الحكمة في سماحة الشر .
ومع ذلك فإن النظر المنصف المحايد سوف يكشف لنا أن الخير في الوجود هو القاعدة وأن الشر هو الاستثناء .
فالصحة هي القاعدة والمرض استثناء .. ونحن نقضي معظم سنوات عمرنا في صحة ولا يزورنا المرض إلا أياما قليلة ..
وبالمثل الزلازل، هي في مجملها بضع دقائق في عمر الكرة الأرضية الذي يحصى بملايين السنين ..
وكذلك البراكين، وكذلك الحروب التي هي تشنجات قصيرة في حياة الأمم بين فترات سلام طويلة ممتدة .
ثم إننا نرى لكل شيء وجه خير، فالمرض يخلف وقاية، والألم يربي الصلابة والجَلَد والتحمل ، والزلازل تنفس عن الضغط المكبوت في داخل الكرة الأرضية، وتحمي القشرة الأرضية من الانفجار، وتعيد الجبال إلى أماكنها كأحزمة وثقالات تثبت القشرة الأرضية في مكانها، والبراكين تنفث المعادن والثروات الخبيئة الباطنة، وتكسو الأرض بتربة بركانية خصبة ..
والحروب تدمج الأمم وتلقح بينها وتجمعها في كتل وأحلاف..
وأعظم الاختراعات خرجت أثناء الحروب.. البنسلين ، الذرّة ، الصواريخ ، الطائرات النفاثة .. كلها خرجت من أتون الحروب .
ومن سم الثعبان يخرج الترياق . ومن الميكروب يصنع اللقاح .
ولولا أن أجدادنا ماتوا لما كنا الآن في مناصبنا ..
والشر في الكون كالظل في الصورة إذا اقتربت منه خيل إليك أنه عيب ونقص في الصورة .. ولكن إذا ابتعدت ونظرت إلى الصورة ككل نظرة شاملة اكتشفت أنه ضروري ولا غنى عنه.. وأنه يؤدي وظيفة جمالية في البناء العام للصورة .
وهل كان يمكننا أن نعرف الصحة لولا المرض ..
إن الصحة تظل تاج على رؤوسنا لا نراه ولا نعرفه إلا حينما نمرض .
وبالمثل: ما كان ممكنا أن نعرف الجمال لولا القبح، ولا الوضع الطبيعي لولا الوضع الشاذ.
ولهذا يقول الفيلسوف أبو حامد الغزالي: إن نقص الكون هو عين كماله، مثل اعوجاج القوس هو عين صلاحيته، ولو أنه استقام لما رمى .
وظيفة أخرى للمشقات والآلام:
أنها هي التي تفرز الناس وتكشف معادنهم .
لولا المشقة ساد الناس كلهم *** الجود يفقر والإقدام قتال ..
إنها الامتحان الذي نعرف به أنفسنا .. والابتلاء الذي تتحدد به مراتبنا عند الله .
ثم إن الدنيا كلها ليست سوى فصل واحد من رواية سوف تتعدد فصولها، فالموت ليس نهاية القصة ولكن بدايتها .
ولا يجوز أن نحكم على مسرحية من فصل واحد ولا أن نرفض كتابا لأن الصفحة الأولى لم تعجبنا .
الحكم هنا ناقص ... ولا يمكن استطلاع الحكمة كلها إلا في آخر المطاف ..
ثم ما هو البديل الذي يتصوره السائل ؟
هل يريد أن يعيش حياة بلا موت بلا مرض بلا شيخوخة بلا نقص بلا عجز بلا قيود بلا أحزان بل آلام ؟ هل يطلب كمالا مطلقا ؟ ولكن الكمال المطلق لله .
والكامل واحد لا يتعدد .. ولماذا يتعدد .. وماذا ينقصه ليجده في واحد آخر غيره .
معنى هذا أن صاحبنا لن يرضيه إلا أن يكون هو الله ذاته ؛ وهو التطاول بعينه .
ودعونا نسخر منه بدورنا .. هو وأمثاله ممن لا يعجبهم شيء ..
هؤلاء الذين يريدونها جنة . ماذا فعلوا ليستحقونها جنة ؟
وماذا قدم صاحبنا للإنسانية ليجعل من نفسه الله الواحد القهار الذي يقول للشيء كن فيكون؟
إن جدتي أكثر ذكاء من الأستاذ الدكتور المتخرج من فرنسا، بينما تقول في بساطة:
" خير من الله شر من نفوسنا " .
إنها كلمات قليلة ولكنها تلخيص أمين للمشكلة كلها ..
فالله أرسل الرياح وأجرى النهر ، ولكن ربان السفينة الجشع ملأ سفينته بالناس والبضائع بأكثر مما تحتمل ، فغرقت ، فمضى يسب الله والقدر ..
وما ذنب الله .. الله أرسل الرياح رخاء وأجرى النهر خيرا .. ولكن جشع النفوس وطمعها هو الذي قلب هذا الخير شرا .
ما أصدقها من كلمات جميلة طيبة: " خير من الله شر من نفوسنا "