mohamadamin
حكيم المنتدى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لم يشهد الوسط الطبي جدلا كالذي يشهده اليوم عند الحديث عن الخلايا الجذعية، والنقاش هنا يشمل ضوابط إجراء البحوث والتجارب حولها، والترجمة الطبية لنتائجها العلمية والطرق العلاجية الملائمة لاستفادة المرضى منها .. في محاولة واضحة للوقوف علي أهم الأسباب التي جعلتها في قفص الاتهام من قبل البعض .. خاصة أن الرئيس الأمريكي جورج بوش الأبن يعارض تماما تمويل مثل هذه الأبحاث بحجة الخلاف الأخلاقي الذي نشب حولها مؤخرا ...
فالخلايا الجذعية أو ما يطلق عليها بالإنجليزية Stem cells هي خلايا بدئية غير متمايزة إلى انواع خلوية متخصصة ، مما يسمح لها بأن تعمل كجهاز إصلاحي للجسم ، باستبدال خلايا أخرى عاطلة و الحفاظ على وظيفة الأعضاء الجسمية .
ويعتقد خبراء البحث الطبي أن الخلايا الجذعية بقدرتها هذه فادرة على تغيير تاريخ الأمراض البشرية عن طريق استخدامها لإصلاح انسجة متخصصة أو عن طريق دفعها للنمو بشكل عضوي حيوي معين .
بينما تختص خلايا الجسم عموماً بوظائف محدده كخلايا الكبد والعضلات، تنفرد الخلايا الجذعية بكونها غير متحيزة ولا متخصصة، وعلى ذلك فهي خلايا تستطيع الانقسام وتكوين خلايا جديدة مشابهة لها وتستطيع أيضاً أن تنتج خلايا متخصصة. إذن فهي تبقى غير متخصصة إلى أن تتلقى مؤشرات خاصة تدفعها للتطور إلى خلايا متحيزة.
وبالنظر إلى هاتين الخاصيتين المميزتين فقد حاول الباحثون منذ زمن طويل استخدام الخلايا الجذعية للتعويض عن الخلايا الجسمية التالفة أو الأنسجة المريضة.
واكتشف العلماء من خلال البحث على الخلايا الحيوانية وجود هذه الخلايا الجذعية التي يمكن لها أن تتمايز إلى نوع من الخلايا الجسمية وبذلك استحقت الخلايا الجذعية وصف خلايا ذات مكونات متعددة بمعنى أن فيها طاقة كامنة تمكنها من أن تتحول إلى أي نوع من الخلايا الأخرى التي تربو أنواعها عن المائتين. ونجح العلماء في عام 1998 وللمرة الأولى في استخلاص خلايا جذعية متعددة المكونات واستـنبتوها في المختبرات.
وأظهرت التجارب بعد ذلك دلائل هامة على إمكانية تحول هذه الخلايا الجذعية إلى أي من النسج والأعضاء المتخصصة في الجسم مثل القلب والعضلات والخلايا العصبية.
وقد أحيت هذه الاكتشافات الآمال في استخدامات طبية لتعويض الأجزاء التالفة في أجسام مرض الفشل العضوي والشفاء في أمراض عضال مستعصية وبينما عكف العلماء على دراسة الخلايا الجذعية متعددة المكونات من الأجنة البشرية ( المتوفرة في مراكز الإخصاب العلمي ) ظهرت معلومات جديدة عن نوع جديد من الخلايا عرفت بالخلايا الجذعية البالغ المأخوذة من نسيج معين يمكن بإخضاعها إلى شروط معينة أن تتطور إلى خلايا تابعة إلى نسيج مغاير تماماً . فالخلايا الجذعية المأخوذة من الدم تحولت في شروط معينة إلى خلايا عصبية .
خصائص وتعريفات
1- الخلية الجذعية هي خلية مصدرها من المضغة أو جسم الشخص البالغ تستطيع في ظروف معينه محدودة أن توالي الانقسام لمدة طويلة ( في حالة الخلايا البالغة تمتد هذه الفترة موازية لحياة الجسم الذي كان مصدر هذه الخلايا ) كما أن باستطاعة الخلية الجذعية أن تتمايز إلى خلايا متخصصة تكون لبناء الأعضاء المختلفة في الجسم .
2- الخلية الجذعية متعددة المكونات تتميز هذه الخلايا بإمكانية التطور إلى أنواع الخلايا المشتقة من الوريقة الداخلية أو الوسطى أو الخارجية في الجنين أي بعبارة أخرى كل الخلايا التي تنشأ فيها أعضاء الجسم جميعها.
3- الخلايا الجذعية المضغية تشتق هذه الخلايا من مجموعة الكتل الخلوية الباطنة والتي هي جزء هام من المضغية الباكرة ( بعد خمسة أيام من الإلقاح ) تسمى المضغة في هذه المرحلة بالكيسة الأرومية ، يمكن بعد استخلاص خلايا الكتلة الخلوية الباطن من الكيسة الأرومية، استنباتها كخلايا جذعية مصنعة. ونظراً لاختلاف وسط الاستنبات عن وسط الرحم فإن هذه الخلايا في المختبر لا تسلك مسار تطور الجنين.
4- الخلايا المنشئة الجنينية كما يدل اسمها هذه الخلايا من الجنين حول سن الأسابيع الخمسة إلى العشرة وبالتحديد من الخلايا المنشئة الأولية في منطقة المناسل من المعروف أن خلايا هذه المنطقة تتطور في وقت لاحق في الجنين إلى مبايض أو خصيات تنتج بويضات أو نطفاً. تعتبر الخلايا المنشئة الجينية كما هي الحال في الخلايا الجذعية المضغية متعدد المكونات ولكن لا يعتبران متطابقين من ناحية بعض الخصائص الأخرى.
5- التمايز هو تطور الخلية غير المتخصصة ( مثل الخلايا الجذعية ) إلى إحدى الخلايا المتخصصة، التي تكون إما في أعضاء الجسم المختلفة وبحدوث التمايز تنشط مورثات محددة في الخلية بينما تصبح الأخرى خاملة أو معطلة. والتمايز هو تبديل في شكل الخلية وعملها فالخلية العصبية مثلاً يصبح لها استطالة خيطية دقيقة وطويلة ترسل عن طريقها الإرشادات أو تستقبلها عن طريق تفاعلات كيميائية كهربية ، ويمكن توجيه تطور الخلايا الجذعية في المختبرات لتسلك اختصاصاً محدداً فتصبح خلية قلب أو عصب وهو ما يعرف بالتخصص الموجه .
6- الخلايا الجذعية البالغة هي خلايا غير متمايزة توجد في أحد الأنسجة المتخصصة (كالدم مثلاً ) وبإمكانها أن تتجدد وتتكاثر ثم تتمايز لتتخصص بإنتاج أي من الخلايا المتمايزة التي تُكون النسيج الذي أخذت منه هذه الخلايا الجذعية أصلاً. وتستطيع هذه الخلايا البالغة أن تكون نسيجاً طبق الأصل من ذاتها طيلة حياة الجسم الذي تكون فيه. وتوصف هذه الخاصية بالتجدد الذاتي ، حيث تنقسم هذه الخلايا عادة لتعطي خلايا منشئة أو خلايا بالغة والتي تتمايز بدورها لتنتج خلايا ناضجة لها شكل محدد ووظيفة متخصصة كخلايا العضلات المتخصصة بالانقباض والانبساط أو خلايا الأعصاب التي ترسل أو تستقبل الإشارات.
ولكن .. من أين جاءت المشكلة ؟
الجدل هنا ليس حول الجانب الطبي فحسب، بل إن هناك جانباً أخلاقياً وآخر قانونياً وثالثا اجتماعياً وكذلك اقتصادياً، فهي خمسة جوانب متداخلة لم يبق متخصص ذو رأي في أحدها إلا وأدلى بدلوه في النقاش الدائر اليوم.
وسبب الإشكالية الجدلية المتعددة الأطراف حول الخلايا الجذعية في واقع الأمر يتعلق باستخدام الأجنة في بعض مراحل البحث الجارية، والتي بمجرد ذكرها يأخذ الذهن في تصور أجنة مكدسة في المختبر، يتم الحصول عليها واستخدامها في إجراء تجارب بطريقة غاية في البعد عن الإنسانية والتزام أصول الأخلاق البشرية الطبيعية.
لذا ظهرت ضرورة سلامة الجانب الأخلاقي والقانوني منعاً للانفلات غير المنضبط في تجاربها وخاصة في مصدر الخلايا الجذعية الجنينية.
والحقيقة ربما ليست كما يتصورها البعض، على الأقل فيما يبدو من دراسات وبحوث نشرت نتائجها إلى اليوم في المجلات الطبية المميزة، فالأجنة المستخدمة لم تبلغ من العمر سوى بضعة أيام، أي قبل ظهور الحياة الوظيفية فيها والمتمثلة بوجود أعضاء تعمل كالقلب النابض مثلاً. إضافة إلى أن هناك العديد من المصادر للحصول على الخلايا الجذعية بدون اللجوء إلي الأجنة مطلقاً، كما أن هناك وسائل لتخصيب البويضة بدون الحاجة إلي الطريقة المعتادة.
لكن هذا لا يعني أنه ليست هناك تجارب تجري في بعض المناطق من العالم بدون ضوابط واضحة وبدون علم مسبق لغيرهم من الباحثين عما يجريه البعض الآخر.
ما أزعج كثيراً من الباحثين وغيرهم، هو اختلاط تقنية الاستنساخ بتقنية الحصول على الخلايا الجذعية ، الأمر الذي قد يؤدي إلى انفلات خيالي في هذا المضمار .
ونتيجة لضبابية المشهدين الأخلاقي والقانوني لدى عامة الناس، اختل الموقف الاجتماعي إزاء هذه التجارب، فمن مؤيد لها، ليس لأن الوسائل العلمية سليمة قانونياً أو أخلاقياً في تصوره، بل للرغبة والقناعة المجردة بضرورة إعطاء فرصة بلا حدود للأطباء والباحثين في سبيل تطور المعرفة البشرية، خصوصاً عند ذكر الأمراض، مما قد تسهم نتائج التجارب في علاجها، والتي هي أشبه بالحلم اليوم عند الحديث عن الخلايا الجذعية، وهذا التصور يجانبه الصواب أحياناً إذا ما كان التأييد للعلم مطلقاً وبلا ضوابط.
كما أن تضارب الرؤى الطبية وغير الطبية، وعدم اكتمال التجارب والبحوث العلمية في الوصول إلى حقائق ثابتة وغيرها من الأسباب، يفرض التأني في النظر إلى الأمر برمته حتى يستقر البحث ويبدأ الأطباء في وضع نتائج هذه التجارب في المكان المناسب ضمن وسائل العلاج المقترحة، لكن المطلوب في هذه المرحلة من البحث غير المستقرة نتائجه، هو وضع ضوابط أخلاقية و قانونية تسير جنباً إلي جنب مع التقدم العلمي المطرد بشكل سريع حقاً، فما من إنسان إلا ويتمني زوال معاناة البشر من الأمراض.
البداية بسيطة ..
ظهر نجاح أولى المحاولات العلمية للحصول على الخلايا الجذعية وتنمية تكاثرها في المختبر قبل أكثر من عقدين من الزمان وذلك في الفئران. وفي عام 1998 تمكن العلماء من استخدام الأجنة البشرية في الحصول عليها ونجحوا في زيادة
عددها عبر تهيئة الظروف المناسبة لذلك، وبعدها تم الحصول عليها مما تحويه أعضاء الجسم المختلفة منها.
و تُجري التجارب حولها اليوم على قدم و ساق في مناطق عدة من العالم، خاصة في تلك المناطق التي لا توجد بها قوانين صارمة تضبط البحث عليها بشكل خاص.
ومن أهم التطورات الحديثة ما أعلن عنه العلماء من كوريا الجنوبية في أواخر شهر مايو 2005 من النجاح في الحصول علي هذه الخلايا من بويضات لم يتم تلقيحها بالطريقة المعتادة.
كل البحث الدائر اليوم حول هذه الخلايا هدفه فهم كيفية تحولها من حالتها غير المتخصصة إلي خلايا متخصصة تقوم بدور وظيفي كما في عملية تعويض التالف من الخلايا البالغة، الأمر الذي تهم معرفته قبل التفكير في كيفية الاستفادة منها كوسيلة علاجية.
فالبحوث والتجارب في هذا المضمار رسخت عميقاً معرفتنا حول كيفية تكون الجسم المكتمل النمو للكائن الحي من خلية واحدة، وكذلك كيف تتمكن الخلايا السليمة من الحلول محل الخلايا التالفة ضمن عمليات ترميم الجسم المتواصلة في مراحل الكائن الحي المختلفة.
إن هذا المجال المفعم بالأمل يقدم للأطباء وسائل لبحث إمكانية علاج بعض الأمراض بالخلايا الحية، وهو ما يعبر عنه بالعلاج الترميمي لإصلاح الخلل البنيوي والوظيفي وإعادة التكوين في الأعضاء المريضة.
والمتوقع أن يتمكن الأطباء، في حال تطور التجارب وفهم الكثير عنها، من الوقاية من ظهور مواليد مصابين بعيوب خلقية، وكذلك إعادة ترميم أعضاء الجسم كما في تلف خلايا الدماغ المؤدية إلي الخرف من نوع الزهايمر مثلاً، أو إصلاح تلف النخاع الشوكي نتيجة الحوادث، أو إعادة فتح مجرى شرايين القلب المتضيقة في حالات تصلب الشرايين، أو تعويض عضلات القلب التالفة بأخرى قوية، أو التخفيف من أعراض الشيخوخة بشكل عام، إلى غير ذلك من مجالات ربما تثبت الأيام أو السنوات القادمة حدوث تقدم هائل في الوسائل العلاجية من دون الحاجة إلى الدواء أو العمليات الجراحية.
دم الحبل السري .. ثورة طبية جديدة
يعتبر الحبل السري مصدرا غنيا للخلايا الجذعية المصنعة للدم ، وهي السليفة لكل ما يحتويه الدم ، بدءا من الخلايا الدموية البيضاء المقاومة للعدوى ، والخلايا الحمراء الحاملة للأكسجين ، إلى الصفائح الدموية التي تسهل عملية تخثر الدم بعد حدوث إصابة أو جرح ما .
وتكفي الخلايا الجذعية الموجودة في مشيمة واحدة لإعادة بناء خلايا الدم والجهاز المناعي عند طفل مصاب بابيضاض الدم leukemia ( وهو مرض يتميز بانقسام خلايا الدم البيضاء بصورة غير سوية مما يوجب قتلها بالمعالجة الكيمياوية ) ، وتكفي لعلاج شخص بالغ في حال تنميتها في ظروف خاصة .
وعند الرجوع للماضي كان على الأطباء البحث عن مانح ليؤمنوا نخاع العظم bone marrow الذي يحتوي أيضا على خلايا جذعية منتجة للخلايا الدموية والمناعية ، ولكن لسوء الحظ كان الكثيرون يموتون خلال فترة البحث الطويلة عن مانح يطابق النوع النسيجي للمريض . أو بسبب المضاعفات الناتجة عن عدم تطابق النقي الممنوح تطابقا جيدا ؛ أما دم الحبل السري القابل للحفظ لفترات طويلة ، فهو اكثر احتمالا للتطابق الجيد واقل احتمالا لأحداث المضاعفات لان الخلايا الجذعية في دم الحبل السري تختلف مناعيا عن تلك الموجودة في نقي العظم عند البالغين ، وكذلك تتميز بأنها اكثر تحملا tolerance .
ولكن .. ما هي الاعتبارات الأخلاقية في استعمال الخلايا الجذعية؟
ان استعمال الخلايا الجذعية المستأصلة من المضغ المكونة بواسطة تلقيح البويضات بالحيوانات المنوية في مراكز معالجة العقم وفي المختبر أو زرع الجينات في نواة الخلايا للحصول على خلايا متعددة الامكانيات لانتاج مختلف الأنسجة والاعضاء، يلاقي صعوبات كثيرة في بعض الدول كالولايات المتحدة الأميركية مثلاً في الموافقة السياسية على المباشرة به وتطبيقه وذلك لأسباب أخلاقية متعددة.
وقد طرح هذا الموضوع على مجلس الشيوخ الأمريكي للتصويت وألف الرئيس الأمريكي لجاناً خاصة تشمل العلماء وخبراء الأخلاقيات ورجال الأعمال وشخصيات اجتماعية وسياسية لدراسته من جميع نواحيه وتقديم الاقتراحات والارشادات حوله.
وقد طُرح السؤال حول امكانية وضرورة استعمال تلك الوسيلة في استفتاء شعبي في ولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة وحاز على اكثرية أصوات الناخبين اثناء الانتخابات الرئاسية التي جرت منذ فترة رغم المعارضة الشديدة التي ابداها رجال الدين وبعض العلماء والحكومة الفيدرالية كما تمت الموافقة عليه في عدة دول أوروبية منها بريطانيا وايطاليا وغيرها.
ومن أبرز الاعتراضات التي ابداها المعارضون لتلك الاختبارات احتمال استعمالها لنسخ أجنة وترويج تلك الوسيلة لأغراض تجارية تفتح أبواباً واسعة للابتزاز المالي بواسطة بيع تلك الأجنة أو الأعضاء المنتوجة من الخلايا الجذعية بطريقة عشوائية.
وأما الاعتراض الأساسي الذي أبداه بعض العلماء والسياسيين انه لا يجوز شرعياً وأخلاقياً تكوين جنين في المختبر ومن ثم قتله لاستعمال خلاياه حتى إذا كان ذلك الجنين في الطور البدائي بالتكوين أي في مرحلة المضغة قبل غرزه في الرحم وأما باقي العلماء فحماسهم الشديد لاستعمال تلك الطريقة نابع عن قناعتهم بأنها ستفتح آفاقاً واسعة في تشخيص ومعالجة الأمراض المستعصية وزرع أعضاء سليمة وتفهم آلية الأمراض من الناحية الجزئية والتمكن من القضاء عليها أو حتى الوقاية من حدوثها .
وكما شدد الدكتور وايزمن من جامعة ستانفورد في الولايات المتحدة في افتتاحيته حول الخلايا الجذعية والتي نشرت حديثاً في مجلة نيو إنجلند الطبية انه من العار أن تقفل أبواب التطور العلمي الذي يمكن أن يشخص ويشفي الملايين من الأشخاص لأسباب سياسية واعتبارات غير منطقية أو علمية بناءً على مقالات أو ندوات تلفزيونية بدون أي اعتبار للآراء الطبية المجندة لاستعمال الخلايا الجذعية .
إنجازات تحققت بالفعل .. وأخري في الطريق
وحتي نرد علي هذه الأقاويل التي لا أساس لها من الصحة ، دعونا نتعرض لأبرز الإنجازات العلمية التي حققها الباحثون مؤخرا في مجال استخدام الخلايا الجذعية لعلاج بعض الأمراض أو توقعاتهم بما يمكن أن تحققه هذه الأبحاث فيما بعد ....
ففي تقدم مفاجئ يمكنه أن يضع جانبا المناقشات الأخلاقية المحيطة بحقل الخلايا الجذعية، اقترب العلماء أكثر من الهدف المتمثل في الطب التجديدي، بتحويل خلايا المريض إلى خلايا متخصصة، تكون قادرة على تعويض تلك المفقودة بسبب مرض ما.
وهذا التقدم هو تقنية سهلة الاستعمال لإعادة برمجة خلية جلدية مأخوذة من فأر بإعادتها إلى خلية جنينية. ومن الممكن حث الخلايا الجنينية مختبريا كي تتحول إلى مختلف الخلايا الأساسية الخاصة بأعضاء الجسم.
وقال تقرير لـنيويورك تايمز، ان العلماء يراهنون على تكييف هذه التجارب لاستخدامها على الخلايا البشرية، ليصبح ممكنا للخلايا الجلدية البشرية أن تتحول إلى خلايا قلب أو كبد أو كلية جديدة، وبالتالي يمكن زرعها ولن يرفضها نظام مناعة جسد المريض. لكن العلماء يقولون إنهم لا يستطيعون التنبؤ بمتى سيتمكنون من التغلب على المشاكل في تكييف هذه الطريقة المتبعة في هذه التجربة مع الخلايا البشرية.
ترميم جمجمة طفلة
كما تمكن أطباء ألمان في عملية رائدة من ترميم جمجمة طفلة باستخدام الخلايا الجذعية المشتقة من الدهون لتحفيز العظام علي النمو مجدداً. وكان الأطباء قد فشلوا في ترميم الأضرار التي لحقت بجمجمة الطفلة التي تبلغ من العمر سبعة أعوام إثر سقوطها قبيل عامين.
وأوضح الأطباء أن الإصابة خلفت مساحة مكشوفة تبلغ 19 بوصة مربعة في الجمجمة، واضطرت الطفلة إلي ارتداء خوذة واقية لحماية المخ الذي كان يمكن مشاهدته بوضوح في الأماكن المفقودة من الجمجمة.
وقال الدكتور هانز بيتر هوالديت من جامعة جستس ليبيج بألمانيا إن الأضرار التي لحقت بالجمجمة كانت أفدح من أن تصلح بعملية ترقيع للعظام، غير أن الطفلة تمكنت وبعد عدة أسابيع من عملية الخلايا الجذعية من وضع الخوذة الواقية جانباً والتمتع بحياة طبيعية.
وذكر هوالديت أن الأجزاء المفقودة من الجمجمة قد نمت مكانها طبقة رقيقة وقوية، من العظام الجديدة عقب الجراحة.
ويأمل العالم في أن تمتزج عظام الطفلة مع الخلايا الجذعية، التي ستتحول إلي خلايا لبناء العظام، مما يتيح نمو عظام إضافية.
تخـليـق أول مـهـبـل
وتمكن أطباء ايطاليون من تخليق أول مهبل باستخدام التقنية الحيوية ، من خلال مساعدة مريضتين ولدتا من دون مهبلين بسبب تشوهات خلقية، على تخليق مهبلين من خلال استخدام خلايا جذعية أخذت من جسديهما.
وأوضح أحد الأطباء المشاركين في هذه الجراحة أن تنمية الأنسجة المهبلية من الخلايا جرى زرعها في مستشفى جامعة امبرتو في روما.
وفي الحالة الأولى تلقت امرأة تبلغ الثامنة والعشرين 0.3 سنتيمترا مربعا من الأغشية النسيجية المخاطية قبل عام، ومنذ ذلك الحين نما لها مهبل ، وقال الأطباء إنها تزوجت وهي بحالة صحية جيدة الآن.
وتتعلق الحالة الثانية بشابة في السابعة عشرة أجريت لها عملية، قال الأطباء إنها تتحسن وانه تم زرع 99% من الأغشية النسيجية المخاطية.
ووصفت الباحثة سينزيا مارشيز، التي طورت الخلايا الجذعية، العمليتين بأنهما خطوة أولى على طريق تحقيق اختراقات مماثلة في تطوير أنسجة معوية وفموية وأنسجة عيون بما في ذلك القرنيات.
علاج لضمور العضلات
اكتشف فريق من الباحثين الايطاليين نوعاً من الخلايا الجذعية موجودة في الاوعية الدموية يمكن استخدامها فى تجديد العضلات. وقد قام العلماء بمعهد أبحاث الخلايا الجذعية، باجراء تجارب علي احد فئران التجارب المصاب بصورة من صور مرض ضمور العضلات الذي يتسبب في تدمير العضلات. ووجدوا ان خلايا الاوعية الدموية الجذعية المعدلة وراثيا، والمسماة ميسانجيوبلاستس، لديها القدرة علي تجديد وتوليد انسجة عضلية جديدة في الفأر.
وقد تصور العلماء عملية لجمع الخلايا الجذعية من الاوعية الدموية لمريض بشري، ثم تعديلها وراثيا في مختبر، وبعد ذلك يتم حقنها مرة اخري في مجري الدم. وتوصل العلماء الي ان هذه العملية سوف تؤدي الي انتقال الخلايا الي عضلات المريض، ثم تبدأ في انتاج خلايا عضلية سليمة وصحية. واضافوا أن الجسم لن يرفض هذه الخلايا، لان منشأها من جسم المريض نفسه.
أسلوب لعلاج سرطان الدم
كما طور باحثون بريطانيون أسلوبا جديدا يعتمد على الخلايا الجذعية يمكن أن يساعد مرضى المراحل المتقدمة من سرطان الدم أو الاورام الليمفاوية.
وتدخل العلماء وراثيا في خلايا المنشأ المتبرع بها ، وهي خلايا رئيسية يمكن أن تتحول لأي نوع من الخلايا حتى يمكنها أن تبقى حية أثناء العلاج الكيميائي العالي السمية .
وأوضح أحد الباحثين أنه يمكن استخدام عمليات زراعة خلايا المنشأ في علاج سرطان الدم والأورام التي تصيب الجهاز اللميفاوي والتي لا تستجيب عادة للعلاج التقليدي ، وتتم زراعة خلايا المنشأ في المريض لاحداث استجابة للمناعة ضد المرض ، وغالبا ما يعقب هذا علاج كيميائي قوي لقتل الخلايا السرطانية .
أمـل لـمرضي الشـلل
أكد علماء أمريكيون أن الحقن بالخلايا الجذعية ساعد فئران تجارب مصابة بالشلل على الحركة ولكن ليس بالطريقة المتوقعة ، حيث توصلوا إلي أن الخلايا الجذعية البشرية المحقونة غطت الخلايا العصبية المدمرة بمركبات مغذية وساعدتها على الحياة.
وأوضح فريق البحث أن النتائج التي توصل إليها تلقي مزيدا من الضوء على قدرات الخلايا الجذعية ، مؤكدين إمكانية إنتاج أدوية تشفي من أمراض ليس لها علاج حتى الآن .
وكان الباحثون قد حقنوا خلايا جذعية بشرية أخذت من أجنة مجهضة في الحبل الشوكي لـ15 فأرا مصابة بالشلل ، واعتبرت الفئران نماذج مصابة بنوع من الشلل الذي يستفحل ولا علاج له ، وظهر بوضوح أن الفئران كانت قادرة على استخدام أرجلها الخلفية أفضل من فئران أخرى أصيبت بالشلل ولكن لم تحقن بالخلايا الجذعية .
وأضاف أحد الباحثين أن بعضا من عشرات الآلاف من الخلايا الجذعية البشرية البدائية التي زرعت أصبحت خلايا عصبية أو مشابهة لها إلا أنها ليست كافية لاعتبارها تحسنا، وبدلا من ذلك فقد كونت تلك الجرثومية الجنينية بيئة تحمي وتساعد
على بقاء أعصاب الفئران الموجودة بالفعل والتي كانت على وشك الموت .
وعندما يموت العصب يبعث بإشارات ليس معروفا أسبابها حتى الآن لتسبب موت خلايا حية مجاورة .
ويعتبر هذا الموت المتتابع للخلايا السبب وراء معظم الدمار الذي يلحق بالمخ والناتج عن السكتة الدماغية على سبيل المثال.
وخلص الباحثون إلى أن الخلايا الجذعية الجنينية أنتجت نوعين من البروتين يبدو أنهما وراء إيقاف الخلايا العصبية الصحيحة من الوقوع ضحية للموت ، ويساعد أحد تلك البروتينات على حياة الخلايا العصبية ويقوي الآخر من اتصالها بالخلايا العصبية الأخرى.
أول بنك بريطاني للخلايا الجذعية
يعتزم اللورد بارنسون صاحب شركة طيران فيرجين إنشاء أول بنك للخلايا الجذعية في بريطانيا يمكن للعائلات الاحتفاظ فيه بالحبل السري لابنائهم عند الولادة ، لإمكانية استخدامها مستقبلا في معالجة امراض مثل السرطان و الباركنسون .
وتقوم مجموعة من الشركات البريطانية حاليا بتقديم مثل هذه الخدمات ، حيث يعتقد ان عدة آلاف من الا زواج في بريطانيا قد قاموا فعلا بتخزين الخلايا الجذعية الخاصة بهم .
ويشجع الازواج على القيام بذلك عبر المجلات الطبية والعيادات وغير من الوسائل ، كما تقوم بعض الجهات بتقديم الاوعية الخاصة بتخزين الحبل السري للازواج لاغراض التخزين.
وأوضح متحدث باسم شركة فيرجين بأن هذه المبادرة تهدف الى معالجة النقص الشديد في كمية الخلايا الجذعية لتلبية الحاجة المتزايدة لها في معالجة الامراض الخطيرة.
كما ان هذا البنك سيشجع ابحاث انتاج ادوية تساعد في انتاج هذه الخلايا والمعالجة بالخلايا الجذعية ، ومن المتوقع ان تتمكن وزارة الصحة في بريطانية من الاستفادة من البنك.
نجاح عربي في هذا المجال
نجح أطباء سعوديون في إجراء 5 عمليات من اصل 7 لزراعة الخلايا الجذعية المستخرجة من دم الحبل السري لحالات مرضية تنوعت معاناتها بين فشل النخاع العظمي الخلقي ، واخرى تعاني من امراض نقص المناعة الخلقية ، وثالثة لحالات تعاني من سرطانات الدم التي لا تستجيب للعلاج الكيميائي التقليدي مسجلة بذلك نسبة نجاح بلغت 70 % .
وأوضح أحد الأطباء أن عملية زراعة الخلايا الجذعية المستخرجة من دم الحبل السري هي عملية اثبتت نجاحها عالميا في علاج كثير من الامراض القاتلة التي يعاني منها بعض الاطفال، كأمراض فشل نخاع العظم الخلقي التي تنتهي بهم الى الوفاة مبكرا اذا لم تجرى لهم عمليات زراعة النخاع العظمي بسبب عدم وجود اقارب يطابقونهم في فصيلة الانسجة ، مبينا ان تلك العمليات سجلت نجاحا عالميا بنسبة 60 في المائة.
ونجاح مصري آخر ..
نجح البروفيسور المصري مجدي يعقوب أستاذ أمراض القلب في معهد لندن الملكي، في تطوير صمّام قلب من خلايا جذعية، في أول إنجاز فريد من نوعه في العالم، مما يفتح المجال لتطوير قلب بشري كامل وغير اصطناعي.
واستخدم يعقوب في بحوثه خلايا جذعية مستخلصة من النخاع العظمي من أجل تطوير خلية تكون صالحة للاستخدام كصمام لقلب بشري.
وأشار الفريق البريطاني المعاون للدكتور مجدي يعقوب إلى أن التجارب إذا نجحت على الحيوانات هذا العام، فإنّه سيتمّ استخدام الصمامات الجديدة في عمليات زرع قلوب لدى الأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب في غضون ثلاث سنوات .
والبقية تأتي ...
هذه هي البداية فقط ، والبقية آتية لا محالة ، فأملنا أن يتم نقاش علمي موضوعي يأخذ بعين الاعتبار جميع النواحي الشرعية والأخلاقية والقواعد المهنية لايجاد حلول منطقية وأسس رفيعة وجلية في استعمال تلك الوسيلة التشخيصية والعلاجية المبتكرة والفريدة بعيداً عن الروح التجارية والمهاترات العاطفية الرخيصة ، حتي لا يخرج علينا من يخلط الأمور وتختلط علي الناس مفاهيم عديدة لا تفرق بين الاستنساخ واستخدام الخلايا الجذعية .. فالطريق مازال في بدايته .. والميدان مفتوح للجميع ..فمرحبا بأصحاب العقول البناءة ..
لم يشهد الوسط الطبي جدلا كالذي يشهده اليوم عند الحديث عن الخلايا الجذعية، والنقاش هنا يشمل ضوابط إجراء البحوث والتجارب حولها، والترجمة الطبية لنتائجها العلمية والطرق العلاجية الملائمة لاستفادة المرضى منها .. في محاولة واضحة للوقوف علي أهم الأسباب التي جعلتها في قفص الاتهام من قبل البعض .. خاصة أن الرئيس الأمريكي جورج بوش الأبن يعارض تماما تمويل مثل هذه الأبحاث بحجة الخلاف الأخلاقي الذي نشب حولها مؤخرا ...
فالخلايا الجذعية أو ما يطلق عليها بالإنجليزية Stem cells هي خلايا بدئية غير متمايزة إلى انواع خلوية متخصصة ، مما يسمح لها بأن تعمل كجهاز إصلاحي للجسم ، باستبدال خلايا أخرى عاطلة و الحفاظ على وظيفة الأعضاء الجسمية .
ويعتقد خبراء البحث الطبي أن الخلايا الجذعية بقدرتها هذه فادرة على تغيير تاريخ الأمراض البشرية عن طريق استخدامها لإصلاح انسجة متخصصة أو عن طريق دفعها للنمو بشكل عضوي حيوي معين .
بينما تختص خلايا الجسم عموماً بوظائف محدده كخلايا الكبد والعضلات، تنفرد الخلايا الجذعية بكونها غير متحيزة ولا متخصصة، وعلى ذلك فهي خلايا تستطيع الانقسام وتكوين خلايا جديدة مشابهة لها وتستطيع أيضاً أن تنتج خلايا متخصصة. إذن فهي تبقى غير متخصصة إلى أن تتلقى مؤشرات خاصة تدفعها للتطور إلى خلايا متحيزة.
وبالنظر إلى هاتين الخاصيتين المميزتين فقد حاول الباحثون منذ زمن طويل استخدام الخلايا الجذعية للتعويض عن الخلايا الجسمية التالفة أو الأنسجة المريضة.
واكتشف العلماء من خلال البحث على الخلايا الحيوانية وجود هذه الخلايا الجذعية التي يمكن لها أن تتمايز إلى نوع من الخلايا الجسمية وبذلك استحقت الخلايا الجذعية وصف خلايا ذات مكونات متعددة بمعنى أن فيها طاقة كامنة تمكنها من أن تتحول إلى أي نوع من الخلايا الأخرى التي تربو أنواعها عن المائتين. ونجح العلماء في عام 1998 وللمرة الأولى في استخلاص خلايا جذعية متعددة المكونات واستـنبتوها في المختبرات.
وأظهرت التجارب بعد ذلك دلائل هامة على إمكانية تحول هذه الخلايا الجذعية إلى أي من النسج والأعضاء المتخصصة في الجسم مثل القلب والعضلات والخلايا العصبية.
وقد أحيت هذه الاكتشافات الآمال في استخدامات طبية لتعويض الأجزاء التالفة في أجسام مرض الفشل العضوي والشفاء في أمراض عضال مستعصية وبينما عكف العلماء على دراسة الخلايا الجذعية متعددة المكونات من الأجنة البشرية ( المتوفرة في مراكز الإخصاب العلمي ) ظهرت معلومات جديدة عن نوع جديد من الخلايا عرفت بالخلايا الجذعية البالغ المأخوذة من نسيج معين يمكن بإخضاعها إلى شروط معينة أن تتطور إلى خلايا تابعة إلى نسيج مغاير تماماً . فالخلايا الجذعية المأخوذة من الدم تحولت في شروط معينة إلى خلايا عصبية .
خصائص وتعريفات
1- الخلية الجذعية هي خلية مصدرها من المضغة أو جسم الشخص البالغ تستطيع في ظروف معينه محدودة أن توالي الانقسام لمدة طويلة ( في حالة الخلايا البالغة تمتد هذه الفترة موازية لحياة الجسم الذي كان مصدر هذه الخلايا ) كما أن باستطاعة الخلية الجذعية أن تتمايز إلى خلايا متخصصة تكون لبناء الأعضاء المختلفة في الجسم .
2- الخلية الجذعية متعددة المكونات تتميز هذه الخلايا بإمكانية التطور إلى أنواع الخلايا المشتقة من الوريقة الداخلية أو الوسطى أو الخارجية في الجنين أي بعبارة أخرى كل الخلايا التي تنشأ فيها أعضاء الجسم جميعها.
3- الخلايا الجذعية المضغية تشتق هذه الخلايا من مجموعة الكتل الخلوية الباطنة والتي هي جزء هام من المضغية الباكرة ( بعد خمسة أيام من الإلقاح ) تسمى المضغة في هذه المرحلة بالكيسة الأرومية ، يمكن بعد استخلاص خلايا الكتلة الخلوية الباطن من الكيسة الأرومية، استنباتها كخلايا جذعية مصنعة. ونظراً لاختلاف وسط الاستنبات عن وسط الرحم فإن هذه الخلايا في المختبر لا تسلك مسار تطور الجنين.
4- الخلايا المنشئة الجنينية كما يدل اسمها هذه الخلايا من الجنين حول سن الأسابيع الخمسة إلى العشرة وبالتحديد من الخلايا المنشئة الأولية في منطقة المناسل من المعروف أن خلايا هذه المنطقة تتطور في وقت لاحق في الجنين إلى مبايض أو خصيات تنتج بويضات أو نطفاً. تعتبر الخلايا المنشئة الجينية كما هي الحال في الخلايا الجذعية المضغية متعدد المكونات ولكن لا يعتبران متطابقين من ناحية بعض الخصائص الأخرى.
5- التمايز هو تطور الخلية غير المتخصصة ( مثل الخلايا الجذعية ) إلى إحدى الخلايا المتخصصة، التي تكون إما في أعضاء الجسم المختلفة وبحدوث التمايز تنشط مورثات محددة في الخلية بينما تصبح الأخرى خاملة أو معطلة. والتمايز هو تبديل في شكل الخلية وعملها فالخلية العصبية مثلاً يصبح لها استطالة خيطية دقيقة وطويلة ترسل عن طريقها الإرشادات أو تستقبلها عن طريق تفاعلات كيميائية كهربية ، ويمكن توجيه تطور الخلايا الجذعية في المختبرات لتسلك اختصاصاً محدداً فتصبح خلية قلب أو عصب وهو ما يعرف بالتخصص الموجه .
6- الخلايا الجذعية البالغة هي خلايا غير متمايزة توجد في أحد الأنسجة المتخصصة (كالدم مثلاً ) وبإمكانها أن تتجدد وتتكاثر ثم تتمايز لتتخصص بإنتاج أي من الخلايا المتمايزة التي تُكون النسيج الذي أخذت منه هذه الخلايا الجذعية أصلاً. وتستطيع هذه الخلايا البالغة أن تكون نسيجاً طبق الأصل من ذاتها طيلة حياة الجسم الذي تكون فيه. وتوصف هذه الخاصية بالتجدد الذاتي ، حيث تنقسم هذه الخلايا عادة لتعطي خلايا منشئة أو خلايا بالغة والتي تتمايز بدورها لتنتج خلايا ناضجة لها شكل محدد ووظيفة متخصصة كخلايا العضلات المتخصصة بالانقباض والانبساط أو خلايا الأعصاب التي ترسل أو تستقبل الإشارات.
ولكن .. من أين جاءت المشكلة ؟
الجدل هنا ليس حول الجانب الطبي فحسب، بل إن هناك جانباً أخلاقياً وآخر قانونياً وثالثا اجتماعياً وكذلك اقتصادياً، فهي خمسة جوانب متداخلة لم يبق متخصص ذو رأي في أحدها إلا وأدلى بدلوه في النقاش الدائر اليوم.
وسبب الإشكالية الجدلية المتعددة الأطراف حول الخلايا الجذعية في واقع الأمر يتعلق باستخدام الأجنة في بعض مراحل البحث الجارية، والتي بمجرد ذكرها يأخذ الذهن في تصور أجنة مكدسة في المختبر، يتم الحصول عليها واستخدامها في إجراء تجارب بطريقة غاية في البعد عن الإنسانية والتزام أصول الأخلاق البشرية الطبيعية.
لذا ظهرت ضرورة سلامة الجانب الأخلاقي والقانوني منعاً للانفلات غير المنضبط في تجاربها وخاصة في مصدر الخلايا الجذعية الجنينية.
والحقيقة ربما ليست كما يتصورها البعض، على الأقل فيما يبدو من دراسات وبحوث نشرت نتائجها إلى اليوم في المجلات الطبية المميزة، فالأجنة المستخدمة لم تبلغ من العمر سوى بضعة أيام، أي قبل ظهور الحياة الوظيفية فيها والمتمثلة بوجود أعضاء تعمل كالقلب النابض مثلاً. إضافة إلى أن هناك العديد من المصادر للحصول على الخلايا الجذعية بدون اللجوء إلي الأجنة مطلقاً، كما أن هناك وسائل لتخصيب البويضة بدون الحاجة إلي الطريقة المعتادة.
لكن هذا لا يعني أنه ليست هناك تجارب تجري في بعض المناطق من العالم بدون ضوابط واضحة وبدون علم مسبق لغيرهم من الباحثين عما يجريه البعض الآخر.
ما أزعج كثيراً من الباحثين وغيرهم، هو اختلاط تقنية الاستنساخ بتقنية الحصول على الخلايا الجذعية ، الأمر الذي قد يؤدي إلى انفلات خيالي في هذا المضمار .
ونتيجة لضبابية المشهدين الأخلاقي والقانوني لدى عامة الناس، اختل الموقف الاجتماعي إزاء هذه التجارب، فمن مؤيد لها، ليس لأن الوسائل العلمية سليمة قانونياً أو أخلاقياً في تصوره، بل للرغبة والقناعة المجردة بضرورة إعطاء فرصة بلا حدود للأطباء والباحثين في سبيل تطور المعرفة البشرية، خصوصاً عند ذكر الأمراض، مما قد تسهم نتائج التجارب في علاجها، والتي هي أشبه بالحلم اليوم عند الحديث عن الخلايا الجذعية، وهذا التصور يجانبه الصواب أحياناً إذا ما كان التأييد للعلم مطلقاً وبلا ضوابط.
كما أن تضارب الرؤى الطبية وغير الطبية، وعدم اكتمال التجارب والبحوث العلمية في الوصول إلى حقائق ثابتة وغيرها من الأسباب، يفرض التأني في النظر إلى الأمر برمته حتى يستقر البحث ويبدأ الأطباء في وضع نتائج هذه التجارب في المكان المناسب ضمن وسائل العلاج المقترحة، لكن المطلوب في هذه المرحلة من البحث غير المستقرة نتائجه، هو وضع ضوابط أخلاقية و قانونية تسير جنباً إلي جنب مع التقدم العلمي المطرد بشكل سريع حقاً، فما من إنسان إلا ويتمني زوال معاناة البشر من الأمراض.
البداية بسيطة ..
ظهر نجاح أولى المحاولات العلمية للحصول على الخلايا الجذعية وتنمية تكاثرها في المختبر قبل أكثر من عقدين من الزمان وذلك في الفئران. وفي عام 1998 تمكن العلماء من استخدام الأجنة البشرية في الحصول عليها ونجحوا في زيادة
عددها عبر تهيئة الظروف المناسبة لذلك، وبعدها تم الحصول عليها مما تحويه أعضاء الجسم المختلفة منها.
و تُجري التجارب حولها اليوم على قدم و ساق في مناطق عدة من العالم، خاصة في تلك المناطق التي لا توجد بها قوانين صارمة تضبط البحث عليها بشكل خاص.
ومن أهم التطورات الحديثة ما أعلن عنه العلماء من كوريا الجنوبية في أواخر شهر مايو 2005 من النجاح في الحصول علي هذه الخلايا من بويضات لم يتم تلقيحها بالطريقة المعتادة.
كل البحث الدائر اليوم حول هذه الخلايا هدفه فهم كيفية تحولها من حالتها غير المتخصصة إلي خلايا متخصصة تقوم بدور وظيفي كما في عملية تعويض التالف من الخلايا البالغة، الأمر الذي تهم معرفته قبل التفكير في كيفية الاستفادة منها كوسيلة علاجية.
فالبحوث والتجارب في هذا المضمار رسخت عميقاً معرفتنا حول كيفية تكون الجسم المكتمل النمو للكائن الحي من خلية واحدة، وكذلك كيف تتمكن الخلايا السليمة من الحلول محل الخلايا التالفة ضمن عمليات ترميم الجسم المتواصلة في مراحل الكائن الحي المختلفة.
إن هذا المجال المفعم بالأمل يقدم للأطباء وسائل لبحث إمكانية علاج بعض الأمراض بالخلايا الحية، وهو ما يعبر عنه بالعلاج الترميمي لإصلاح الخلل البنيوي والوظيفي وإعادة التكوين في الأعضاء المريضة.
والمتوقع أن يتمكن الأطباء، في حال تطور التجارب وفهم الكثير عنها، من الوقاية من ظهور مواليد مصابين بعيوب خلقية، وكذلك إعادة ترميم أعضاء الجسم كما في تلف خلايا الدماغ المؤدية إلي الخرف من نوع الزهايمر مثلاً، أو إصلاح تلف النخاع الشوكي نتيجة الحوادث، أو إعادة فتح مجرى شرايين القلب المتضيقة في حالات تصلب الشرايين، أو تعويض عضلات القلب التالفة بأخرى قوية، أو التخفيف من أعراض الشيخوخة بشكل عام، إلى غير ذلك من مجالات ربما تثبت الأيام أو السنوات القادمة حدوث تقدم هائل في الوسائل العلاجية من دون الحاجة إلى الدواء أو العمليات الجراحية.
دم الحبل السري .. ثورة طبية جديدة
يعتبر الحبل السري مصدرا غنيا للخلايا الجذعية المصنعة للدم ، وهي السليفة لكل ما يحتويه الدم ، بدءا من الخلايا الدموية البيضاء المقاومة للعدوى ، والخلايا الحمراء الحاملة للأكسجين ، إلى الصفائح الدموية التي تسهل عملية تخثر الدم بعد حدوث إصابة أو جرح ما .
وتكفي الخلايا الجذعية الموجودة في مشيمة واحدة لإعادة بناء خلايا الدم والجهاز المناعي عند طفل مصاب بابيضاض الدم leukemia ( وهو مرض يتميز بانقسام خلايا الدم البيضاء بصورة غير سوية مما يوجب قتلها بالمعالجة الكيمياوية ) ، وتكفي لعلاج شخص بالغ في حال تنميتها في ظروف خاصة .
وعند الرجوع للماضي كان على الأطباء البحث عن مانح ليؤمنوا نخاع العظم bone marrow الذي يحتوي أيضا على خلايا جذعية منتجة للخلايا الدموية والمناعية ، ولكن لسوء الحظ كان الكثيرون يموتون خلال فترة البحث الطويلة عن مانح يطابق النوع النسيجي للمريض . أو بسبب المضاعفات الناتجة عن عدم تطابق النقي الممنوح تطابقا جيدا ؛ أما دم الحبل السري القابل للحفظ لفترات طويلة ، فهو اكثر احتمالا للتطابق الجيد واقل احتمالا لأحداث المضاعفات لان الخلايا الجذعية في دم الحبل السري تختلف مناعيا عن تلك الموجودة في نقي العظم عند البالغين ، وكذلك تتميز بأنها اكثر تحملا tolerance .
ولكن .. ما هي الاعتبارات الأخلاقية في استعمال الخلايا الجذعية؟
ان استعمال الخلايا الجذعية المستأصلة من المضغ المكونة بواسطة تلقيح البويضات بالحيوانات المنوية في مراكز معالجة العقم وفي المختبر أو زرع الجينات في نواة الخلايا للحصول على خلايا متعددة الامكانيات لانتاج مختلف الأنسجة والاعضاء، يلاقي صعوبات كثيرة في بعض الدول كالولايات المتحدة الأميركية مثلاً في الموافقة السياسية على المباشرة به وتطبيقه وذلك لأسباب أخلاقية متعددة.
وقد طرح هذا الموضوع على مجلس الشيوخ الأمريكي للتصويت وألف الرئيس الأمريكي لجاناً خاصة تشمل العلماء وخبراء الأخلاقيات ورجال الأعمال وشخصيات اجتماعية وسياسية لدراسته من جميع نواحيه وتقديم الاقتراحات والارشادات حوله.
وقد طُرح السؤال حول امكانية وضرورة استعمال تلك الوسيلة في استفتاء شعبي في ولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة وحاز على اكثرية أصوات الناخبين اثناء الانتخابات الرئاسية التي جرت منذ فترة رغم المعارضة الشديدة التي ابداها رجال الدين وبعض العلماء والحكومة الفيدرالية كما تمت الموافقة عليه في عدة دول أوروبية منها بريطانيا وايطاليا وغيرها.
ومن أبرز الاعتراضات التي ابداها المعارضون لتلك الاختبارات احتمال استعمالها لنسخ أجنة وترويج تلك الوسيلة لأغراض تجارية تفتح أبواباً واسعة للابتزاز المالي بواسطة بيع تلك الأجنة أو الأعضاء المنتوجة من الخلايا الجذعية بطريقة عشوائية.
وأما الاعتراض الأساسي الذي أبداه بعض العلماء والسياسيين انه لا يجوز شرعياً وأخلاقياً تكوين جنين في المختبر ومن ثم قتله لاستعمال خلاياه حتى إذا كان ذلك الجنين في الطور البدائي بالتكوين أي في مرحلة المضغة قبل غرزه في الرحم وأما باقي العلماء فحماسهم الشديد لاستعمال تلك الطريقة نابع عن قناعتهم بأنها ستفتح آفاقاً واسعة في تشخيص ومعالجة الأمراض المستعصية وزرع أعضاء سليمة وتفهم آلية الأمراض من الناحية الجزئية والتمكن من القضاء عليها أو حتى الوقاية من حدوثها .
وكما شدد الدكتور وايزمن من جامعة ستانفورد في الولايات المتحدة في افتتاحيته حول الخلايا الجذعية والتي نشرت حديثاً في مجلة نيو إنجلند الطبية انه من العار أن تقفل أبواب التطور العلمي الذي يمكن أن يشخص ويشفي الملايين من الأشخاص لأسباب سياسية واعتبارات غير منطقية أو علمية بناءً على مقالات أو ندوات تلفزيونية بدون أي اعتبار للآراء الطبية المجندة لاستعمال الخلايا الجذعية .
إنجازات تحققت بالفعل .. وأخري في الطريق
وحتي نرد علي هذه الأقاويل التي لا أساس لها من الصحة ، دعونا نتعرض لأبرز الإنجازات العلمية التي حققها الباحثون مؤخرا في مجال استخدام الخلايا الجذعية لعلاج بعض الأمراض أو توقعاتهم بما يمكن أن تحققه هذه الأبحاث فيما بعد ....
ففي تقدم مفاجئ يمكنه أن يضع جانبا المناقشات الأخلاقية المحيطة بحقل الخلايا الجذعية، اقترب العلماء أكثر من الهدف المتمثل في الطب التجديدي، بتحويل خلايا المريض إلى خلايا متخصصة، تكون قادرة على تعويض تلك المفقودة بسبب مرض ما.
وهذا التقدم هو تقنية سهلة الاستعمال لإعادة برمجة خلية جلدية مأخوذة من فأر بإعادتها إلى خلية جنينية. ومن الممكن حث الخلايا الجنينية مختبريا كي تتحول إلى مختلف الخلايا الأساسية الخاصة بأعضاء الجسم.
وقال تقرير لـنيويورك تايمز، ان العلماء يراهنون على تكييف هذه التجارب لاستخدامها على الخلايا البشرية، ليصبح ممكنا للخلايا الجلدية البشرية أن تتحول إلى خلايا قلب أو كبد أو كلية جديدة، وبالتالي يمكن زرعها ولن يرفضها نظام مناعة جسد المريض. لكن العلماء يقولون إنهم لا يستطيعون التنبؤ بمتى سيتمكنون من التغلب على المشاكل في تكييف هذه الطريقة المتبعة في هذه التجربة مع الخلايا البشرية.
ترميم جمجمة طفلة
كما تمكن أطباء ألمان في عملية رائدة من ترميم جمجمة طفلة باستخدام الخلايا الجذعية المشتقة من الدهون لتحفيز العظام علي النمو مجدداً. وكان الأطباء قد فشلوا في ترميم الأضرار التي لحقت بجمجمة الطفلة التي تبلغ من العمر سبعة أعوام إثر سقوطها قبيل عامين.
وأوضح الأطباء أن الإصابة خلفت مساحة مكشوفة تبلغ 19 بوصة مربعة في الجمجمة، واضطرت الطفلة إلي ارتداء خوذة واقية لحماية المخ الذي كان يمكن مشاهدته بوضوح في الأماكن المفقودة من الجمجمة.
وقال الدكتور هانز بيتر هوالديت من جامعة جستس ليبيج بألمانيا إن الأضرار التي لحقت بالجمجمة كانت أفدح من أن تصلح بعملية ترقيع للعظام، غير أن الطفلة تمكنت وبعد عدة أسابيع من عملية الخلايا الجذعية من وضع الخوذة الواقية جانباً والتمتع بحياة طبيعية.
وذكر هوالديت أن الأجزاء المفقودة من الجمجمة قد نمت مكانها طبقة رقيقة وقوية، من العظام الجديدة عقب الجراحة.
ويأمل العالم في أن تمتزج عظام الطفلة مع الخلايا الجذعية، التي ستتحول إلي خلايا لبناء العظام، مما يتيح نمو عظام إضافية.
تخـليـق أول مـهـبـل
وتمكن أطباء ايطاليون من تخليق أول مهبل باستخدام التقنية الحيوية ، من خلال مساعدة مريضتين ولدتا من دون مهبلين بسبب تشوهات خلقية، على تخليق مهبلين من خلال استخدام خلايا جذعية أخذت من جسديهما.
وأوضح أحد الأطباء المشاركين في هذه الجراحة أن تنمية الأنسجة المهبلية من الخلايا جرى زرعها في مستشفى جامعة امبرتو في روما.
وفي الحالة الأولى تلقت امرأة تبلغ الثامنة والعشرين 0.3 سنتيمترا مربعا من الأغشية النسيجية المخاطية قبل عام، ومنذ ذلك الحين نما لها مهبل ، وقال الأطباء إنها تزوجت وهي بحالة صحية جيدة الآن.
وتتعلق الحالة الثانية بشابة في السابعة عشرة أجريت لها عملية، قال الأطباء إنها تتحسن وانه تم زرع 99% من الأغشية النسيجية المخاطية.
ووصفت الباحثة سينزيا مارشيز، التي طورت الخلايا الجذعية، العمليتين بأنهما خطوة أولى على طريق تحقيق اختراقات مماثلة في تطوير أنسجة معوية وفموية وأنسجة عيون بما في ذلك القرنيات.
علاج لضمور العضلات
اكتشف فريق من الباحثين الايطاليين نوعاً من الخلايا الجذعية موجودة في الاوعية الدموية يمكن استخدامها فى تجديد العضلات. وقد قام العلماء بمعهد أبحاث الخلايا الجذعية، باجراء تجارب علي احد فئران التجارب المصاب بصورة من صور مرض ضمور العضلات الذي يتسبب في تدمير العضلات. ووجدوا ان خلايا الاوعية الدموية الجذعية المعدلة وراثيا، والمسماة ميسانجيوبلاستس، لديها القدرة علي تجديد وتوليد انسجة عضلية جديدة في الفأر.
وقد تصور العلماء عملية لجمع الخلايا الجذعية من الاوعية الدموية لمريض بشري، ثم تعديلها وراثيا في مختبر، وبعد ذلك يتم حقنها مرة اخري في مجري الدم. وتوصل العلماء الي ان هذه العملية سوف تؤدي الي انتقال الخلايا الي عضلات المريض، ثم تبدأ في انتاج خلايا عضلية سليمة وصحية. واضافوا أن الجسم لن يرفض هذه الخلايا، لان منشأها من جسم المريض نفسه.
أسلوب لعلاج سرطان الدم
كما طور باحثون بريطانيون أسلوبا جديدا يعتمد على الخلايا الجذعية يمكن أن يساعد مرضى المراحل المتقدمة من سرطان الدم أو الاورام الليمفاوية.
وتدخل العلماء وراثيا في خلايا المنشأ المتبرع بها ، وهي خلايا رئيسية يمكن أن تتحول لأي نوع من الخلايا حتى يمكنها أن تبقى حية أثناء العلاج الكيميائي العالي السمية .
وأوضح أحد الباحثين أنه يمكن استخدام عمليات زراعة خلايا المنشأ في علاج سرطان الدم والأورام التي تصيب الجهاز اللميفاوي والتي لا تستجيب عادة للعلاج التقليدي ، وتتم زراعة خلايا المنشأ في المريض لاحداث استجابة للمناعة ضد المرض ، وغالبا ما يعقب هذا علاج كيميائي قوي لقتل الخلايا السرطانية .
أمـل لـمرضي الشـلل
أكد علماء أمريكيون أن الحقن بالخلايا الجذعية ساعد فئران تجارب مصابة بالشلل على الحركة ولكن ليس بالطريقة المتوقعة ، حيث توصلوا إلي أن الخلايا الجذعية البشرية المحقونة غطت الخلايا العصبية المدمرة بمركبات مغذية وساعدتها على الحياة.
وأوضح فريق البحث أن النتائج التي توصل إليها تلقي مزيدا من الضوء على قدرات الخلايا الجذعية ، مؤكدين إمكانية إنتاج أدوية تشفي من أمراض ليس لها علاج حتى الآن .
وكان الباحثون قد حقنوا خلايا جذعية بشرية أخذت من أجنة مجهضة في الحبل الشوكي لـ15 فأرا مصابة بالشلل ، واعتبرت الفئران نماذج مصابة بنوع من الشلل الذي يستفحل ولا علاج له ، وظهر بوضوح أن الفئران كانت قادرة على استخدام أرجلها الخلفية أفضل من فئران أخرى أصيبت بالشلل ولكن لم تحقن بالخلايا الجذعية .
وأضاف أحد الباحثين أن بعضا من عشرات الآلاف من الخلايا الجذعية البشرية البدائية التي زرعت أصبحت خلايا عصبية أو مشابهة لها إلا أنها ليست كافية لاعتبارها تحسنا، وبدلا من ذلك فقد كونت تلك الجرثومية الجنينية بيئة تحمي وتساعد
على بقاء أعصاب الفئران الموجودة بالفعل والتي كانت على وشك الموت .
وعندما يموت العصب يبعث بإشارات ليس معروفا أسبابها حتى الآن لتسبب موت خلايا حية مجاورة .
ويعتبر هذا الموت المتتابع للخلايا السبب وراء معظم الدمار الذي يلحق بالمخ والناتج عن السكتة الدماغية على سبيل المثال.
وخلص الباحثون إلى أن الخلايا الجذعية الجنينية أنتجت نوعين من البروتين يبدو أنهما وراء إيقاف الخلايا العصبية الصحيحة من الوقوع ضحية للموت ، ويساعد أحد تلك البروتينات على حياة الخلايا العصبية ويقوي الآخر من اتصالها بالخلايا العصبية الأخرى.
أول بنك بريطاني للخلايا الجذعية
يعتزم اللورد بارنسون صاحب شركة طيران فيرجين إنشاء أول بنك للخلايا الجذعية في بريطانيا يمكن للعائلات الاحتفاظ فيه بالحبل السري لابنائهم عند الولادة ، لإمكانية استخدامها مستقبلا في معالجة امراض مثل السرطان و الباركنسون .
وتقوم مجموعة من الشركات البريطانية حاليا بتقديم مثل هذه الخدمات ، حيث يعتقد ان عدة آلاف من الا زواج في بريطانيا قد قاموا فعلا بتخزين الخلايا الجذعية الخاصة بهم .
ويشجع الازواج على القيام بذلك عبر المجلات الطبية والعيادات وغير من الوسائل ، كما تقوم بعض الجهات بتقديم الاوعية الخاصة بتخزين الحبل السري للازواج لاغراض التخزين.
وأوضح متحدث باسم شركة فيرجين بأن هذه المبادرة تهدف الى معالجة النقص الشديد في كمية الخلايا الجذعية لتلبية الحاجة المتزايدة لها في معالجة الامراض الخطيرة.
كما ان هذا البنك سيشجع ابحاث انتاج ادوية تساعد في انتاج هذه الخلايا والمعالجة بالخلايا الجذعية ، ومن المتوقع ان تتمكن وزارة الصحة في بريطانية من الاستفادة من البنك.
نجاح عربي في هذا المجال
نجح أطباء سعوديون في إجراء 5 عمليات من اصل 7 لزراعة الخلايا الجذعية المستخرجة من دم الحبل السري لحالات مرضية تنوعت معاناتها بين فشل النخاع العظمي الخلقي ، واخرى تعاني من امراض نقص المناعة الخلقية ، وثالثة لحالات تعاني من سرطانات الدم التي لا تستجيب للعلاج الكيميائي التقليدي مسجلة بذلك نسبة نجاح بلغت 70 % .
وأوضح أحد الأطباء أن عملية زراعة الخلايا الجذعية المستخرجة من دم الحبل السري هي عملية اثبتت نجاحها عالميا في علاج كثير من الامراض القاتلة التي يعاني منها بعض الاطفال، كأمراض فشل نخاع العظم الخلقي التي تنتهي بهم الى الوفاة مبكرا اذا لم تجرى لهم عمليات زراعة النخاع العظمي بسبب عدم وجود اقارب يطابقونهم في فصيلة الانسجة ، مبينا ان تلك العمليات سجلت نجاحا عالميا بنسبة 60 في المائة.
ونجاح مصري آخر ..
نجح البروفيسور المصري مجدي يعقوب أستاذ أمراض القلب في معهد لندن الملكي، في تطوير صمّام قلب من خلايا جذعية، في أول إنجاز فريد من نوعه في العالم، مما يفتح المجال لتطوير قلب بشري كامل وغير اصطناعي.
واستخدم يعقوب في بحوثه خلايا جذعية مستخلصة من النخاع العظمي من أجل تطوير خلية تكون صالحة للاستخدام كصمام لقلب بشري.
وأشار الفريق البريطاني المعاون للدكتور مجدي يعقوب إلى أن التجارب إذا نجحت على الحيوانات هذا العام، فإنّه سيتمّ استخدام الصمامات الجديدة في عمليات زرع قلوب لدى الأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب في غضون ثلاث سنوات .
والبقية تأتي ...
هذه هي البداية فقط ، والبقية آتية لا محالة ، فأملنا أن يتم نقاش علمي موضوعي يأخذ بعين الاعتبار جميع النواحي الشرعية والأخلاقية والقواعد المهنية لايجاد حلول منطقية وأسس رفيعة وجلية في استعمال تلك الوسيلة التشخيصية والعلاجية المبتكرة والفريدة بعيداً عن الروح التجارية والمهاترات العاطفية الرخيصة ، حتي لا يخرج علينا من يخلط الأمور وتختلط علي الناس مفاهيم عديدة لا تفرق بين الاستنساخ واستخدام الخلايا الجذعية .. فالطريق مازال في بدايته .. والميدان مفتوح للجميع ..فمرحبا بأصحاب العقول البناءة ..