أنشودة الأمل
Member
مفهوم القائد والبطل
أحبتي في الله
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته والحمد الله الذي تتم بنعمه الصالحات والصلاة والسلام على إمام الهدى وسيد المرسلين وخاتم النبيين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين إلى يوم الدين..... أما بعد:
فما نراه من أحداث جسيمة ومشاهد أليمة تجري في بلادنا يطرح علينا بعض التساؤلات:
أولاً- عماذا نبحث وإلى أين نريد الوصول؟؟
ثانياً- من يقود ما يجري أم لا يوجد قائد؟؟
ثالثاً- ماذا يعني لنا القائد وما هي صفاته المطلوبة؟؟
أسئلة من حق كل مواطن أينما كان أن يسألها... وللأسف ولضابيبة الأمر نجد أغلبنا يتخبط بين فلسفات غريبة عقيمة مثالية لا تسمن ولا تغني من جوع وبين جهل لمقاصد الشريعة الإسلامية والتي تحولت بفضل علماء السلاطين إلى مجرد عبادات صوفية بعيدة عن الواقع تنفر الناس وتقتل الإبداع والفكر .... فإلى اين نحن متجهون؟؟؟
أحبتي عندما أرسل ربنا تبارك وتعالى محمداً صلوات ربي عليه وسلامه ليبلغ رسالته وينشر دينه جعله نبياً ورسولاً وقائداً وإماماً ومعلماً وحكيماً – صادقاً أميناً – وكل تلك الصفات هي صفات القائد البطل الذي نتوق ليكون بيننا الآن، فكلنا مللنا التنظير والكلام ونبحث عن الأفعال.
ولكن الآن أين من يحمل تلك الصفات؟؟؟ منذ بداية الأحداث وإلى الآن وكثيرون يتصدرون لهذه المهمة وللأسف هم غير كفؤٍ لها ولم يجد الشعب فيهم ملاذاً آمناً وخاصة في غمرة الخوف والقلق – فقط اجتماعات، مؤتمرات، جمع تبرعات.. الخ – ثمّ ماذا بعد؟؟
لننظر بقليل من التأمل في السياسة الإسلامية: يقول الدكتور خالد الفهداوي في كتابه الفقه السياسي الإسلامي: (القاعدة رقم (4): موقف السياسة الإسلامية متنوع في ردة الفعل تلبية لضرورات المرحلة وتنوعاً، حيث الحرب خدعة – فهو – حيناً – يدعو إلى الصبر، وآخر يحثّ على الهجرة، وثالث يدعو إلى الجهاد، وهكذا، فصلاً بين الغايات التوقيفية والوسائل الاجتهادية، ودخولاً من أبواب متفرقة) وأيضاً ولنفس الكاتب: (القاعدة رقم (10): الفقه السياسي الأغسلامي يستهدف بناء القائد والجمهور أي الأنموذج والقاعدة على حدٍ سواء، فدعوة بدون قائد ليس لها وجهة تقودها، ومرجعية بدون جمهور ليس لها قوة تحميها). واسمحوا لي أن أتوقف عند هذه القاعدة الهامة والتي هي محور حديثي هنا، فقد نوهت سابقاً في إحدى مقالاتي عن هذا الموضوع وكيف تغير المفهوم من قاعدة القائد والجمهور إلى مفهوم البطل الواحد السوبرمان مما أدى لتغييب الجمهور وصنع طغاة يعيثون في الأرض فسادا، وإن لم تعجب المقالة الكثيرين ولكننا الآن بأمس الحاجة لهذا الأمر وتوضيح مفهوم القائد وما ينبغي أن يكون عليه من صفات ومن هو أهل ليتصدر هذه المهمة والتي هي تكليف يحاسب عليه يوم القيامة وليست تشريف، فالشعب يتوق لمن يتحمل هذه المهمات الجسيمات ولكن أين هو؟؟
فنحن بين نارين بين مجلس معارضة في الخارج علماني منقسم على نفسه ويعيش في قوقعة بناها لنفسه، وبين الداخل الذي تحول لحرب عسكرية بين قوتين والغلبة للأقوى فكيف الخروج من هذا المأزق وخاصة أن أمريكة واسرائيل لن توافق إلا على بديل يناسب مقاسها كما فعلت كولدمائير في خمسينات القرن الماضي – اقرأوا التاريخ جيداً – وهذا من أهم الأسباب الذي يجعلنا نلهج بالدعاء:
اللهم ولي علينا أخيارنا واصرف عنا أشرارنا ولا تسلط علينا بذنوبنا من لايخافك ولا يرحمنا ...
اللهم ولي علينا من يطبق شريعتك ويتقيك ويخافك فينا إنك ولي ذلك والقادر عليه... آمين
وهذا دليل واضح على أهمية الرجوع إلى الله وإلى دينه الحنيف فالعالم تخلى عنا لتكون عبرة لنا ودرساً في معنى لا إله إلا الله ومحمد رسول الله.... درساً قاسياً جداً.... فلقد سئمت الشعوب المسكينة من عبادة الأشخاص والأصنام والقبور وملت من سحر الكلام والأخيلة وكل ما نحتاج هو منطق عقلي عملي مبني على دراسة علمية واقعية للمجتمع ويعتمد الشريعة الإسلامية بأصولها الصحيحة من الكتاب والسنة ويستفيد من تجارب الآخرين غربيين وشرقيين ويتنبه لأخطاء الماضي كي لا تتكرر....
فمن يريد وضع دستور للبلاد عليه أن يعي أحداث هذه المرحلة ولا يغرق في براثن المصطلحات اليهودية والعلمانية ولكن يستفيد من تجاربهم... فمن قواعد الفقه السياسي والتي وردت في كتاب الفقه السياسي الإسلامي للدكتور خالد الفهداوي:
(القاعدة رقم 14: الفقه السياسي الإسلامي يرتبط بدستور مقنن وهو ليس حركة تربوية شعبية فقط.
القاعدة رقم 15: الفقه السياسي الإسلامي يعتزل الخطأ ولا يعتزل المجتمع فالقوي لا يهاب الضعفاء وهو يؤثر ولا يتأثر).
لذلك نحن بأمس الحاجة لهذه الدراسات المنهجية وهذه دعوة لكل الجامعات الإسلامية لفتح الباب لهذه البحوث العلمية السياسية لعلنا نمسك بمفاتيح الحضارة من جديد...
في الختام أرجو أن يكون في هذا المقال، وإن كان غير كافٍ فالموضوع واسع وطويل، فائدة وأنتظر أرءكم لإغناء الموضوع فإن أصبت فمن الله عز وجل وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.
كما أسأل الله تبارك وتعالى أن ينجينا من القوم الظالمين ويرحم ضعفنا وقلة حيلتنا ويحقن دمائنا ودماء السوريين في كل مكان ويحقن دماء المسلمين المظلومين في كل مكان وأن ينزل الأمن والأمان والسكينة على بلادنا وسائر بلاد المسلمين ويعفو عنا ويغفر لنا إنّه ولي ذلك والقادر عليه... آمين... والحمد الله رب العالمين.
ملاحظة: قواعد الفقه السياسي عددها 90 قاعدة صنفها الدكتور خالد الفهداوي في كتابه (ص 469) لمن يريد الإطلاع....
مع كل المحبة والأمل من أنشودة الأمل... أمينة
وأعتذر عن الإطالة ولكن لأهمية الموضوع