موسى حمدان
Active Member
بسم الله الرحمن الرحيم
كتـــــــاب
للبـــنات والبــنــين
موسى حمدان
2013م
الإِهْــــــدَاْءُ
إِلَى رُوْحِ وَاْلِـــــدَيَّ وَقُــــــدْوَتِي رَحَــمَـهُــــــــــمَا اللهُ
إِلَى أُسْرَتِي الأِخْوَةِ وَالأَخَوَاتِ وَالزَّوْجَةِ وَالأَبْنَـاءِ
إِلَى أُوْلَى القِبْـلَتَيْنِ وَثَاْلِـثِ الْحَرَمَـيْنِ الشَّـرِيْفَــيْنِ
إِلَى فِلَسْطِيْنَ الأَرْضِ وَالْوَطَنِ وَالشَّعْبِ وَالشَّتَاتِ
إِلَى أَرْضِ الإِسْـرَاءِ وَالْمِعْـــرَاجِ إِلَى كُلِّ فِلَسْــطِيْنَ
أُقَدِّمُ هَذَا الْعَمَلَ المتواضع لَعَلَّ اللهَ يَنْفَعَنَا بِهِ في
الدُّنْيَا وَالآخِرَة.
المقدِّمة
بسم اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رَسْولِ اللهِ محمدٍ بنِ عبدِ اللهِ وعلى آلِهِ وَصِحْبِهِ أَجِمَعِين، وعلى تابِعِيْهِم، وَتَابِعِي تابِعِيْهِم بِإحْسِانٍ إِلى يَوْمِ الدِّين، أما بعد.
جاء في خاطري أنْ أعملَ بحثاً في الأَسْمَاءِ لِلْبَنَاتِ وَالبَنِيْن وَمَعَانِيْها، لِمَا رَأَيْتُهُ مِنْ اخْتِيَارٍ لَأَسْمَاءٍ لِيْسَتْ لَهَا في العَرَبِيَّةِ مِنْ صِلَة، وَلَا أَعْرِفُ لِمَاذا هَؤُلَاءِ النَّاسِ يَخْتَارُوْن أَسْمَاءَ مَوَالِيْدِهِم مِن البَنَاتِ وَالَبَنِين مِنْ غَيْرِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّة، أَلْيْسَتِ العَرَبْيَّة أَهْلاً لِاخْتِيَارِ أَسْمَاءِ بَنَاتِنَا وَأَبْنَائِنا؟، هَلِ الأَسْمَاءُ الأَجْنَبْيَّةُ أَكْثَرُ جَمَالاً أَمْ مَعْنَى مْنَ الأَسْمَاءِ العَرَبِيَّة؟، وَمِنْ خِلَالِ بَحْثِي عَنِ الأَسْمَاءِ في مَعَاجِمِ اللُّغَةِ وَالكُتُبِ رَأَيْتُ اللُّغَةَ العَرَبِيَّةَ مِطْوَاعَةً لِأَنْ أَخْتَارَ وَأَشْتَقَّ مِنْ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ الكَثِيْرَ مْنَ الأَسْمَاء، لِأَنَّ أَوْزَانَ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِهَا مِنَ اللُّغَات، وَنَسْتَطِيْعُ أَنْ نَشْتَقَّ أَسْمَاءً عَلَى وَزْنِ: المَصْدَرِ وَاسْمَ الفَاعِلِ وَاسْمَ المَفْعُوْلِ، وَاسْمَ المَرَّةِ عَلَى وَزْنِ فَعْلَة، وَاسْمَ الهَيْئَةِ عَلَى وَزْنِ فِعْلَة، وَالمَصْدَرَ المِيْمِيّ، وَالصِّفَةَ المُشبَّهَةَ وَأَوْزَانُها كَثِيْرَة، وَأَوْزَانَ صِيَغِ المُبَالَغَةِ، وَهْيَ: فَعُوْل، فَعِيْل، فَعَّال، فَعِل ومِفْعَال، وَعَلَى أَوْزَانِ التَّصْغِيْرِ القِيَاسِيَّةِ وَغَيْرِ القِيَاسِيَّة، مثل، قادر: قدير وزن قياسي، قدُّورة، اقدورة، قديِّر اقديِّر عَلَى غَيْرِ القِيَاس، عَبْدَ الرَّحِيْم: رُحَيِّم قِيَاسِيّ، اِرْحَيِّم وَارْحُوْمَة أَوْزَانٌ عَلَى غَيْرِ القِيَاس، وَصَحَّتْ لِلْعَرَبِ أَنْ تَنَادِيَ بِها أَسْمَاءَها، وَهَذِهِ الأَوْزَانُ تَجِدُها فِي المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ، وَعَلَى سَبِيْلِ المِثَالِ لَا الْحَصْرِ إِلَيْكُم هَذِهِ المَجْمُوْعَةِ مِن الاشْتِقَاقَاتِ لِلأَسْمَاء: أَسْمَاءٌ مُشَتَقَّةٌ مِن الحمد: أحمد حمادة حامدحامدة حمَّاد حَمْد حَمَد حَمْدة حمدانحمدانة حُميدانإحميدان حمدون حمدونة حمديحَمْديَّة حَمَدِيَّة حَمُّود حُمَيد حُميدة حَمِيد حَميدة حميدوإحمود إحمودة إحميد إحميدة إحميِّد إحمِيدات محاميد محامدة محمَّد محمَّدين حمُّودةحمادة محمود محمودة. أسماء مشتقَّة من السَّعد: إسعادأسعد سَعد سُعدى سَعدَى سَعدة سَعدِيّ سعديَّة سعدون سعدونة سَعيد سُعيد إِسْعَيِّد سَعيدة سُعيدة إسعيدة مُسعَد مَسعد مُسعدة مَسعدة مسعود مسعودة سُعاد سعادة سعْدات سَعَدات مُساعد إمساعد مَسَاعيد إمساعيد سعادات سعود إسعود سعد الدِّين. أسماء مشتقَّة من اليُسْر، أي السُّهولة: يُسْر، يُسُر، يُسرِي، يُسرَى، يَسْرة، يُسْرة، يسار، يساريّ، يسارة، أيسر، ياسِر، ياسرة، مَيسَرة، مُيَسَّر، إميسَّر، مُيَسَّرة، إميَسَّرَة، مُوسِر موسِرة، تياسُر، تَيَسُّر، تيسير، يسير، مَيسور، أيسر، وكلُّها بِمَعْنَى اليُسْرِ والسُّهُوْلَة. أَسْمَاءٌ مُشْتَقَّةٌ مِن العِزّ:عزازي عِزّ عَزَّة عِزَّة عِزَّت عزُّوز عزُّوزة عزيز عزيزة عِزَّات عِزَّاتة مُعتَزُّ معتزة مُعِزَّ مُعِزَّة معزوز معزوزة إعزيِّز إعزَيْزَة مُعِزُّ الدِّين وعزّ الدِّين وعبد العزيز.
عبد تُذْكَرُ مُفرَدة، كَمَا تُضَافُ لأَسْمَاءِ اللهِ الحُسْنَى، وهي:الله، الرَّحمَن، الرَّحيم، المَلِك، المَالِك، القدُّوس، السَّلام، المُؤْمِن، المُهَيْمِن، العَزِيز، الجَبَّار، المُتَكَبِّر، الخَالِق، البَارِئ، المُصَوِّر، الغَفَّار، القَهَّار، الوَهَّاب، الرَّزَّاق، الفَتَّاح، العَلِيْم، القَابِض، البَاسِط، الخَافِض، الرَّافِع، المُعِزُّ، المُذِلُّ، السَّمِيْعُ، البَصِيْر، الحَكَم، العَدْل، اللَّطِيْف، الخَبِيْر، الحَلِيْم، العَظِيْم، الغَفُوْر، الشَّكُوْر، العَلِيُّ، الكَبِيْر، الحَفِيْظ، المُقِيْت، الحَسِيْبُ، الجَلِيْل، الكَرِيْم، الرَّقِيْبُ، المُجِيْب، الواسِع، الحَكِيْم، الوَدُوْد، المَجِيْد، الباعث، الشَّهِيْد، الحَقُّ، الوَكِيْل، القَوِيُّ، المَتِيْن، الوَلِيُّ، الحَمِيْد، المُحْصِي، المُبْدِئُ، المُعِيْدُ، المُحْيِي، المُمِيْت، الحَيُّ، القَيُّوْمُ، الوَاجِد، المَاجِد، الواحِد، الصَّمَد، القَادِر، المُقْتَدِر، المُقَدِّم، المُؤَخِّر، الأوَّل، الآخِر، الظَّاهِر، البَاطِن، الوالِي، المُتَعَالِ، البِرُّ، التَّوَّاب، المُنْتَقِم، العفو، الرَّءوف، مَالِكُ المُلْكِ، ذو الجَلالِ والإِكْرَامِ، المُقْسِط، الجَامِع، الغَنِيُّ، المُغْنِي، المَانِع، الضَّارُّ، النَّافِع، النُّوْر، الهَادِي، البَدِيْع، البَاقِي، الوَارِث، الرَّشِيْد، الصَّبُوْر، وَلَكَ أَنْ تَخْتَارَ مَا تُرِيْدُهُ مِنْهاوَمِنْ صِفَاتِ اللهِ بِدُوْنِ ال التَّعْرِيْف، وَلَا تُضَافُ عَبْدٌّ لِأَسْمَاءِ: الرَّسُوْلِ، النَّبِي، الإِلَه، المَسِيْح، الْكَعْبَةِ، الَّلاةِ، العُزَّى وَشَمْسِ وَغَيْرِها، وَهْيَ أَسْمَاءُ آلِهَة] عُبِدَتْ في الجاهلية، وَقَيْسِ، مَنَاف، الأَمِيْر، لِتَعْظِيْمِ بَنِي آدَمَ لِمَكَانَتِهِم بَيْنَ النَّاس، الرِّضا، الحُسَين، عند الشِّيعة لِتَعْظِيْمِهِم لِلرِّضَا والحُسَيْن، وَنُذَكِّرُ: أَنَّهُ لَا عُبُوْدِيَّةَ لِغَيْرِ الله، فَلا تَكُوْنُوا عَبِيْدَاً لِمَخْلُوْقَاتِ اللهِ الَّتِي وَجَبَتْ عَلَيْهَا عِبَادَتَه.
وَهُنَاكَ أَسْمَاءٌ، مِثُل: صَفِيّ، حَبِيْب، خَلِيْل، تَاج، سَعْد وَسَيْف وَغَيْرِها مُضَافَةٌ لِأَسْمَاءِ اللهِ الحُسْنَى، أَوْ عَلَى صِفَاتِهِ، أَوْ أَسْمَاءٌ تَدُلُّ عَلَى الدِّيْنِ وَمُسَمَّيَاتِه، مِثْل: صَفِيِّ الدِّيْن، صَفِيِّ الرَّحْمَنِ، خَلِيْلِ الرَّحْمَن، تَاجِ الدِّين، حبيبِ الله، سعدِ الله، وَهَذِهِ جَائِزَة.وَسَأُشِيْرُ إِلَى الأَسْمَاءُ المَأْخُوْذَةُ فِي حَالَةِ الأَسْمَاءِ النَّكِرَةِ لِلأَشْخَاصِ بِلا ال التَّعْرِيْفِ مِن الأَسْمَاءِ الحُسْنَى بِذِكْرِها فِي المَعَانِي بِهَذِهِ الإِشَارَة: كريم: الكريم [حُسْنَى]، وَسَأَذْكُرُ أَسْمَاءَ اللهِ الحُسْنَى جَمِيِعَهَا تَيَمُّناً بِها، وَلَفْظَ الجَلالَةِ الله في بِدَايَةِ الأَسْماءِ جميعاً.
وهنا إِشَارَةٌ إِلَى بَعْضِ الأَسْمَاءِ الَّتِي يَظُنُّ البَعْضُ أَنَّها أَعْجَمِيَّةٌ، وَهَيَ لَيْسَتْ كَذَلِك، مِثْل: دُرَيْد تَصْغِيْرُ أًدْرَد، وَالأَدْرَدُ مَنْ سَقَطَتْ أَسْنَانُهُ. وَهُنَاكَ أَسْمَاءٌ زِيْدَتْ بِالأَلِفِ وَالنُّون لِلْعَلَمِيَّة وَتَعْنِي أَنَّ رَمضَ المَكَانُ مِنَ الرَّمْضَاءِ أَيْ اِشْتَدَّ حَرُّهُ، وَتُزَادُ الأَلِفُ وَالنُّوْنُ لِهَذِهِ الكَلِمَات لِتُصْبِحَ أَعْلامَاً، مثل: رمض رمضان، حَمْد حَمْدان، شَعُبَ شعبان، غَسُن غسَّان، إلى غير ذلك من الأعلام، وسَلِم سَلْمَان وتصغيرها سُلَيمان، وَأَرَى أَنَّ سَلْمَان لَيْسَتْ أَعْجَمِيَّة لأنَّها مِنْ سَلمَ وَزِيْدَتْ أَلِفٌ وَنُوْنٌ فَصَارَتْ عَلَمَاً، مثل سابقاتها، وسُلَيمان فهي تصغير سلمان.
وفي مجال تَعْرِيْبِ اللُّغَاتِ الأُخْرَى في البِلادِ المَفْتُوْحَةِ الَّتِي دَخَلَتْ الإِسْلامَ أَثْنَاء الفتوحات، وتأثَّرت كثيراً بالإسلام والمسلمين، نجدُ أنَّ الأسماءَ الَّتي أُخِذت من الفارسيَّة أو التُّركيَّة التي تُلْفَظُ لفظاً عربيَّاً، وتُكْتَبُ بالخطِّ العربيِّ كالفارسيَّة، أو تُلْفَظُ باللَّفظ العربيّ وتُكْتَبُ بالخطِّ الأعجميّ كالتُّركيَّة، ما هي إلا أسماء لأبناء تلك المناطق المتأثِّرة بالإسلام، وإنْ كانت في لَكْنَةِ تلك الشُّعوب بعض الشَّوائب إلا أنَّ العرب تأثَّروا بالبلاد التي فتحوها وعاشوا بها، فعرَّبوا بعض أسماء أبناء تلك المناطق حسب اللَّفظ العربيِّ وأطلقوها على أبنائهم لِمَعْنَى لَفْظِها من حيث الدَّلالة على القُوَّةِ والشَّجاعةِ والحُسْنِ والجمال والرِّقَّة واللِّين والنُّعومة والدَّلال، إلى غير ذلك من المعاني.
تعرَّض د. فرحـان السَّـليـم في موضوع: "اللُّغــة العـربيَّــة ومكانتهـا بيـن اللُّغــات على صفحات موقع www.saaid.netإلى تأثير اللُّغة العربيَّة في اللُّغات الأخرى، فقال: إنَّ الكلمات العربية في لُغات الدِّوَل الإسلاميَّة: الفارسيَّة والتُّركيَّة والأورديَّة والمالاويَّة والسِّنغاليَّة أكثر من أَنْ تُحْصَى، والكلماتُ العربيَّةِ في الإسبانيَّة والبرتغاليَّة ثم في الألمانيَّة والإيطاليَّة والإنكليزيَّة والفرنسيَّة ليست قليلة أيضا، لقد التقت العربيَّة بالفارسِيَّة والسِّريانيَّة والقبطيَّة والبربريَّة، وكان عندها أسباب القُوَّة، فهي لغة القرآن، وتتميَّز ببناء قويٍّ مُحْكَم، وتملك مادة غزيرة، لقد حملت رسالة الإسلام فغنيت بألفاظ كثيرة جديدة للتَّعبير عمَّا جاء به الإسلام من مفاهيم وأفكار ونُظُم وقواعد سلوك، وأصبحت لغة الدِّين والثَّقافة والحضارة والحكم في آن واحد، غَزَتْ العربيَّة اللُّغات الأخرى كالفارسيَّة والتُّركيَّة والأُورديَّة والسَّواحليَّة فأدخلت إليها حروف الكتابة وكثيراً من الألفاظ، وكان تأثيرها في اللُّغات الأخرى عن طريق الأصوات والحروف والمفردات والمعاني والتَّراكيب، وأدَّى اصطدام العربيَّة باللُّغات الأخرى إلى انقراض بعض اللُّغات، وحلول العربيَّة محلَّها كما حصل في العراق والشَّام ومصر, وإلى انزواءِ بعضِها كالبَرْبَرِيَّةِ وَانْحِسَارِ بَعْضِها الآخَرِ كالفَارِسِيَّة، لقد أَصْبَحَتْ لُغَاتُ التُّرْكِ والفُرْسِ والملايو والأوردو تُكْتَبُ جميعُها بالحروفِ العربيَّة، وكان للعربيَّة الحظُّ الأَوْفَرُ في الانبثاثِ في اللَّهجاتِ الصُّومالِيَّة والزِّنجباريَّة لِرُجُوْعِ الصِّلَةِ بين شرق إفريقيا وجزيرة العرب إلى أقدم عصور التَّاريخ . www.saaid.net
وأضاف عن التَّعريب من اللُّغات إلى اللُّغة العربيَّة، فقال: تشابه نظام العربيَّة مع نظام المجتمع العربي، فكما يرتبط أفراد المجتمع العربيِّ وقبائله بصلات القُربى والنَّسب والتَّضامُن والتَّعاون، ترتبط ألفاظها في نسق خاص في حروفها وأصواتها، ومادتها وتركيبها، وهيئتها وبنائها، وحين يدخل غريب على المجتمع فلا بد لـه لكي يصبح عضواً فيه من أن يلتزم بأخلاقه وعاداته، فكذلك اللَّفظة الأعجميَّة إذا دخلت يجب أن تسير على أوزان العربيَّة وهيئاتها وصيغها لكي تصبح عضواً كامل العضويَّة في الأسرة اللُّغويَّة، ويُستعمل في العربيَّة مصطلح التَّعريب بينما في اللُّغة الأجنبية استعارة، والتَّعريب أحد مظاهر التِّقاء العربيَّة بغيرها من اللُّغات على مستوى المفردات، وكانت الألفاظ الدَّخيلة في العصر الجاهلي قليلة محدودة تتصل بالأشياء التي لم يعرفها العرب في حياتهم، وهي محصورة في ألفاظ تدلُّ على أشياء مادية لا معنوية مثل: كوب، مسك، مرجان، درهم، وتعود قلَّة الدَّخيل إلى سببين: انغلاقهم على أنفسهم واعتدادهم بأنفسهم وبلغتهم، أما بعد الإسلام فقد اتَّصلت العربيَّة باللُّغات الأخرى فانتقلت إليها ألفاظ جديدة تتعلق كلُّها بالمحسوسات والمادِّيَّات مثل أسماء الألبسة والأطعمة والنَّباتات والحيوان وشؤون المعيشة أو الإدارة. وقد انعدم التَّأثير في الأصوات والصِّيغ والتَّراكيب، إنَّ هذا الدَّاخل على الغالب لم يبقَ على حاله بل صِيغ في قالب عربي، ولذلك كانت المغالاة والإكثار من الغريب وفسح المجال من غير قيد مظهراً من مظاهر النَّـزعة الشُّعوبيَّة في الميدان اللُّغويِّ قديماً وحديثاً، وكانت طريقة العرب في نقل الألفاظ الأجنبيَّة أو التَّعريب تقوم على أمرين:
أ. تغيير حروف اللَّفظ الدَّخيل، بنقص بعض الحروف أو زيادتها مثل: برنامه برنامج، بنفشه: ـبنفسج، أو إبدال حرف عربي بأعجمي: بالودهفالوذج، برادايسفردوس.
ب. تغيير الوزن والبناء حتى يوافق أوزان العربيَّة ويناسب أبنيتها فيزيدون في حروفه أو ينقصون، ويغيِّرون مدوده وحركاته، ويراعون بذلك سُنَن العربيَّة الصَّوتيَّة كمنع الابتداء بساكن، ومنع الوقوف على متحرك، ومنع توالي ساكنين .وأكثر ما بقي على وزنه وأصله
من الألفاظ هو من الأعلام: سجستان- رامهرمز .www.saaid.net
وهنا تنويه إلى أَنَّ الأَتْرَاكَ وَالفُرْسَ كانوا يجعلون التَّاء المربوطة تاء مفتوحة، مثل: طلعت أصلها طلعة، عِفَّت أصلها عِفَّة، حِكْمَت أصلها حِكْمَة، وغيرها من الأسماء، وهذه الأسماء تَصِحُّ في كثير من الأسماء للجنسين، ونرى ذلك جليَّاً في اللَّهجة اللُّبنانية عند لفظهم اسم حياة يقولون حياة بالتَّاء، ويلفظها غيرهم حياه بالهاء. كذلك الأعلام التُّركيَّة, مثل: مدحت, طلعت, شوكت, رفعت, عصمت, جودت، هي بالترتيب مِدْحَة، طَلْعَة، شَوْكَة، رِفْعَة، عِصْمَة، جَوْدَة، ومن موقع محمد كمال لطفي الابتدائيَّة بميت عاصم في موضوع التَّاء المفتوحة في الأسماء، قالوا:"إذا عُدنا إلى مدلولات هذه الكلمات لرأيناها لا تخرج عن كونها مصادر, وقد اتُّخِذت أعلاماً لأشخاص, والأصلُ أنْ تُكتبَ بتاءٍ مربوطة, نحو( طلحة, معاوية, حمزة, عتبة, أميَّة, مسيلمة). وأسماء البلدان, والأنهار, وغيرها من المصطلحات الأجنبيَّة, وأسماءِ الأعلامِ الأجنبيَّة،مثل: الكويت , الفرات...الخ. بابل مدينة قديمة أطلالها واقعة على الفرات قرب الحلة".mklps.yoo7.com.
ونقتبس من مقال بقلم: نظام الدين إبراهيم اوغلومحاضر في جامعة هيتيت بجورومتحت عنوان: ألفاظ ومعاني الأسماء عند الأتراك والتركمان، الملاحظتين التاليتين لتأكيد ما ذهبنا إليه أن اللغة العربية هي الأصل لكل الشعوب التي دخلت الإسلام، حيث يقول:
1.يمكن القول أن أسماء الأتراك والتركمان قد تأثرت منذ أزمان قديمة بحضارات عديدة بفعل الاحتكاك أو الحكم فأضيفت أسماء جديدة من هذه الدول وحتى أنّهم تركوا أسماءهم القديمة بعد دخولهم للإسلام فاستعملوا أسماء إسلامية. لذا يمكن تقسيم أسماء الأتراك إلى أربعة أقسام: 1ـ أسماء تركيّة قديمة وحديثة 2ـ أسماء عربية وإسلامية
3- أسماء فارسية 4- أسماء أوروبية قليلة الاستعمال
2. حرف (التاء المربوطة) العربية يلفظ ويكتب في اللّغة التركية القديمة (بالتاء المفتوحة) بدلاً من التاء المربوطة وفي الحديثة بالتاء (كحرف لاتيني) مثل: حكمة (حكمت) (Hikmetفكرة (فكرت(Fikret ، وقد لا يلفظ في بعض الأسماء مثل: فاطمه) Fadime; Fatma ـ زليخة (زوليهه (Züleyha www.atida.org/forums ونُذَكِّرُ هنا أنَّ اسم نعمة كتبت بالتَّاء المفتوحة نعمت كما كتبت بالتَّاء المربوطة في آيات القرأن الكريم، وكذلك اسم رحمة كتبت رحمت، وكلمة لعنة بالتاء المفتوحة والمربوطة، وقد تعرضعبد المجيد العَرَابْلي للتَّاء المفتوحة في القرآن الكريم وأسباب فتحها على صفحة منتديات صوت القرآن الكريم، بِصّفْحِة مكتوبwww.quran.maktoob.com. وأشار:"إلى أنَّ كلَّ مسألة كُتِبَتْ فيها الكلمة مخالفة للرَّسم الاصطلاحي وراءها سرٌّ يكشف صورة الواقع الذي صورته هذه الكلمة، وكشفت أيضًا عن سِرَّ كتابتها بالرَّسم الاصطلاحي المقابل لها، والدَّليل على ذلك قولهI في كثير من الآيات المحكمات في كتاب الله ألا وهو القرآن الكريم، فذكر التَّاء في رحمة ورحمت، فقال أنَّ: تاء"رحمت" قد بُسِطَتْ بعد قبضها لأنَّها تأتي بالبُشرى لإبراهيمu وزَوْجِهِ،قالI:﴿ قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ﴾ هود73،فذكرI لفظ رحمت بالتَّاء المفتوحة وليس بالتَّاء المربوطة أكثر من مَرَّة، وها هم المؤمنون يطلبون لهذا الدِّين الثَّبات والاستمرار، والامتداد في الأرض بالإيمان والعمل الصَّالح، والهجرة، والجهاد؛ فقالI: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ البقرة218، واللهI يطلب من النَّاس أن يدعوه خوفًا من عقابه الذي فيه قطع لرحمته عنهم، أو طمعًا بما عنده، فرحمته قد بُسِطتْ لهم ولم تُقفَلْ في وجوههم؛ قالI:﴿ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًاإِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ الأعراف56، وتأتي كذلك استجابة لدعاءِ زكريَّاu:﴿ ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا﴾ مريم2، وبعد قبض المطر عن النُّزول وموت الأرض، يأتي الغيث وتستمر الحياة بهذه الرَّحمة التي بُسِطَت؛ قالI:﴿ فَانْظُرْ إِلَىٰ آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَٰلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَىٰوَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ الروم50، وها هي رحمت الله قد بُسِطَت باختيار محمدr ومبعثه نبيًاً فيهم، وبُسِطَت رحمته بمعرفة أسباب نيل الرَّحمة؛ بالأحكام التي أُنزِلَت على نبيِّه، فبِها تُجنَا الحسنات، وتُمحَا السَّيِّئات؛ قالI:﴿أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَنَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ الزخرف32.
وذكرI لفظ نعمت بالتَّاء المفتوحة وليس بالتَّاء المربوطة أكثر من مرة، فقالI:﴿ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوْهُنَّ بِمَعْرُوْفٍ أَوْ سَرِّحُوْهُنَّ بِمَعْرُوْفٍ وَلاَ تُمْسِكُوْهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوْا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُوْا آيَاتِ اللهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوْا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوْا أَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيْمٌ﴾، البقرة 231، وقالI:﴿ يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾ فاطر3، وقالI:﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُواوَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ آل عمران103، وقالI:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَآمَنُوااذْكُرُوانِعْمَتَاللَّهِعَلَيْكُمْ إِذْهَمَّقَوْمٌأَنْيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْأَيْدِيَهُمْفَكَفّأَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ، وَاتَّقُوااللَّه، وَعَلَىاللَّهِفَلْيَتَوَكَّلِالْمُؤْمِنُونَ﴾ المائدة11، وقالI:﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَار﴾ إبراهيم28، وقالI:﴿وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَاسَأَلْتُمُوهُ، وَإِنْتَعُدُّوانِعْمَتَاللَّهِلَاتُحْصُوهَا إِنَّالْإِنْسَانَلَظَلُومٌكَفَّارٌ﴾ إبراهيم34، وقالI:﴿ يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ﴾ النحل83، وقالI:﴿ فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ النحل114، وقالI:﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُم مِّنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾ لقمان 31، قالI:﴿ فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ﴾ الطور29.
كما ذكرI اسم نعمة بالتَّاء المربوطة مرة، وبالتَّاء المفتوحة مرة أخرى بنفس لفظ الآية في سورتين مختلفتين، فقد ذكرهاI وبنعمت بالتَّاء المفتوحة:﴿ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ﴾ النَّحل72،وذكرهاI وبنعمة بالتَّاء المربوطة:﴿ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ﴾ العنكبوت67.
وجاءت كلمة لعنة بالتّاء المربوطة والمفتوحة:﴿فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾ آل عمران61،:وقالI:﴿وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ النُّور7، وجاءت لعنة بالتَّاء المربوطة:﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ البقرة161، آل عمران في الآيتين:61،87، والأعراف 44، وهود 18،60، 99، والنُّور7، والقصص 42.
بُسِطت تاء معصيتالرَّسولr لأنَّها جاءت في الآيتين تحذير من اللهI من دعوة بعضهم بعضًا سرًا فيتناجيهم للدُّخول في معصية الرَّسولr، فهم خارجين عنها، وغيرمقترفين لها، ولم يدخلوا فيها، وليس لأحد عصمة في الدُّخول في معصيت الرَّسولr فكان هذا التَّحذير ليحرص من الوقوع فيه بعلمه أو جهلا منه، وجاءت كلمة معصيت بالتَّاء المبسوطة المفتوحة في قولهI:﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنْ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِوَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ المجادلة8، وفي:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِومَعْصِيَتِ الرَّسُولِوَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ المجادلة9.
فأصحاب هذه المنزلة في الجَنَّة قد عَرفوا كلَّ نعيم الجنَّة، ولم يبق من نعيم الجنَّة شيء يجهلونه، فجنَّة هؤلاء فقط هم الذين كُتِبَتْ تاء جَنَّتَ لهم مبسوطة: وذكرI جنَّة بالتَّاء المفتوحة:﴿فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ﴾ الواقعة89.
وقُرَّة أعين منتظرة في عالم الغيب، وقُرَّت عين قد تحقَّقت وممتلكة لطالبها، فذكرIقُرَّة بالتَّاء المفتوحة:﴿ وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَقُرَّتُ عَيْنٍلِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُعَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ القصص9.
كل امرأة معرفة تُكْتَب بالتَّاء المبسوطة، وكل امرأة نكرة تُكْتَب بالتَّاء المقبوضة، فقالI:﴿وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِامْرَأَتُ الْعَزِيزِتُرَاوِدُ فَتَاهَاعَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ﴾ يوسف30، وقالI:﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوااِمْرَأَتَ نُوحٍ وَاِمْرَأَتَ لُوطٍكَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْيُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَالدَّاخِلِينَ﴾ التحريم10، وقالI:﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوااِمْرَأَتَ فِرْعَوْنَإِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ آل عمران11. وقالI:﴿إِذْ قَالَتِامْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ آل عمران35.
أما الحديث عن شجرة الزَّقُّوم في سورة الدُّخان فهو الحديث عن شجرة قد عُرِفت للآثمين، والمخاطبون في هذه الآيات هم من أهل الحياة الدُّنيا، وكانت الشَّجرة مجهولة لديهم، فكُتِبَتْ التَّاء مقبوضة، ومن كانت الشَّجرة معروفة لديهم غير مجهولة بُسِطَتْ تاؤها في الرَّسم لاختلاف حالها في الآخرة عن حالها في الدُّنيا عند هؤلاء، كما في قولهI:﴿ إِنَّشَجَرَتَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الْأَثِيمِ(44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ(45)﴾ الدُّخان43.
ابنت لِمَنْ اشتُهرت وأصبحت معروفة، وابنة لمن لم تذكر، قالI:﴿وَمَرْيَمَابْنَتَعِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ﴾ التَّحريم12.
وفي لفظة فِطْرَت بالتَّاء المبسوطة قالI:﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِالَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ الرُّوم3،فطرت الله التي خلق النَّاس عليها؛ هي قبول الدِّين الحنيف القَيِّم، لذلك فُتِحَتْ تاء فطرت لانفتاح النَّفس للدِّين، وقبولها له، والرِّضا به.
سُنَّة: بُسِطَتْ تاؤها ويراد بها العذاب المُهْلِك الذي يسلِّطه الله على الكُفَّار عقابًا لهم، فتختم به حياتهم في الدُّنيا، ويمتدُّ عليهم في الآخرة، وأما سُنَّة المقبوضة التَّاء؛ فيراد بها التزام الكُفَّار بكفرهم، وتمسُّكِهم به، لا يخرجون منه، ولا يفارقونه، استجابة لنداء الإيمان، فقالI:﴿ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْسُنَّتُ الْأَوَّلِينَ﴾ الأنفال38، سُنَّة الأولين التي مضت كانت إصرارهم على الكفر مع علمهم بأنَّ الهلاك الذي تنتهي به حياتهم قادم، فإذا انفتح عليهم العذاب، فأتتهم المغفرة، واتصل عليهم عذاب الدُّنيا بعذاب الآخرة.وقالI:﴿ اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّاسُنَّتُ الْأَوَّلِينَفَلَنْ تَجِدَلسُنَّتُ اللَّهِتَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لسُنَّتُ اللَّهِتَحْوِيلًا﴾ فاطر43،فهل ينظرون غير ما حلَّ بالأولين من العقوبة في الدُّنيا، ليستمر عليهم في الآخرة، عاقبة لهم على مكرهم السَّيئ، ولا يقفل بتبديله بنعمة، أو بصرفه عنهم. وقالI:﴿فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتُ اللَّهِالَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ﴾ غافر85، سُنَّة الله أنَّه لا يقبل من الكُفَّار إيماناً يرفع عنهم العذاب، إذا رأوا عقوبة الله قد نزلت بهم،في هذه المواضع الخمسة رُبِطَتْ السُّنَّة بالهلاك، وأن ما كانوا عليه من الكُفر لم يحفظهم، ولم يُحَصِّنهم من عقوبة الله التي كانت تنفتح عليهم مُنهِية حياتهم الدُّنيا، وأنَّ عقوبة الله لا يَرُدُّها شيء يحول من وصولها لمُستحقِّيها، لذلك رُسِمَتْ تاؤها مبسوطة، وسُمِّيَتْ عقوبة الله بالسُّنَّة لأنَّها أصبحت عادة من اللهI في عقاب المُصِرِّين على كُفْرِهم، تَتَكَرَّرُ كلَّما وُجِدَ من يكفرُ باللهِ ورُسُلِه. وأَمَّا تاء السُّنَّة المقبوضة فقد جاءت في الآيات التالية؛قالI:﴿ وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ(11) كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ(12) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ(13)﴾ الحجر13، خلت سُنَّة الأوَّلين في تكذيبهم واستهزائهم برسلهم، وتمسُّكِهم بكفرهم الذي تمكَّن في قلوبهم، لا يخرجون منه إلى الإيمان، ولم يأتِ ذكرٌ للهلاك كما في الآيات السَّابقة، وإن كانت العقوبة تنتظرهم.قالI:﴿وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمْ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْسُنَّةُ الْأَوَّلِينَأَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَابُ قُبُلًا﴾ الكهف55، سنة الأوَّلين في التَّكذيب بالرُّسل والصَّدِّ عن سبيل الله، وبقائهم مُصِرِّين على كفرهم، وقالIبعدها:﴿أو يأتيهم العذاب قبلاً﴾دلَّ على أنَّ السُّنَّة لم يَرِدْ بها العذاب بل التَّقوقُع في الكُفر، وعدم الخروج منه استجابة لدعوة الإيمان.قالI:﴿مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِفِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا﴾ الأحزاب38، سُنَّة الله تعالى أن يرفع الحرج عن أنبيائه؛ فبيان الأحكام الخاصة بهم يقطع على المنافقين ومرضى القلوب الكلام والطَّعْن في فعله r، وأَمْرُ الله يُنفِّذُه النَّبي ولو كان مُستغرَبًا أو مستنكرًا من قومه؛ كالزَّواج من مطلقة الابن الدَّعيّ الذي ليس من صلبه، والزَّواج مِمَّن تَهَبُ نفسها للنَّبي إنْ رغب النَّبي فيها، لأنَّ رفض ولي أمرها للزَّواج من النَّبي خير هذه الأُمَّة، هو كُفرٌ ونفاق يهلك صاحبه، فرفعت ولايته عنها للزَّواج من النَّبي عليهr فقط، رحمة بالمؤمنين، وقطع سبيل التَّقليل من شأن النَّبيr وتفضيل غيره عليه.قالI:﴿سُنَّةَ اللَّهِفِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَلِسُنَّةِ اللَّهِتَبْدِيلًا﴾ الأحزاب 62، سُنَّةٌ وحُكمٌ من الله مكتوب على أمثالهم بحصرهم باللَّعن والأخذ والقتل، ولن ينجوا منه، ولا تبديل لسُنَّة الله في ترك أهل النِّفاق على نفاقهم، ولم يكن للمنافقين بعدها دعوة ظاهرة غير إخفاء نفاقهم، والتَّعلُّل بالعِلَل الكاذبة في معصية الرَّسولr، قالI:﴿ سُنَّةَ اللَّهِالَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَلِسُنَّةِ اللَّهِتَبْدِيلًا﴾ الفتح23، سُنَّة الله ألَّا يخرج أهل الكُفر عن طوقهم، ولو خرجوا للقتال لَوَلَّوا مُدبرِين لا يجدون وليًا ولا نصيرًا يثبِّتُهم أمام المسلمين، ما دام المؤمنون ملتزمين بالإيمان ومتمسِّكين به، وسُنَّةُ الله أنْ يدحرَ الكُفَّار مُنهَزِمين.
موسى حمدان 2013
كتـــــــاب
للبـــنات والبــنــين
موسى حمدان
2013م
الإِهْــــــدَاْءُ
إِلَى رُوْحِ وَاْلِـــــدَيَّ وَقُــــــدْوَتِي رَحَــمَـهُــــــــــمَا اللهُ
إِلَى أُسْرَتِي الأِخْوَةِ وَالأَخَوَاتِ وَالزَّوْجَةِ وَالأَبْنَـاءِ
إِلَى أُوْلَى القِبْـلَتَيْنِ وَثَاْلِـثِ الْحَرَمَـيْنِ الشَّـرِيْفَــيْنِ
إِلَى فِلَسْطِيْنَ الأَرْضِ وَالْوَطَنِ وَالشَّعْبِ وَالشَّتَاتِ
إِلَى أَرْضِ الإِسْـرَاءِ وَالْمِعْـــرَاجِ إِلَى كُلِّ فِلَسْــطِيْنَ
أُقَدِّمُ هَذَا الْعَمَلَ المتواضع لَعَلَّ اللهَ يَنْفَعَنَا بِهِ في
الدُّنْيَا وَالآخِرَة.
المقدِّمة
بسم اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رَسْولِ اللهِ محمدٍ بنِ عبدِ اللهِ وعلى آلِهِ وَصِحْبِهِ أَجِمَعِين، وعلى تابِعِيْهِم، وَتَابِعِي تابِعِيْهِم بِإحْسِانٍ إِلى يَوْمِ الدِّين، أما بعد.
جاء في خاطري أنْ أعملَ بحثاً في الأَسْمَاءِ لِلْبَنَاتِ وَالبَنِيْن وَمَعَانِيْها، لِمَا رَأَيْتُهُ مِنْ اخْتِيَارٍ لَأَسْمَاءٍ لِيْسَتْ لَهَا في العَرَبِيَّةِ مِنْ صِلَة، وَلَا أَعْرِفُ لِمَاذا هَؤُلَاءِ النَّاسِ يَخْتَارُوْن أَسْمَاءَ مَوَالِيْدِهِم مِن البَنَاتِ وَالَبَنِين مِنْ غَيْرِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّة، أَلْيْسَتِ العَرَبْيَّة أَهْلاً لِاخْتِيَارِ أَسْمَاءِ بَنَاتِنَا وَأَبْنَائِنا؟، هَلِ الأَسْمَاءُ الأَجْنَبْيَّةُ أَكْثَرُ جَمَالاً أَمْ مَعْنَى مْنَ الأَسْمَاءِ العَرَبِيَّة؟، وَمِنْ خِلَالِ بَحْثِي عَنِ الأَسْمَاءِ في مَعَاجِمِ اللُّغَةِ وَالكُتُبِ رَأَيْتُ اللُّغَةَ العَرَبِيَّةَ مِطْوَاعَةً لِأَنْ أَخْتَارَ وَأَشْتَقَّ مِنْ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ الكَثِيْرَ مْنَ الأَسْمَاء، لِأَنَّ أَوْزَانَ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِهَا مِنَ اللُّغَات، وَنَسْتَطِيْعُ أَنْ نَشْتَقَّ أَسْمَاءً عَلَى وَزْنِ: المَصْدَرِ وَاسْمَ الفَاعِلِ وَاسْمَ المَفْعُوْلِ، وَاسْمَ المَرَّةِ عَلَى وَزْنِ فَعْلَة، وَاسْمَ الهَيْئَةِ عَلَى وَزْنِ فِعْلَة، وَالمَصْدَرَ المِيْمِيّ، وَالصِّفَةَ المُشبَّهَةَ وَأَوْزَانُها كَثِيْرَة، وَأَوْزَانَ صِيَغِ المُبَالَغَةِ، وَهْيَ: فَعُوْل، فَعِيْل، فَعَّال، فَعِل ومِفْعَال، وَعَلَى أَوْزَانِ التَّصْغِيْرِ القِيَاسِيَّةِ وَغَيْرِ القِيَاسِيَّة، مثل، قادر: قدير وزن قياسي، قدُّورة، اقدورة، قديِّر اقديِّر عَلَى غَيْرِ القِيَاس، عَبْدَ الرَّحِيْم: رُحَيِّم قِيَاسِيّ، اِرْحَيِّم وَارْحُوْمَة أَوْزَانٌ عَلَى غَيْرِ القِيَاس، وَصَحَّتْ لِلْعَرَبِ أَنْ تَنَادِيَ بِها أَسْمَاءَها، وَهَذِهِ الأَوْزَانُ تَجِدُها فِي المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ، وَعَلَى سَبِيْلِ المِثَالِ لَا الْحَصْرِ إِلَيْكُم هَذِهِ المَجْمُوْعَةِ مِن الاشْتِقَاقَاتِ لِلأَسْمَاء: أَسْمَاءٌ مُشَتَقَّةٌ مِن الحمد: أحمد حمادة حامدحامدة حمَّاد حَمْد حَمَد حَمْدة حمدانحمدانة حُميدانإحميدان حمدون حمدونة حمديحَمْديَّة حَمَدِيَّة حَمُّود حُمَيد حُميدة حَمِيد حَميدة حميدوإحمود إحمودة إحميد إحميدة إحميِّد إحمِيدات محاميد محامدة محمَّد محمَّدين حمُّودةحمادة محمود محمودة. أسماء مشتقَّة من السَّعد: إسعادأسعد سَعد سُعدى سَعدَى سَعدة سَعدِيّ سعديَّة سعدون سعدونة سَعيد سُعيد إِسْعَيِّد سَعيدة سُعيدة إسعيدة مُسعَد مَسعد مُسعدة مَسعدة مسعود مسعودة سُعاد سعادة سعْدات سَعَدات مُساعد إمساعد مَسَاعيد إمساعيد سعادات سعود إسعود سعد الدِّين. أسماء مشتقَّة من اليُسْر، أي السُّهولة: يُسْر، يُسُر، يُسرِي، يُسرَى، يَسْرة، يُسْرة، يسار، يساريّ، يسارة، أيسر، ياسِر، ياسرة، مَيسَرة، مُيَسَّر، إميسَّر، مُيَسَّرة، إميَسَّرَة، مُوسِر موسِرة، تياسُر، تَيَسُّر، تيسير، يسير، مَيسور، أيسر، وكلُّها بِمَعْنَى اليُسْرِ والسُّهُوْلَة. أَسْمَاءٌ مُشْتَقَّةٌ مِن العِزّ:عزازي عِزّ عَزَّة عِزَّة عِزَّت عزُّوز عزُّوزة عزيز عزيزة عِزَّات عِزَّاتة مُعتَزُّ معتزة مُعِزَّ مُعِزَّة معزوز معزوزة إعزيِّز إعزَيْزَة مُعِزُّ الدِّين وعزّ الدِّين وعبد العزيز.
عبد تُذْكَرُ مُفرَدة، كَمَا تُضَافُ لأَسْمَاءِ اللهِ الحُسْنَى، وهي:الله، الرَّحمَن، الرَّحيم، المَلِك، المَالِك، القدُّوس، السَّلام، المُؤْمِن، المُهَيْمِن، العَزِيز، الجَبَّار، المُتَكَبِّر، الخَالِق، البَارِئ، المُصَوِّر، الغَفَّار، القَهَّار، الوَهَّاب، الرَّزَّاق، الفَتَّاح، العَلِيْم، القَابِض، البَاسِط، الخَافِض، الرَّافِع، المُعِزُّ، المُذِلُّ، السَّمِيْعُ، البَصِيْر، الحَكَم، العَدْل، اللَّطِيْف، الخَبِيْر، الحَلِيْم، العَظِيْم، الغَفُوْر، الشَّكُوْر، العَلِيُّ، الكَبِيْر، الحَفِيْظ، المُقِيْت، الحَسِيْبُ، الجَلِيْل، الكَرِيْم، الرَّقِيْبُ، المُجِيْب، الواسِع، الحَكِيْم، الوَدُوْد، المَجِيْد، الباعث، الشَّهِيْد، الحَقُّ، الوَكِيْل، القَوِيُّ، المَتِيْن، الوَلِيُّ، الحَمِيْد، المُحْصِي، المُبْدِئُ، المُعِيْدُ، المُحْيِي، المُمِيْت، الحَيُّ، القَيُّوْمُ، الوَاجِد، المَاجِد، الواحِد، الصَّمَد، القَادِر، المُقْتَدِر، المُقَدِّم، المُؤَخِّر، الأوَّل، الآخِر، الظَّاهِر، البَاطِن، الوالِي، المُتَعَالِ، البِرُّ، التَّوَّاب، المُنْتَقِم، العفو، الرَّءوف، مَالِكُ المُلْكِ، ذو الجَلالِ والإِكْرَامِ، المُقْسِط، الجَامِع، الغَنِيُّ، المُغْنِي، المَانِع، الضَّارُّ، النَّافِع، النُّوْر، الهَادِي، البَدِيْع، البَاقِي، الوَارِث، الرَّشِيْد، الصَّبُوْر، وَلَكَ أَنْ تَخْتَارَ مَا تُرِيْدُهُ مِنْهاوَمِنْ صِفَاتِ اللهِ بِدُوْنِ ال التَّعْرِيْف، وَلَا تُضَافُ عَبْدٌّ لِأَسْمَاءِ: الرَّسُوْلِ، النَّبِي، الإِلَه، المَسِيْح، الْكَعْبَةِ، الَّلاةِ، العُزَّى وَشَمْسِ وَغَيْرِها، وَهْيَ أَسْمَاءُ آلِهَة] عُبِدَتْ في الجاهلية، وَقَيْسِ، مَنَاف، الأَمِيْر، لِتَعْظِيْمِ بَنِي آدَمَ لِمَكَانَتِهِم بَيْنَ النَّاس، الرِّضا، الحُسَين، عند الشِّيعة لِتَعْظِيْمِهِم لِلرِّضَا والحُسَيْن، وَنُذَكِّرُ: أَنَّهُ لَا عُبُوْدِيَّةَ لِغَيْرِ الله، فَلا تَكُوْنُوا عَبِيْدَاً لِمَخْلُوْقَاتِ اللهِ الَّتِي وَجَبَتْ عَلَيْهَا عِبَادَتَه.
وَهُنَاكَ أَسْمَاءٌ، مِثُل: صَفِيّ، حَبِيْب، خَلِيْل، تَاج، سَعْد وَسَيْف وَغَيْرِها مُضَافَةٌ لِأَسْمَاءِ اللهِ الحُسْنَى، أَوْ عَلَى صِفَاتِهِ، أَوْ أَسْمَاءٌ تَدُلُّ عَلَى الدِّيْنِ وَمُسَمَّيَاتِه، مِثْل: صَفِيِّ الدِّيْن، صَفِيِّ الرَّحْمَنِ، خَلِيْلِ الرَّحْمَن، تَاجِ الدِّين، حبيبِ الله، سعدِ الله، وَهَذِهِ جَائِزَة.وَسَأُشِيْرُ إِلَى الأَسْمَاءُ المَأْخُوْذَةُ فِي حَالَةِ الأَسْمَاءِ النَّكِرَةِ لِلأَشْخَاصِ بِلا ال التَّعْرِيْفِ مِن الأَسْمَاءِ الحُسْنَى بِذِكْرِها فِي المَعَانِي بِهَذِهِ الإِشَارَة: كريم: الكريم [حُسْنَى]، وَسَأَذْكُرُ أَسْمَاءَ اللهِ الحُسْنَى جَمِيِعَهَا تَيَمُّناً بِها، وَلَفْظَ الجَلالَةِ الله في بِدَايَةِ الأَسْماءِ جميعاً.
وهنا إِشَارَةٌ إِلَى بَعْضِ الأَسْمَاءِ الَّتِي يَظُنُّ البَعْضُ أَنَّها أَعْجَمِيَّةٌ، وَهَيَ لَيْسَتْ كَذَلِك، مِثْل: دُرَيْد تَصْغِيْرُ أًدْرَد، وَالأَدْرَدُ مَنْ سَقَطَتْ أَسْنَانُهُ. وَهُنَاكَ أَسْمَاءٌ زِيْدَتْ بِالأَلِفِ وَالنُّون لِلْعَلَمِيَّة وَتَعْنِي أَنَّ رَمضَ المَكَانُ مِنَ الرَّمْضَاءِ أَيْ اِشْتَدَّ حَرُّهُ، وَتُزَادُ الأَلِفُ وَالنُّوْنُ لِهَذِهِ الكَلِمَات لِتُصْبِحَ أَعْلامَاً، مثل: رمض رمضان، حَمْد حَمْدان، شَعُبَ شعبان، غَسُن غسَّان، إلى غير ذلك من الأعلام، وسَلِم سَلْمَان وتصغيرها سُلَيمان، وَأَرَى أَنَّ سَلْمَان لَيْسَتْ أَعْجَمِيَّة لأنَّها مِنْ سَلمَ وَزِيْدَتْ أَلِفٌ وَنُوْنٌ فَصَارَتْ عَلَمَاً، مثل سابقاتها، وسُلَيمان فهي تصغير سلمان.
وفي مجال تَعْرِيْبِ اللُّغَاتِ الأُخْرَى في البِلادِ المَفْتُوْحَةِ الَّتِي دَخَلَتْ الإِسْلامَ أَثْنَاء الفتوحات، وتأثَّرت كثيراً بالإسلام والمسلمين، نجدُ أنَّ الأسماءَ الَّتي أُخِذت من الفارسيَّة أو التُّركيَّة التي تُلْفَظُ لفظاً عربيَّاً، وتُكْتَبُ بالخطِّ العربيِّ كالفارسيَّة، أو تُلْفَظُ باللَّفظ العربيّ وتُكْتَبُ بالخطِّ الأعجميّ كالتُّركيَّة، ما هي إلا أسماء لأبناء تلك المناطق المتأثِّرة بالإسلام، وإنْ كانت في لَكْنَةِ تلك الشُّعوب بعض الشَّوائب إلا أنَّ العرب تأثَّروا بالبلاد التي فتحوها وعاشوا بها، فعرَّبوا بعض أسماء أبناء تلك المناطق حسب اللَّفظ العربيِّ وأطلقوها على أبنائهم لِمَعْنَى لَفْظِها من حيث الدَّلالة على القُوَّةِ والشَّجاعةِ والحُسْنِ والجمال والرِّقَّة واللِّين والنُّعومة والدَّلال، إلى غير ذلك من المعاني.
تعرَّض د. فرحـان السَّـليـم في موضوع: "اللُّغــة العـربيَّــة ومكانتهـا بيـن اللُّغــات على صفحات موقع www.saaid.netإلى تأثير اللُّغة العربيَّة في اللُّغات الأخرى، فقال: إنَّ الكلمات العربية في لُغات الدِّوَل الإسلاميَّة: الفارسيَّة والتُّركيَّة والأورديَّة والمالاويَّة والسِّنغاليَّة أكثر من أَنْ تُحْصَى، والكلماتُ العربيَّةِ في الإسبانيَّة والبرتغاليَّة ثم في الألمانيَّة والإيطاليَّة والإنكليزيَّة والفرنسيَّة ليست قليلة أيضا، لقد التقت العربيَّة بالفارسِيَّة والسِّريانيَّة والقبطيَّة والبربريَّة، وكان عندها أسباب القُوَّة، فهي لغة القرآن، وتتميَّز ببناء قويٍّ مُحْكَم، وتملك مادة غزيرة، لقد حملت رسالة الإسلام فغنيت بألفاظ كثيرة جديدة للتَّعبير عمَّا جاء به الإسلام من مفاهيم وأفكار ونُظُم وقواعد سلوك، وأصبحت لغة الدِّين والثَّقافة والحضارة والحكم في آن واحد، غَزَتْ العربيَّة اللُّغات الأخرى كالفارسيَّة والتُّركيَّة والأُورديَّة والسَّواحليَّة فأدخلت إليها حروف الكتابة وكثيراً من الألفاظ، وكان تأثيرها في اللُّغات الأخرى عن طريق الأصوات والحروف والمفردات والمعاني والتَّراكيب، وأدَّى اصطدام العربيَّة باللُّغات الأخرى إلى انقراض بعض اللُّغات، وحلول العربيَّة محلَّها كما حصل في العراق والشَّام ومصر, وإلى انزواءِ بعضِها كالبَرْبَرِيَّةِ وَانْحِسَارِ بَعْضِها الآخَرِ كالفَارِسِيَّة، لقد أَصْبَحَتْ لُغَاتُ التُّرْكِ والفُرْسِ والملايو والأوردو تُكْتَبُ جميعُها بالحروفِ العربيَّة، وكان للعربيَّة الحظُّ الأَوْفَرُ في الانبثاثِ في اللَّهجاتِ الصُّومالِيَّة والزِّنجباريَّة لِرُجُوْعِ الصِّلَةِ بين شرق إفريقيا وجزيرة العرب إلى أقدم عصور التَّاريخ . www.saaid.net
وأضاف عن التَّعريب من اللُّغات إلى اللُّغة العربيَّة، فقال: تشابه نظام العربيَّة مع نظام المجتمع العربي، فكما يرتبط أفراد المجتمع العربيِّ وقبائله بصلات القُربى والنَّسب والتَّضامُن والتَّعاون، ترتبط ألفاظها في نسق خاص في حروفها وأصواتها، ومادتها وتركيبها، وهيئتها وبنائها، وحين يدخل غريب على المجتمع فلا بد لـه لكي يصبح عضواً فيه من أن يلتزم بأخلاقه وعاداته، فكذلك اللَّفظة الأعجميَّة إذا دخلت يجب أن تسير على أوزان العربيَّة وهيئاتها وصيغها لكي تصبح عضواً كامل العضويَّة في الأسرة اللُّغويَّة، ويُستعمل في العربيَّة مصطلح التَّعريب بينما في اللُّغة الأجنبية استعارة، والتَّعريب أحد مظاهر التِّقاء العربيَّة بغيرها من اللُّغات على مستوى المفردات، وكانت الألفاظ الدَّخيلة في العصر الجاهلي قليلة محدودة تتصل بالأشياء التي لم يعرفها العرب في حياتهم، وهي محصورة في ألفاظ تدلُّ على أشياء مادية لا معنوية مثل: كوب، مسك، مرجان، درهم، وتعود قلَّة الدَّخيل إلى سببين: انغلاقهم على أنفسهم واعتدادهم بأنفسهم وبلغتهم، أما بعد الإسلام فقد اتَّصلت العربيَّة باللُّغات الأخرى فانتقلت إليها ألفاظ جديدة تتعلق كلُّها بالمحسوسات والمادِّيَّات مثل أسماء الألبسة والأطعمة والنَّباتات والحيوان وشؤون المعيشة أو الإدارة. وقد انعدم التَّأثير في الأصوات والصِّيغ والتَّراكيب، إنَّ هذا الدَّاخل على الغالب لم يبقَ على حاله بل صِيغ في قالب عربي، ولذلك كانت المغالاة والإكثار من الغريب وفسح المجال من غير قيد مظهراً من مظاهر النَّـزعة الشُّعوبيَّة في الميدان اللُّغويِّ قديماً وحديثاً، وكانت طريقة العرب في نقل الألفاظ الأجنبيَّة أو التَّعريب تقوم على أمرين:
أ. تغيير حروف اللَّفظ الدَّخيل، بنقص بعض الحروف أو زيادتها مثل: برنامه برنامج، بنفشه: ـبنفسج، أو إبدال حرف عربي بأعجمي: بالودهفالوذج، برادايسفردوس.
ب. تغيير الوزن والبناء حتى يوافق أوزان العربيَّة ويناسب أبنيتها فيزيدون في حروفه أو ينقصون، ويغيِّرون مدوده وحركاته، ويراعون بذلك سُنَن العربيَّة الصَّوتيَّة كمنع الابتداء بساكن، ومنع الوقوف على متحرك، ومنع توالي ساكنين .وأكثر ما بقي على وزنه وأصله
من الألفاظ هو من الأعلام: سجستان- رامهرمز .www.saaid.net
وهنا تنويه إلى أَنَّ الأَتْرَاكَ وَالفُرْسَ كانوا يجعلون التَّاء المربوطة تاء مفتوحة، مثل: طلعت أصلها طلعة، عِفَّت أصلها عِفَّة، حِكْمَت أصلها حِكْمَة، وغيرها من الأسماء، وهذه الأسماء تَصِحُّ في كثير من الأسماء للجنسين، ونرى ذلك جليَّاً في اللَّهجة اللُّبنانية عند لفظهم اسم حياة يقولون حياة بالتَّاء، ويلفظها غيرهم حياه بالهاء. كذلك الأعلام التُّركيَّة, مثل: مدحت, طلعت, شوكت, رفعت, عصمت, جودت، هي بالترتيب مِدْحَة، طَلْعَة، شَوْكَة، رِفْعَة، عِصْمَة، جَوْدَة، ومن موقع محمد كمال لطفي الابتدائيَّة بميت عاصم في موضوع التَّاء المفتوحة في الأسماء، قالوا:"إذا عُدنا إلى مدلولات هذه الكلمات لرأيناها لا تخرج عن كونها مصادر, وقد اتُّخِذت أعلاماً لأشخاص, والأصلُ أنْ تُكتبَ بتاءٍ مربوطة, نحو( طلحة, معاوية, حمزة, عتبة, أميَّة, مسيلمة). وأسماء البلدان, والأنهار, وغيرها من المصطلحات الأجنبيَّة, وأسماءِ الأعلامِ الأجنبيَّة،مثل: الكويت , الفرات...الخ. بابل مدينة قديمة أطلالها واقعة على الفرات قرب الحلة".mklps.yoo7.com.
ونقتبس من مقال بقلم: نظام الدين إبراهيم اوغلومحاضر في جامعة هيتيت بجورومتحت عنوان: ألفاظ ومعاني الأسماء عند الأتراك والتركمان، الملاحظتين التاليتين لتأكيد ما ذهبنا إليه أن اللغة العربية هي الأصل لكل الشعوب التي دخلت الإسلام، حيث يقول:
1.يمكن القول أن أسماء الأتراك والتركمان قد تأثرت منذ أزمان قديمة بحضارات عديدة بفعل الاحتكاك أو الحكم فأضيفت أسماء جديدة من هذه الدول وحتى أنّهم تركوا أسماءهم القديمة بعد دخولهم للإسلام فاستعملوا أسماء إسلامية. لذا يمكن تقسيم أسماء الأتراك إلى أربعة أقسام: 1ـ أسماء تركيّة قديمة وحديثة 2ـ أسماء عربية وإسلامية
3- أسماء فارسية 4- أسماء أوروبية قليلة الاستعمال
2. حرف (التاء المربوطة) العربية يلفظ ويكتب في اللّغة التركية القديمة (بالتاء المفتوحة) بدلاً من التاء المربوطة وفي الحديثة بالتاء (كحرف لاتيني) مثل: حكمة (حكمت) (Hikmetفكرة (فكرت(Fikret ، وقد لا يلفظ في بعض الأسماء مثل: فاطمه) Fadime; Fatma ـ زليخة (زوليهه (Züleyha www.atida.org/forums ونُذَكِّرُ هنا أنَّ اسم نعمة كتبت بالتَّاء المفتوحة نعمت كما كتبت بالتَّاء المربوطة في آيات القرأن الكريم، وكذلك اسم رحمة كتبت رحمت، وكلمة لعنة بالتاء المفتوحة والمربوطة، وقد تعرضعبد المجيد العَرَابْلي للتَّاء المفتوحة في القرآن الكريم وأسباب فتحها على صفحة منتديات صوت القرآن الكريم، بِصّفْحِة مكتوبwww.quran.maktoob.com. وأشار:"إلى أنَّ كلَّ مسألة كُتِبَتْ فيها الكلمة مخالفة للرَّسم الاصطلاحي وراءها سرٌّ يكشف صورة الواقع الذي صورته هذه الكلمة، وكشفت أيضًا عن سِرَّ كتابتها بالرَّسم الاصطلاحي المقابل لها، والدَّليل على ذلك قولهI في كثير من الآيات المحكمات في كتاب الله ألا وهو القرآن الكريم، فذكر التَّاء في رحمة ورحمت، فقال أنَّ: تاء"رحمت" قد بُسِطَتْ بعد قبضها لأنَّها تأتي بالبُشرى لإبراهيمu وزَوْجِهِ،قالI:﴿ قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ﴾ هود73،فذكرI لفظ رحمت بالتَّاء المفتوحة وليس بالتَّاء المربوطة أكثر من مَرَّة، وها هم المؤمنون يطلبون لهذا الدِّين الثَّبات والاستمرار، والامتداد في الأرض بالإيمان والعمل الصَّالح، والهجرة، والجهاد؛ فقالI: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ البقرة218، واللهI يطلب من النَّاس أن يدعوه خوفًا من عقابه الذي فيه قطع لرحمته عنهم، أو طمعًا بما عنده، فرحمته قد بُسِطتْ لهم ولم تُقفَلْ في وجوههم؛ قالI:﴿ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًاإِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ الأعراف56، وتأتي كذلك استجابة لدعاءِ زكريَّاu:﴿ ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا﴾ مريم2، وبعد قبض المطر عن النُّزول وموت الأرض، يأتي الغيث وتستمر الحياة بهذه الرَّحمة التي بُسِطَت؛ قالI:﴿ فَانْظُرْ إِلَىٰ آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَٰلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَىٰوَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ الروم50، وها هي رحمت الله قد بُسِطَت باختيار محمدr ومبعثه نبيًاً فيهم، وبُسِطَت رحمته بمعرفة أسباب نيل الرَّحمة؛ بالأحكام التي أُنزِلَت على نبيِّه، فبِها تُجنَا الحسنات، وتُمحَا السَّيِّئات؛ قالI:﴿أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَنَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ الزخرف32.
وذكرI لفظ نعمت بالتَّاء المفتوحة وليس بالتَّاء المربوطة أكثر من مرة، فقالI:﴿ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوْهُنَّ بِمَعْرُوْفٍ أَوْ سَرِّحُوْهُنَّ بِمَعْرُوْفٍ وَلاَ تُمْسِكُوْهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوْا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُوْا آيَاتِ اللهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوْا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوْا أَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيْمٌ﴾، البقرة 231، وقالI:﴿ يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾ فاطر3، وقالI:﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُواوَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ آل عمران103، وقالI:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَآمَنُوااذْكُرُوانِعْمَتَاللَّهِعَلَيْكُمْ إِذْهَمَّقَوْمٌأَنْيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْأَيْدِيَهُمْفَكَفّأَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ، وَاتَّقُوااللَّه، وَعَلَىاللَّهِفَلْيَتَوَكَّلِالْمُؤْمِنُونَ﴾ المائدة11، وقالI:﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَار﴾ إبراهيم28، وقالI:﴿وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَاسَأَلْتُمُوهُ، وَإِنْتَعُدُّوانِعْمَتَاللَّهِلَاتُحْصُوهَا إِنَّالْإِنْسَانَلَظَلُومٌكَفَّارٌ﴾ إبراهيم34، وقالI:﴿ يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ﴾ النحل83، وقالI:﴿ فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ النحل114، وقالI:﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُم مِّنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾ لقمان 31، قالI:﴿ فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ﴾ الطور29.
كما ذكرI اسم نعمة بالتَّاء المربوطة مرة، وبالتَّاء المفتوحة مرة أخرى بنفس لفظ الآية في سورتين مختلفتين، فقد ذكرهاI وبنعمت بالتَّاء المفتوحة:﴿ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ﴾ النَّحل72،وذكرهاI وبنعمة بالتَّاء المربوطة:﴿ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ﴾ العنكبوت67.
وجاءت كلمة لعنة بالتّاء المربوطة والمفتوحة:﴿فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾ آل عمران61،:وقالI:﴿وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ النُّور7، وجاءت لعنة بالتَّاء المربوطة:﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ البقرة161، آل عمران في الآيتين:61،87، والأعراف 44، وهود 18،60، 99، والنُّور7، والقصص 42.
بُسِطت تاء معصيتالرَّسولr لأنَّها جاءت في الآيتين تحذير من اللهI من دعوة بعضهم بعضًا سرًا فيتناجيهم للدُّخول في معصية الرَّسولr، فهم خارجين عنها، وغيرمقترفين لها، ولم يدخلوا فيها، وليس لأحد عصمة في الدُّخول في معصيت الرَّسولr فكان هذا التَّحذير ليحرص من الوقوع فيه بعلمه أو جهلا منه، وجاءت كلمة معصيت بالتَّاء المبسوطة المفتوحة في قولهI:﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنْ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِوَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ المجادلة8، وفي:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِومَعْصِيَتِ الرَّسُولِوَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ المجادلة9.
فأصحاب هذه المنزلة في الجَنَّة قد عَرفوا كلَّ نعيم الجنَّة، ولم يبق من نعيم الجنَّة شيء يجهلونه، فجنَّة هؤلاء فقط هم الذين كُتِبَتْ تاء جَنَّتَ لهم مبسوطة: وذكرI جنَّة بالتَّاء المفتوحة:﴿فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ﴾ الواقعة89.
وقُرَّة أعين منتظرة في عالم الغيب، وقُرَّت عين قد تحقَّقت وممتلكة لطالبها، فذكرIقُرَّة بالتَّاء المفتوحة:﴿ وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَقُرَّتُ عَيْنٍلِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُعَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ القصص9.
كل امرأة معرفة تُكْتَب بالتَّاء المبسوطة، وكل امرأة نكرة تُكْتَب بالتَّاء المقبوضة، فقالI:﴿وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِامْرَأَتُ الْعَزِيزِتُرَاوِدُ فَتَاهَاعَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ﴾ يوسف30، وقالI:﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوااِمْرَأَتَ نُوحٍ وَاِمْرَأَتَ لُوطٍكَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْيُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَالدَّاخِلِينَ﴾ التحريم10، وقالI:﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوااِمْرَأَتَ فِرْعَوْنَإِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ آل عمران11. وقالI:﴿إِذْ قَالَتِامْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ آل عمران35.
أما الحديث عن شجرة الزَّقُّوم في سورة الدُّخان فهو الحديث عن شجرة قد عُرِفت للآثمين، والمخاطبون في هذه الآيات هم من أهل الحياة الدُّنيا، وكانت الشَّجرة مجهولة لديهم، فكُتِبَتْ التَّاء مقبوضة، ومن كانت الشَّجرة معروفة لديهم غير مجهولة بُسِطَتْ تاؤها في الرَّسم لاختلاف حالها في الآخرة عن حالها في الدُّنيا عند هؤلاء، كما في قولهI:﴿ إِنَّشَجَرَتَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الْأَثِيمِ(44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ(45)﴾ الدُّخان43.
ابنت لِمَنْ اشتُهرت وأصبحت معروفة، وابنة لمن لم تذكر، قالI:﴿وَمَرْيَمَابْنَتَعِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ﴾ التَّحريم12.
وفي لفظة فِطْرَت بالتَّاء المبسوطة قالI:﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِالَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ الرُّوم3،فطرت الله التي خلق النَّاس عليها؛ هي قبول الدِّين الحنيف القَيِّم، لذلك فُتِحَتْ تاء فطرت لانفتاح النَّفس للدِّين، وقبولها له، والرِّضا به.
سُنَّة: بُسِطَتْ تاؤها ويراد بها العذاب المُهْلِك الذي يسلِّطه الله على الكُفَّار عقابًا لهم، فتختم به حياتهم في الدُّنيا، ويمتدُّ عليهم في الآخرة، وأما سُنَّة المقبوضة التَّاء؛ فيراد بها التزام الكُفَّار بكفرهم، وتمسُّكِهم به، لا يخرجون منه، ولا يفارقونه، استجابة لنداء الإيمان، فقالI:﴿ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْسُنَّتُ الْأَوَّلِينَ﴾ الأنفال38، سُنَّة الأولين التي مضت كانت إصرارهم على الكفر مع علمهم بأنَّ الهلاك الذي تنتهي به حياتهم قادم، فإذا انفتح عليهم العذاب، فأتتهم المغفرة، واتصل عليهم عذاب الدُّنيا بعذاب الآخرة.وقالI:﴿ اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّاسُنَّتُ الْأَوَّلِينَفَلَنْ تَجِدَلسُنَّتُ اللَّهِتَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لسُنَّتُ اللَّهِتَحْوِيلًا﴾ فاطر43،فهل ينظرون غير ما حلَّ بالأولين من العقوبة في الدُّنيا، ليستمر عليهم في الآخرة، عاقبة لهم على مكرهم السَّيئ، ولا يقفل بتبديله بنعمة، أو بصرفه عنهم. وقالI:﴿فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتُ اللَّهِالَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ﴾ غافر85، سُنَّة الله أنَّه لا يقبل من الكُفَّار إيماناً يرفع عنهم العذاب، إذا رأوا عقوبة الله قد نزلت بهم،في هذه المواضع الخمسة رُبِطَتْ السُّنَّة بالهلاك، وأن ما كانوا عليه من الكُفر لم يحفظهم، ولم يُحَصِّنهم من عقوبة الله التي كانت تنفتح عليهم مُنهِية حياتهم الدُّنيا، وأنَّ عقوبة الله لا يَرُدُّها شيء يحول من وصولها لمُستحقِّيها، لذلك رُسِمَتْ تاؤها مبسوطة، وسُمِّيَتْ عقوبة الله بالسُّنَّة لأنَّها أصبحت عادة من اللهI في عقاب المُصِرِّين على كُفْرِهم، تَتَكَرَّرُ كلَّما وُجِدَ من يكفرُ باللهِ ورُسُلِه. وأَمَّا تاء السُّنَّة المقبوضة فقد جاءت في الآيات التالية؛قالI:﴿ وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ(11) كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ(12) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ(13)﴾ الحجر13، خلت سُنَّة الأوَّلين في تكذيبهم واستهزائهم برسلهم، وتمسُّكِهم بكفرهم الذي تمكَّن في قلوبهم، لا يخرجون منه إلى الإيمان، ولم يأتِ ذكرٌ للهلاك كما في الآيات السَّابقة، وإن كانت العقوبة تنتظرهم.قالI:﴿وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمْ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْسُنَّةُ الْأَوَّلِينَأَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَابُ قُبُلًا﴾ الكهف55، سنة الأوَّلين في التَّكذيب بالرُّسل والصَّدِّ عن سبيل الله، وبقائهم مُصِرِّين على كفرهم، وقالIبعدها:﴿أو يأتيهم العذاب قبلاً﴾دلَّ على أنَّ السُّنَّة لم يَرِدْ بها العذاب بل التَّقوقُع في الكُفر، وعدم الخروج منه استجابة لدعوة الإيمان.قالI:﴿مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِفِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا﴾ الأحزاب38، سُنَّة الله تعالى أن يرفع الحرج عن أنبيائه؛ فبيان الأحكام الخاصة بهم يقطع على المنافقين ومرضى القلوب الكلام والطَّعْن في فعله r، وأَمْرُ الله يُنفِّذُه النَّبي ولو كان مُستغرَبًا أو مستنكرًا من قومه؛ كالزَّواج من مطلقة الابن الدَّعيّ الذي ليس من صلبه، والزَّواج مِمَّن تَهَبُ نفسها للنَّبي إنْ رغب النَّبي فيها، لأنَّ رفض ولي أمرها للزَّواج من النَّبي خير هذه الأُمَّة، هو كُفرٌ ونفاق يهلك صاحبه، فرفعت ولايته عنها للزَّواج من النَّبي عليهr فقط، رحمة بالمؤمنين، وقطع سبيل التَّقليل من شأن النَّبيr وتفضيل غيره عليه.قالI:﴿سُنَّةَ اللَّهِفِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَلِسُنَّةِ اللَّهِتَبْدِيلًا﴾ الأحزاب 62، سُنَّةٌ وحُكمٌ من الله مكتوب على أمثالهم بحصرهم باللَّعن والأخذ والقتل، ولن ينجوا منه، ولا تبديل لسُنَّة الله في ترك أهل النِّفاق على نفاقهم، ولم يكن للمنافقين بعدها دعوة ظاهرة غير إخفاء نفاقهم، والتَّعلُّل بالعِلَل الكاذبة في معصية الرَّسولr، قالI:﴿ سُنَّةَ اللَّهِالَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَلِسُنَّةِ اللَّهِتَبْدِيلًا﴾ الفتح23، سُنَّة الله ألَّا يخرج أهل الكُفر عن طوقهم، ولو خرجوا للقتال لَوَلَّوا مُدبرِين لا يجدون وليًا ولا نصيرًا يثبِّتُهم أمام المسلمين، ما دام المؤمنون ملتزمين بالإيمان ومتمسِّكين به، وسُنَّةُ الله أنْ يدحرَ الكُفَّار مُنهَزِمين.
موسى حمدان 2013