عاشر المبشرين بالجنة - سيدنا أبو عبيدة بن الجراح

قصي حمدان

New Member
أبوعبيدة بن الجراح
أحد العشرة المبشرين بالجنة
(( لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ )


[رواه البخاري عَنْ أَنَسٍ ]


اسمه:
عامر بن عبد الله بن الجراح, القرشيّ الفِهريّ, ويمتدّ نسبه إلى النضر بن كنانة, وهو مشهور بكنيته. يلتقي مع النبي- صلى الله عليه وسلم- في أحد أجداده (فهر بن مالك)...
وأمه من بنات عم أبيه...أسلمت وقتل أبوه كافرا يوم بدر 0 كان -رضي الله عنه- طويل القامة ، نحيف الجسم ، خفيف اللحية...أسلم على يد أبي بكر الصديق في الأيام الأولى للاسلام ، وهاجر الى الحبشة في الهجرة الثانية ثم عاد ليشهد مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- المشاهد كلها...

صفاته :
كان رجلاً نحيفًا, لديه ميل في ظهره ، معروقَ الوجه, خفيف اللحية, طُويلاً , كُسرت بعض ثَنيَّته , وقيل: كان يصبغ رأسه ولحيته بالحناء والكَتَم .
إسلامه:
كان من السابقين السابقين ، أسلم في اليوم الثاني لإسلام أبي بكرٍ رضي الله عنه ، وسيّدنا الصديق أوَّل من أسْلم من الرِّجال ؛ في اليوم الثاني من إسْلام أبي بكرٍ ، و كان إسلامه على يد سيّدنا الصديق فَمَضى به وبِعَبْد الرحمن بن عَوْف وبِعُثمان بن مظعون وبِالأرقم بن أبي الأرقم إلى النبي صلى الله عليه وسلّم ، فأعْلنوا على يدَيْه كلمة الحق ، وكانوا القواعد الأولى التي أُقيم عليها صَرْحُ هذا الدِّين .
هجرته:
هاجر الهجرتين, وآخى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بينه وبين سيّدنا سعد بن معاذ رضي الله عنه.
فضائله:
هو أحد العشرة السابقين إلى الإسلام, وهو أحد العشرة المبشّرين بالجنة.
قال فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لكل أمّة أمينٌ, وأمينُ هذه الأمّة أبو عبيدة بن الجراح, وقال أيضًا: ما من أحد من أصحابي إلا لو شئت لأخذت عليه في خلقه, ليس أبا عبيدة بن الجراح.
وسُئلت السيّدة عائشة رضي الله عنها: أيُّ أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان أحبَّ إليه؟ قالت: أبو بكر, قيل: ثم من؟ قالت: عمر, قيل: ثم من؟ قالت: أبو عبيدة بن الجراح.
وقال سيّدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه يوم السقيفة: قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين (يعني عمر وأبا عبيدة).
وقال سيّدنا عمر رضي الله عنه إذ دخل عليه الشام وهو أميرها: كلُّنا غيَّرَتْه الدنيا, غيرك يا أبا عبيدة.
من أخلاقه:
قال سيّدنا عمر رضي الله عنه لسيّدنا أبي عبيدة: ابسط يدَك حتى أبايعَك, فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: أنت أمين هذه الأمة, فقال سيّدنا أبو عبيدة: ما كنت لأتقدم بين يدي رجلٍ أمره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يؤمّنا.
وأرسل سيّدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي عبيدة بأربعة آلاف درهم وأربعمائة دينار وقال للرسول: انظر ما يصنع, قال: فقسمها أبو عبيدة, فلما أخبر الرسول سيّدنا عمر, قال: الحمد لله الذي جعل في الإسلام من يصنع هذا.
زهده:
قدم سيّدنا عمر رضي الله عنه الشام, فتلقاه أمراءُ الأجناد, فقال: أين أخي أبو عبيدة؟ فقالوا: يأتي الآن, فجاء على ناقة مخطومة بحبل, فسلم عليه وساءله حتى أتى منـزله, فلم ير فيه شيئًا إلا سيفه وترسه ورحله, فقال له سيّدنا عمر: لو اتخذت متاعًا, قال: يا أمير المؤمنين, إن هذا يبلغنا المقيل.
ولاياته:
سيّره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى الشام أميرًا, فكان فتح أكثر الشام على يده, كما استعمله سيّدنا عمر رضي الله عنه على الشام وعزل خالدَ بن الوليد.
من أقواله:
ألا رُبَّ مُبَيِّضٍ لثيابه وهو مدنِّسٌ لدينه, ألا رُبَّ مكرمٍ لنفسه وهو لها مهين, غدًا ادفعوا السيئات القديمات بالحسنات الحديثات, فلو أنَّ أحدَكم عَمِلَ مِنَ السيئات ما بينه وبين السماء ثم عمل حسنة, لَعَلَتْ فوق سيئاته حتى تغمرهنَّ.
وقال: مَثَلُ قلب المؤمن مثل العصفور, يتقلّب كل يوم كذا وكذا مرّة.
غزواته :
شَهِد كلّ المشاهد ، وكان أكبر مُدافِعٍ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
ففي غزوة بدر : جعل والد ( أبو عبيدة ) يتصدّى لأبي عبيدة ، فجعل أبو عبيدة يحيد عنه ، فلمّا أكثر قصدَه فقتله ، فأنزل الله هذه الآية : قال تعالى :"( لا تجدُ قوماً يؤمنون بالله واليومِ الآخر يُوادُّون مَنْ حادَّ الله ورسوله ولو كانوا آباءَ هُم أو أبناءَ هم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتبَ في قلوبهم الأيمان ")...
و لقد نزع حلَقَةً غُرِسَتْ في وَجْنة النبي عليه الصلاة والسلام بِأسْنانه ، فنزع الحلقة الأولى بِفَمِه فانْكسرت سِنُّهُ الأمامية ، ونزع الحلقة الثانِيَة بِفَمِه فانكسرت سِنُّهُ الأخرى فصار أهتمَ ،
و في غزوة أحد : ويوم أُحُدٍ حينما هُزِم المسلمون ، وطَفِق صائح المُشْركين يُنادي : دُلوني على محمد ، كان أبو عُبَيْدة بن الجراح أحد النفر العَشَرة الذين أحاطوا بالنبي عليه الصلاة والسلام ليذودوا عنه بِصُدورِهم رِماح المُشْرِكين ، فلما انْتَهَت المعْركة كان النبي عليه الصلاة والسلام قد كُسِرَت رُباعِيَّتُه ، وشُجَّ جبينه ، وغارَتْ في وَجْنَتِه حلْقتان من حلق دِرْعِه ، فأقْبَلَ عليه الصديق - هناك نصٌّ آخر يقول عليه الصلاة والسلام وقد حصل له ما حصل : كيفَ يفْلحُ قومٌ خضَّبوا وجه نبِيِّهم وهو يدْعوهم إلى ربِّهم !" - قُلْتُ لكم إنَّ هناك مِن المصائِب ما يكْشف اللهُ بها حقيقةَ هذا الإنسان العظيم ، عندما أقْبل عليه الصِّديق يريد انْتَزاعهما من وَجْنَتَيْه صلى الله عليه وسلم ، فقال له أبو عُبَيْدة : أُقسم عليك أنْ تترك ذلك لي ، فَتَرَكَهُ ، فَخَشِيَ أبو عُبَيْدة إنْ اِقتَلَعَهُما بِيَدِه أنْ يُؤذِيَ رسول الله صلى الله عليه وسلَّم ، فَعَضَّ على أولاهما بِثَنِيَّتَيْه عضاً قوِياً مُحْكماً فاسْتَخْرَجَها ، ووقَعَتْ ثَنِيَّتُهُ ، ثمَّ عضَّ على الأخرى بِثَنِيَّتِهِ الثانِيَة فاقْتَلَعَها ، فَسَقَطَتْ ثَنِيَّتُهُ الثانِيَة ، قال أبو بكرٍ : فكان أبو عٌبَيْدة من أحْسن الناس هتْماً - الأهْتَم الذي كُسِرَت أسْنانه الأماميَّة - لقد كان في قلوبهم حبٌّ لرسول الله صلى الله عليه وسلَّم ، حينما قال أبو سُفْيان : ما رأيْتُ أحداً يُحِبُّ أحداً كَحُبِّ أصْحابِ محمدٍ محمَّداً " ففعلُ أبي عبيدة هذا مصداق قول أبي سفيان .
و في معركة اليرموك : في أثناء قيادة خالد -رضي الله عنه- معركة اليرموك التي هزمت فيها الامبراطورية الرومانية توفي أبوبكر الصديق -رضي الله عنه- ، وتولى الخلافة بعده عمر -رضي الله عنه- ، وقد ولى عمر قيادة جيش اليرموك لأبي عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمة وعزل خالد...وصل الخطاب الى أبى عبيدة فأخفاه حتى انتهت المعركة ، ثم أخبر خالدا بالأمر ، فسأله خالد يرحمك الله أباعبيدة ، ما منعك أن تخبرني حين جاءك الكتاب ؟)...فأجاب أبوعبيدة اني كرهت أن أكسر عليك حربك ، وما سلطان الدنيا نريد ، ولا للدنيا نعمل ، كلنا في الله أخوة )...وأصبح أبوعبيدة أمير الأمراء بالشام0
وفاته:
توفي في طاعون عمواس بالأردن من الشام سنة 18 للهجرة, في خلافة سيّدنا عمر رضي الله عنه, وهو ابن 58 سنة, حيث انطلق رضي الله عنه يريد الصلاة ببيت المقدس, فأدركه أجلُه, فتوفي هناك, وأوصى أن يدفن حيث قضى, وذلك بفحل من أرض الأردن, وبها قبره (ويقال: إن قبره ببيسان), وصلى عليه سيّدنا معاذ بن جبل رضي الله عنه.
حينما وافَتْ المَنِيَّةُ أبا عُبَيْدة وهو يلْفِظُ أنْفاسَهُ الأخيرة أوْصى فقال : أقيموا الصلاة ، وصوموا رمضان ، وتصَدَّقوا ، وحُجُّوا ، واعْتَمِروا ، وتواصوا وانْصحوا لأُمرائِكم ولا تغُشُّوهم ، ولا تُلْهِكم الدنيا ، فإنَّ المرء لو عُمِّر ألف حَوْلٍ ما كان له بُدٌّ من أن يصير إلى مصْرعي هذا الذي تَرَوْن - وكان على فِراش الموت - .
اِلْتَفَتَ سيِّدُنا أبو عُبَيْدة إلى مُعاذ بن جبل ساعة احتضاره ، وقال : يا مُعاذ ، صلِّ بِالناس ، ثمَّ ما أنْ لبِث حتى فاضَتْ روحُهُ الطاهِرة فقال معاذ : يا أيها الناس إنكم قد فُجِعْتُم بِرَجُلٍ ، واللهِ ما أعلم أني رأيتُ رجُلاً أبرَّ صدْراً ولا أبعد غائِلَةً ، ولا أشدَّ حُباً للعاقِبَة ، ولا أنصح للعامَّة منهم فَتَرَحَّموا عليه يرْحَمْكم الله .
وكان نقشَ خاتمِه رضي الله عنه: الخُمُسُ لله.


تمت سلسلة العشرة المبشرين بالجنة والحمد لله رب العالمين
أخوكم في الله قصي
 
مجهود رائع اخي الكريم د قصي حمدان جعله الله في ميزان حسناتك كل احترامي ومودتي دمت بكل ود
 
جزاك الله خير د قصي وجعله في موازين حسناتك
وألف شكر على المجهود القيم بارك الله فيك ...
 
عودة
أعلى