ashdom
Active Member
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
العمرة : فضائل وأحكام
العمرة في لغة العرب: الزيارة، وهي في اصطلاح فقهائنا: زيارة البيت الحرام لأداء مناسك مخصوصة
وليس للعمرة وقت معين، بل توقع في أي وقت ما عدا أيام الحج. وأفضل أوقاتها في رمضان لقول نبينا) عمرةفي رمضان تعدل حجة معي( أخرجه الشيخان.
جاء في الحديث عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: لما رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - من حجته قال لأم سنان الأنصارية: ((ما منعك من الحج؟)) قالت: أبو فلان - تعني زوجها - له ناضحان - أي جملان -، حجَّ على أحدهما، والآخر يسقي أرضاً لنا، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم
-: ((فإذاجاء رمضان فاعتمري، فإن عمرة فيه تقضي حجة معي)) رواه البخاري (1730).،
فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - العمرة في رمضان تعدل حجة، وليس أي حجة بل حجة معه - عليه الصلاة والسلام -.
فإن لم يتمكن المسلم من ذلك فليحاول القيام بها في أشهر الحج؛ لأن النبي اعتمر أربع مرات جميعها في أشهر الحج
يقول الله - تعالى -: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [البقرة: 196].
أمر الله - تعالى - في هذه الآية الكريمة بإتمام العمرة له - سبحانه -، فالعمرة شعيرة من شعائر ديننا الحنيف.
و مما يدل على عظيم فضل هذه الشعيرة، فمن ذلك أنها تمحو الآثام وتكفر الذنوب، فعن أبي هريرة أن رسول الله قال: ((العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)) أخرجه الشيخان.
وندب النبي إلى الإكثار منها فقال: ((تابعوا بين الحج والعمرة؛ فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كماينفي الكِيرُ خَبَثَ الحديد والذهب)) أخرجه الترمذي والنسائي.
صفة العمرة
من عزم على أداء هذه العبادة العظيمة فعليه أن يتنبه لهذه الأمور
أن يخلص في عبادته؛ لأن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا، وأن لا يريد بعمله الدنيا وحُطَامها، قال - تعالى -: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [هود: 15، 16]،
وقال: {من كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا} [الإسراء: 18].
ومنها أن يقف على أحكامها ويتعلم هدي النبي فيها؛ لأن الله لا يقبل العمل إذا خالف هدي النبي، ولذا قال النبي لأصحابه يوم حجة الوادع: ((لتأخذوا مناسككم؛ فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه)) أخرجه مسلم
ومنها التوبة ورد المظالم، قال النبي: ((أتدرون من المفلس؟)) قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: ((إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطَى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يُقضَى ما عليه أُخِذ من خطاياهم فطُرِحت عليه، ثم طُرِح في النار)) أخرجه مسلم
ومنها أن يتزود لعمرته لئلا يريق ماء وجهه بسؤال الناس، قال النبي: ((من تكفَّل لي أن لا يسأل شيئًا وأتكفّل له بالجنة؟)) فقال ثوبان: أنا، فكان لا يسأل أحدًا شيئًا. أخرجه أحمد
ومنها أن يعتمر بمال حلال؛ فإن الله طيب ولا يقبل إلا طيبًا، ومن اعتمر بمال سُحْت فإنما أتعب نفسه.
صفة العمرة
أولاً: الإحرام من الميقات:ومواقيت الحج أو العمرة هي كالتالي:
1- ذو الحليفة وهو المسمى عند الناس اليوم أبيار علي، وهو ميقات أهل المدينة.
2 - الجحفة وهي ميقات أهل الشام، وهي قرية خراب تلي رابغ، ورابغ ميقات أهل مصر والشام، ومن يمرُّ عليها بعد ذهاب معالم الجحفة، ومن أحرم من رابغ فقد أحرم من الميقات؛ لأن رابغ قبلها بيسير.
3- قرن المنازل وهو المسمى اليوم السيل، وهو ميقات أهل نجد.
4- يلملم وهو ميقات أهل اليمن.
5- ذات عرق وهي ميقات أهل العراق
لحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، وقال: ((هُن َّلَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ، حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ)) رواه البخاري (1427)، ومسلم(2032).
وكذلك حديث عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَّتَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْق" أخرجه أبو داود (1477)، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (6629).
ويكون الإحرام بعد أن يغتسل - ويسنُّ الاغتسال قبل دخول مكة إن تيسر ذلك -، ثم يتطيِّب في بدنه ورأسه ولحيته، ولا يطيب لباس إحرامه؛ فإن أصابه طيب فليغسله، ويتجرد من المخيط، ويلبس رداءً وإزاراً أبيضين ونعلين؛ هذا بالنسبة للرجل،
وأما المرأة فإنها تغتسل ولو كانت حائضاً، وتلبس ما شاءت بشرط أن يتوافر في اللباس جميع شروط الحجاب؛ فلا يظهر منها شيء، ولا تتبرج بزينة، ولا تتطيب، ولا تتشبه بالرجال.
فإن لم يتيسر أن يقف عند الميقات - كالمسافر بالطائرة - فليغتسل من بيته، فإذا حاذى الميقات فليحرم، وليقل: "لبيك عمرة"،
وإن خاف ألا يتمكن من إكمال النسك لمرض أو نحوه فليقل: "فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني"؛ لما جاء في حديث ضباعة بنت الزبير - رضي الله عنها - أنها قالت: يا رسول الله إني أريد الحج وأنا شاكية؟ فقال: ((حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني)) رواه مسلم (2102).
ثم ليبدأ بالتلبية حتى يصل مكة، والتلبية سنة مؤكدة للرجال والنساء، ويسنُّ للرجال رفع الصوت بها دون النساء، وصفة التلبية: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك"
فإذا أحرم الإنسان من الميقات فإنه يحرم عليه أن يفعل الأمور التالية حتى يتحلل من إحرامه، وهي:
إزالة الشعر، وتقليم الأظافر، واستعمال الطيب، وقتل الصيد البري أما البحري فجائر، ولبس المخيط (على الرجال دون النساء)، وكذلك يحرم تغطية الرأس أو الوجه بملاصق (على الرجال) كالطاقية، والغترة، والعمامة، والقبعة، وما شابه ذلك؛ ويجوز الاستظلال بالشمسية، والخيمة، والسيارة ، ويحرم على المحرم عقد النكاح، ومن باب أولى الجماع ومقدماته كالمباشرة بشهوة، أو إنزال المني باستمناء.
ويحظر على المرأة لبس النقاب والقفازين لقول النبي: ((لا تَنْتَقِب المحرمة، ولا تلبس القفّازين))أخرجه البخاري.
فإذا كانت أمام رجال أجانب وجب ستر الوجه واليدين بغير النقاب والقفاز؛ كسدل الخمار على الوجه، وإدخال اليدين في العباءة.
ثانياً: إذا وصل المعتمر إلى المسجد الحرام فليقدم رجله اليمنى قائلاً: "بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم افتح لي أبواب رحمتك"، "أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم"، وهذا الدعاء يقال عند دخول سائر المساجد أيضاً.
ثالثاً: ثم يبدأ بالطواف من الحجر الأسود؛ وذلك بأن يستقبل الحجر الأسود، ويقول: "الله أكبر"، ويستلمه بيمينه ويقبِّله إن تيسر له ذلك، وإن لم يتيسر التقبيل فليستلمه بيده فإن لم يتيسر له ذلك فلا يزاحم الناس، وإنما يشير إليه بيده مرة واحدة، ولا يقبل يده، ويفعل ذلك في بداية كل شوط من أشواط الطواف.
ثم يطوف سبعة أشواط جاعلاً البيت عن يساره؛ يرمل في الأشواط الثلاثة الأولى، ويمشي في الباقي (والرمل هو: سرعة المشي مع تقارب الخطى)، ويضطبع في جميع الأشواط (والاضطباع هو: أن يجعل وسط ردائه تحت عاتقه الأيمن، وطرفيه على عاتقه الأيسر)، والرمل والاضطباع مختصان بالرجال، وكذلك مختصان بطواف العمرة أو بطواف القدوم للقارن والمفرد في الحج".
فإذا وصل إلى الركن اليماني فيستلمه بيده إن تيسر ذلك ولا يقبله، فإن لم يتيسر فلا يشير إليه، ويستحب أن يقول بين الركن اليماني والحجر الأسود: {رَبّنَآ ءَاتِنَا فِي الدُنيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النّار ِ}
وليس في الطواف ذكر مخصوص ثابت غير هذا، ويستحب: كثرة الذكر والدعاء، وإن قرأ شيئاً من القرآن فحسن
وإذا شك الطائف في عدد الأشواط بنى على الأقل. وإذا أقيمت الصلاة صلى وأكمل طوافه ولم يستأنف من جديد. ولا يطوف داخل الحِجْر الذي يسمى بحِجْر إسماعيل؛ فالحِجْر جزء من الكعبة.
رابعاً: إذا انتهى من الشوط السابع عند محاذاة الحجر الأسود فليغط كتفه الأيمن، وليذهب إلى مقام إبراهيم إن تيسر، ويقرأ قوله - تعالى -: {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}، ويجعل المقام بينه وبين الكعبة إن تيسر، ثم يصلي ركعتين يقرأ في الأولى بعد الفاتحة: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وفي الثانية: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}.
خامساً: ثم يذهب إلى زمزم فيشرب من مائها، ويدع الله، ويصُب على رأسه، ثم إن تيسر فيرجع إلى الحجر الأسود ويستلمه
سادساً: ثم يتوجه إلى الصفا، فإذا دنا منه قرأ قوله - تعالى -: {إن الصّفَا وَالمَروةَ مِن شَعَائِرِ اللّه}،
ويقول: "نبدأ بما بدأ الله به"، ويصعد الصفا، ويستقبل الكعبة، ويكبّر ثلاثاً، ويقول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده"، يكرر هذا الذكر ثلاث مرات، ويدع بين كل مرة وأخرى بما شاء من الدعاء.
سابعاً: ثم ينزل ليسعى بين الصفا والمروة، وإذا كان بين العلمين الأخضرين فليسع بينهما سعياً شديداً، "والسعي الشديد خاص بالرجال دون النساء"،
فإذا وصل إلى المروة فليصعد عليها، وليستقبل الكعبة، وليقل كما قال على الصفا، وهكذا يصنع في باقي الأشواط، الذهاب شوط والعودة شوط حتى يكمل سبعة أشواط؛
فيكون نهاية الشوط السابع بالمروة،
وليس للسعي ذكر مخصوص، وإنما يكثر مما شاء من الذكر، والدعاء، وقراءة القرآن.
ثامناً: إذا انتهى من السعي فليحلق رأسه أو يقصره، والحلق أفضل للمعتمر إلا أن يكون الحج قريباً فالتقصير أفضل؛ ليكون الحلق في الحج،
ولا يكفي تقصير بعض الشعر من مقدمة الرأس ومؤخرته؛ كما يفعله بعض الناس، بل لا بد من تقصير جميع شعر الرأس أو أكثره، أما المرأة فتجمع شعرها، وتأخذ منه قدر الأنملة.
وبهذا يكون المسلم أو المسلمة قد فرغ من أداء مناسك العمرة، فليسأل الله الإخلاص والقبول
زيارة المسجد النبوي سنة نُدِبنا إليها، ولكن لا علاقة لذلك بمناسك الحج أو العمرة،
فمن اعتمر أو حج ولم يزر المسجد النبوي فلا إثم عليه ولا حرج. وإن آثر الإنسان الزيارة فهو أفضل، ولكنه ينوي بها زيارة المسجد لا القبر؛ لقول النبي: ((لا تشدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى)) أخرجه الشيخان.
نسأل الله - تعالى - أن يتقبل منا ومن جميع المسلمين أعمالهم، وأن يثيبنا وإياهم على ذلك الثواب الجزيل، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
منقول بتصرف
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
العمرة : فضائل وأحكام
العمرة في لغة العرب: الزيارة، وهي في اصطلاح فقهائنا: زيارة البيت الحرام لأداء مناسك مخصوصة
وليس للعمرة وقت معين، بل توقع في أي وقت ما عدا أيام الحج. وأفضل أوقاتها في رمضان لقول نبينا) عمرةفي رمضان تعدل حجة معي( أخرجه الشيخان.
جاء في الحديث عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: لما رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - من حجته قال لأم سنان الأنصارية: ((ما منعك من الحج؟)) قالت: أبو فلان - تعني زوجها - له ناضحان - أي جملان -، حجَّ على أحدهما، والآخر يسقي أرضاً لنا، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم
-: ((فإذاجاء رمضان فاعتمري، فإن عمرة فيه تقضي حجة معي)) رواه البخاري (1730).،
فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - العمرة في رمضان تعدل حجة، وليس أي حجة بل حجة معه - عليه الصلاة والسلام -.
فإن لم يتمكن المسلم من ذلك فليحاول القيام بها في أشهر الحج؛ لأن النبي اعتمر أربع مرات جميعها في أشهر الحج
يقول الله - تعالى -: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [البقرة: 196].
أمر الله - تعالى - في هذه الآية الكريمة بإتمام العمرة له - سبحانه -، فالعمرة شعيرة من شعائر ديننا الحنيف.
و مما يدل على عظيم فضل هذه الشعيرة، فمن ذلك أنها تمحو الآثام وتكفر الذنوب، فعن أبي هريرة أن رسول الله قال: ((العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)) أخرجه الشيخان.
وندب النبي إلى الإكثار منها فقال: ((تابعوا بين الحج والعمرة؛ فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كماينفي الكِيرُ خَبَثَ الحديد والذهب)) أخرجه الترمذي والنسائي.
صفة العمرة
من عزم على أداء هذه العبادة العظيمة فعليه أن يتنبه لهذه الأمور
أن يخلص في عبادته؛ لأن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا، وأن لا يريد بعمله الدنيا وحُطَامها، قال - تعالى -: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [هود: 15، 16]،
وقال: {من كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا} [الإسراء: 18].
ومنها أن يقف على أحكامها ويتعلم هدي النبي فيها؛ لأن الله لا يقبل العمل إذا خالف هدي النبي، ولذا قال النبي لأصحابه يوم حجة الوادع: ((لتأخذوا مناسككم؛ فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه)) أخرجه مسلم
ومنها التوبة ورد المظالم، قال النبي: ((أتدرون من المفلس؟)) قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: ((إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطَى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يُقضَى ما عليه أُخِذ من خطاياهم فطُرِحت عليه، ثم طُرِح في النار)) أخرجه مسلم
ومنها أن يتزود لعمرته لئلا يريق ماء وجهه بسؤال الناس، قال النبي: ((من تكفَّل لي أن لا يسأل شيئًا وأتكفّل له بالجنة؟)) فقال ثوبان: أنا، فكان لا يسأل أحدًا شيئًا. أخرجه أحمد
ومنها أن يعتمر بمال حلال؛ فإن الله طيب ولا يقبل إلا طيبًا، ومن اعتمر بمال سُحْت فإنما أتعب نفسه.
صفة العمرة
أولاً: الإحرام من الميقات:ومواقيت الحج أو العمرة هي كالتالي:
1- ذو الحليفة وهو المسمى عند الناس اليوم أبيار علي، وهو ميقات أهل المدينة.
2 - الجحفة وهي ميقات أهل الشام، وهي قرية خراب تلي رابغ، ورابغ ميقات أهل مصر والشام، ومن يمرُّ عليها بعد ذهاب معالم الجحفة، ومن أحرم من رابغ فقد أحرم من الميقات؛ لأن رابغ قبلها بيسير.
3- قرن المنازل وهو المسمى اليوم السيل، وهو ميقات أهل نجد.
4- يلملم وهو ميقات أهل اليمن.
5- ذات عرق وهي ميقات أهل العراق
لحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، وقال: ((هُن َّلَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ، حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ)) رواه البخاري (1427)، ومسلم(2032).
وكذلك حديث عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَّتَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْق" أخرجه أبو داود (1477)، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (6629).
ويكون الإحرام بعد أن يغتسل - ويسنُّ الاغتسال قبل دخول مكة إن تيسر ذلك -، ثم يتطيِّب في بدنه ورأسه ولحيته، ولا يطيب لباس إحرامه؛ فإن أصابه طيب فليغسله، ويتجرد من المخيط، ويلبس رداءً وإزاراً أبيضين ونعلين؛ هذا بالنسبة للرجل،
وأما المرأة فإنها تغتسل ولو كانت حائضاً، وتلبس ما شاءت بشرط أن يتوافر في اللباس جميع شروط الحجاب؛ فلا يظهر منها شيء، ولا تتبرج بزينة، ولا تتطيب، ولا تتشبه بالرجال.
فإن لم يتيسر أن يقف عند الميقات - كالمسافر بالطائرة - فليغتسل من بيته، فإذا حاذى الميقات فليحرم، وليقل: "لبيك عمرة"،
وإن خاف ألا يتمكن من إكمال النسك لمرض أو نحوه فليقل: "فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني"؛ لما جاء في حديث ضباعة بنت الزبير - رضي الله عنها - أنها قالت: يا رسول الله إني أريد الحج وأنا شاكية؟ فقال: ((حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني)) رواه مسلم (2102).
ثم ليبدأ بالتلبية حتى يصل مكة، والتلبية سنة مؤكدة للرجال والنساء، ويسنُّ للرجال رفع الصوت بها دون النساء، وصفة التلبية: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك"
فإذا أحرم الإنسان من الميقات فإنه يحرم عليه أن يفعل الأمور التالية حتى يتحلل من إحرامه، وهي:
إزالة الشعر، وتقليم الأظافر، واستعمال الطيب، وقتل الصيد البري أما البحري فجائر، ولبس المخيط (على الرجال دون النساء)، وكذلك يحرم تغطية الرأس أو الوجه بملاصق (على الرجال) كالطاقية، والغترة، والعمامة، والقبعة، وما شابه ذلك؛ ويجوز الاستظلال بالشمسية، والخيمة، والسيارة ، ويحرم على المحرم عقد النكاح، ومن باب أولى الجماع ومقدماته كالمباشرة بشهوة، أو إنزال المني باستمناء.
ويحظر على المرأة لبس النقاب والقفازين لقول النبي: ((لا تَنْتَقِب المحرمة، ولا تلبس القفّازين))أخرجه البخاري.
فإذا كانت أمام رجال أجانب وجب ستر الوجه واليدين بغير النقاب والقفاز؛ كسدل الخمار على الوجه، وإدخال اليدين في العباءة.
ثانياً: إذا وصل المعتمر إلى المسجد الحرام فليقدم رجله اليمنى قائلاً: "بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم افتح لي أبواب رحمتك"، "أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم"، وهذا الدعاء يقال عند دخول سائر المساجد أيضاً.
ثالثاً: ثم يبدأ بالطواف من الحجر الأسود؛ وذلك بأن يستقبل الحجر الأسود، ويقول: "الله أكبر"، ويستلمه بيمينه ويقبِّله إن تيسر له ذلك، وإن لم يتيسر التقبيل فليستلمه بيده فإن لم يتيسر له ذلك فلا يزاحم الناس، وإنما يشير إليه بيده مرة واحدة، ولا يقبل يده، ويفعل ذلك في بداية كل شوط من أشواط الطواف.
ثم يطوف سبعة أشواط جاعلاً البيت عن يساره؛ يرمل في الأشواط الثلاثة الأولى، ويمشي في الباقي (والرمل هو: سرعة المشي مع تقارب الخطى)، ويضطبع في جميع الأشواط (والاضطباع هو: أن يجعل وسط ردائه تحت عاتقه الأيمن، وطرفيه على عاتقه الأيسر)، والرمل والاضطباع مختصان بالرجال، وكذلك مختصان بطواف العمرة أو بطواف القدوم للقارن والمفرد في الحج".
فإذا وصل إلى الركن اليماني فيستلمه بيده إن تيسر ذلك ولا يقبله، فإن لم يتيسر فلا يشير إليه، ويستحب أن يقول بين الركن اليماني والحجر الأسود: {رَبّنَآ ءَاتِنَا فِي الدُنيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النّار ِ}
وليس في الطواف ذكر مخصوص ثابت غير هذا، ويستحب: كثرة الذكر والدعاء، وإن قرأ شيئاً من القرآن فحسن
وإذا شك الطائف في عدد الأشواط بنى على الأقل. وإذا أقيمت الصلاة صلى وأكمل طوافه ولم يستأنف من جديد. ولا يطوف داخل الحِجْر الذي يسمى بحِجْر إسماعيل؛ فالحِجْر جزء من الكعبة.
رابعاً: إذا انتهى من الشوط السابع عند محاذاة الحجر الأسود فليغط كتفه الأيمن، وليذهب إلى مقام إبراهيم إن تيسر، ويقرأ قوله - تعالى -: {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}، ويجعل المقام بينه وبين الكعبة إن تيسر، ثم يصلي ركعتين يقرأ في الأولى بعد الفاتحة: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وفي الثانية: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}.
خامساً: ثم يذهب إلى زمزم فيشرب من مائها، ويدع الله، ويصُب على رأسه، ثم إن تيسر فيرجع إلى الحجر الأسود ويستلمه
سادساً: ثم يتوجه إلى الصفا، فإذا دنا منه قرأ قوله - تعالى -: {إن الصّفَا وَالمَروةَ مِن شَعَائِرِ اللّه}،
ويقول: "نبدأ بما بدأ الله به"، ويصعد الصفا، ويستقبل الكعبة، ويكبّر ثلاثاً، ويقول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده"، يكرر هذا الذكر ثلاث مرات، ويدع بين كل مرة وأخرى بما شاء من الدعاء.
سابعاً: ثم ينزل ليسعى بين الصفا والمروة، وإذا كان بين العلمين الأخضرين فليسع بينهما سعياً شديداً، "والسعي الشديد خاص بالرجال دون النساء"،
فإذا وصل إلى المروة فليصعد عليها، وليستقبل الكعبة، وليقل كما قال على الصفا، وهكذا يصنع في باقي الأشواط، الذهاب شوط والعودة شوط حتى يكمل سبعة أشواط؛
فيكون نهاية الشوط السابع بالمروة،
وليس للسعي ذكر مخصوص، وإنما يكثر مما شاء من الذكر، والدعاء، وقراءة القرآن.
ثامناً: إذا انتهى من السعي فليحلق رأسه أو يقصره، والحلق أفضل للمعتمر إلا أن يكون الحج قريباً فالتقصير أفضل؛ ليكون الحلق في الحج،
ولا يكفي تقصير بعض الشعر من مقدمة الرأس ومؤخرته؛ كما يفعله بعض الناس، بل لا بد من تقصير جميع شعر الرأس أو أكثره، أما المرأة فتجمع شعرها، وتأخذ منه قدر الأنملة.
وبهذا يكون المسلم أو المسلمة قد فرغ من أداء مناسك العمرة، فليسأل الله الإخلاص والقبول
زيارة المسجد النبوي سنة نُدِبنا إليها، ولكن لا علاقة لذلك بمناسك الحج أو العمرة،
فمن اعتمر أو حج ولم يزر المسجد النبوي فلا إثم عليه ولا حرج. وإن آثر الإنسان الزيارة فهو أفضل، ولكنه ينوي بها زيارة المسجد لا القبر؛ لقول النبي: ((لا تشدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى)) أخرجه الشيخان.
نسأل الله - تعالى - أن يتقبل منا ومن جميع المسلمين أعمالهم، وأن يثيبنا وإياهم على ذلك الثواب الجزيل، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
منقول بتصرف