صور من الصابرين على البلاءفقال لها :
اتقِي اللهَ واصبري ،
قالت :
إليكَ عنّي فإنكَ لم تصبْ بمصيبَتِي ، ولم تعرفهُ ،
فقيلَ لها : هو رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فأخذها مثلَ الموتِ ،
فأتتْ بابَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فلم تجِدْ عنده بوابِينَ ،
فقالتْ :
يا رسولَ اللهِ ! إنّي لم أعرفكَ .
فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم :
إن الصبرَ عندِ أَولِ الصدمةِ )
الراوي : أنس بن مالك – المحدث : البيهقي –
المصدر : السنن الصغير للبيهقي - الصفحة أو الرقم : 2/38
خلاصة حكم المحدث : صحيح
أي يجب على الإنسان أن يصبر في بداية المصيبة .
***
أسلم عمار بن ياسر وأبوه ياسر وأمه سمية - رضي الله عنهم –
و علم الكفار بإسلامهم جميعًا ، وظلوا يعذبونهم عذابًا شديدًا
فلما مرَّ عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم ،
قال لهم :
( صبرًا آل ياسرٍ ، فإنَّ موعدَكم الجنةُ .)
الراوي : جابر بن عبدالله – المحدث : الألباني –
المصدر : فقه السيرة - الصفحة أو الرقم : 103
خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح
وصبر آل ياسر ، وتحملوا ما أصابهم من العذاب ،
حتى مات الأب والأم من شدة العذاب ، واستشهد الابن بعد ذلك
في إحدى المعارك ؛ ليكونوا جميعًا من السابقين إلى الجنة ،
الضاربين أروع الأمثلة في الصبر وتحمل الأذى .
ما هو الصبر؟
الصبر هو أن يلتزم الإنسان بما يأمره الله به فيؤديه كاملا ،
وأن يجتنب ما ينهاه عنه ،
وأن يتقبل بنفس راضية ما يصيبه من مصائب وشدائد ،
والمسلم يتجمل بالصبر، ويتحمل المشاق، ولا يجزع،
ولا يحزن لمصائب الدهر ونكباته .
يقول الله تعالى :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ
إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }
) البقرة: 153(
الصبر خلق الأنبياء
ضرب أنبياء الله - صلوات الله عليهم - أروع الأمثلة في الصبر
وتحمل الأذى من أجل الدعوة إلى الله
وقد تحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم المشاق في سبيل
نشر الإسلام ، وكان أهل قريش يرفضون دعوته للإسلام
ويسبونه ، ولا يستجيبون له ، وكان جيرانه من المشركين
يؤذونه ويلقون الأذى أمام بيته ، فلا يقابل ذلك إلا بالصبر
الجميل .
يقول عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - عن صبر الرسول
صلى الله عليه وسلم وتحمله للأذى :
)كأني أَنظُرُ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم يَحْكِي نبيًّا مِن
الأنبياءِ ، ضرَبَه قومُه فأَدَمَوْه ، وهو يَمْسَحُ الدمَ عن وجهِه
ويقولُ: اللهمَّ، اغفِرْ لقومي؛ فإنهم لا يعلمون. (
الراوي: عبدالله بن مسعود - المحدث:البخاري –
المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3477
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
وقد وصف الله – تعالى - كثيرًا من أنبيائه بالصبر ،
فقال تعالى :
{ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ*
وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ }
)الأنبياء: 85-86(
وقال الله تعالى :
{ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ }
[الأحقاف: 35]
وأولو العزم من الرسل هم
نوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ، ومحمد
- عليهم صلوات الله وسلامه –
وقال تعالى :
{ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَىٰ مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا
حَتَّىٰ أَتَاهُمْ نَصْرُنَا ۚ }
) الأنعام: 34(
وقال تعالى عن نبيه أيوب :
{ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ {
( ص : 44)
فقد كان أيوب - عليه السلام -
رجلا كثير المال والأهل فابتلاه الله واختبره في ذلك كله ،
فأصابته الأمراض ، وظل ملازمًا لفراش المرض
سنوات طويلة ، وفقد ماله وأولاده ،
ولم يبْقَ له إلا زوجته التي وقفت بجانبه صابرة محتسبة وفيةً له .
وكان أيوب مثلا عظيمًا في الصبر ، فقد كان مؤمنًا بأن ذلك
قضاء الله ، وظل لسانه ذاكرًا ، وقلبه شاكرًا ،
فأمره الله أن يضرب الأرض برجله ففعل ، فأخرج الله له
عين ماء باردة ، وأمره أن يغتسل ويشرب منها ، ففعل ،
فأذهب الله عنه الألم والأذى والمرض ، وأبدله صحة وجمالا
ومالا كثيرًا ، وعوَّضه بأولاد صالحين جزاءً له على صبره .
قال تعالى :
{ وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْله وَمِثْلهمْ مَعَهُمْ رَحْمَة مِنَّا وَذِكْرَى
لِأُولِي الْأَلْبَاب }
( ص : 43)
فضل الصبر
أعد الله للصابرين الثواب العظيم والمغفرة الواسعة ،
يقول تعالى :
{ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ *
الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ *
أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ }
( البقرة : 155- 157)
ويقول :
{ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ }
( الزمر: 10 )
( إن ناسًا من الأنصارِ ، سألوا رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
فأعْطَاهم ، ثم سألُوهُ فأعْطاهم ، حتى نَفِدَ ما عندهُ ،
فقال : ما يكون عِندَي من خيرٍ فلن أدَّخِرَهُ عنكم ،
ومن يستعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ ، ومَن يَستَغنِ يُغنِهِ اللَّهُ ،
ومَن يتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ ،
وما أُعطيَ أحدٌ عطاءً خيرًا وأوسعَ مِنَ الصَّبرِ .)
الراوي : أبو سعيد الخدري – المحدث : البخاري –
المصدر : صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 1469
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
ويقول صلى الله عليه وسلم :
( ما يُصيبُ المُسلِمَ، مِن نَصَبٍ ولا وَصَبٍ ،
ولا هَمٍّ ولا حُزْنٍ ولا أذًى ولا غَمٍّ ، حتى الشَّوْكَةِ يُشاكُها ،
إلا كَفَّرَ اللهُ بِها مِن خَطاياهُ )
الراوي : أبو هريرة - المحدث : البخاري
المصدر : صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم : 5641
خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]
نَصَبٍ = (تعب)
وَصَبٍ = (مرض)
أنواع الصبر
الصبر أنواع كثيرة ، منها :
الصبر على الطاعة ،
والصبر عن المعصية ،
والصبر على المرض ،
والصبر على المصائب ،
والصبر على الفقر،
والصبر على أذى الناس.. إلخ.
الصبر على الطاعة :
فالمسلم يصبر على الطاعات ؛
لأنها تحتاج إلى جهد وعزيمة لتأديتها في أوقاتها على خير وجه،
والمحافظة عليها .
يقول الله – تعالى - لنبيه صلى الله عليه وسلم :
{ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ }
( الكهف: 28 )
ويقول تعالى :
{ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا }
( طه : 132 )
الصبر عن المعصية
المسلم يقاوم المغريات التي تزين له المعصية
و هذا يحتاج إلى صبر عظيم ، وإرادة قوية .
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( أفضلُ المؤمنينَ إسلامًا من سَلِمَ المسلمونَ من لسانِه و يدِه ،
وأفضلُ المؤمنينَ إيمانًا أحسنُهم خُلقًا ؛
وأفضلُ المهاجرين من هجر ما نهى اللهُ تعالى عنه ،
و أفضلُ الجهادِ من جاهد نفسَه في ذاتِ اللهِ عزَّ و جلَّ )
الراوي : عبدالله بن عمرو – المحدث : الألباني –
المصدر : صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم : 1129
خلاصة حكم المحدث : صحيح
الصبر على المرض :
إذا صبر المسلم على مرض ابتلاه الله به ،
كافأه الله عليه بأحسن الجزاء .
قال صلى الله عليه وسلم :
( من أصيبَ بمصيبةٍ في مالِهِ أو في نفسِهِ فَكَتمَها ولم يشكُها
إلى النَّاس كانَ حقًّا على اللَّهِ أن يغفرَ لَهُ )
الراوي : المحدث : الهيتمي المكي - المصدر : الزواجر –
الصفحة أو الرقم : 1/164
خلاصة حكم المحدث : صحيح
وصبر المسلم على مرضه سبب في دخوله الجنة ،
فالسيدة أم زُفَر - رضي الله عنها - كانت مريضة بالصَّرَع ،
فطلبت من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله لها بالشفاء
فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم :
( قال لي ابنُ عباسٍ : أَلاَ أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ ؟
قُلْتُ : بلى،
قال : هذه المرأةُ السَّوْداءُ،
أتَتِ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقالتْ :
إني أُصْرَعُ، وإني أتَكَشَّفُ، فادْعُ اللهَ لي،
قال : ( إن شِئتِ صبرتِ ولك الجنَّةُ، وإن شِئتِ دعَوتُ اللهَ أن يُعافيَكِ ) .
فقالتْ : أصبِرُ، فقالتْ : إني أتَكَشَّفُ، فادْعُ اللهَ أنْ لا أتَكَشَّفَ، فدَعا لها . )
الراوي : عبدالله بن عباس – المحدث : البخاري –
المصدر : صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم : 5652
خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]
ويقول تعالى في الحديث القدسي :
( إنَّ اللَّهَ قالَ : إذا ابتليتُ عبدي بحبيبتَيهِ فصبَرَ ،
عوَّضتُه منهُما الجنَّةَ . يريدُ : عينيهِ .)
الراوي : أنس بن مالك – المحدث : البخاري –
المصدر : صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم : 5653
خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]
يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
( يقولُ اللهُ تعالَى : ما لعبدي المؤمنِ عندي جزاءٌ ، إذا قبضتُ
صفِيَّه من أهلِ الدُّنيا ثمَّ احتسبه ، إلَّا الجنَّةَ )
الراوي : أبو هريرة – المحدث : البخاري –
المصدر : صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم : 6424
خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]
وقد مرَّت أعرابية على بعض الناس ، فوجدتهم يصرخون ،
فقالت :ما هذا ؟
فقيل لها:مات لهم إنسان .
فقالت:
ما أراهم إلا من ربهم يستغيثون ،
وبقضائه يتبرمون (يضيقون) ،
وعن ثوابه يرغبون ( يبتعدون )
وقال الإمام علي :
إن صبرتَ جرى عليك القلم وأنتَ مأجور
وإن جزعتَ جرى عليك َالقلم وأنت مأزور
الصبر على ضيق الحياة :
المسلم يصبر على عسر الحياة وضيقها ، ولا يشكو حاله إلا
لربه ، وله الأسوة و القدوة في رسول الله
صلى الله عليه وسلم وأزواجه أمهات المؤمنين .
عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت :
( ابن أُخْتي ، إنْ كنا لننظرُ إلى الهلالِ ، ثم الهلالِ ، ثلاثة أهِلَّةٍ
في شهرينِ ، وما أوقِدَتْ في أبْياتِ رسول الله صلَّى اللهُ عليه
وسلَّم نارٌ .
فقُلْت : يا خَالَةُ، ما كان يُعِيشُكم ؟
قالتْ : الأسودانِ التمرُ والماءُ ،
إلا أنه قد كان لرسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جيرانٌ من
الأنصارِ ، كانت لهم منائِحُ ، وكانوا يَمنحونَ رسول الله صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم من ألبانِهِم فيَسْقينا. )
الراوي : عائشة أم المؤمنين – المحدث : البخاري –
المصدر : صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم : 2567
خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]
الصبر على أذى الناس :
قال صلى الله عليه وسلم :
( المسلِمُ إذا كانَ مخالطًا النَّاسَ ويصبِرُ على أذاهم خيرٌ منَ
المسلمِ الَّذي لا يخالطُ النَّاسَ ولا يصبرُ على أذاهم )
الراوي : شيخ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
المحدث : الألباني – المصدر : صحيح الترمذي
الصفحة أو الرقم : 2507
خلاصة حكم المحدث : صحيح
والله المستعان وعليه التكلان .
فتحــــــــــى عطــــــــــــــــــا
FATHY-ATTA