بلاغة عبد القاهر الجرجانى

alighalel

مشرف منتدى اللغة العربية
طاقم الإدارة
يعد عبد القاهر الجرجانى من احد علماء العربية الذين اسسوا لعلم البلاغة بكتابية الشهيرين " اسرار البلاغة " و " دلائل الاعجاز " وكان لة الكعب العالى فى هذا الفن فكل ما ألف فى هذا الفن يستقى من رافدة ويرجع الية وهذا الموضوع ما هو الا نبذة مختصرة عن هذا العالم الجليل وثقافتة وفضلة​
واليكم ترجمتة​
1- اسمه ونشأته:

هو أبو بكر عبدالقاهر بن عبد الرحمن بن محمد الجرجاني شيخ العربية المتكلم على مذهب الأشعرية والفقيه على المذهب الشافعى.
ولد مطاع القرن الخامس للهجرة في جرجان وهي مدينة مشهورة بين طبرستان وخرسان . ولم يبرح بلده ولعل السبب أنه كان فقيرا , أو لأنه كان زاهدا في الدنيا فلم يتصل بالحكام ولم يرحل إليهم وفي مدينة جرجان الجميلة نشأ كما ينشأ الصبيان ودرس علوم الدين والعربية كما درسها الآخرون وقد هيأ الله له علما من أعلام النحو هو أبو الحسين محمد بن الحسين بن محمد الفارسي النحوي ابن أخت أبي علي الفارسي الذي نزل جرجان واستقر بها فأخذ عنه أهلها فضلا كثيرا .
وكان عبد القاهر أحد تلامذته الذين تأثروا به ودرسوا عليه كتاب (الإيضاح) لأبي علي الفارسي .

قال السلفي كان ورعا قانعا دخل عليه سارق فأخذ ما وجد وهوفي الصلاة ينظر إليه فما قطعها .

قال ابن قاضي شهبة : كان شافعي المذهب متكلما على طريقة الأشعري, وفيه دين وله فضيلة تامة في النحو وصنف كتبا كثيرة .




2- ثقافته:

سبق وأن أشرنا إلى أن عبد القاهر درس في صغره علوم الدين والعربية وأخذ النحو عن أبو الحسين الفارسي وقرأ عليه الإيضاح .
ولكن عبد القاهر لم يقف عند أخذه من شيخه وإنما قرأ الكتب بعقل واع ووقف متريثا أمام نصوصها شأن الطالب الذي يجتهد في القراءة والتحصيل ونقل عن كثير ممن اشتهروا باللغة والنحو والبلاغة والأدب كسيبويه والجاحظ وأب علي الفارسي والمبرد وابن قتيبة والعسكري والآمدي والقاضي الجرجاني وقدامة وقرأ كتاب الألفاظ الكتابية لعبد الرحمن بن عيسى الهمداني ورجع إلى كتاب الشعراء للمرزباني ونقل عن الزجاج وذلك يدلنا على أن الرجل تثقف ثقافة نحوية أدبية إلى جانب ثقافته الدينية, وربما كان للنحو الحظ الأوفر من علمه فكان يلقب بالنحوي .

ولقد تميز عبد القاهر بملكة ذوقية ظهرت على عمله البلاغي من حيث اختيار الشواهد والنصوص وتناولها بالتحليل والبيان .
وبنظرة واحد إلى تحليلات عبد القاهر نعلم أنه كان يكتب بروح أدبية فذة وعقلية نقدية متميزة .
ولذلك نجده يرجع الحسن والقبح في بعض الأحيان إلى الذوق والمزاج واللذة ونحو ذلك .
إن مثل هذه الثقافة الموسوعية والموهبة النقدية والأدبية عندما اجتمعت أخرجت لنا كتاب الدلائل الذي كان نقلة تاريخية لعلم البلاغة والنقد جميعا .
لاسيما ان البلاغة العربية لها ارتباط وثيق بالقرآن الكريم في تفسيره وإعجازه .
وكان من أثر تدينه وثقافته الدينية أنه جعل جلّ اهتمامه في التأليف الدين قبل البلاغة فهو لم يكتب في البلاغة لذاتها , وإنما كتب خدمة لعقيدته ودينه ورغبة في أن يفهم الناس الإعجاز القرآني كما ينبغي أن يفهم في رأيه .
ويظهر هذا الاتجاه في كتابه الدلائل فإنه كان مرتبطا بالجو الديني الذي أشاعه أصحابه ولذلك تراه لايقبل الإساءة إلى الدين في الشعر , أي أنه كان ينظر إلى النصوص نظرة خلقية تقوم على الدين .
كما ان أثر النحو ظهر جليا في التأليف البلاغي عند عبد القاهر , وقد بنى عليه نظريته من أساسها فالإعجاز عنده أنما يظهر من خلال العلاقات النحوية والإعرابية بين الألفاظ .

3- آثاره :


لقد كان عبد القاهر عالما متبحرا وأكثر ما تميز به النحو ويظهر أنه أعجب أيما إعجاب بكتاب الإيضاح في النحو الذي ألفه أبو علي الفارسي فقد ألف عليه عبد القاهر أربعة كتب.

أولها : شرح مبسوط في نحو ثلاثين مجلدا سماه (المغني) .

ثانيهما : ملخص لهذا الشرح الطويل سماه (المقتصد) في ثلاثة مجلدات
ثالثهما : كتاب (التكملة) وربما أراد بهذا الكتاب أن يضيف مسائل لم يذكرها صاحب الإيضاح .
ورابعهما : كتاب (الإيجاز).

وله كتاب الجمل في النحو وهو مختصر. ثم ألف شرحا لكتاب الجمل هذا أسماه (التلخيص).
وكتاب الجمل السابق هو شرح لمختصر في النحو ألفه عبد القاهر سماه (العوامل المائة في النحو).

هذا في النحو أما في الأدب فقد كان لعبد القاهر مشاركة طيبة فيه , فقد وضع ديوانا سماه(المختارات من دواوين المتنبي والبحتري وأبي تمام) وهو كتاب اعتنى بنسخه وتصحيحه ومعارضته بالأصول وشرحه عبد العزيز الميمني ويقول ناشره : وهذا الاختيار لا أعرف أحدا يكون يعرفه أو يذكره في عداد تآليف الشيخ .

أما في العلوم الشرعية فله كتاب (شرح الفاتحة) وله شرح على إعجاز القرآن أحدهما كبير سماه (المعتضد) والآخر صغير.

وله (الرسالة الشافية) في الإعجاز, وكتابيه الشهيرين (دلائل الإعجاز) (وأسرار البلاغة) وله مسائل منثورة في مجلدين كالتذكرة ذكره القفطي.

4- مكانة عبد القاهر عند القدماء :


لقد كان لعبد القاهر مكانة رفيعة في عصره وذاع صيته في الآفاق وقد أثنى عليه عدد من العلماء قديما . قال عنه ابن قاضي شهبة : له فضيلة تامة في النحو , صنف كتبا كثيرة.

وقال عنه الكتبي في فوات الوفيات : كا نمن كبار أئمة العربية.

وقال عنه أبو الحسن الباخرزي : اتفقت على إمامته الألسنة وتجملت بمكانه وزمانه الأمكنة والأزمنة وأثنى طيب العناصر وثنيت به عقود الخناصر, فهو فرد في علمه الغزير بل هو العلم الفرد في الأئمة المشاهير .
وأن كان في هذا القول بعض المبالغة إلا أنه يحكي بعض ما بلغ من مكانة عبد القاهر وعلمه ويكفي شرفا ان الله كتب لكتابيه البقاء والنفع إلى عصرنا هذا فهما أساسان في هذا العلم في حين أن المؤلفات سواهما في هذا العلم كثر ولا تكاد تعرف أو تذكر , وهذا إنما يدل على جودة التأليف وحسن الفكر وصدق النية .

وقال عنه القفطي : عالم بالنحو والبلاغة قرأ ونظر في تصانيف النحاة والأدباء وتصدر بجرجان وحثت إليه الرحال وصنف التصانيف الجليلة.

وقال صاحب الطراز في فاتحة كتابه : ( أول من أسس من هذا الفن قواعده وأوضح براهينه وأظهر فوائده ورتب أفانينه الشيخ النحرير علم المحققين عبد القاهر الجرجاني فلقد فك قيد الغرائب بالتقييد ,وفتح أزهارها من أكمامها , وفتق أزراره بعد استغلاقها واستبهامها فجزاه الله عن الإسلام أفضل الجزاء ).

5- مكانته عند المحدثين :


قال عنه أحمد بدوي : لسنا ندعي أن عبد القاهر قد ابتكر البلاغة العربية وكان الواضع الأول فقد سبقته جهود مضنية في دراسة الكثير من مسائلها ولكن لكي نضع الحق في نصابه نقر أن مسائل البلاغة إلى عهد عبد القاهر لم تكن تميزت مسائلها بين فنونها الثلاثة المعاني والبيان والبديع ولم يكن الفرق بين البلاغة والفصاحة واضح وإنما اتضح بعد عبد القاهر.
ولم يكن عبد القاهر عندما كان يؤلف الدلائل ويتحدث عن المعاني أنه أسس علما جديدا عرف بعده بعلم المعاني ولا ريب أن الفضل في ابتكار هذا العلم يرجع إلى عبد القاهر وحده .
وفضل عبد القاهر في مسائل البيان يبدو في محاولة تحديد مسائله وذكر أقسامه, ومعرفة سر بلاغته والوقوف عند أمثلته مستوحيا سر جمالها وذلك مجتمعا أمر لم يقم به بلاغي قبل عبد القاهر.

وقد نجح عبد القاهر نجاحا باهرا في التوفيق بين التفكير الأدبي الذوقي والمنهج الفلسفي العلمي
ولنا اعتراض على قول أحمد بدوي أن عبد القاهر لم يكن يعلم أنه يؤسس علما جديد , فإنه ومن كلام عبد القاهر يظهر أن عبد القاهر كان أثنا كتابته شديد الرغبة في تغيير الواقع البلاغي في عصر فكان يفرض الاعتراضات ويرد عليها وينقض شبه المخالفين ويرد على أقوال السابقين المخالفة وكل هذا يوحي بأن عبد القاهر كان يريد أن يطرح مذهبا بلاغيا جديدا ويريد أن يفرضه بقوة حجته وسلطة لسانه وحسن بيانه .


ويقول محمد مندور: لقد ذهبت شهرت عبد القاهر بين علماء البلاغة على انه قطب من أقطابها وعلم من أعلامها وعد عند أكثر الباحثين أحد المؤسسين لهذا العلم ورواده عند العرب وذلك صحيح إذا أريد بالبلاغة معناها الواسع أو نظر إلى صلتاه الوثيقة بالأدب والنقد الأدبي , أما أن يعتبر عبد القاهر بلاغيا لأنه استخرج فنونا جديده من فنون البلاغة أو لأنه سلك مسلك الأولين في التماس الحد الجامع المانع لكل فن من فنونها واستخرج لها الشواهد واستوفى الأقسام فأن ذلك أبعد الآراء عن الصحة والصدق . لكن موضع عبدالقاهر الحقيقي يجب أن يكون بين نقاد الأدب , وأن يكون في طليعة النقاد العرب .

وبعد هذا فقد تأثرت البلاغة العربية بعبد القاهر تأثرا واضحا فقد درست آراؤه وكانت مثار المناقشات بين العلماء موافقين ومخالفين , ويعد عبد القاهر مبتكر علم المعاني فلم يكن يعرف قبله وفضله في مسائل البيان يرجع إلى محاولته تحديد مسائله وذكر أقسامه ومعرفة سرّ بلاغته والوقوف عند أمثلته مستوحيا سرّ جمالها وذلك مجتمعا أمر لم يقم بلاغي قبل عبد القاهر.


المصدر​
نظرية النظم عند عبد القاهر​
لعبد العزيز بن عبد الرحمن الشعلان​
 
عودة
أعلى