ثامن المبشرين بالجنة - سيدنا سعد بن أبي وقاص

قصي حمدان

New Member
سعد بن أبي وقـاص
أحد العشرة المبشرين بالجنة
(( يا سعد : ارم فداك أبي و أمي )) حديث شريف


نسبه :
سعد بن مالك بن أهيب الزهري القرشي أبو اسحاق...فهو من بني زهرة أهل آمنة بنت وهب أم الرسول - صلى الله عليه وسلم- ...فقد كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يعتز بهذه الخؤولة فقد ورد أنه -صلى الله عليه وسلم- كان جالسا مع نفر من أصحابه فرأى سعد بن أبي وقاص مقبلا
فقال لمن معه :"هذا خالي فليرني أمرؤ خاله"...
إسلامه :
كان سعد -رضي الله عنه- من النفر الذين دخلوا في الاسلام أول ما علموا به...فلم يسبقه الا أبوبكر و علي وزيد و خديجة...قال سعد بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدعوا الى الاسلام مستخفيا فعلمت أن الله أراد بي خيرا وشاء أن يخرجني بسببه من الظلمات الى النور ...فمضيت اليه مسرعا حتى لقيته في شعب جياد وقد صلى العصر فأسلمت...فما سبقني أحد الا أبي بكر وعلي وزيد -رضي الله عنهم- ، وكان ابن سبع عشرة سنة...كما يقول سعد -رضي الله عنه- لقد أسلمت يوم أسلمت وما فرض الله الصلوات )...
أحد المبشرين بالجنة :
ذات يوْمٍ كان النبي عليه الصلاة والسلام جالِساً مع أصْحابه فَنَظَر إلى الأُفُق بإصْغاء ، ثمّ قال : يطْلع عليكم الآن رجُلٌ من أهل الجنَّة ، فأخذ الأصْحابُ يلْتَفِتون صَوْبَ كُلِّ اتِّجاهٍ ، يسْتَشْرِفون هذا السعيد المُوَفَّقُ المَحْظوظ ، ثمَّ أطلَّ سيّدنا سعْد عليهم ، فلاذَ به أحدُ الصحابة ، وقال له : قُل لي : ماذا تفْعل ؟ وكيف اسْتَحْقَقْتَ هذه البِشارة من رسول الله ؟ وبعد إلْحاحٍ ، قال له: لا أعمل إلا ما تعْملونه جميعاً من العِبادة ؛ أصوم وأُصلي وأغضّ بصري غير أني لا أحمل لِأحدٍ من المُسلمين ضِغْناً ولا حقدًا ولا أبغيهم سوءًا .
أول دم هريق في الإسلام :
في بداية الدعوة ، كان أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- إذا صلوا ذهبوا في الشعاب فاستخفوا بصلاتهم من قومهم ، فبينما سعد بن أبي وقاص في نفر من الصحابة في شعب من شعاب مكة ، إذ ظهر عليهم نفر من المشركين وهم يصلون ، فناكروهم وعابوا عليهم ما يصنعون حتى قاتلوهم ، فضرب سعد -رضي الله عنه- يومئذ رجلاً من المشركين بلحي بعير فشجه ( العظم الذي فيه الأسنان ) ، فكان أول دم هريق في الإسلام...
أول سهم رمي في الإسلام :
بعثه الرسول -صلى الله عليه وسلم- في سرية عبيدة بن الحارث -رضي الله عنه- الى ماء بالحجاز أسفل ثنية المرة فلقوا جمعا من قريش ولم يكن بينهم قتال ألا أن سعد قد رمى يومئذ بسهم فكان أول سهم رمي به في الاسلام...

سعد بن أبي وقاص شخصية فذة :
سَيِّدُنا عمر رضي الله عنه كان أمير المؤمنين ، وقد تلقى أنْباءً مُؤْسِفَةً جداً من بلاد الفُتوحات في فارس ، فقد قُتِل في يومٍ واحدٍ أربعة آلاف شهيد من أصْحاب رسول الله ، ولم يعُدْ يمْلك خِياراً ، فأراد هذا الخليفة العظيم أن يقود جَيْشَ إنْقاذٍ بِنَفْسِه ، وجَهَّزَ هذا الجَيْش ممن بَقِيَ من أصْحاب رسول الله وقادهم وخرج من المدينة ، لكنّ صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلَّم رأوا أنَّ حياة هذا الخليفة العظيم ليْسَتْ مِلْكَهُ ، إنما هي مِلْكُ المُسْلِمين.
فنزل سيّدنا عمر عند رأْيِهِم ، وقال : من تَرَوْن أنْ نبْعث إلى العِراق ؟ فصَمَتَ أصْحابُهُ ، وراحوا يُفَكِّرون ، ثمَّ صاح عبد الرحمن بن عَوْفٍ لقد وَجَدْتُهُ ! قال عمرُ من هو ؟! قال : الأسد في براثِنِه سعْدُ بن مالك الزهري ؛ أيْ سعْدُ بن أبي وقاص .
وقد ولاه عمر -رضي الله عنه- امرة جيش المسلمين الذي حارب الفرس في القادسية وكتب الله النصر للمسلمين وقتلوا الكافرين وزعيمهم رستم...وعبر مع المسلمين نهر دجلة حتى وصلوا المدائن وفتحوها ، وكان إعجازا عبور النهر بموسم فيضانه حتى أن سلمان الفارسي قد قال إن الإسلام جديد ، ذللت والله لهم البحار ، كما ذللت لهم البر ، والذي نفس سلمان بيده ليخرجن منه أفواجا ، كما دخلوه أفواجا )... وبالفعل أمن القائد الفذ سعد مكان وصول الجيش بالضفة الأخرى بكتيبة الأهوال وكتيبة الخرساء ، ثم اقتحم النهر بجيشه ولم يخسر جنديا واحدا في مشهد رائع ، ونجاح باهر... ودخل سعد بن أبي وقاص ايوان كسرى وصلى فيه ثماني ركعات صلاة الفتح شكرا لله على نصرهم ...
كان النبي عليه الصلاة والسلام كلما دخل عليه سعْدُ بن أبي وقاص يُداعِبُهُ ويقول : هذا خالي ، أروني خالاً مِثْل خالي ، و له ميزة ثانية هي أنه لا يوجد صحابي جليل فداهُ النبي عليه الصلاة والسلام بِأُمِّهِ وأبيه إلا سعْد بن أبي وقاص ، فعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ مَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ أَبَوَيْهِ لِأَحَدٍ إِلَّا لِسَعْدِ بْنِ مَالِكٍ فَإِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ يَوْمَ أُحُدٍ يَا سَعْدُ ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي * [رواه البخاري]
سيّدنا سعْد بن أبي وقاص كان يقول : والله إني لأوَّلُ رجُلٍ من العَرَب رمى بِسَهْمٍ في سبيل الله ، إذاً هو ثُلُثُ الإسلام ، ثالث واحد دخل الإسلام .
في غزوة أحد :
وشارك في أحد وتفرق الناس أول الأمر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ووقف سعد يجاهد ويقاتل فلما رآه الرسول -صلى الله عليه وسلم- يرمي جعل يحرضه ويقول له يا سعد ارم فداك أبي وأمي )...وظل سعد يفتخر بهذه الكلمة طوال حياته ويقول ما جمع الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأحد أبويه الا لي ) وذلك حين فداه بهما...
سلاحاه القويان :
هذا الصحابي الجليل معه سِلاحان قويَّان ؛ رُمْحُهُ ودُعاؤُهُ ، فقد كان مُسْتجاب الدعوة لأنَّ النبي عليه الصلاة والسلام قال : اللهم سدِّدْ رَمْيَتَهُ ، وأجِبْ دَعْوَتَهُ ؛ ، يُرْوى أنَّ سيّدنا سَعْد رأى رَجُلاً يسُبُّ علِياً كرَّم الله وجْهه وطلْحة والزبير فنهاهُ فلم ينْتهِ ، يا رجُل هؤلاء أصْحاب النبي !! فقال له : إذاً أدْعو عليك فقال الرجل : أراك تتهَدَّدُني كأنَّك نبِيّ ، فانْصَرَفَ سعْدُ وتوضَّأ وصلى ركْعَتَين ، ثمّ رفع يديه وقال : اللهم إنْ كنت تعلم أنَّ هذا الرجل قد سَبَّ أقْواماً قد سَبَقَتْ منك لهم الحُسنى ، وأنه قد أسْخَطَك سَبُّهُ إياهم فاجْعَلْهُ آيةً وعِبْرة ، وقد كان ، ولم يمْضِ إلا الوقتُ اليسير حتى خَرَجَت من إحْدى الدور ناقَةٌ شاردة لا يَرُدُّها شيء ، فدخلَتْ في زِحام الناس كأنها تبْحثُ عن شيء ، ثمَّ اقْتَحَمَت الرجل ، وأخَذَتْهُ بين قوائِمِها ، وما زالتْ تَخْبِطُهُ حتى مات .
كرمه :
عَنْ سَعْدَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ عَادَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ وَجَعٍ أَشْفَيْتُ مِنْهُ عَلَى الْمَوْتِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَلَغَ بِي مِنْ الْوَجَعِ مَا تَرَى وَأَنَا ذُو مَالٍ وَلَا يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةٌ لِي وَاحِدَةٌ أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي قَالَ لَا قُلْتُ أَفَأَتَصَدَّقُ بِشَطْرِهِ قَالَ لَا قُلْتُ فَالثُّلُثِ قَالَ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ وَلَسْتَ تُنْفِقُ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا أُجِرْتَ بِهَا حَتَّى اللُّقْمَةَ تَجْعَلُهَا فِي فِي امْرَأَتِكَ ...*
[رواه البخاري]

سعد بين بره لأمه وطاعته لربه :
سَيِّدُنا سعْد حاوَلَتْ أُمُّهُ كثيراً أنْ تصْرِفَهُ عن هذا الدِّين فلم تُفْلِح فقالت له : يا سعْد إني سأصوم عن الطعام ، ولن أُفْطر حتى تكْفر بِمُحَمَّد أو أنْ أموت ، سيّدنا سَعْد إيمانه كالجِبال قال : تعْلَمين واللهِ يا أُمي أنه لو كانت لك مئةُ نفْسٍ فخَرَجَتْ نفْساً نفْساً ، ما تَرَكْتُ دينَ مُحَمَّدٍ ، فَكُلي إن شِئت أو لا تأكلي ! ثمَّ تلا قوله تعالى : ( وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب الي ثم الي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون " ) [ لقمان : الآية 15 ]
إمارة العراق :
ولاه عمر -رضي الله عنهما- إمارة العراق ،و لما أرسله سيّدنا عمر إلى العراق أعْطاهُ وَصِيَّةً حاسِمَة ، قال له : يا سعْدُ بن وهيب ، لا يَغُرَنَّك من الله أنْ قيل : خالُ رسول الله وصاحِبُهُ ، فإنَّ الله ليس بينه وبين أحدٍ نسَبٌ إلاّ بطاعته ، والناسُ شريفهم ووضيعُهُم في ذات الله سواء ، فالله ربهم ، وهم عِبادُهُ ، يتفاضلون بالعافِيَة ، ويُدْركون ما عند الله بالطاعة .
فراح سعد يبني ويعمر في الكوفة ، وذات يوم اشتكاه أهل الكوفة لأمير المؤمنين فقالوا إن سعدا لا يحسن يصلي )...ويضحك سعدا قائلا والله إني لأصلي بهم صلاة رسول الله ، أطيل في الركعتين الأوليين وأقصر في الآخرين )...واستدعاه عمر الى المدينة فلبى مسرعا ، وحين أراد أن يعيده الى الكوفة ضحك سعدا قائلا أتأمرني أن أعود إلى قوم يزعمون أني لا أحسن الصلاة ؟!)...ويؤثر البقاء في المدينة...
الستة أصحاب الشورى :
و عندما حضرت عمر -رضي الله عنه- الوفاة بعد أن طعنه المجوسي...جعل الأمر من بعده الى الستة الذين مات النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو عنهم راض و أحدهم سعد بن أبي وقاص ، وقال عمر إن وليها سعد فذاك ، وإن وليها غيره فليستعن بسعد )...
سعد والفتنة :
اعتزل سعد الفتنة وأمر أهله وأولاده ألا ينقلوا له أخبارها ، وذات يوم ذهب إليه ابن أخيه هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ويقول له يا عم ، ها هنا مائة ألف سيف يرونك أحق الناس بهذا الأمر )...فيجيبه سعد أريد من مائة ألف سيف ، سيفا واحدا ، إذا ضربت به المؤمن لم يصنع شيئا ، وإذا ضربت به الكافر قطع )...فتركه ابن أخيه بسلام...وحين انتهى الأمر لمعاوية سأل سعدا مالك لم تقاتل معنا ؟)...فأجابه إني مررت بريح مظلمة فقلت : أخ...أخ...وأنخت راحلتي حتى انجلت عني )...فقال معاوية ليس في كتاب الله أخ...أخ...ولكن قال الله تعالى وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ، فأصلحوا بينهما ، فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله )...
وأنت لم تكن مع الباغية على العادلة ، ولا مع العادلة مع الباغية )...فأجاب سعد قائلا ما كنت لأقاتل رجلا -يعني علي بن أبي طالب- قال له الرسول : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي )...
وفاته :
وعمر سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- كثيرا...وأفاء الله عليه من المال الخير الكثير... لكنه حين أدركته الوفاة دعا بجبة من صوف بالية وقال : ( كفنوني بها فاني لقيت بها المشركين يوم بدر...واني أريد أن ألقى بها الله عز وجل أيضا ) ... وكان رأسه بحجر ابنه الباكي فقال له ما يبكيك يا بني ؟...إن الله لا يعذبني أبدا ، وإني من أهل الجنة )...فقد كان إيمانه بصدق بشارة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كبيرا...وكانت وفاته سنة خمس وخمسين من الهجرة النبوية...وكان آخر المهاجرين وفاة ، ودفن في البقيع...

انتهى يتبع لاحقا بإذن الله – أخوكم في الله قصي حمدان
 
رضى الله عنه وأرضاه وصل اللهم وسلم وبارك على محمد النبى وعلى آله الأطهار .

شكرا أخى الكريم .
 
جزاك الله خيرا أخى قصى و جعل هذا العمل فى ميزان حسناتك إن شاء الله.
 
قصي حمدان قال:
سعد بين بره لأمه وطاعته لربه :
سَيِّدُنا سعْد حاوَلَتْ أُمُّهُ كثيراً أنْ تصْرِفَهُ عن هذا الدِّين فلم تُفْلِح فقالت له : يا سعْد إني سأصوم عن الطعام ، ولن أُفْطر حتى تكْفر بِمُحَمَّد أو أنْ أموت ، سيّدنا سَعْد إيمانه كالجِبال قال : تعْلَمين واللهِ يا أُمي أنه لو كانت لك مئةُ نفْسٍ فخَرَجَتْ نفْساً نفْساً ، ما تَرَكْتُ دينَ مُحَمَّدٍ ، فَكُلي إن شِئت أو لا تأكلي ! ثمَّ تلا قوله تعالى : ( وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب الي ثم الي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون " ) [ لقمان : الآية 15 ]

من أروع القصص التي تثبت الإيمان الصادق:yes:
أخي شكراً لك وجعلها الله في موازين حسناتك ..
 
اخي قصي لو شكرت فهذا لا يكون شيء امام جهودك العظيمة في نشر المعلومات الصحيحة عن اعظم صحابة فلك مني كل الاحترام والمودة تحيتي دمت بكل ود
 
عودة
أعلى