في ظَلامِ اللَّيلِ يَمشي مُبطِئاً ------------- وَهوَ مِثلُ اللَّيلِ هَولاً قَد بَدا
وَحدَهُ يَمشي كَأَنَّ الأَرضَ لَم ---------------------- تبرِ إِلّاهُ عَظيماً سَيِّدا
وَيَدوس التُّربَ مَرفوعاً كَما ----------- تَلمس الأَطلالَ أَطرافُ السَّحاب
فَكأنَّ الجسمَ في أَثوابِه ----------------------- مِن شُعاعٍ وَسَديمٍ وَضَباب
قُلتُ يا طَيفاً يعيقُ اللَّيل في ------------------ سَيره هَل أَنتَ جنٌّ أَم بَشَر
قالَ مُغتاظاً وَفي أَلفاظِهِ ---------------------- رَنّة الهزء أَنا ظلُّ القَدَر
قُلت لا يا طَيف قَد ماتَ القَضا ---------------- يَومَ ضَمّتني ذِراع القابِلَه
قال محتاراً أَنا الحُبّ الَّذي --------------------- لا يَنال العَيش إِلّا نائِلَه
قُلت لا فَالحُبُّ زَهرٌ لا يَعيش ---------------- بَعدَ أَن تَذبل أَزهار الرَّبيع
قالَ غضباناً وَفي لَهجَتِهِ -- ------------ ضَجَّة البَحر أَنا المَوتُ المُريع
قُلتُ لا فَالمَوتُ صُبحٌ إِن أَتى --------------------- أَيقَظَ النّائم مِن غَفلَتِهِ
قالَ مُختالاً أَنا المَجد فَمَن ---------------------- لَم يَنَلني ماتَ في عِلّتِهِ
قُلتُ لا فَالمَوتُ ظِلٌّ يَنثَني -- ---------- ------مُضمَحِلّاً بَينَ لَحدٍ وَكَفَن
قالَ مُرتاباً أَنا السرّ الَّذي -------------- ----- يَتَهادى بَينَ رُوحٍ وَبَدَن
قُلتُ لا فَالسرّ إِن باحَت بِهِ -------------------يَقظَة الفكرِ تَوَلّى كَالمَنام
قالَ مُلتاعاً كَفى تَسأَلني ----------------- مَن أَنا قلتُ أَفي السّؤل ملام
قالَ محجوباً أَنا أَنتَ فَلا ------------------- تَسأَلَنّ الأَرضَ عَنّي وَالسَّما
فَإِذا ما شِئتَ أَن تَعرِفَني ------------------- فَاِرقبِ المرآةَ صُبحاً وَمَسا
قال هَذا وَاِختَفى عَن ناظِري ---------------- مِثلَما الدُّخانُ تذريهِ الرِّياح
تارِكاً ما بي مِنَ الفِكرِ يَهيم ------- ------ بَينَ أَشباحِ الدُّجى حَتّى الصَّباح