سادس المبشرين بالجنة - سيدنا الزبير بن العوام

قصي حمدان

New Member
الزبيـر بن العوام
حواريّ رسول الله

(( إن لكل نبي حواريّاً ، وحواريّ الزبير بن العوام ))
حديث شريف
نسبه :
الزبير بن العوام يلتقي نسبه مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- في ( قصي بن كلاب )... كما أن أمه ( صفية ) عمة رسول الله ، وزوجته أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين ، كان رفيع الخصال عظيم الشمائل ، يدير تجارة ناجحة وثراؤه عريضا لكنه أنفقه في الإسلام حتى مات مدينا...
أول سيف شهر في الإسلام :
كان فارسا مقداما ، وإن سيفه هو أول سيف شهر بالإسلام ، ففي أيام الإسلام الأولى سرت شائعة بأن الرسول الكريم قد قتل ، فما كان من الزبير إلا أن استل سيفه وامتشقه ، وسار في شوارع مكة كالإعصار ،وفي أعلى مكة لقيه الرسول -صلى الله عليه وسلم- فسأله ماذا به ؟...فأخبره النبأ... فصلى عليه الرسول ودعا له بالخير ولسيفه بالغلب
إيمانه وصبره :
كان للزبير -رضي الله عنه- نصيبا من العذاب على يد عمه ، فقد كان يلفه في حصير ويدخن عليه بالنار كي تزهق أنفاسه ، ويناديه اكفر برب محمد أدرأ عنك هذا العذاب )...فيجيب الفتى الغض لا والله ، لا أعود للكفر أبدا )...ويهاجر الزبير الى الحبشة الهجرتين ، ثم يعود ليشهد المشاهد كلها مع الرسول -صلى الله عليه وسلم-...
هذا الصحابي كما ترْوي أُمُّهُ صَفِيَّة بن عبد المُطَّلِب عَمَّةُ رسول الله صلى الله عليه وسلَّم أسْلَمَتْ وأسْلم الزُّبير وهو ابن ثماني سنين ، وقيل ابن ستَّ عشْرة سنة ، فَعَذَّبه عمُّهُ بالدُّخان ، لِكَي يتْرُك الإسلام فلم يفْعل ، وهاجر إلى أرضِ الحَبَشَة الهِجْرَتين جميعاً ، ولم يتَخَلَّف عن غزوةٍ غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، وهو أوَّل من سلَّ سيْفاً في سبيل الله ، وكان عليه يوم بدْرٍ ريقةٌ صفْراء مُعْتَجِراً بها ، أيْ قُماشٌ أصْفر لَفَّهُ على رأسه ، وكان على مَيْمَنَة رسول الله ، وثبت مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد ، وبايَعَهُ على الموْت ، وفي الحقيقة حين يبْذل الإنسان حياته في سبيل الله فقد بذل أثمن ما يَمْلكه ، والجود بالنَّفْس أقْصى غاية الجود .
من أبْنائِهِ المشْهورين ؛ عبد الله بن الزبير ، هذا الذي رآه عمرُ مع صِبْيَةٍ يلْعبون فَتَفَرَّقوا جميعا إلا هو ، فلما وصَلَ إليه قال :" يا غُلام لما لم تهْرُب مع من هرَبَ ؟ قال أيها الأمير : لسْتَ ظالِماً فأخْشى ظُلْمَك ، ولَسْتُ مُذْنباً فأخْشى عِقابك ، والطريق يَسَعُني ويَسَعُك " .
تَرْوي كُتُب السيرة أنَّ إسلام هذا الصحابي الزبير بن العوام ، كان رابِعاً أو خامِساً بعد إسْلام أبي بكرٍ ،
عن سعيد بن المسيّب قال : أوّل من سلّ سيفاً في سبيل الله الزبير بن العوام ، بينا هو بمكة إذ سمع نغمة ، يعني صوتاً ، بأن النبيّ صلى الله عليه وسلم قد قتل ، فخرج عرياناً وما عليه شيء ، وفي يده السيف مُصلتاً مسحوبا من غِمده ، فتلقاه النبي ، وقال له : ما لك يا زبير ؟ قال : سمعت أنك قد قُتلتَ ، قال: فماذا كنتَ صانعًا ؟ قال : أردتُ واللهِ أن استعرض أهل مكة بهذا السيف ، من شدّة حبّه للنبي عليه الصّلاة والسلام ، حين بلغه هذا الخبر اختلَّ توازُنه ، فخرج وليس عليه شيء ، وأراد كما قال للنبي الكريم أن يستعرض أهل مكة بهذا السيف ، فدعا له النبي عليه الصلاة والسلام .
باع الزبيرُ داراً له بستمئة ألف ، قال : فقيل له يا أبا عبد الله غُبِنتَ ، قال : كلا، واللّه لتعلمنَّ أني لم أُغبَن ؛ هي في سبيل الله .
و عن عليِّ بن زيدٍ ، قال : أخبرني من رأى الزبير وإن في صدره مثلُ العيون من الطعن والرمي .
قال الزبير بن العوام : " من استطاع منكم أن يكون له جَنْيٌ من عملٍ صالح فليفعل " .
عن عبد الله بن الزبير قال : جعل الزبيرُ يوم الجمل يوصيه ؛ أي جعل أبوه يوصيه و يقول : "إن عجزتَ عن شيء فاستعن عليه بمولاي ؛ قال : فوالله ما فهمتُ ما أراد حتى قلتُ : يا أبت من مولاك ؟ قال : الله "، قال : عبد الله بن الزبير فوالله ما وقَعْتُ في كُرْبة من دَيْنٍ إلا قُلْتُ : يا مولى الزبير اِقْضِ عني فَيَقْضيهِ "، هذا الصحابي كان الناسُ يضَعون عنده المال ثِقَةً به ، من شِدَّة ورَعِهِ كان يقول لهم : سَلَفٌ وليس أمانة ، إذْ الأمانة لو تَلِفَتْ فهي على صاحِبِها ، فما دام لم يُصِبْها عُدْوانٌ ولا تقْصير فالمُؤْتَمَنُ ليس ضامِناً ، فكان هذا الصحابي لِشِدَّة وَرَعِهِ إذا أخذ مالاً لِيَكون أمانةً عنده عدَّهُ دَيْناً عليه ، فإذا تَلِفَ كان عليه أنْ يرُدَّهُ ، وقصة ابنه عبد الله معروفة ؛ فحينما أرسل إلى معاوية بن أبي سفيان يقول : أمّا بعد ؛ فإن رجالك قد دخلوا أرضي فانهَهُم عن ذلك ، وإلاّ كان لي ولك شأنٌ ، والسّلام ، فقال معاوية لابنه يزيد : ما قولك ؟ قال : أرى أن ترسل إليه جيشًا أوّلُه عنده ، وآخرُه عندك ، فيأتوك برأسه ، فقال : غير ذلك أفضل ، فكتب معاويةُ كتاباً قال فيه : أمّا بعد ؛ فقد وقفتُ على كتاب ولد حواريِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولقد ساءني ما ساءه ، والدنيا هيِّنة جنب رضاه ، لقد نزلتُ له عن الأرض ومن فيها ، فجاء الجواب ؛ أما بعد ؛ فيا أمير المؤمنين - في الكتاب الأوَّل قال له : يا معاوية - لا خليفة ولا أمير و لا أيّ لقب ، وفي الكتاب الثاني ؛ فيا أمير المؤمنين : أطال الله بقاءك ولا أعدمك الرأي الذي أحلَّك من قومك هذا المحل فاستدعى ابنه يزيد وقال له : يا يزيد من عفا ساد ، ومن حلُمَ عظم ، ومن تجاوز استمال إليه القلوب .
و في غزوة أحد : وبعد أن انقلب جيش قريش راجعا الى مكة ، ندب الرسول -صلى الله عليه وسلم- الزبير وأبوبكر لتعقب جيش المشركين ومطاردته ، فقاد أبوبكر والزبير -رضي الله عنهما- سبعين من المسلمين قيادة ذكية ، أبرزا فيها قوة جيش المسلمين ، حتى أن قريش ظنت أنهم مقدمة لجيش الرسول القادم لمطاردتهم فأسرعوا خطاهم لمكة هاربين...
وفي يوم الخندق : قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- مَنْ رجلُ يأتينا بخبر بني قريظة ؟)...فقال الزبير أنا )...فذهب ، ثم قالها الثانية فقال الزبير أنا )...فذهب ، ثم قالها الثالثة فقال الزبيـر أنا )...فذهب ، فقال النبـي -صلى الله عليه وسلم- لكل نبيّ حَوَارِيٌّ، والزبيـر حَوَاريَّ وابن عمتي )...
وحين طال حصار بني قريظة دون أن يستسلموا للرسول - صلى الله عليه وسلم - ، أرسل الرسول الزبيـر وعلي بن أبي طالب فوقفا أمام الحصن يرددان والله لنذوقن ماذاق حمزة ، أو لنفتحن عليهم حصنهم )...ثم ألقيا بنفسيهما داخل الحصن وبقوة أعصابهما أحكما وأنزلا الرعب في أفئدة المتحصـنين داخله وفتحا للمسلمين أبوابه...
وفي يوم حنين : أبصر الزبيـر ( مالك بن عوف ) زعيم هوازن وقائد جيوش الشرك في تلك الغزوة ، أبصره واقفا وسط فيلق من أصحابه وجيشه المنهزم ، فاقتحم حشدهم وحده ، وشتت شملهم وأزاحهم عن المكمن الذي كانوا يتربصون فيه ببعض المسلمين العائدين من المعركة...
حبه للشهادة :
كان الزبير بن العوام شديد الولع بالشهادة ، فهاهو يقول إن طلحة بن عبيد الله يسمي بنيه بأسماء الأنبياء ، وقد علم ألا نبي بعد محمد ، وإني لأسمي بنيّ بأسماء الشهداء لعلهم يستشهدون )...
وهكذا سمى ولده عبد الله تيمنا بالشهيد عبد الله بن جحش
وسمى ولـده المنـذر تيمنا بالشهيد المنـذر بن عمـرو
وسمى ولـده عـروة تيمنا بالشهيد عـروة بن عمـرو
وسمى ولـده حمـزة تيمنا بالشهيد حمزة بن عبد المطلب
وسمى ولـده جعفـراً تيمنا بالشهيد جعفر بن أبي طالب
وسمى ولـده مصعبا تيمنا بالشهيد مصعب بن عميـر
وسمى ولـده خالـدا تيمنا بالشهيد خالـد بن سعيـد
وهكذا أسماهم راجيا أن ينالوا الشهادة في يوم ما...
وصيته :
كان توكله على الله منطلق جوده وشجاعته وفدائيته ، وحين كان يجود بروحه أوصى ولده عبد الله بقضاء ديونه قائلا إذا أعجزك دين ، فاستعن بمولاي )...وسأله عبد الله أي مولى تعني ؟)... فأجابه الله ، نعم المولى ونعم النصير )...يقول عبدالله فيما بعد فوالله ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت : يا مولى الزبير اقضي دينه ، فيقضيه )...
الشهادة :
وأقلع طلحة و الزبير -رضي الله عنهما- عن الاشتراك في معركة الجمل ، و لمّا كان الزبير بوادي السباع نزل يصلي فأتاه ابن جرموز من خلفه فقتله ..
الزبير وطلحة
يرتبط ذكر الزبيـر دوما مع طلحة بن عبيد الله ، فهما الاثنان متشابهان في النشأة والثراء والسخاء والشجاعة وقوة الدين ، وحتى مصيرهما كان متشابها فهما من العشرة المبشرين بالجنة وآخى بينهما الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، ويجتمعان بالنسب والقرابة معه ، وتحدث عنهما الرسول قائلا طلحة والزبيـر جاراي في الجنة ) .
تم و الحمد لله رب العالمين
يتبع لاحقا بإذن الله – أخوكم في الله قصي حمدان
 
جزاك الله خيرا أخى قصى و جعله الله فى ميزان حسناتك
 
عودة
أعلى