اتحاف السائل بما لفاطمة من المناقب والفضائل الباب الأول في ولادتها وتسميتها ومحبته صلى الله عليه وسلم لها ومتعلقات ذلك رضي الله عنها ولادتها رضي الله عنها
ذكر أبو عمر: أنها ولدت سنة إحدى وأربعين من المولد.
وتعقب بما ذكره ابن إسحاق وغيره.
أن أولاد النبي صلى الله عليه وسلم ولدوا قبل النبوة إلا إبراهيم.
وقال ابن إسحاق: ولدت وقريش تبني الكعبة.
قال: وبنتها: قبل المبعث لسبع سنين ونصف.
وقيل: ولدت تمام المبعث.
وقيل غير ذلك.
كذا نقله الجلال السيوطي عن ابن إسحاق وأقره. وفيه بالنسبة لقوله: (قبل البعث بسبع ونصف) ما فيه. ونعرف ما فيه، بل لا يكاد يصح؛ لأن بناء قريش الكعبة، ووضعه عليه السلام الحجر في محله كان سنة خمس وثلاثين من مولده صلى الله عليه وسلم، وبعث على رأس الأربعين، فمولدها قبل الإرسال بنحو خمس سنين كما ذكره ابن الجوزى وغيره، وأنه أيام بناء البيت، وبه جزم المدايني.
بم سماها النبي صلى الله عليه وسلم وما سر هذه التسمية؟! وسماها (فاطمة) بإلهام من الله تعالى؛ لأن الله فطمها عن النار! فقد روى الديلمي عن أبي هريرة والحاكم عن علي أنه عليه السلام قال: (إنما سميت فاطمة، لأن الله فطمها وحجبها عن النار).
واشتقاقها من الفطم وهو (القطع) كما قال ابن دريد. ومنه: فطم الصبى: إذا قطع عنه اللبن.
ويقال: لأفطمنك عن كذا: أي لأمنعنك عنه.
لم سميت بالزهراء؟ وسميت بالزهراء؛ لأنها زهرة المصطفى صلى الله عليه وسلم.
لم لقبت بالبتول؟ ولقبت (بالبتول)؛ لأنه لا شهوة لها للرجال، أو لأنه تعالى قطعها عن النساء حسنا وفضلا وشرفا.
أو لانقطاعها إلى الله.
بم كنيت؟ وكنيت (بأم أبيها) كما اخرجه الطبراني عن ابن المدايني.
بطلان بعض الروايات الخاصة بالتسمية: وأما ما رواه الخطيب البغدادي (من أن جبريل ليلة الإسراء ناول المصطفى تفاحة فأكلها فصارت نطفة في صلبه، فحملت منه بفاطمة، وأنه كلما اشتاق إلى الجنة قبلها).
فقال الذهبي - كابن الجوزى: موضوع. وأقره الجلال السيوطي، فيما تعقبه على ابن الجوزى، ولم يعترضه.
وقال الحافظ ابن حجر: هذا من وضع محمد بن خليل؛ فإن فاطمة ولدت قبل الإسراء بمدة، بل قبل النبوة اتفاقاً.
وكذا ما قاله الحاكم في مستدركه عن سعد بن أبي وقاص مرفوعا: (أن جبريل أتى بسفرجلة من الجنة فأكلتها ليلة الإسراء فعلقت خديجة بفاطمة فإذا اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رقبة فاطمة) ما ذاك إلا أن فاطمة ولدت قبل الوحي إجماعاً؛ فهو قطعى البطلان! منزلتها ومحبته صلى الله عليه وسلم لها ومتعلقات ذلك
وكانت فاطمة أحب أولاده وأحظاهن عنده، بل أحب الناس إليه مطلقا.
روى الترمذي عن بريدة وعائشة قالت: (ما رأيت أحدا أشبه سمتا ولا هديا برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة في قيامها وقعودها، وكان إذا دخلت عليه قام إليها فقبلها وأجلسها في مجلسه).
زاد داود في روايته: (وكان يمص لسانها).
روى الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة: (أن عليا قال: (يا رسول الله، أيما أحب إليك أنا أم فاطمة؟ قال: فاطمة أحب إلي منك، وأنت أعز علي منها وكأني بك وأنت علي حوضي تذود عنه الناس، وإن عليه لأباريق مثل عدد نجوم السماء، وإني وأنت والحسن والحسين وعقيل وجعفر في الجنة إخوانا على سرر متقابلين ثم قرأ صلى الله عليه وسلم (إِخواناً عَلى سُرَرٍ مُتَقارِبين) لا ينظر أحدهم في قفا صاحبه).
وفيه سلمى بن عبقة مجهول.
هل بين الأحاديث تعارض؟ وكيف نوفق بينها لو كان؟ ولا ينافي ذلك قوله في حديث آخر: (أحب النساء إلي عائشة) ؛ لأن المراد بالنساء زوجاته الموجودات عند قوله ذلك.
وبفرض خلاقه: فهو على معنى من، ففاطمة لها الأحبية المطلقة.
سيدة نساء الأمة: وعن أبي هريرة أنه عليه الصلاة والسلام قال: إن ملكان من السماء لم يكن زارني فاستأذن الله في زيارتي، فبشرني، أو قال: أخبرني (أن فاطمة سيدة نساء أمتي) رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن مروان الدهلي وقد وثقه ابن حبان.
أحب الأهل: وعن أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أحب أهلي إلى فاطمة) .
رواه أبو داود الطيالس والطبراني في الكبير والحاكم والترمذي.
شهادة عائشة لها: وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (ما رأيت أفضل من فاطمة غير أبيها! ).
قالت - وكان بينهما شيء - (يا رسول الله، سلها؛ فإنها لا تكذب!!).
رواه الطبراني في الأوس وأبو يعلى لكنها قالت: (ما رأيت أحدا قط أصدق من فاطمة) ورجاله رجال صحيح منزلتها هي وزوجها عند الرسول صلى الله عليه وسلم: وعن النعمان بن بشير: استأذن أبو بكر على المصطفى، فسمع عائشة عاليا وهي تقول: (والله لقد عرفت أن فاطمة وعليا أحب إليك مني ومن أبي مرتين أو ثلاثا، فاستأذن أبو بكر فأهوى عليها، فقال: يا بنت فلان، ألا سمعتك ترفعين صوتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم).
رواه الإمام أحمد ورجاله رجال الصحيح أيهما الأحب؟ وأيهما الأعز؟ وعن ابن عباس، دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على علي وفاطمة وهما يضحكان، فلما رأياه سكتا، فقالا لهما النبي: ما لكما كنتما تضحكان، فلما رأيتماني سكتما؟!؟ فبادرت فاطمة فقالت: بأبي أنت يا رسول الله قال هذا.. قال: أنا أحب إلى رسول الله منك! فقلت: بل أنا أحب إليه منك.
فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: (يا بنية، لك رقة الولد، وعلى أعز على منك).
رواه الطبراني بإسناد صحيح نجاتها هي وولدها: وعن ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة: (إن الله غير معذبك ولا ولدك بالنار).
وعن على أنه كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أي شيء خبر للمرأة؟ فسكتوا، فلما رجع، قال لفاطمة: أي شيء خير للنساء؟ قالت: لا يراهن الرجال!! فذكر ذلك للمصطفى فقال: (إنما فاطمة بضعة مني).
وفيه دليل على فرط ذكائها، وكمال فطنتها، وقوة فمهما، وعجيب إدراكها.
اتحاف السائل بما لفاطمة من المناقب والفضائل الباب الثاني في تزويجها بعلي وجهازها ومتعلقات ذلك رضي الله عنها زواج الطاهرة تزويجها بعلي
لما شبت فاطمة وترعرعت، وبلغت من العمر خمس عشرة سنة، وقيل: ست عشرة سنة وقيل: ثماني عشرة سنة وقيل أحدى وعشرين، تزوجها علي وعمره نحو إحدى وعشرين سنة وقيل: غير ذلك في رمضان من السنة الثانية من الهجرة.
قالت الليث: بعد وقعة بدر.
وقيل: في رجب منها.
وقيل: في صفر.
وقيل: بعد وقعة أحد، وبني بها بعد العقد بنحو أربعة أشهر، وقيل ستة أشهر، ولم يتزوج قبلها ولا عليها.
قال الليث: فولدت له حسنا وحسينا ومحسنا مات صغيرا، وأم كلثوم الكبرى التي تزوجها عمر، فولدت له زيدا ورقية، ولم يعقبا، وتزوجت بعد عمر عوف بن جعفر ثم بأخيه محمد، ثم بأخيهما عبد الله، ولم تلد إلا للثاني فولدت له ابنة صغيرة.
وولدت فاطمة الزهراء أيضا(زينب الكبرى) تزودها (عبد الله ابن جعفر) فولدت له عدة أولاد، ولها العقب؛ فعقب أبي جعفر انتشر من على، وأم كلثوم وزينب ابنتي فاطمة.
ويقال لكل من ينسب إلى هؤلاء (جعفري)، ولا ريب أن لهم شرفا لكنهم لا يحاذون شرف المنسوبين للحسنين؛ ولهذا ترضى العباسيون بالشرف مع أن الشرفية المطلقة لعقب الحسنين فقط لاختصاص ذريتهما بشرف النسبة.
وعرف مصر أن الأشراف: كل حسنى وحسني.
تزوجيها بأمر الله تعالى: وكان تزويج المصطفى فاطمة لعلي بأمر الله تعالى: فعن ابن مسعود أنه صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تعالى أمرني أن أزوج فاطمة من علي).
رواه الطبراني ورجاله ثقات وعن أنس قال: جاء أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقعد بين يديه فقال: يا رسول الله قد علمت منا صحتي وقدمي في الإسلام وإني...قال: وما ذاك؟ قال تزوجني فاطمة. فأعرض عنه، فرجع أبو بكر إلى عمر فقال: إنه ينتظر أمر الله فيها. ثم فعل عمر ذلك، فأعرض عنه، فرجع إلى أبي بكر فقال: إنه ينتظر أمر الله فيها. انطلق بنا إلى علي نأمره أن يطلب مثل ما طلبنا. قال علي فأتياني له، فقالا: بنت عمك تخطب، فنبهاني لأمر، فقمت أجر ردائي..طرفه على عاتقي به، وطرفه الآخر في الأرض، حتى انتهيت إليه، فقعدت بين يديه فقلت: قد علمت قدمي في الإسلام، ومُناصَحَتي، وأني...قال: وما ذاك؟ قال تزوجني فاطمة، قال: وما عندك؟ قال: فرسى، وبدني.
قال : أما فرسك، فلا بد لك منه.
وأما بدنك فبعها، فبعتها بأربعمائة وثمانين درهما، فأتيته بها، فوضعها في حجره، فقبض منها قبضة، فقال: يا بلال، ابتع طيبا، وأمرهم أن يجهزوها، فعجل لها سريرا مشروطا، ووسادة من أدم حشوها ليف، وقال: (آت أهلك فلا تحدث بها حتى آتيك). فجاءت مع أم أيمن، فقعدت في جانب البيت، وأنا في الجانب الآخر، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (ها هنا أخي؟ ) قالت أم أيمن: أخوك وقد زوجته ابنتك؟! فقال لفاطمة: (آتيني بماء، فقامت إلى قعب في البيت فجعلت فيه ماء، فأتته به، فمج فيه، ثم قال: قومي، فنضح بين يديها، وعلى رأسها، وقال: اللهم إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم. ثم قال: آتيني بماء، فعلمت الذي يريده، فملأت القعب فأتيته به، فأخذ منه بفيه، ثم مجه فيه، ثم صب على رأس علي وبين قدميه ثم قال: (ادخل على أهلك باسم الله).
رواه الطبراني وفيه محسن الأسلمي ضعيف وعن أنس رضى الله عنه أيضا: أن عمر أتى أبا بكر فقال: ما منعك أن تتزوج فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا يزوجني! قال: إذا لم يزوجك فمن يزوج؟! وإنك من أكرم الناس وأقدمهم إسلاما.
فانطلق أبو بكر إلى عائشة - رضي الله عنها - فقال: إذا رأيت من محمد طيب نفسك به وإقبالا - أي عليك - فاذكرى له: أني ذكرت فاطمة فلعل الله أن ييسرها لي.
فرأت منه طيب نفس وإقبالا، فذكرت ذلك له، فقال: (حتى ينزل القضاء).
فرجع إليها أبو بكر فقالت: ما أتاه، ووددت أني لم أذكر له ما ذكرت.
فلقى أبو بكر عمر، فذكر لهما أخبرته عائشة، فانطلق عمر إلى حفصه وقال: إذا رأيت منه طيب نفس وإقبالا، فاذكريني له، واذكرى فاطمة لعل الله ييسرها لي.
فرأت منه إقبالا وطيب نفس فذكرت له، فقال: (حتى ينزل القضاء) فأخبرته وقالت: وددت أني لم أذكر له شيئا!! فانطلق عمر إلى علي وقال: ما يمنعك من فاطمة؟! قال: أخشى أن لا يزوجني! قال: إن لم يزوجك فمن؟ أنت أقرب خلق الله إليه، فانطلق علي إليه، ولم يكن له مقل. قال: إني أريد أن أتزوج فاطمة. قال: فافعل. قال: ما عندي إلا درعي الحُطَمِيَّة. قال: فاجمع له ما قدرت، وأتني به، فباعها بأربعمائة وثمانين، فأتاه بها، فزوجه فاطمة، فقبض ثلاث قبضات، فدفعها إلى أم أيمن فقال: اجعلي منها قبضة في الطيب، والباقي فيما يصلح للمرأة من المتاع، فلما فرغت من الجهاز، وأدخلتها بيتا قال: يا على، لا تحدثن إلى أهلك شيئا حتى آتيك.
فأتاهم، فإذا فاطمة متعففة، وعلي قاعد، وأم أيمن، فقال: يا أم أيمن، آتيني بقدح من ماء، فأتته به، فشرب، ثم مج فيه، ثم ناوله فاطمة، فشربت، وأخذ منه، فضرب جبينها وبين قدميها، وفعل بعلي مثل ذلك. ثم قال: اللهم أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
رواه البزار وفيه محمد بن ثابت وهو ضعيف، بل لوائح الوضع ظاهرة عليه.
فإن تزويج فاطمة كان في السنة الثانية اتفاقا، وبناء المصطفى بحفصة بنت عمر إنما كان في الثالثة.
وعن ابن عباس قال: كانت فاطمة تذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يذكرها أحد إلا صد عنه فيئسوا منها. فلقى سعد بن معاذ فقال: إني والله ما أراه يحبسها إلا عليك، فقال: ما أنا بأحد الرجلين.
ما أنا بصاحب دنيا يلتمسها منى وقد علم: مالي صفراء ولا بيضاء، وما أنا بالكافر الذي يترفق بها عن دينه. يعنى مبالغة بها. إني لأول من أسلم.
فقال سعد: عزمت عليها لتفرجها عني؛ فإن لي في ذلك فرجا ماذا أقول؟! قال: تقول: جئت خاطبا إلى الله وإلى رسوله. فقال النبي من كلمة ضعيفة، ثم رجع إلى سعد، فقال له: لم يزد على أن رحب بي، كلمة ضعيفة.
قال: أنكحك.
والذي بعثه بالحق إنه لا خلف ولا كذب عند، أعزم عليك، فلتأتينه غداً، فأتاه، فقال: يا نبي الله، متى؟ قال الليلة: إن شاء الله. ثم دعا ثلاثا، فقال: زوجت ابنتي ابن عمي، وأنا أحب أني كون سنة أمتى الطعام عند النكاح فخذ شاة، وأربعة أمداد، واجعل قصعة اجمع عليها المهاجرين والأنصار، فإذا فرغت فآذني. ففعل، ثم أتاه بقصعة فوضعها بين يديه، فطعن في رأسها وقال: أدخل الناس رفة بعد رفة فجعلوا يردون كلما فرغت رفة، وردت أخرى حتى فرغوا. ثم عمد إلى ما فضل منها، فتفل فيها، فوضعها بين يديه، وبارك، وقال:
احملها إلى أمهاتك، وقل لهن: كلن وأطعمن من غشيكن، ثم قام فدخل على النساء فقال: زوجت بنتي ابن عمي، وقد علمتن منزلها مني، وأنا دفعها إليه، فدونكم، فقمن فطيبنها من طيبهن وألبسنها من ثيابهن، وحليهن.
فدخل، فلما رأته النساء ذهبن، وتخلقت أسماء بنت عميس.
فقال: على رسلك من أنت؟ قالت: على رسلك من أنت؟ قالت: أنا التي أحرس ابنتك.
إن الفتاة ليلة زفافها لا بد لها من امرأة قريبة منها إن عرضت لها حاجة، أو أرادت أمرا أفضت إليها به.
قال: فإني أسأل إلاهي أن يحرسك من بين يديك ومن خلفك، وعن يمينك وشمالك من الشيطان الرجيم ثم خرج بفاطمة، فلما رأت عليا بكت، فخشى المصطفى أن يكون بكاؤها أن عليا لا مال له! فقال: ما يبكيك؟! ما ألومك في نفسي، وقد أصبت لك خير أهلي، والذي نفسي بيده، لقد زوجتك سيدا في الدنيا وفي الآخرة لمن المصلحين.
فدنا منها..قال آتيني بالمخضب فأميليه.
فأتت أسماء به فمج فيه، ثم دعا فاطمة فأخذ كفا من ماء فضرب على رأسها وبين قدميها، ثم التزمها فقال: اللهم، إنها منى، وإني منها. اللهم كما أذهبت عني الرجس وطهرتني فطهرها.
ثم دعا بمخضب آخر فصنع بعلى كما صنع بها ثم قال: قوما، جمع الله شملكما، وأصلح بالكما. ثم قام وأغلق عليهما بابه.
رواه الطبراني بإسناد ضعيف وعن بريدة قال: قال نفر من الأنصار لعلي: عندك فاطمة، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما حاجة ابن أبي طالب؟ فقال: ا رسول الله، ذكرت فاطمة فقال: مرحبا وأهلا!. لم يزد عليها. فخرج علي بن أبي طالب إلى رهط من الأنصار ينتظرونه. فقالوا: ما وراءك؟ قال: ما أدري..غير أنه قال: مرحبا وأهلا قالوا: يكفيك من رسول الله صلى الله عليه وسلم إحداهما: أعطاك الأهل والمرحب، فلما كان بعد ما زوجه قال: يا علي، إنه لا بد للعروس من وليمة.
قال سعد رضي الله عنه: عندي كبش، وجمع له الأنصار أصوعا من ذرة، فلما كان ليلة البناء، قال: لا تحدث شيئا حتى تلقاني! فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء فتوضأ منه ثم أفرغه على فقال: (اللهم بارك فيهما وبارك لهما في بنائهما).
رواه الطبراني بإسناد صحيح هل هناك تعارض بين الأحاديث؟ ولا يعارضه ما سبق: أن الذي نبهه لذلك العمران.
وما في حديث ابن عباس: أن سعدا لما خرج له ثم لقيه سعد، فحثه عليه من غير أن يعلم أحدهم بما فعله الآخر.
ولا حديث أسماء. إذ مرادها وليمة علي ما قام به بنفسه غير ما جاء به الأنصار وسعدا.
أو أن الوليمة تعددت فيما دفعه المصطفى لها للنساء.
وبقية حديثها يشهد له وذاك للرجال.
ولا حديث أنس المصرح بإيقاعه عليهما؛ لتغاير الكيفية كما أفاده المحب الطبرى.
وعن جابر، لما حضرنا عرس على وفاطمة رضي الله عنهما فما رأينا عرسا كان أحسن منه.
حشونا الفراش يعني الليف - وأتينا بتمر وزبيب فأكلنا. وكان فراشها ليلة عرسها إهاب كبش.
رواه البزار. وفيه ضعف وعن علي قال: خطبت فاطمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت مولاة لي: هل علمت أن فاطمة خطبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: لا.
قالت: فقد خطبت. فما يمنعك أن تأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيزوجك؟! فقلت: أو عندي شيء أتزوج به؟ فقالت: إنك إن جئته زوجك. فوالله ما زالت ترجيني حتى دخلت عليه - وكانت له جلالة وهيبة - فلما قعدت بين يديه أفحمت، فما استطعت أن أتكلم جلالة وهيبة! فقال: ما جاء بك؟ ألك حاجة؟! فسكت.
فقال: (لعلك جئت تخطب فاطمة)؟! قلت: نعم.
قال: (وهل عندك من شيء تستحلها به؟).
فقلت: (ما فعلت درع سلَّحتُكُها؟).
فوالذي نفس علي بيده إنها لحطمية. ما قيمتها أربعة دراهم. فقلت: عندي. فقال: قد زوجتكها فابعث إليها بها فاستحلها بها، فإن كانت لصدق فاطمة. بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: المحب الطبري: يشبه أن العقد وقع على الدرع وبعث بها على ثم ردها إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليبيعها فباعها، وأتاه بثمنها.
ثم هذه الأحاديث وقائع حال فعلية محتملة، فعدم تصريح علي بالقبول فيها لا يدل على عدم اشتراطه لاحتمال أنه قيل ما شاء لمن شاء.
ولا تدل أيضا على عدم وجوب تسمية المهر في العقد بدليل ما رواه أبو داود عن ابن عباس قال: لما تزوج علي فاطمة قال له المصطفى: أعطها شيئا. قال: ما عندي شيء.
قال: أني درعك الحطمية؟! فقوله: (لما تزوج) فيه تصريح بأنه إنما ذكر ذلك بعد وقوع العقد.
وروى إسحاق - بسند ضعيف - عن علي أنه لما تزوج فاطمة قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (اجعل عامة الصداق في الطيب).
وعن أبي يعلى بسند ضعيف عن علي قال: خطبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة. قال: فباع علي درعا وبعض ما باع من متاعه، فبلغ أربعمائة وثمانين درهما، وأمر رسول الله أن يجعل ثلثين في الطيب وثلثا في الثياب، ومج في جرة من ماء وأمرهم أن يغتسلوا به وأمرها أن لا تستبقه برضاع ولدها فسبقته برضاع الحسين، وأما الحسن فإنه عليه الصلاة والسلام صنع في فيه شيئا لا ندري ما هو فكان أعلم الرجلين.
وعن علي بن أحمد اليشكرى أن عليا تزوج فاطمة فباع بعيرا له بثمانين وأربعمائة درهم. فقال المصطفى: اجعلوا ثلثين في الطيب، وثلثا في الثياب.
رواه ابن سعد في الطبقات وهذا لا ينافيه ما مر أنه أصدقها ذلك الدرع؛ لأن الدرع هو الصداق، وثمن البعير قام بما لها ما عليه من حقوق الوليمة واللوازم العرفية والعادية ونحو ذلك. وعن حجر بن عنبس - وكان قد أدرك الجاهلية لكنه لم ير المصطفى - قال: خطب أبو بكر وعمر إلى رسول الله فاطمة، فقال رسول الله: (هي لك يا علي) رواه الطبراني بإسناد صحيح وعن حجر المذكور قال: خطب علي إلى رسول الله فاطمة، فقال: (هي لك يا علي لست بدخال) - أي لأنه كان قد وعده فقال: إني لا أخلف الوعد.
رواه البزار ورجاله ثقات وظاهر حديث حجر الأول أن المصطفى لما خطبها الشيخان ابتدأ عليا فزوجه إياها بغير طلب.
وظاهر الباقي أنه لما خطباها علم علي فجاء فخطبها، فأجابه، ويدل عليه كثير من الأخبار المارة.
والظاهر أن الواقعة تعددت فخطباها فلم يجب، ولم يرد، فجاء علي فوعده وسكت، فلما يعلما بوعده، فأعاد الخطبة، فابتدأ وزوجها من على لسبق إجابته له.
وفي حديث عكرمة: أنه استأذنها قبل تزويجها منه، فقد روى ابن سعد عن عطا قال: خطب على فاطمة فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عليا يريد يتزوجك، فسكتت، فزوجها.
ففيه أنه يستحب استئذان البكر، وأن إذنها سكوتها، وعليه الشافعي.
وروى ابن أبي حاتم عن أنس وأحمد عنه بنحوه قال: جاء أبو بكر وعمر يخطبان فاطمة إلى المصطفى فسكت ولم يرجع إليهما شيئا، فانطلقا إلى علي يأمرانه يطلب ذلك. قال على. فنهاني لأمر فقمت أجرر ردائي حتى أتيته فقلت: تزوجني فاطمة؟ (قال: وعندك شيء؟ قلت: فرسى وبدني. قال: أما فرسك، فلا بد لك منه، وأما بدنك - أي درعك - فبعها، فبعتها بأربعمائة وثمانين فجئته بها، فوضعها في حجرة، فقبض منها قبضة فقال: أي بلال، ابتع بها طيبا وأمرهم أن يجهزوها. فجعل لها سريرا مشروطا، ووسادة من أدم حشوها ليف، وقال لي: إذا أتيت فلا تحدثن شيئا حتى آتيك فجئت مع أم أيمن فقعدت في جانب البيت وأنا في جانب، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ها هنا أخي..قالت أم أيمن: أخوك وتزوجه ابنتك؟! قال نعم، فقال لفاطمة: آتيني بماء، فقامت فأتت بعقب - أي قدح - في البيت فيه ماء، فأخذه ومج فيه، ثم قال لها تقدمي، فتقدمت، فنفخ بين يديها، وعلى رأسها وقال: اللهم إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم، ثم قال: أدبرى فأدبرت، وصب بين كتفيها، ثم فعل مثل ذلك مع على. ثم قال له: ادخل بأهلك باسم الله والبركة).
وأخرج الخطيب البغدادي في كتاب التلخيص عن أنس قال: بينما أنا عند المصطفى إذا غشيه الوحي، فلما سرى عنه قال لي: تدري ما جاء به جبريل من عند صاحب العرش؟
(إن الله أمرني أن أزوج فاطمة من على. انطلق فادع لي أبا بكر وعمر وعثمان، وعبد الرحمن بن عوف، وعدة من الأنصار. فلما اجتمعوا، وأخذوا مجالسهم - وكان علي غائبا - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحمد لله المحمود بنعمته، المعبود بقدرته، المطاع سلطانه، النافذ أمره في سمائه وأرضه، الذي خلق الخلق بقدرته وميزهم بأحكامه، وأعزهم بدينه، وأكرمهم بنبيهم محمدا إن الله - تبارك اسمه وتعالت عظمته - قال عز من قائل: (وَهُوَ الَّذي خَلَقَ مِنَ الماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصَهراً وَكانَ رَبُّكَ قَديراً).
فأمر الله مجرى إلى قضائه، وقضاؤه مجرى إلى قدره، ولكل قدر أجل، ولكل أجل كتاب، يمحو ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب.
ثم إن الله أمرني أن أزوج فاطمة من علي، فاشهدوا على أني قد زوجته على أربعمائة مثقال فضة إن رضي على بذلك. ثم دعا بطبق من بسر. ثم قال انتبهوا فانتبهنا، ودخل علي فتبسم النبي في وجهه ثم قال: (إن الله أمرني أن أزوجك فاطمة على أربعمائة مثقال فضل، أرضيت؟ فقال: رضيت.
زاد ابن شاذان في رواية: ثم خر علي ساجدا شكرا لله تعالى.
فقال المصطفى: (جمع الله شملكما وبارك عليكما، وأخرج منكما صالحا طيبا).
زاد في رواية ابن شاذان: (وجعل نسلكما مفاتيح الرحمة ومعدن الحكمة).
وهذه واقعة محتملة كما مر لأن يكون على قبل لما حضر وعلم.
وقوله: (إن رضى) صورة تعليق، لا حقيقته، لأن الأمر منوط برضى الزوج.
على أن هذا الحديث قد حكم ابن الجوزى بوضعه وتبعه الذهبي.
وقالا هو من وضع (محمد بن دينار)، ورواه ابن عساكر بنحوه وقال: غريب لا أعلمه.
قال ابن طاهر المهدسي: محمد بن دينار روى عن هيثم عن يونس عن الحسن عن أنس تزويج فاطمة، والراوى عنه فيه جهالة.
ورواه ابن قانع وغيره من طريق محمد بن دينار عن جابر.
قال ابن الجوزى: وضع ابن دينار هذا الحديث فوضع الطريق الأول إلى أنس، ووضع الطريق الثاني إلى جابر، وأقره على الجزم بوضعه الجلال السيوطي فيما تعقبه عليه مع تحريه لاجتهاد في أحكامه ما وجد بذلك سبيلا.
والحاصل أن هذه الكيفية من الخطبة عند العقد والاجتماع كذلك لا أصل له بالكلية.
وأما وقوع التزويج بالأمر الإلهي لعلي وخطبة الشيخين لها قبل ذلك جعل الدرع صداقا، فلا شك فيه لوروده من طرق بأسانيد صحيحة.
وأما ما زعمه الشيخ شهاب الدين بن حجر الهيتمي من أن لذلك أصلا فممنوع، وما تمسك به من كلام الحافظ بن حجر في اللسان فمدفوع، فإن الحافظ لم يقل فيه إنه غير موضوع، بل حكى عن ابن عساكر أن الرواي عن محمد بن دينار دمشقى فيه جهالة.
على أن محمد بن دينار وضاع، فمراده زيادة توهين الحديث، وأنه مع كونه من رواية ابن دينار فالراوى عنه أيضا فيه جهالة، فهي ظلمات بعضها فوق بعض.
وأخرج ابن سعد في طبقاته عن عكرمة قال لما زوج المصطفى عليا فاطمة كان فيما جهزت به سرير مشروط ووسادة من أدم حشوها ليف وقربة. وقال لعلى: إذا أتيت بها فلا تقربها حتى آتيك.
وكانت اليهود يأخذون الرجل عن امرأته، فلما أتى بها قعدا جنبا في ناحية البيت، ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا بماء فأتى به فمج فيه ومسه بيده، ثم دعا عليا فنضح من ذلك على كتفيه وصدره، وذراعيه، ثم دعا فاطمة فأقبلت تتعثر في ثوبها حياء من رسول الله ففعل بها مثل ذلك.
ثم قال لها يا فاطمة، أما إني ما أليت أن أنكحتك خير أهلي.
وأخرج ابن ماجه عن علي قال: لقد أهديت ابنة الرسول صلى الله عليه وسلم فما كان فراشنا ليلة أهديت إلا إهاب كبش.
وروى الطبراني: (لما أهديت فاطمة إلى على لم نجد في بيته إلا رملا مبسوطا، ووسادة حشوها ليف وجزة وكوزا..).
وروى عن رجل قال: أخبرتني جدتي: أنها كانت مع النسوة اللاتي أهدين فاطمة إلى على، قالت: أهديت في بردين عليها، ودملجان من فضة مصفران، فدخلت بيت علي، فإذا إهاب شاة، ووسادة فيها ليف، وقربة، ومنخل، وقدح.
وروى أحمد في الزهد عن علي قال: جهز رسول الله فاطمة في خميلة وقربة، ووسادة من أدم حشوها ليف.
وروى عن علي قال: ما كان لنا إلا إهاب كبش تنام على ناحيته، وتعجن فاطمة على ناحتيه.
وروى أبو بكر بن فارس وابن مشدد عن ضمرة بن حبيب: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنته فاطمة بخدمة البيت، وقضى على علي بما كان خارج البيت.
وروى البخاري في الخمس، ومسلم في الدعوات، وغيرهما، عن على: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما زوجه فاطمة بعث معها خميلة ووسادة من آدم وحشوها ليف ورحيين، ومسقا وجرتين.
فقال علي لفاطمة ذات يوم: والله لقد مرت سنون حتى اشتكيت صدري، وقد جاء الله أباك بصبي، فاذهبي فاستخدميه. فقالت: والله أنا طحنت حتى مجلت يداي! فأتت النبي، فقال: ما جاء بك أي بنية؟! قالت: جئت لأسلم عليك، واستحيت أن تسأله ورجعت! فقال: ما فعلت؟ قالت: استحيت أن أسأله، فأتياه جميعا، فقال علي يا رسول الله، من الله عليك بِسَبيٍ وسعة، فأخدمنا.
فقال: والله، لا أعطيكما وأدع أهل البيعة تطوى بطونهم، لا أجد ما أنفق عليهم. ولكني أبيعهم، وأنفق عليهم وأحفظ عليهم إيمانهم، فرجعا فأتاهما وقد دخلا إلى قطيفتهما إذا غطت رؤوسهما تكشفت أقدامهما، وإذا غطت أقدامهما تكشفت رؤوسهما.
قال: ألا أخبركما بخير ما سألتماني؟ قالا: بلى. قال: كلمات علمنيهن جبريل: تسبحان الله في دبر كل صلاة عشرا، وتحمدان الله عشرا، وتكبران عشرا.
وإذا أويتما إلى فراشكما فسبحا الله ثلاثا وثلاثين واحمدا ثلاثا وثلاثين، وكبرا أربعا وثلاثين.
قال: فوالله ما تركتهن منذ علمنيهن رسول الله.
فقال له ابن اللواء: ولا ليلة صفين؟ قال: نعم.
وسرى ذلك إلى ذريتهما.
ولهذا لما ذهب عنهم الخلافة الظاهرة لكونها صارت ملكا، ومن ثم لم تتم للحسنين عوضوا منها بالخلافة الباطنة حتى ذهب كثيرون إلى أن قطب الأولياء لا يكون في كل زمن إلا منهم.
اتحاف السائل بما لفاطمة من المناقب والفضائل الباب الثالث في فضائلها وبناء المصطفى عليها واختصاصه بها واهتمامه بشأنها، وتنويهه بذكرها تحذيره من إيذائها وبغضها والأذى لها، وتعليمه إياها وتأديبه وتهذيبه لها وغير ذلك
رضي الله عنها فضائلها الحديث الأول مكانتها
عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه، أنه عليه الصلاة والسلام قال: (فاطمة بضعة منى أي جزء مني فمن أغضبها فقد أغضبني).
رواه البخاري في الصحيح الحكم فيمن يسبها: قال السهيلي: إن من سبها فقد كفر، ويشهد له أن أبا كبابة حين ربط نفسه وحلف أن لا يحله إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءت فاطمة لتحله فأبى من أجل قسمه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما فاطمة بضعة مني) وفيه نظر.
وقال بعضهم: إن كل من وقع منهم في حق فاطمة شيء فتأذت به، فالنبي صلى الله عليه وسلم يتأذى به، ولا شيء أعظم من إدخال الأذى عليها من قبل ولدها، وهذا عرف بالاستقراء.. معالجة من تعاطى ذلك بالعقوبة في الدنيا ولعذاب الآخرة أشد. الحديث الثاني هي بضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم
عنه - أيضا - أنه صلى الله عليه وسلم قال: (فاطمة بضعة مني يقبضني ما يقبضها، ويسطني ما ببسطها، وإن الأنساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي).
رواه الإمام أحمد والحاكم الحديث الثالث هي شجنة منه
عنه - أيضا - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما فاطمة شجنة مني يبسطني ما يبسطها ويقبضني ما يقبضها).
رواه الحاكم والطبراني الحديث الرابع يؤذي النبي ما يؤذيها
عن أبي حنظلة - مرسلا - أنه عليه الصلاة والسلام قال: (إنما فاطمة بضعة مني - أي قطعة لحم - فمن أذاها فقد أذاني).
رواه الحاكم الحديث الخامس يغضب النبي ما يغضبها
عن عبد الله بن الزبير قال: قال صلى الله عليه وسلم: (إنما فاطمة بضعة مني يؤذيني ما أذاها ويغضبني ما يغضبها).
رواه أحمد والترمذي والحاكم والطبراني بأسانيد صحيحة الحديث السادس أحصنت فرجها
عن ابن مسعود عنه عليه الصلاة والسلام: (إن فاطمة أحصنت فرجها، وإن الله أدخلها بإحصان فرجها وذريتها الجنة).
رواه الطبراني في الكبير بإسناد فيه ضعف الحديث السابع حرمها الله وذريتها على النار
عنه - أيضا - (أن فاطمة حصنت فرجها فحرمها الله وذريتها على النار).
رواه الحاكم وأبو يعلى والطبراني بإسناد ضعيف لكن عضده في رواية البزار له بنحو. وبه صار حسنا.
والمراد بالنار نار جهنم؛ فإما هي وابناها فالمراد في حقهم التحريم المطلق.
أما الحديث، فهو محمول على أولادها فقط، وبه فسره أحد رواية (أبو كريب) وعلى بن موسى الرضى: ذكروا أن زيد بن موسى الكاظم خرج على المأمون فظفر به فبعث به لأخيه على الرضى، فوبخه الرضى وقال له: يا زيد، ما أنت قائل لرسول الله إذا سفكت الدماء، وأخفت السبل، وأخذت المال من غير حله؟! غرك أنه قال: (إن فاطمة أحصنت فرجها فحرمها الله وذريتها على النار)؟! إنما هذا لما خرج من بطنها فقط.
وأخرج أبو نعيم والخطيب عن محمد بن يزيد قال: كنت ببغداد فقال: هل لك فيمن يدخلك إلى على بن علي بن الرضى؟ قلت نعم، فأدخلني فسلمنا عليه وجلسنا، فقلت له حديثا: (إن فاطمة أحصنت فرجها..) إلخ عام أو خاص؟ فقال: بل خاص بالحسن والحسين. الحديث الثامن الله غير معذبها ولا ولدها
عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة: (إن الله تعالى غير معذبك ولا ولدك يعنى الحسن والحسين بالنار).
رواه الطبراني بناء المصطفى صلى الله عليه وسلم عليها وتحذيره من إيذائها وبغضها والأذى لها!! الحديث التاسع رعاية مشاعرها
عن المِسوَر بن مَخرَمَةَ قال: إن عليا خطب بنت أبي جهل فقال المصطفى صلى الله عليه وسلم: (إن فاطمة بضعة منى وأنا أتخوف أن تفتن في دينها، وإني لست أحرم حلالا، ولا أحل حراما، لكن الله، لا تجتمع بنت رسول الله. وبنت عدو الله عند رجل واحد أبدا).
رواه أحمد والشيخان وأبو داود وابن ماجه الحديث العاشر عظم مكانتها
عن عمر بن الخطاب عنه عليه الصلاة والسلام: (إن فاطمة وعليا والحسن والحسين في حظيرة القدس في قبة بيضاء سقفها عرش الرحمن).
رواه ابن عساكر بإسناد ضعيف جدا، بل قيل بوضعه الحديث الحادي عشر الحفاظ عليها
عن المسور بن مخرمة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر إن بني هاشم بن المغيرة استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم على بن أبي طالب فلا اذن لهم ثم لا آذن لهم ثم لا آذن لهم إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم، وإني لست أحرم حلالا، ولا أحلل حراما. ولكن الله لا تجتمع بنت رسول وبنت عدو الله أبدا).
رواه الشيخان زاد في رواية: (فإنما فاطمة بضعة مني يرييني ما رابها، ويؤذيني ما أذاها). الحديث الثاني عشر الحرص على فعل ما يرضيها
عن سرير بن عقلة قال: خطب علي بنت أبي جهل، فاستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: عن حسبها تسألني؟ قال: لا، ولكن أتأمرني بها؟ قال: لا، فاطمة بعضة مني ولا أحسب إلا أنها تحزن أو تجزع! فقال علي: لا آتي بما تكرهه. الحديث الثالث عشر ما كان لأحد أن يؤذى رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن أسماء بنت عميس قالت: خطبني على فبلغ ذلك فاطمة، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت: إن أسماء متزوجة عليا.
قال: ما كان لها أن تؤذى الله ورسوله.
رواه الطبراني الحديث الرابع عشر توفير الهدوء النفسي لها
عن ابن عباس أن عليا خطب بنت أبي جهل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن كنت تزوجتها فرد علينا ابنتنا. والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله تحت رجل).
وراه الطبراني في معاجيمه الحديث الخامس عشر رضي الله لرضاها وغضبه لغضبها
عن علي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة: (إن الله يرضى لرضاك ويغضب لغضبك).
رواه الطبراني بإسناد حسن تعليمه إياها وتأديبه وتهذيبه لها الحديث السادس عشر سيدة نساء المؤمنين يوم القيامة
عن فاطمة الزهراء قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا فاطمة، أما ترضين أن تأتي يوم القيامة سيدة نساء المؤمنين).
رواه الديلمي الحديث السابع عشر استجابتها لله ورسوله
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال عليه الصلاة والسلام: (يا فاطمة: اشترى من الله ولو بشق تمرة) رواه الديلمي أيضا الحديث الثامن عشر صبرنا على مرارة الدنيا
عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا فاطمة اصبري على مرارة الدنيا).
رواه ابن لال في المكارم اختصاصه بها واهتمامه بشأنها وتوجيهه لها الحديث التاسع عشر حسن اختيار الزوج لها
عن عكرمة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا فاطمة، إني ما أليت أن أنكحتك خير أهلي).
رواه ابن سعد عنه مرسلا الحديث العشرون متابعتها بالتوجيه النبي الكريم
عن أبي هريرة رضي الله عنه. عنه عليه الصلاة والسلام. أنه قال: (يا فاطمة، ما لي لا أسمعك بالغداة والعشي تقولين: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين).
رواه الخطيب الحديث الحادي والعشرون دعوتها إلى تحمل المسئولية
عن أبي هريرة عنه عليه الصلاة والسلام قال: (يا فاطمة بنت محمد، اشترى نفسك من النار، فإني لا أملك لك من الله شيئا).
رواه البيهقي الحديث الثاني والعشرون الثناء على زوجها
عن ابن مسعود قال: (أصابت فاطمة صبيحة العرس رعدة، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا فاطمة، زوجك سيد في الدنيا، وإنه في الآخرة لمن الصالحين). الحديث الثالث والعشرون الحرص على تعلقها بربها والالتجاء إليه
عن أنس عنه عليه الصلاة والسلام: يا فاطمة، ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به أن تقولي: (يا حي يا قيوم برحمتك استغيث، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله). الحديث الرابع والعشرون حسن لقاء الرسول صلى الله عليه وسلم لها
عن أم سلمة قالت: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي إذ قال الخادم: (إن عليا وفاطمة بالباب فقال: قومى فتحى عن أهل بيتي، فدخل علي وفاطمة ومعهما الحسن والحسين، فأخذ الصبيين فوضعهما في حجره، واعتنق عليا بإحدى يديه، وفاطمة بالأخرى فقبل فاطمة، وقبل عليا).
رواه أحمد وغيره الخامس والعشرون رعايته لأبنائها
عن زينب بنت أم سلمة أن المصطفى دخل عليه الحسن والحسين وفاطمة، فجعل الحسن من شق والحسين من شق، وجعل فاطمة في حجره، وقال: رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد).
رواه الطبراني وغيره الحديث السابع والعشرون ولد فاطمة ومكانتهم
فاطمة الزهراء قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل بني لآدم ينتمون إلى عصبة إلا ولد فاطمة، فأنا وليهم، وأنا عصبتهم).
رواه الطبراني وأبو يعلى الحديث الثامن والعشرون من أحب آل البيت فهو معهم
عن على عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أنا وفاطمة على مجتمعون، ومن أحبنا يوم القيامة نأكل ونشرب حتى يفرق بين العباد، فبلغ ذلك رجلا من الناس، فقال: كيف بالعرض والحساب؟ ، فقال: كيف بصاحب سِرّحينَ أدخل الجنة من ساعته).
رواه الطبراني وفي إسناده من لا يعرف الحديث التاسع والعشرون مسئوليتها عن نفسها
عن حذيفة عنه عليه الصلاة والسلام قال: (يا فاطمة بنت رسول الله أعملي لله خيرا فإني لا أغني عنك من الله شيئا يوم القيامة).
رواه البزار تنويهه صلى الله عليه وسلم بذكرها الحديث الثلاثون سيدة نساء العالمين وسيدة نساء المؤمنين
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا فاطمة، أما ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين، وسيدة نساء المؤمنين).
رواه الحاكم الحديث الحادي والثلاثون إغضاء الجميع عند مرورها يوم القيامة
عن علي - مرفوعا - (إذا كان يوم القيامة نادى مناد من وراء الحجب: يا أهل الجمع، غضوا أبصاركم عن فاطمة بنت محمد حتى تمر!).
رواه الحاكم وتمام وغيرهما الحديث الثاني والثلاثون عظم مكانتها عند ربها
عن أبي هريرة - مرفوعا - إذا كان يوم القيمة نادى مناد من بطنان العرش: (أيها الناس غضوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة إلى الجنة).
رواه أبو بكر الشافعي الحديث الثالث والثلاثون موكبها حين تمر على الصراط
عن أبي أيوب الأنصاري - مرفوعا - إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش:
يا أهل الجمع نكسوا رؤوسكم، وغضوا أبصاركم حتى تمر فاطمة بنت محمد على الصراط، فتمر مع سبعين ألف جارية من الحور العين كمر البرق.
رواه أبو بكر الشافعي أيضا الحديث الرابع والثلاثون كيف تمر على الصراط؟
عن عائشة - مرفوعا - (إذا كان يوم القيامة نادى مناد، معشر الخلائق، طأطئوا رؤوسكم حتى تجوز فاطمة بنت محمد، فتمر عليها ريطتان خضراوان).
رواه الطبراني والحاكم وأبو نعيم الحديث الخامس والثلاثون أول من يدخل الجنة
عن علي قال: (أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أول من يدخل الجنة أنا وفاطمة) رواه ابن سعد الحديث السادس والثلاثون أفضل نساء أهل الجنة
عن ابن عباس - مرفوعا - أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم.
رواه أحمد والترمذي بإسناد صحيح قال الحافظ ابن حجر: هذا نص صريح قاطع للنزاع في تفضيل خديجة على عائشة لا يحتمل التأويل. الحديث السابع والثلاثون تبادل المودة والحنان بينها وبين أبيها
عن أبي ثعلبة الحسيني قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى ركعتين ثم ثنى بفاطمة، ثم يأتي أزواجه.
فقدم من سفر فصلى ركعتين، ثم أتى فاطمة، فتلقته على باب القبة، فجعلت تلتهم فاه، وعينيه، وتبكى. قال: ما يبكيك؟ قالت: أراك شعثا، أيضا قد اخلولقت ثيابك!! فقال لها: لا تبكي فإن الله عز وجل بعث أباك بأمر لا يبقى على ظهر الأرض نبت ولا مدر ولا حجر، ولا وبر، ولا شعر إلا أدخل الله به عزا وذلا).
رواه الطبراني وأبو نعيم الحديث الثامن والثلاثون عظم مكانتها عند أبيها
عن ثوبان: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر آخر عهده إتيان فاطمة، وأول من يدخل عليه إذا قدم فاطمة).
رواه أحمد والبيهقي الحديث التاسع والثلاثون أين هي من الميزان؟
(عن ابن عباس عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: أنا ميزان العلم، وعلى كفتاه، والحسن والحسين خيوطه والأئمة من أمتى عموده، وفاطمة علاقته توزن فيه أعمال المحبين لنا، والمبغضين لنا).
رواه الديلمي الحديث الأربعون اسمها على باب الجنة
عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ليلة عرج بن إلى السماء رأيت مكتوبا على باب الجنة بالذهب: (لا إله إلا الله محمد رسول الله، علىٌّ حبيب الله.
الحسن والحسين صفوة الله. فاطمة أمة الله).
رواه الديلمي - وحكم بعضهم بوضعه. الحديث الحادي والأربعون الكلمات التي تلقاها آدم
(عن ابن عباس قال: سألت المصطفى عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه فقال: سأل بحق محمد، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين). الحديث الثاني والأربعون سيدة نساء عالمها
عن عمران بن حصين أن نبي الله صلى الله عليه وسلم عاد فاطمة وهي مريضة فقال لها: كيف عيناك يا بنية؟ أما ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين، قالت: فأين مريم بنت عمران؟ قال: تلك سيدة نساء عالمها، وأنت سيدة نساء عالمك، والله لقد زوجك سيدا في الدنيا والآخرة.
رواه الحاكم عن عائشة الحديث الثالث والأربعون خير نسائها
عن علي - رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير نسائها مريم، وخير نسائها فاطمة).
رواه الترمذي الحديث الرابع والأربعون خير نساء عالمها
عن عروة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مريم خير نساء عالمها، وفاطمة خير نساء عالمها).
رواه الحارث بن أسامة الحديث الخامس والأربعون سيدة نساء أهل الجنة
عن أبي سعيد قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلا ما كان من مريم بنت عمران.
رواه أبو نعيم الحدث السادس والأربعون سيدات أهل الجنة بعد مريم
عن ابن عباس - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (سيدات أهل الجنة بعد مريم بنت عمران فاطمة وخديجة ثم بنت مزاحم).
رواه الطبراني في الكبير والأوسط بسند رجاله رجال الصحيح الحديث السابع والأربعون سيدة نساء المؤمنين عن عائشة قالت: اجتمعت نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءت فاطمة تمشى وما تخطىء مشيتها مشية أبيها. فقال: مرحبا يا بنتي، فأقعدها عن يمينه فسارها بشيء فبكت، ثم سارها فضحكت، فقلت له أخبريني بما سارك.
قالت: ما كنت لأفشى عليه سرا فلما توفى قلت لها: أسألك بما لي عليك من الحق، لما أخبرتني بما سارك. قالت: أما الآن فنعم. سارني قال: إن جبريل يعارضني بالقرآن في كل سنة مرة، وإنه عارضني العام مرتين، ولا أرى ذلك إلا اقتراب أجلي؛ فاتقى الله واصبري، فنعم السلف أنالك؛ فبكيت.
ثم سارني وقال: (أما ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين فضحكت).
رواه الشيخان الحديث الثامن والأربعون سيدة نساء أهل الجنة
عن أم سلمة قالت: (دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة عام الفتح فناجاها فبكت، ثم حدثنا فضحكت، فلما توفى سألتها، قالت: أخبرني أنه يموت فبكيت، ثم أخبرني أني سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم بنت عمران فضحكت). الحديث التاسع والأربعون أول بيته لحوقا به
عن عائشة - رضي الله عنها - حدثتني فاطمة قالت: أسر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جبريل كان يعارضني بالقرآن في كل سنة مرة، وأنه عارضني العام مرتين، ولا أراه إلا قد حضر أجلي، وإنك أول بيتي لحوقا بن ونعم السلف أنالك! قالت: فبكيت. قال: ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الأمة أو نساء المؤمنين؟! فضحكت! رواه الشعبي عن مسروق الحديث الخمسون أشدهم شبها برسول الله صلى الله عليه وسلم
عن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما رأيت أحد أشبه كلاما وحديثا برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة، كانت إذا دخلت قام إليها فقبلها، ورحب بها، وأخذ بيديها وأجلسها في مجلسه، وكانت هي إذا دخل عليها قامت إليه فقبلته، وأخذت بيده، وأجلسته مكانها. فدخلت عليه في مرضه الذي توفى فيه فأسر إليها فبكت ثم أسر إليها فضحكت، فقلت: كنت أحسب لهذه المرأة فضلا على النساء فإذا هي امرأة منهن. بينما هي تبكي إذ هي تضحك.
فلما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتها عن ذلك قالت: أسر لي أنه ميت فبكيت، ثم أسر لي أني أول أهله لحوقا به فضحكت).
رواه ابن حبان ولا تنافي بين هذا الحديث وما قبله من الأخبار.
فلعل تعدد صدور ذلك منه لها وبكاؤها وضحكها لم يكن لمجموع الخبرين، وإلا لما استقل به أحدهما كما استقل به حديث عائشة، فهو دليل على أنه لموته فقط لا لكل واحد منهما، وإلا لما ضحكت للثاني.
اتحاف السائل بما لفاطمة من المناقب والفضائل الباب الرابع في خصائصها ومزاياها على غيرها رضي الله عنها خصائصها ومزاياها على غيرها
وهي كثيرة: الأولى - أنها أفضل هذه الأمة: روى أحمد والحاكم والطبراني عن أبي سعيد الخدري - بإسناد صحيح مرفوعا - (فاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم).
وفي رواية صحيحة: (إلا ما كان من مريم بنت عمران) فعلم أنها أفضل من أمها خديجة، وما وقع في الأخبار مما يوهم أفضليتها؛ فإنما هو من حيث الأمومة فقط.
وعن عائشة - على الصحيح - بل الصواب.
قال السبكي: الذي نختاره وندين الله به: أن فاطمة أفضل! ثم خديجة! ثم عائشة! قال: ولم يخف عنا الخلاف في ذلك، ولكن إذا جاء نهر الله بطل نهر العقل! قال الشيخ شهاب الدين بن حجر الهيتمي: ولوضوح ما قاله السبكي تبعه عليه المحققون.. وممن تبعه عليه: الحافظ أبو الفضل بن حجر؛ فقال في موضع: هي مقدمة على غيرها من نساء عصرها، ومن بعد هن مطلقا.
مناقشة قول ابن القيم: وأما قول ابن القيم: إن أريد بالتفضيل كثرة الثواب عند الله فذاك أمر لا يطلع عليه؛ فإن عمل القلوب أفضل من عمل الجوارح.
وإن أريد كثرة العلم فعائشة.
وإن أريد شرف الأصل ففاطمة لا محالة، وهي فضيلة لا يشاركها فيها غير أخواتها.
وإن أريد شرف السيادة فقد ثبت النص لفاطمة وحدها.
وما امتازت به عائشة من فضل العلم لخديجة ما يقابله وأعظم! وهي أنها أول من أجاب إلى الإسلام ودعى إليه، وأعان على إبلاغ الرسالة بالنفس والمال والتوجه؛ فلها مثل أجر من جاء بعدها إلى يوم القيامة.
قال: وقيل انعقد الإجماع على أفضلية فاطمة فأين ما عدا مريم؟
مريم أفضل منها إن قلنا بما عليه القرطبي في طائفة من أنها (نبية)، وكذا على قول تقدم نبوتها بقوة الخلاف، وبقصده استثناءها. أعنى مريم في عدة أحاديث من بعضها.
بل روى ابن عبد البر عن ابن عباس مرفوعا: (سيدة نساء العالمين مريم، ثم فاطمة، ثم خديجة ثم آسية).
قال القرطبي: وهذا حديث حسن يرفع الإشكال من أصله.
قول الحافظ بن حجر: وقول الحافظ بن حجر: (إنه غير ثابت).
إن أراد به نفي الصحة الاصطلاحية فمسلم؛ فإنه حسن لا صحيح.
ونص على ذلك الحافظ الجبل ولفظه عن ابن عباس مرفوعا (سيدات نساء أهل الجنة بعد مريم بنت عمران فاطمة وخديجة، ثم آسية بنت مزاحم امرأة فرعون) رواه الطبراني في الأوسط وكذا الكبير بنحوه.
قال الحافظ الهيثمي: ورجال الكبير رجال الصحيح.
لكن قال بعضهم: لا أعدل ببضعة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا وممن صار إلى ذلك: المقريزى والسيوطى.
أفضليتها على نساء هذه الأمة: أما نساء هذه الأمة فلا ريب في تفضيلها عليهن مطلقا بل صرح غير واحد أنها وأخوها إبراهيم أفضل من جميع الصحابة حتى الخلفاء الأربعة. أفضليتها على بقية أخواتها
وذهب الحافظ بن حجر أنها أفضل من بقية أخواتها؛ لأنها ذرية المصطفى دون غيرها من بناته، فإنهن متن في حياته، فكن في صحيفته؛ ومات في حياتها فكان في صحيفتها! قال: وكنت أقول ذلك استنباطا إلى أن وجدت الإمام ابن جرير الطبرى نص عليه: فأخرج عن طريق فاطمة بنت الحسين بن على بن جدتها فاطمة قالت: (دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما وأنا عند عائشة، فناجاني فبكيت، ثم ناجاني فضحكت، فسألتني عائشة عن ذلك، فقلت: لا أخبرك بسره، فلما توفى سألتني فذكرت الحديث في معارضة جبريل له بالقرآن مرتين، وأنه قال: أحسب أني ميت في عامى هذا، وأنه لم ترزأ امرأة من نساء العالمين مثلها.
فلا تكوني دون امرأة منهن صبرا، فبكيت، فقال: أنت سيدة نساء أهل الجنة فضحكت).
ما أخرجه الطحاوي: وأما ما أخرجه الطحاوي وغيره من حديث عائشة في قصة مجىء زيد بن حارثة بزينب بنت المصطفى. قال النبي صلى الله عليه وسلم (هي أفضل بناتي أصيبت في).
فأجاب عنه بعض الأئمة - بفرض ثبوته - بأن ذلك كان متقدما، ثم وهبه الله فاطمة من الأحوال السنية والكمالات العليا ما لم يطاولها فيه أحد من نساء هذه الأمة مطلقاً.
على أن البزار روى عن عائشة أنها قالت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة: (هي خير بناتي أنها أصيبت بي).
وعليه فلا حاجة للجواب المتقدم بنصه الصريح على أفضليتها مطلقا. الثانية أنه يحرم التزويج عليها والجمع بينها وبين ضرة
قال المحب الطبري: قد دلت الأخبار - أي المارة - على تحريم نكاح علي على فاطمة حتى تأذن.
ويدل عليه قوله تعالى: (وَما كانَ لَكُم أَن تُؤذوا رَسولَ اللَهِ) لكن تبين من كلام جمع متقدمين من أئمتنا الشافعية أن ذلك من خصائص بناته، لا من خصائص فاطمة فقط.
وممن صرح به الشيخ أبو علي في شرح التلخيص: فقال: يحرم التزويج على بناء النبي أي من ينسب إليه بالنبوة.
لكن استوجه الحافظ ابن حجر أنه خاص بفاطمة؛ لأنها كانت أصيبت بأمها وأخواتها واحدة فواحدة، فلم يبق من تأنس به ممن يخفف عنها ألم الغيرة وفيه نظر. الثالثة أنها كانت لا تحيض أبدا
كما في الفتاوى الظهيرية الحنفية.
قالت المولدات: طهرت من نفاسها بعد ساعة لئلا تفوتها صلاة ولذلك سميت الزهراء!! ومن جزم بذلك من أصحاب الشافعية: المحب الطبريى وأورد فيه حديثين: أنها حوارء آدمية طاهرة مطهرة، لا تحيض ولا يرى لها دم في طمث، ولا في ولادة.
لكن الحديثان المذكوران رواهما الحاكم وابن عساكر عن أم سليم زوج أبي طلحة.
وهما موضوعان كما جزم به ابن الجوزى، وأقره على ذلك جمع منهم: الجلال السيوطي مع شدة عليه. الرابعة أنها كانت لا تجوع
روى البيهقي في الدلائل عن عمران بن حصين قال: (كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبلت فاطمة فوقفت بين يديه فنظر إليها وقد ذهب الدم من وجهها، وغلبت عليها الصفرة من شدة الجوع، فرفع يده حتى وضعها على صدرها في موضع القلادة، وفرج بين أصابعه ثم قال: اللهم مشبع الجماعة، ورافع الوضيعة ارفع فاطمة بنت محمد).
قال عمران: فسألتها بعد.
قالت: ما جعت بعد يا عمران! وعنه أيضا: إني لجالس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبلت فاطمة فقامت بحذائه مقابلة.
فقال: (ادنى يا فاطمة).
فدنت دنوة، ثم قال: ادنى فدنت حتى قامت بين يديه.
قال عمران: فرأيت صفرة قد ظهرت على وجهها، وذهب الدم، فبسط رسول اله صلى الله عليه وسلم بين أصابعه ثم وضع كفه بين ثدييها، فرفع رأسه فقال: (الله مسبع الجوعة، وقاضي الحاجة، ورافع الوضيعة، لا تجع فاطمة بنت محمد).
فرأيت صفرة الجوع قد ذهبت عن وجهها، وظهر الدم.
ثم سألتها بعد فقالت: (ما جعت بعد ذلك أبدا).
رواه الطبراني في الأوسط. وفيه عقبة بن حميد، وفقه ابن حيان وغيره، وضعفه بعضهم، وبقية رجاله موثقون.
وروى أحمد عن أنس (أن بلالا أبطأ عن صلاة الصبح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حبسك؟ قال: مررت بفاطمة تطحن، والصبى يبكى. فقلت: إن شئت كفيتك الرحى، وكفيتني الصبى، وإن شئت كفيتك الصبى، وكفيتني الرحى؟! قالت: وكفيتني الرحى؟! قالت: أنا أرفق بابني منك! فذلك الذي حبسني.
ورواه الطبراني بسند حسين عن فاطمة أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاها يوما فقال: (أين ابناي؟).
يعني الحسن والحسين.
قالت: أصبحنا وليس في بيتنا شيء يذوقه ذائق فقال على: أذهب بهما؛ فإني أخاف أن يبكيا عليك وليس عندك شيء! فذهب بهما إلى فلان اليهودي، فتوجه إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدهما في سربه بين يديهما فضل من تمر.
فقال يا علي: ألا تنقلب بابني قبل الحر؟! قال: أصبحنا ولي عندنا شيء، فلو جلست يا رسول الله حتى أجمع لفاطمة بعض تمرات.
فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اجتمع لفاطمة شيء من تمر، فجعله في حجره، ثم أقبل فحمل النبي صلى الله عليه وسلم أحدهما، وحمل على الآخر حتى أقبلها. الخامسة يقال إنها لم تغسل بعد الموت وإنها غسلت نفسها
لما رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن سعد في طبقاته عن سلمى قالت: اشتكت فاطمة شكوها التي قبضت فيه! فكنت أمرضها، فأصبحت يوما، وخرج علي لبعض حاجته فقالت: يا أمة، اسكبي لي عسلا، فسكبت لها عسلا فاغتسلت كأحسن ما رأيتها تغتسل ثم قالت: أغطيني ثيابي الجدد، فلبستها، ثم قالت: قربى فراشي وسط البيت، فاضطجعت واستقبلت القبلة، وجعلت يدها تحت خدها وقالت: يا أمة: إني مقبوضة، وقد تطهرت، فلا يكشفني أحد! فقبضت مكانها، فجاء على فأخبرته فقال: لا والله لا يكشفها أحد، فدفنها بغسلها ذلك. حديث غريب، وإسناده جيد، ولكن فيه ابن اسحق وقد ضعفه وله شواهد ومرسل وهو: ما رواه عبد الله بن محمد بن عقيل: أن فاطمة لما حضرتها الوفاة أمرت عليا فوضع لها غسلا فاغتسلت وتطهرت، ودعت بثياب كفنها، فأتيت بثياب غلاظ خشنة، فلبستها، ومست من حَنوطُ ثم أمرت ألا يكشفها أحد إذا قبضت، وأن تدرج كما في ثيابها.
فقلت له: هل علمت أحدا فعل ذلك؟ قال نعم كثير بن العباس، وكتب في أطراف أكفانه: يشهد كثير بن العباس: أنه لا إله إلا الله.
وقد أنكر الحافظ بن حجر في القول المسدد في الذب عن مسند أحمد علي ابن الجوزى في حكمه عليه بالوضع وقال كثيرون: غسلها زوجها علي، أو أسماء بنت عميس، وصلى على عليها ودفنها ليلا بوصية منها، في محل فيه ولدها الحسن تحت محرابها.
وكان موتها بعد المصطفى صلى الله عليه وسلم بعد ستة أشهر على الصحيح.
وقيل بثمانية، وقيل بثلاثة، وقيل بشهرين ليلة الثلاثاء لثلاث خلون من رمضان سنة أحدى عشرة.
قال الذهبي: والصحيح أن عمرها أربع وعشرون سنة. وقيل: أحدى وعشرون. وقيل: ست وعشرون وقيل: ست وعشرون وقيل: تسع وعشرون. وقيل: ثلاث وثلاثون، وقيل: خمس وثلاثون.
وقال عبد الله بن الحارث: مكثت بعد أبيها ستة أشهر، وهي تذوب، وما ضحكت بعده أبدا!! وروى الطبراني بسند رجاله موثوقون - لكن فيه انقطاع - عن جعفر بن محمد: مكثت فاطمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشهر ما رئيت ضاحكة..الحديث). أول من غطى نعشها في الإسلام
قال جمع: وهي أول من غطى نعشها في الإسلام. روى ابن سعد عن أم جعفر أن فاطمة قالت لأسماء بنت فيصفها: إني أستقبح ما يصنع بالنساء!! يطرح على المرأة الثوب فيصفها. فقالت: ألا أريك شيئا رأيته بالحبشة؟ فدعت بجريدة رطبة فحسيتها ثم طرحت عليها ثوبا. فقالت فاطمة: ما أحسن هذا!! إذا أنا مت فغسليني أن وعلى، ولا يدخلن أحد علينا، ثم اصنعي بي هكذا.
فلما توفيت صنع بها ما أمرت به. انقراض نسب الرسول إلا من فاطمة
قال العلماء: انقرض نسب الرسول صلى الله عليه وسلم إلا من فاطمة؛ لأن أمامة بنت بنته زينب تزوجت بعلي بوصية من فاطمة، ثم بعده بالمغيرة بن نوفل وأتت منها بأولاد.
قال الزبير بن بكار ثم انقرض عقب زينب.
اتحاف السائل بما لفاطمة من المناقب والفضائل الباب الخامس فيما روته من الأخبار وأنشأته من الأشعار روايتها للحديث
اعلم أنها لسرعة موتها لم ترو من الأحاديث إلا قليلا.
ذكروا أن جميع ما روته لا يبلغ عشرة أحاديث فمن ذلك: (حديث المسارة) المار و(حديث القول عند دخول المسجد).
رواه الترمذي وابن ماجه من رواية فاطمة الصغرى عنها مرسلا.
وقد ثبت أيضا له من طريق آخر عن فاطمة، عن أبيها الحسين عنها.
وحديث: (ألا يلومن امرؤ إلا نفسه يبيت وفي يده رمح مخمر).
أخرجه ابن ماجه من رواية ابنها الحسين عنها.
وحديث: (ترك الوضوء مما مسته النار).
أخرجه أحمد من رواية الحسن بن الحسن عنها مرسلا.
وحديث: (ساعة الإجابة في يوم الجمعة، وأنها إذا تدلت الشمس للغروب).
أخرجه البيهقي في الشعب وأخرج أحمد عن محمد بن علي.
قال: كتب إلى عمر بن عبد العزيز أن أفتح له وصية فاطمة فكان في وصيتها: الستر الذي يزعم الناس ،أنها أحدثته، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها، فلما رآه رجع.
وأخرج الطبراني عن فاطمة بنت رسول الله.. أنها أتت بالحسن والحسين غليه في شكواه الذي توفى فيه فقالت: يا رسول الله، هذان ابناك فورثهما شيئا، قال: (أما الحسن فله هيبتي وسودَدى).
(وأما الحسين فله جودى وجراءتي، فإن ابتليتم فاصبروا فإن العاقبة للمتقين).
وأخرج عن أبي مليكة قال: (كان فاطمة تنقر الحسن وتقول: بني شبه رسول الله إنه ليس شبيها لعلى).
وأخرج الدارمي عن أنس أنها قالت له: (كيف طابت نفوسكم أن تحثوا التراب على رسول الله ؟).
وأخرج ابن عساكر عن جابر بن سعيد قال: أخبرتني فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها رأت في نومها أنا نكحت أبا بكر، فنكح علي أسماء بنت عميس وكانت بنت عميس تحت أبي بكر فمات أبو بكر وفاطمة فنكح على أسماء بنت عميس.
ما ينسب إليها من الشعر: ومما ينسب إليها من الشعر قولها ترثى أباها كما في سيرة اليعمري:
اِغبَرَّ آفاقُ السَماءِ وَكُوِّرَت ... شَمسُ النَهارِ وَأَظلَمُ العَصراتِ
فَالأَرضُ مِن بَعدَ النَّبِيِّ كَئيبَةً ... أَسَفاً عَلَيهِ كَثيرةُ الرَجفانِ
فَليَبكِهِ شَرقُ البِلادِ وَغَربُها ... وَليَبكِهِ مَضَرُ وَكُلُّ يَماني
وَليَبكِهِ الطَودُ المُعظِمِ جَوُّهُ ... وَالبَيتِ ذو الأَستارِ وَالأَركانِ
يا خاتِمَ الرُملِ المُبارَكِ ضَوؤُهُ ... صَلى عَلَيكَ مَنزِلِ الفُرقانِ
رواية طاهر بن يحيى العلوى وابن الجوزى: وروى طاهر بن يحيى العلوى وابن الجوزى في الوفاء عن علي: (لما دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءت فاطمة فوقفت على قبره، وأخذت قبضة منتراب القبر، وأنشأت تقول: وقيل بل هو لعلى :
ما عَلَىَّ مِن شَمَّ تُربَةَ أَحمدٍ ... أَلّا يَشُمُ مَدى الزَمانِ غَوالِيا
صُبَّت عَلَيَّ مَصائِبٌ لَوأَنَّها ... صُبَّت عَلى الأَيّامِ عُدن لَيالِيا
ما تمثلت به من الشعر: وروى أنها تمثلت بشعر فاطمة بنت الأحجم:
قَد كُنتَ لي جَبَلاً أَلوَذُ بِظِلِّهِ ... فَتَرَكتَني أَمشي لِأَجرَدَ ضاحي
قَد كُنتِ ذاتَ حَميَةٍ ما عِشتَ لي ... أَمشي البَرازَ وَكُنتَ أَنتَ جَناحي
فَاليَومَ أَخضَعُ لَلَّذليلِ وَأَتقى ... مِنهُ وَأَدفَعُ ظالِمي بِالراحِ
وَإِذا دَعَت قُمرِيَّةٌ شَجَناً لَها ... لَيلاً عَلى فَنَنٍ دَعَوتُ صِياحي
ما رواه الثعلبي: وروى الثعلبي بإسناده: أن الحسن والحسين مرضا فعادهما المصطفى في ناس فقالوا: يا أبا الحسن، لو نذرت، فنذر على وفاطمة: إن شفيا أن يصوما ثلاثا.
فشفيا ولا شيء عندهم، فاقترض علي من يهودى آصعا، فصنعت فاطمة طعاما، وقدمته له عند فطره، فوقف بالباب سائل، فاستطعمهم فقال على:
فاطِمُ ذاتِ المَجدِ وَاليَقين ... يا بِنتَ خَيرِ النَاسِ أَجمَعين
أَما تَرينَ البائِسِ المِسكين ... قَد قامَ بِالبابِ لَهُ حين
يَشكو إَلى اللَهِ وَيَستَكين ... يَشكو إِلَينا جائِعُ حَزين
كُلُ اِمرِىء بِكَسبِهِ رَهين ... وَفاعِلُ الخَيراتِ يَستَعين
مَوعِدُهُ جَنَّةٌ عَلِيين ... حرَمَها اللَهُ عَلى الضَنين
وَلِلبَخيلِ مَوقِفٌ مَهين ... تَهوى بُهِ النار إِلى سِجّين
فقالت فاطمة:
أَمرُكَ سَمعٌ يابنَ عَمِّ وَطاعَةٌ ... ما بيَ مِن لَومٍ وَلا وِضاعَة
عُذّيتُ بِاللُبِ وَبِالبَراعَة ... أُطعِمُهُ وَلا أُبالي الساعَة
أَرجوا إِذا أَنفَقتُ مِن مَجاعَة ... أَنَّ الحَق الأَخبار وَالجَماعَة
وأدخل الخلد ولى شفاعة فأعطى الطعام ومكثوا يومهم وليلتهم لم يذوقوا الماء فصنعت مثله، فوقف بالباب يتيم فاستطعم، فقال على رضي الله عنه:
يا فاطِمَة بِنتُ السَيّد الكَريم ... بِنتُ نَبِيِّ لَيسَ بِالزَنيم
قَد جاءَنا اللَهُ بِذا اليَتيمِ ... مِن يَرحَم اللَهَ فَهُوَ رَحيم
مَوعِدُهُ في جَنَّةِ النَعيم ... قَد حُرِّمَ الخُلدُ عَلى اللئيم
يُساقُ في النارِ إِلى الجَحيم ... شَرابُهُ الصَديدُ وَالحَميم
فقالت فاطمة:
إِنّي لأُعطيهُ وَلا أَبالي ... وَأَوثِرُ اللَهُ عَلى عِيالي
أَمسوا جِياعاً وَهُم أَشبالي ... أَصغَرُهما يَقتُل في القِتال
بَكرُ بَلاءُ يَقتُل في اِغتِيال ... للقاتِل الوَيلُ مَع الوِبال
تَهوى بِهِ النار إِلى سَفال ... مُصَفَّد اليَدَينِ بِالأَغلالِ
لِقَولِهِ زادَت عَلى الأَكيال فأعطى الطعام، وأمسكوا يومين وليلتين لم يذوقوا شيئا إلا الماء القراح فوقف بالباب أسير فاستطعم فقال على:
فاطِمَة بِنتُ النَبِي أَحمَد ... بِنتُ نَبي سَيِّد مُسَوَّد
هذا أَسير للنَبي المُهتَدى ... مُكَبَّل في غُلِّهِ المِقيد
يَشكوا إِلَينا الجوعُ وَالتَشَدُّد ... مَن يُطعِمُ اليَومَ يَجِدُهُ في غَد
عِندَ العَلي الواحِد المُوَحَد ... ما يَزرَع الزارِع سَوفَ يُحصَد
فَأَطعِمى مِن غَير مَن أَو نَكَد ... حَتى تُجازى بِالَّذي لا يَنفَذ
فقالت فاطمة:
لَم يَبقَ مِمّا جِئتُ غَير صاعٍ ... قَد دُمِيِّت كَفى مَع الذّراع
اِبناى وَاللَهُ مِنَ الجِياع ... أبوهُما بِمُحتَدِّهِ صناع
يَصنَعُ المَعروفُ بِاِبتِداع ... عَبل الذِراعينِ طَويلِ الباعِ
وَما عَلى رَأسي مِن قِناعٍ فأعطوه الطعام ومكثوا ثلاثا لا يذوقون الأكل وقد قضوا نذرهم، أخذ على الحسين، وأقبل لعلى المصطفى وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع فقال المصطفى: (ما أشد ما يسوؤني مما أرى بكم، انطلق بنا إلى ابنتي فاطمة). فما رآها، وقد لصق بطنها بظهرها وغارت عينها لشدة الجوع قال: واغوتاه!! يموت أهل بيت محمد جوعاً؟! فنزل قول الله تعالى: (يوفون بالنذر) إلى قوله: (إِنَّما نُطعِمُكُم لِوَجهِ اللَهِ). وهذا حديث كذب موضوع.
فقد قال الحكيم الترمذي: هذا من الأحاديث التي تنكرها القلوب وهو حديث مسروق مفتعل لا يروج إلا على أحمق جاهل غبي.
وأورده ابن الجوزى في الموضوعات بزيادة على ذلك وقال: هذا لا يشك أحد في وضعه.
وممن جزم بوضعه الذهبي، وزين الدين العراقي، والحافظ بن حجر العسقلاني وغيرهم ممن كان يؤمن بالله واليوم الآخر لا يحل لهم نسبة ذلك للمصطفى، ولا إلى فاطمة، ولا إلى علي، وحاشا بلاغتهم من هذه الألفاظ الركيكة، والعبارات المنحطة الوضيعة، والله سبحانه وتعالى أعلم.
تم بحمد الله.