فريق الكشافة في بيوتنا

تاج الوقار

Well-Known Member
1.png

858fcc49bc.gif

نحْنُ فريق من الكشافة، مهمتنا التجول في بيوت الناس والنظر في أحوالهمْ،
ستكون حقيبتنا مؤلفة من أربعة كشافاتٍ بمثابة أضواءٍ ملونة : باللون الأحمر، والأزرق والأصفر والأخضر ..
وكلُ ضوءٍ يكشفُ عن المشكلة الموجودة بزاويةٍ مُختلفة ٍ.
وسيكون معنا أيضا حقيبةُ إسعافاتٍ أولية لمعالجة الإصابات إن وجدت ..
فهلْ أنتُمْ ذاهبون معنا ؟!
إذنْ لننْطلقْ ....

2.png


وقفْنا الآن أمام أحد المنازل، لندْخُل وننْظُر ماذا يحْصُل ..

للمشاهدة
مشْهدْ تألمتْ لهُ قُلُوبنا رجُل مُسن وابنه يصْرُخ عليْه !!
أعْرفُ أن كُل واحدٍ منا الآن يرْجعُ إلى نفْسه في هذه اللحْظة ويسْألْ : لم أفْعلُ ذلك مع أبي ؟!
إنهُ لا يسْتحق ذلك .. لذا لا بد من عقْد النية على تغْيير هذه المُعاملة السيئة ...

لكننا لنْ ننْجحْ في نيتنا هذه مالمْ نتعرفْ على الأضْواء الأُخرى منْ الموضُوع ..
دعونا نكتشفها معا .. ضوءا فآخر ، لنستطيع مُعالجة أنفسنا بالتدْريج ..



3.gif


4.png


الضوءُ الأصْفرُ:: تخيلْ أنك في قاعة ٍمظلمةٍ، وفجأة يُسلطُ عليك ضوء أصفر منْ إحْدى زوايا السقْف،
ستجدْ نفْسك داخل بُقْعة دائرية صفْراء ، ترى الأشياء أمامك تبْدو وكأنها صفراء ..
ستشْعُر بالمرض لأن وجْهك لو نظرت إليه في المرآة ستراهُ شاحبا أصفر ..
دعْنا نُشخصْ حالتك الآن لنصل للعلاج ..

دقاتُ قلْبك مُتزايدة ، يبْدو أن الدم يُضخُ إلى القلب بكمياتٍ كبيرةٍ..
هلْ تخْشى شيئا يا صاحبي ؟
لنْ نفْضح أحدا وإنما نُريدُ أنْ نأخذ بيدك وأيدينا نحو العلاج ..
تعلمْ أخي الكريم / أختي الكريمة
إنهُ لو اسْتمر نبضُ قلبك بهذه السرعة
وتدفق الدمُ بصورةٍ متتاليةٍ ولفتراتٍ طويلة قدْ تُصاب بجلطاتٍ وأمراضٍ خطيرةٍ ..
هلْ تعلمْ أن معظم الأمراضُ العضويةُ التي تُصيبُ الناس منشؤها أسباب أو أمراض نفسية
ظلتْ تُمارسُ تأثيرها الضاغط لسنواتٍ عديدة ..
هلْ تتخيل أنك ربما تكونُ أحد الأسباب خلف إصابة والدك -لا قدر اللهُ - بارتفاع ضغط الدم أو إصابته بالجلطة أو السكر أو أو ..،

قد لنْ يكون هذا منْ مرة ٍواحدةٍ وإنما منْ مراتٍ كثيرةٍ
تكرر فيها الجدالُ مع والديك ورأيت بعينيك حرقتهُمْ عليك ..
ومع ذلك ظننت أن الأمر سينتهي عند هذا الحد وسيهدأ الوالدان بعد قليلٍ ..
دعنا نُذكرك أنهما بشر مثلنا يغضبان مثلما نغضبُ ويحزنان مثلما نحزنُ ..
وليكنْ بمعلومك أن الجسد الضعيف يتراكمُ فيه السكرُ الذي يطلقهُ الكبدُ في حالة الحزن والغضب حتى يصاب أخيرا بالمرض ..



أيضا فإن كثرة الغضب والتوتر قد تُخثرُ جُزئياتٍ منْ الدم لتكون النتيجةُ الإصابة بجلطةٍ
وكلُ ذلك سببهُ أنت أو أنا ..نسألُ الله العفو والعافية.
هذا الأبُ المسكين وهذه الأمُ المسكينة اللذان حرصا منذُ ولادتك وحتى زواجك على تلبية كل طلباتك وهما سعيدان ..
لا يحْملهما شيء على ذلك سوى أنهما يرونك فلذة كبديهما و خُلقْت منْ أضلاعهما ..

في حينْ أنك تُفسر كل ما يفعلهُ والداك لك
على أنهُ أبوة وأمومة فقط [ إنها وظيفةُ الوالدين ]
ولا تُريدُ أنْ تفهم أكثر منْ ذلك ..فأنت تعلمُ أنهُ مهما أخطأت في حقهما
ستستطيع إرضاءهما بكلمةٍ واحدةٍ فقط ...
في حين أنهما إن ارتكبا خطأ في حقك لأقمت الدنيا عليهما ولمْ تسامحهما وسيبقى قلبك أبد الدهر ينقمُ عليهما .

5.gif


إذا سنلخصُ سبب شُحوب وجهك الآن :

- إحساسك بالذنب العظيم أمام والديك وأنك حاولت مرارا تغييرُ أسلوبك معهم ولكنك لمْ تستطع ذلك.
-عندما تتذكر وعيد الله للعاقين تُحس أن بانتظارك عذابا عظيما.
-أنت لا تملكُ الصبر ولا تتحملْ نُصح والديك .

ألا تشعُرْ بالخوف منْ هذا الكلام ؟ إنهُ مُخيف ..ربما الأسباب كثيرة جدا لهذه التوترات
ولكن يجب أن تعلم أن حياتك لنْ يقلْ فيها عدد الأشياء التي تُغضبك بل على العكس تزدادُ،
ولكن الشيء الذي تحتاجُ أن تعلمهُ هو كيف تعيشُ مع تلك الأشياء ..

يجب أن تعلم أن والديك في مرحلة الشيخوخة تتغيرُ حالتهُما الجسدية والنفسية في ذات الوقت .. فتصبحُ أثقل وأضعف .
وأمامك توضيح لما سنقولهُ ::


6.gif


حالةُُ يمرُ بها الغالبيةُ منْ الناس فإياك والغضب لأنه لا يزيدك إلا مرضا وبعدا عن الله
ويوقعك في غضبه وسخطه نسأل الله العافية .. بل أنت تحتاج لأنْ تفهمْ طبيعة والديك وما يحتاجانه من حبٍ وحنانٍ..
وأكثرُ شيءٍ يحتاجانه أنْ تُعطيهما الثقة بأنفسهما وذلك بطاعتهما وإجلالهما وتقديمهما والإحسان إليهما .


تذكر :: أن مرحلة الشيخوخة لها حاجات نفسية وجسدية تحتاجُ لتعاملك معها بشكلٍ ذكي وصبرٍ,
فلا تفرضْ نفسك عليهما بأن تُقلل من شأن ذكرياتهما أو ماضيهما أو تحقر من نصائحهما
فهما يتكلمان بالخبرة والتجربة وأنت تتكلمُ بالمعرفة فقط ، والخبرة ُتعطي ما لا تعطيه المعرفة ..



7.gif




8.png


الضوءُ الأزرقُ :: منْ لطيف ما خلق اللهُ عزوجل وجعلهُ عبرة للإنسان ما يحصلُ منْ بعض مخلوقاته ..

فتلاحظ أن طائر اللقلق حين يعودُ إلى عشه يُرفرفُ بجناحيه كتحية لزوجته أمام أطفاله ..
وهكذا حين يكبرُ الأبناء يتعلمون أداء التحية لوالديهم حين عودتهُمْ لبيتهُمْ !!


ومن المعلوم أيضا أن قطيع حمير الوحش لهُ نظام اجتماعي أسري ممتاز، فحين يتوجهُ الجميعُ لشرب الماء ،
يبدأ الكبارُ أولا ثم الآباءُ ثم الأمهاتُ ثم الأطفالُ وأيُ مُخالفٍ للنظام يعاقبُ وينتظر دورهُ بأدبٍ !!


9.gif


10.png



الضوءُ الأخضر : لونُ التفاؤلُ والحياةُ ::
اخرجْ إلى مساحةٍ منْ الأرض الطيبة المملوءة بالحصا فقط، وقفْ على تلك الأرض
حين تكونُ أشعةُ الشمس عمودية على الحصا ، ماذا ستلاحظُ ؟ - سترى الأرض تلمعُ
سبحانك يارب ! ..

منظر رائع ربما يضاهي منظرُ العشب الأخضر ..

[أذكرُ في صغري أني ذهبتُ مع والدي إلى أرضٍ تُسمى طيبة عندنا وكانت كلها حجارة
فرأيتُ الأرض تلمعُ .. فأخذتُ أجمعُ أكبر عددٍ ممكنٍ منْ الحصى في ثيابي وأخذتُها معي إلى المنزل
ولكنها لمْ تلمعْ كما لمعت في تلك الأرض !!

وحين كبرتُ وعن قريبٍ أردتُ الوقوف تحت أشعة الشمس للحظاتٍ فوقفتُ فإذا بي أرى بلاط المنزل يلمع،
تتبعتُ بقية المنزل فلم أجد اللمعان إلا في المنطقة التي تضربها أشعة الشمس بشكلٍ عمودي
أخبرتُ أختي لتتأكد مما رأيتُ وقد قلتُ لها ربما يكون هذا الحجرُ ألماسا ! وكان شكلهُ جميلا
..]


مجردُ حصا تُظهرُ بأمر الله رونقها وجمالها في وقتٍ تستعرُ فيه الشمس وربما كان هذا عرقها
ولكنه كان جميلا .. تحملت الحر والقيظ ليظهر شكلها بشكلٍ مبهرٍ و رائع ..

وكذلك البحر وقت الظهر ترى صفحات الماء تتلامع بطريقة ٍتُسحرُ فيه الألبابُ ..
إنها الطبيعة التي خلقها اللهُ عزوجل لنعتبر ونتعظ ..،

وحتى نكون لامعين مثل تلك الأحجار القاسية أو مثل صفحات الماء الرقيقة
لابد وأن نتحمل حر الأيام وحر أوامر الله عزوجل التي تحترمُ كل شيءٍ، تحترمك وتحترمُ والدك
وتحترمُ كل كائنٍ على وجه الأرض ..
تحمل حر الصبر ومعاملة والديك حتى تكون لامعا , إذا ما غضب والدك عليك فعليك بالهدوء مستريحا إلى شخصيتك الصابرة ، ستكون
لامعا أكثرُ أمام نفسك التي تحملت وصبرت على أمر الله وستكون لامعا عند الله وملائكته , فهنيئا لمن بر والديه وأحسن وكان من قبلُ ذلك عابدا لله متبعا لسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ..

11.gif


12.png



والآن سنعطيك وصفة لتجعلك لامعا وقتُ الشدة والحر ::


الضوءُ الأحمرُ :: هو الُلون الذي تعرف أنهُ مكمن الخطر ، وأنهُ أمر يجب الالتزامُ به فتتوقف عندهُ خوفا من القانون ..

13.gif


إنهُ قضاءُ اللهُ عزوجل بأن أمرنا أمرا يُوجبُ التنفيذ ببر الوالدين ..

{ قُلْ تعالوْاْ أتْلُ ما حرم ربُكُمْ عليْكُمْ ألا تُشْركُواْ به شيْئا وبالْوالديْن إحْسانا ولا تقْتُلُواْ أوْلادكُم منْ إمْلاقٍ نحْنُ نرْزُقُكُمْ وإياهُمْ ولا تقْربُواْ الْفواحش ما ظهر منْها وما بطن
ولا تقْتُلُواْ النفْس التي حرم اللهُ إلا بالْحق ذلكُمْ وصاكُمْ به لعلكُمْ تعْقلُون
}الأنعــا م151

سُبحانك يارب حين جعلت بر الوالدين عقب عبادتك ..وأنت أرحمُ الراحمين ..
هذه الآيةُ العظيمةُ جعلتْ عُقوق الوالدين ضمن نطاق الخطر والموبقات،
فإنْ لمْ نبر الوالدين فقد أتينا بكبيرة من الكبائر بعد الشرك بالله وقبل قتل الأولاد ..
أيُ أمر هذا أمرنا اللهُ بتنفيذه ، ولم يقلْ سبحانهُ لا تعقُوا آباءكُمْ وإنما استخدم دائما الأمر بالبر بهم والإحسان إليهم ، وكأن الأمر فقط محصور بالإحسان وما فوق ..
ولا ينزلُ عن ذلك أبدا .. وكل شيءٍ نازلٍ عن مرتبة الإحسان يدخلُ في العقوق، الأمرُ مخيف جدا وثقيل على النفس ومنْ الذي يتحمل مثل ذلك إلا منْ درب نفسهُ على الطاعة والإحسان ..

ومعنى ذلك أن معاملتك للآباء هي بر وإحسان فقط ..
اللهم إنا نسألك بر والدينا وأنْ ترزقنا طاعتهُما والإحسان إليهُما ما حيينا.. اللهم آمين..

- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رضا الرب تبارك وتعالى في رضا الوالدين ، وسخط الله تبارك وتعالى في سخط الوالدين
الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 2503
خلاصة الدرجة: حسن لغيره

حديثُ لهُ وزن الذهب و له رادع قوي عن إغضابهما ..

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم ، و حامل القرآن ؛ غير الغالي فيه و الجافي عنه ، و إكرام ذي السلطان المقسط }
الراوي: أبو موسى الأشعري المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 2199
خلاصة الدرجة: حسن


هذا الحديثُ وقع في نفسي حين قرأتهُ ..
فإن كنتُ أكرمُ كبار السن فهذا نوع من إجلال الله عزوجل ..
اجعلهُ مقياسا لك لتقيس إيمانك وإجلالك لله عزوجل .. تذكر ذلك في كل معاملةٍ لوالديك ،،
و اعلم أن هذه المعاملة ستُؤتي أُُكلهُا فقط تدربْ على الخير تكُنْ منْ أهل الخير..


- وقدْ رأى عبد الله بن عمر رضي الله ُعنهما رجلا يحملُ أمه على ظهره وهو يطوفُ بها حول الكعبة فقال:
"يا ابن عمر أتراني وفيتها حقها، قال: ولا بطلقةٍ واحدةٍ من طلقاتها، ولكن قد أحسنت واللهُ يثيبك على القليل كثيرا "

قانونُ : كندا والعجوز :
في كندا الكبارُ يمتلكون الحرية والأريحية أكثر منْ الشباب ,,فطبقةُ الشباب هنا هي الطبقة المرهقة منْ المجتمع ..
يهياُ لكبار السن كل شيءٍ من مواقفٍ للسيارات في كل مكان ..
كذلك الباصات والنقل الجماعي مهيئة للتعامل مع كبار السن ومساعدتهم..
الأبواب في كل مكانٍ لها زر خاص للكبار والمعاقين الذين لا يستطعون أنْ يفتحوا الأبواب لثقلها
منْ ضوابط تعاملهُمْ أيضا لايمكنهُمْ إيذاءُ شيخ أوعجوز ..فالأمرُ مُتعلق بالإنسانية..
وعندنا فالإسلامُ حثنا على الاعتناء بكبير السن ولمْ يأمرنا بحجزه في منزله بل حثـهُ على المتابعة و العمل أكثر والعبادة ..
الإسلامُ يضيءُ لنا دربنا بالحرص على منْ هُمْ أكبرُ منا سنا , و يعْطيهم حقهُم و ُيكْرمُهُمْ أفْضل من أي قُانُونٍ آخر , كم هو جميل أن نعيش
ونمارس تعاليمنا وقرآننا كما كان الرسول عليه الصلاة والسلام يفعل ويأمرنا أن نفعل .


هذا في كندا الذي يُكرم كبير السن كنظام ولكن نحنُ في مجتمعنا يُكرم الوالدان كدين وأفراد ونظام ، النظام الإسْلاميُ فقدناهُ ..
ولكن بقي الخيرُ في الأفراد .. والدين لمْ يزلْ يأمرُ بالبر والإحسان حتى آخر الدهر .

فطالبوا بالنظام ، وعلموا الأفراد الإحسان تحت شعار عبودية الله ..

أخي الكريم / أختي الكريمة : مهما تعاملت مع والديك أيقن أن معاملتك لهُمْ في رد الإحسان إليهُما
ومهما زدت وأحسنت فلنْ تخرج عن دائرة رد الإحسان ..أما والديك فمهما قسوا عليك فإنهما يعاملانك بالفضل ،
والذي هو بلا مقابل ، ويبقى فضلهُما عليك أبد الدهر إما بالتربية وتوفير المال والدُعاء .


قرر ماذا ستفعل الآن :::.

- برُ الوالدين : بأن تأتي ما يحبانه قبل أن يطلبا منك ذلك، وتنتهي عن الأشياء التي يكرهانها.
- بالكلمة الطيبة والابتسامة المُفعمة بالحب، وليس بالكلمة الطيبة مصحوبة بنظرةٍ عابسةٍ أو تجهُم.
-أشْعرْهُما بتواجُدك معهُما ولو كنت بعيدا، اتصل عليهما .. تحدث إليهما بحبٍ واسأل عن أخبارهُما ، وأسْمعْهُما الأخبار الطيبة عنك فهذا يشعرهما بالسعادة أكثر .
- عاملهُما على الأقل كما تعاملُ صديقك مع الصبر والترفق .
- تعلم مهارات جديدة في التعامل مع والديك ، ابحث في الإنترنت وستجد كثيرا.
- لا تتكلم عن والديك بسوءٍ في غيبتهما.
- قدم حاجاتهما على حاجاتك.


وأخيرا : لا يسعُنا القولُ إلا الدعاء لنا جميعا أن يرزقنا اللهُ
البر والإحسان بوالدينا وأن يُعيننا على أمره .. اللهم آمين


15.png
 
عودة
أعلى