reem samaha
Member
اللمسة رسالة متعددة المعاني توصل الحب والدعم والتشجيع وتنشر الرحمة والطمأنينة والسلام. ففي الحرب العالمية الثانية خُصصت عنابر ليتامى الحرب من الأطفال، وقد لاحظ أحد الأطباء المشرفين على هذه العنابر أن الأطفال في أحدها يتميزون بهدوئهم وطاعتهم لممرضاتهم. تساءل الطبيب: "ما الذي يُميز هؤلاء الأطفال عن غيرهم؟ ولماذا يتسمون بالهدوء والسكينة؟" بعد المقارنة بين العنابر، وجد الطبيب أن هذا العنبر كان قريبًا من مسكن امرأة عجوز كانت تزور الأطفال بشكل دوري وتمسح على رؤوسهم وتحتضنهم.
ترجع أهمية اللمس إلى أن وزن الجلد عند الإنسان البالغ يصل إلى حوالي 5.5 كيلو جرام، وفي كل سنتيمتر مربع منه يوجد حوالي 3 ملايين خلية بين عرقية وعصبية ودهنية وشعيرة دموية. يقول العلماء إن في الجلد ما يعادل خمسة ملايين خلية عصبية، تحتاج إلى لمسها للمحافظة على حيويتها وحياتها، ولأن في الجلد نهايات عصبية خاصة باللمس والشعور بالنعومة والخشونة والبرودة والحرارة، فقد سماه البعض العين الثالثة، والمخ الثاني – فهو وسيلتنا لإدراك ما يدور حولنا. وقد وجد بعض الباحثين الذين رصدوا بكاميرات دقيقة مجموعة من الأشخاص في مكان ضيق أن جلودهم تقلصت وأخرجت روائح دفاعية كريهة تشبه ما تصدره الحيوانات المطاردة، كما وجد هؤلاء الباحثون أن جلودنا حين نكون مع من نحب تتمدد، وتصبح رطبة، وتصدر روائح طيبة، ويتدفق الدم فيها.
إذا كنا متفقين على أن الماء والهواء والغذاء عناصر مهمة لبقائنا، فإننا بحاجة أيضًا إلى لمس جلودنا حتى نحافظ على حياتنا، فمن المهم أن يلمس كل شريك شريكه ويمسح على رأسه ويربت على جسده؟ وأن نكثر من احتضان أطفالنا ولمسهم والمسح على رؤوسهم؟
من كتاب "الضحك يبقيك حيآ"