سلسلة العشرة المبشرين بالجنة - ج 1

قصي حمدان

New Member
العشرة المبشرون بالجنة
أخوتي أخواتي الأكارم في منتدى جامعة كتاب العرب
أرى العجب العجاب هذه الأيام إذ أرى المرء يعرف الشارد والوارد عن ممثل ما ، لاعب ما ، ماجن ما ............ ويتخذه قدوة ، و إذا سألته عن نبيه ، عن أمهات المؤمنين ، بنات الرسول ، الصحابة الكرام ، يقول وهل أن شيخ ؟
يا الله
انطلاقا من حبي الخير للناس و لنفسي أولا ، وانطلاقا من حبي الشديد للصحابة أردت جمع هذه الوريقات لنتخذ منهم قدوة صالحة .
سائلا المولى لي ولكم التوفيق والسداد والصلاح
أخوكم في الله قصي
وعلى بركة الله نبدأ مع العشرة المبشرين بالجنة
أخوتي أنا لا أدعي أني ألفت هذه الوريقات ولكنني جمعتها من مصادر كثيرة ونسقتها ولا تؤاخذوني إن كنت بطيئا فوالله هذا البحث يأخذ فترة طويلة جدا مني ، أرجو الدعاء .
عسى الله أن يقبله مني خالصا لوجهه إنه أكرم مسؤول .
بادئ ذي بدء : من حكم على هؤلاء الصحابة الكرام بأنهم في الجنة ؟
أخوتي في المنتدى
أخوتي في الله
العشرة المبشرون بالجنة خصوا بهذا الوصف لأن النبي صلى الله عليه وسلم جمعهم في حديث واحد فقال: "أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة والزبير في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وسعد بن أبي وقاص في الجنة، وسعيد بن زيد في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة". رواه الترمذي وصححه الألباني.
و نحن من واجبنا أن نقر بذلك وبدون تردد أو تفكير بدليل قوله تعالى : ( وما كان لمؤمن و لا مؤمنة إذا قضى الله و رسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ) – سورة الأحزاب ( 36 ) .
و هلم بنا نتعرف على هؤلاء المبشرين العشرة :
1- أبو بكـر الصديق ( عبد الله بن أبي قحافة ) رضي الله عنه :
هو أول العشرة المبشرين بالجنة
أبو بكر الصديق هو :
عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب ، القرشي ، التيمي ، يلتقي مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في مرة .
يلقب بالعتيق ، ولُقّب في الإسلام بـ " الصدّيق " لأنه :
- سماه الله صديقا قال سبحانه : ( وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ )
جاء في تفسيرها : الذي جاء بالصدق هو النبي صلى الله عليه وسلم ، والذي صدّق به هو أبو بكر رضي الله عنه .
- سماه النبي صلى الله عليه وسلم " الصدّيق " فقد روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أُحداً وأبو بكر وعمر وعثمان ، فرجف بهم فقال : ( اثبت أُحد ، فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان ) .
- ولُقّب بـ " الصدِّيق " لأنه أول من صدّق وآمن بالنبي صلى الله عليه وسلم من الرجال .و ليس هذا وحسب بل بالغ في تصديقه كما في قصة الإسراء وقد قيل له : إن صاحبك يزعم أنه أُسري به ، فقال : إن كان قال فقد صدق !
مولده :
ولد أبو بكر في مكة عام ( 51 قبل الهجرة ) أي بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر ، أي بعد الرسول -صلى الله عليه وسلم- بثلاث سنيـن ، أمه أم الخير سلمى بنت صخر التيمية بنت عم أبيه .
صفته :
بعض كتاب السيرة يصفون شكله : كان أبيض اللون ، نحيل الجسم ، خفيف العارضين ، أحنى الظهر ، معروق الوجه ، غائر العينين ، ناتئ الجبهة ، كان يُرى ضعيفاً مستضعفاً ، فإذا جد الجد فهو الليث عادياً ، كان يُرى أكثر دهره صامتاً ، فإذا تكلم بزَّ القائلين ، وكان يخضب بالحناء والكَتَم ، وكان رجلاً اسيفاً أي رقيق القلب رحيماً .
مرتبته :
هذا الصحابي الجليل بلغ مرتبة الصديقية ، وهي المرتبة الأولى بعد النبوات والرسالات .
أبو بكر في الجاهلية :
كان من خيار الناس في الجاهلية فقد عاش في الجاهلية ولم يعبد صنماً ولم يشرب خمراً و ما حمله على ذلك إلا رجاحة عقله . كان يعمل بالتجارة ومـن أغنياء مكـة المعروفين ، وكان أنسب قريشاً لقريش وأعلم قريـش بها وبما كان فيها من خير وشـر وكان ذا خلق ومعروف يأتونه الرجال ويألفونـه .
و مما يروى من طرائف الأخبار أنه لم يعرف ولو مرة واحدة قاتل أحدًا ، أو شاتم ، أو أساء ، أو تخلى عن مروءة ، أو بخل بماله أو جاهه .
قصة إسلامه :
كان مرة في بلاد الشام في تجارة فرأى رؤيا ، رأى قمراً قد غادر مكانه في الأفق الأعلى ، ونزل على مكة حيث تجزأ إلى قطع وأجزاء ، تفرقت في جميع منازل مكة وبيوتها ثم تضامنت هذه الأجزاء مرة أخرى ، وعاد القمر إلى كيانه الأول ، واستقر في حجر أبي بكر ، صحا هذا الصديق من نومه ، وقد رأى هذه الرؤيا ، فسار إلى أحد الرهبان المتقين ، وقص عليه الرؤيا ، فتهلل وجه الراهب الصالح ، وقال لأبي بكر : لقد أهلَّتْ أيامُه ، قال : من تعني ؟ قال : النبي الذي يُنتَظَر ، لقد أهلّت أيامه ، ويجيبه الراهب : نعم ، وستؤمن معه ، وستكون أسعد الناس به .
و عندما عاد سيدنا الصديق مكة المكرمة ، وجد فيها حدثا جللا جديدا ، فلما قابل أصدقاءه أخبروه أن صاحبه محمداً يقول : إن في السماء إلهاً ، وكانت الآلهة عندهم بين أيديهم ، يقول إن في السماء إلهاً أرسله إلينا لنعبده ، ونترك ما كان يعبد آباؤنا ، ثم إنّ سيدنا الصديق سأل ، أو قال : إن الله أوحى إليه ؟ قال أبو جهل : أجل ، قال الصديق : ألم يقل كيف كلمه ربُّه ؟ ، قال أبو جهل : قال إن جبريل أتاه في غار حراء ، وتألق وجه أبي بكر كأنه الشمس ، قال في هدوء وسكينة : إن كان قال هذا فلقد صدق .
سيدنا الصديق انتقل من بيته بعد أن نفض عنه وعثاء السفر وتوجه إلى بيت النبي عليه الصلاة والسلام ، وجرى حديث بينهما في سرعة الضوء وصفائه ، قال أبو بكر : أصحيح ما أنبأني به القوم يا أخا العرب ، ولم يكن رسولَ الله ، فقال عليه الصلاة والسلام : ماذا أنبؤوك قالوا : إن الله أرسلك إلينا لنعبده ولا نشرك به شيئا ، قال : وما كان جوابك لهم يا عتيق ، قلت لهم : إن قال هذا فقد صدق ، يروي كتاب السيرة أنه قد فاضت عينا رسول الله من الدمع غبطةً وشكراً ، لأنه هو يظن أن هذا الإنسان هو أول من يصدقه ، وقد تحقق ظنه .
ما كان من هذا الصحابي الجليل بعد أن قبله النبي وبكى إلا أن شد بكلتا يديه على يد صاحبه ، وقال : أشهد أنك صادق أمين وأشهد أنه لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله ، لذلك قال عليه الصلاة والسلام : ما دعوت أحداً إلى الإسلام قط إلا كانت له كبوة إلا أخي أبا بكر .
أسلم على يديه :
اسلم على يديه خمسة من المبشرين بالجنة عثمان، والزبير، وطلحة، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص .
و يكفيه فخرا رضي الله عنه أن الله زكّـاه :
قال سبحانه وتعالى : ( وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى * إِلا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى ) ، وهذه الآيات نزلت في ابي بكر رضي الله عنه .
وهو من السابقين الأولين بل هو أول السابقين : قال سبحانه : ( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) .
و يكفيه فخرا رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أحبه وزكاه و اتخذه أخا :
كان - رضي الله عنه - من أقرب الناس الى قلب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأعظمهم منزلة عنده ، قال عمرو بن العاص لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الناس أحب إليك ؟ قال : عائشة . قال : قلت : من الرجال ؟ قال : أبوها . رواه مسلم .
و من شدة المحبة أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذه أخـاً له ، روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس وقال : ( إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عند الله . قال : فبكى أبو بكر ، فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خير ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير ، وكان أبو بكر أعلمنا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن مِن أمَنّ الناس عليّ في صحبته وماله أبا بكر ، ولو كنت متخذاً خليلاً غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلا ، ولكن أخوة الإسلام ومودته ، لا يبقين في المسجد باب إلا سُـدّ إلا باب أبي بكر )
قال عليه الصلاة والسلام : ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافأناه بها ما خلا أبا بكر فإن له عندنا يداً أرجو الله أن يكافئه بها يوم القيامة .
يقول عليه الصلاة والسلام : ما نفعني مال قط مثل ما نفعني مال أبي بكر ، قال : وما عرضت الإسلام على أحد إلا وكانت له كبوة عدا أبي بكر فإنه لم يتلعثم .
درجة محبة أبي بكر رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم :
عندما بلغ عدد المسلمين تسعة وثلاثين رجلاً ، ألح أبو بكر على الرسول صلى الله عليه وسلم في الظهور فقال الرسول يا أبا بكر إنّا قليل )...فلم يزل يلح حتى ظهر الرسول صلى الله عليه وسلم وتفرّق المسلمون في نواحي المسجد ، وقام أبو بكر خطيباً ورسول الله جالس ، وكان أول خطيب دعا إلى الله عزّ وجل والى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين ، فضربوهم ضربا شديدا ، ووُطىءَ أبو بكر ودنا منه الفاسق عتبة بن ربيعة ، فجعل يضربه بنعلين مخصوفين ، وأثّر على وجه أبي بكر حتى لا يعرف أنفه من وجهه ، وجاء بنو تيم تتعادى ، فأجلوا المشركين عن أبي بكر ، وحملوا أبا بكر في ثوب حتى أدخلوه ولا يشكون في موته ، ورجعوا بيوتهم و قالوا والله لئن مات أبو بكـر لنقتلـن عُتبة ) ، ورجعوا الى أبي بكر وأخذوا يكلمونـه حتى أجابهم فتكلم آخر النهار فقال ما فعـل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟)...فناله قومه بألسنتهم وقاموا عنه ...
ولمّا خلت أم الخير ( والـدة أبي بكر ) به جعـل يقول ما فعل رسول الله صلـى اللـه عليه وسلم ؟)...قالت والله ما لي علم بصاحبك )...قال فاذهبي الى أم جميل بنت الخطاب فاسأليها عنه )...فخرجت حتى جاءت أم جميل ، فقالت إن أبا بكر يسألك عن محمد بن عبد الله ؟)...قالت ما أعرف أبا بكر ولا محمد بن عبد الله وإن تحبي أن أمضي معك الى ابنك فعلت ؟)...قالت نعم )...فمضت معها حتى وجدت أبا بكر صريعا ، فدنت أم جميل وأعلنت بالصياح وقالت إنّ قوما نالوا منك هذا لأهل فسق ؟! وإنّي لأرجو أن ينتقـم اللـه لك )...
قال فما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ؟)... قالت هذه أمك تسمع ؟)...قال فلا عين عليك منها )...قالت سالم صالح )...قال فأين هو ؟)...قالت في دار الأرقم )...قال فإن لله عليّ ألا أذوق طعاما أو شرابا أو آتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- )...فأمهَلَتا حتى إذا هدأت الرِّجْل وسكن الناس خرجتا به يتكىء عليهما حتى دخل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فانكب عليه يقبله وانكبّ عليه المسلمون ورقّ رسول الله فقال أبو بكر بأبي أنت وأمي ليس بي إلاّ ما نال الفاسق من وجهي ، وهذه أمي بَرّة بوالديها ، وأنت مبارك فادعها الى الله ، وادع الله لها عسى أن يستنقذها بك من النار )...فدعا لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم دعاها الى الله عزّ وجل ، فأسلمت فأقاموا مع رسول الله في الدار شهراً ، وكان حمزة يوم ضُرِب أبو بكر قد أسلم...
هو أول من يدخل الجنة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم و هو صاحبه على الحوض :
كما قال له الرسول -صلى الله عليه وسلم- أما إنك يا أبا بكر أول من يدخل الجنة من أمتي )...وقال أنت صاحبي على الحوض ، وصاحبي في الغار )...
قرابته رضي الله عنه من الرسول صلى الله عليه وسلم :
كما أن أبو بكر الصديق هو والد أم المؤمنين عائشة لذا كان عظيـم الإفتخـار بقرابته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومصاهرته له وفي ذلك يقول والذي نفسي بيـده لقرابة رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- أحبُّ إليّ من أن أصل قرابتي )...
يكفيه فخرا أنه صاحب النبي صلى الله عليه وسلم أثناء الهجرة :
ولقد سجل له القرآن الكريم شرف الصحبة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أثناء الهجرة الى المدينة المنورة فقال تعالى :"( ثاني اثنين اذ هما في الغار ، اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا )"...
كان أبو بكر رجلا ذا مال ، فاستأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-في الهجرة فقال له الرسول لا تعْجل لعل الله يجعل لك صاحباً )...فطمع بأن يكون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنما يعني نفسه حين قال له ذلك ، فابتاع راحلتين فاحتبسهما في داره يعلفهما إعدادا لذلك ، وفي يوم الهجرة ، أتى الرسول -صلى الله عليه وسلم- بيت أبي بكر بالهاجرة في ساعة كان لا يأتي فيها ، فلما رآه أبو بكر قال ما جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-هذه الساعة إلا لأمر حدث )...
فلما دخل تأخر له أبو بكر عن سريره ، فجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وليس عند أبي بكر إلا أسماء وعائشة ، فقال الرسول أخرج عني من عندك )...فقال أبو بكر يا رسول الله ، إنما هما ابنتاي ، وما ذاك ؟ فداك أبي وأمي !)...فقال إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة )...فقال أبو بكر الصُّحبة يا رسول الله ؟)...قال الصُّحبة )...تقول السيدة عائشة فوالله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يبكي يومئذ )...ثم قال أبو بكر يا نبيّ الله إن هاتين راحلتان قد كنت أعددتهما لهذا )...فاستأجرا عبد الله بن أرْقَط ، وكان مشركاً يدلهما على الطريق ، فدفعا إليه راحلتيهما ، فكانت عنده يرعاهما لميعادهما...

رأي المشركين فيه :
لما ابتلي المسلمون في مكة واشتد البلاء خرج أبو بكر مهاجراً قِبل الحبشة حتى إذا بلغ بَرْك الغماد لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارَة ، فقال : أين تريد يا أبا بكر ؟ فقال أبو بكر : أخرجني قومي فأنا أريد أن أسيح في الأرض فأعبد ربي . قال ابن الدغنة : إن مثلك لا يخرج ولا يخرج فإنك تكسب المعدوم وتصل الرحم وتحمل الكَلّ وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق ، وأنا لك جار فارجع فاعبد ربك ببلادك ، فارتحل ابن الدغنة فرجع مع أبي بكر فطاف في أشراف كفار قريش فقال لهم : إن أبا بكر لا يَخرج مثله ولا يُخرج ، أتُخرجون رجلا يكسب المعدوم ويصل الرحم ويحمل الكل ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق ؟! فأنفذت قريش جوار ابن الدغنة وآمنوا أبا بكر وقالوا لابن الدغنة : مُر أبا بكر فليعبد ربه في داره فليصل وليقرأ ما شاء ولا يؤذينا بذلك ولا يستعلن به ، فإنا قد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا قال ذلك ابن الدغنة لأبي بكر فطفق أبو بكر يعبد ربه في داره ولا يستعلن بالصلاة ولا القراءة في غير داره ، ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجدا بفناء داره وبرز فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن فيتقصف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون وينظرون إليه وكان أبو بكر رجلاً بكّاءً لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين فأرسلوا إلى ابن الدغنة فقدم عليهم فقالوا له : إنا كنا أجرنا أبا بكر على أن يعبد ربه في داره وإنه جاوز ذلكفابتنى مسجدا بفناء داره وأعلن الصلاة والقراءة وقد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا فأته فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل وإن أبى إلاّ أن يعلن ذلك فَسَلْهُ أن يرد إليك ذمتك فإنا كرهنا أن نخفرك ، ولسنا مقرين لأبي بكر الاستعلان . قالت عائشة فأتى ابن الدغنة أبا بكر فقال : قد علمت الذي عقدت لك عليه فإما أن تقتصر على ذلك وإما أن ترد إلي ذمتي فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له قال أبو بكر : إني أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله . رواه البخاري .
الثقة الكبيرة برسول الله صلى الله عليه وسلم و قصة الاسراء والمعراج :
وحينما أسري برسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مكة الى بيت المقدس ذهب جمع غفير إلى دار أبي بكر وقالوا له : هذا صاحبك ، وهذا الذي تقول عنه الصادق الأمين ، والذي تظن به خيراً ، تعال واسمع هذا الخبر يا عتيق ، وخرج أبو بكر دهشاً تجمله السكينة والوقار وسألهم : ماذا وراءكم ، قالوا : صاحبك ، قال : ويحكم هل أصابه سوء ؟ مِن شدَّة حبه له ، وتراجع القوم ، وقالوا : لا ، إنه هناك عند الكعبة يحدث الناس أن ربه أسرى به الليلة إلى بيت المقدس ، وتقدّم آخر يكمل الحديث ساخراً ، ذهب ليلاً وعاد ليلاً وأصبح بين أظهرنا ، فأجابهم أبو بكر وقد تهلل وجهه : أي بأس في هذا ؟ إني لأصدقه فيما أبعد من ذلك ، أصدقه في خبر السماء يأتيه في غدوة أو روحة ، إن كان قال هذا فقد صدق ، هو الصديق أدرك إدراكًا عظيمًا ، هذا الذي خلق السماوات والأرض ، وأنزل عليه جبريل من فوق سبع سماوات ، الذي فعل هذا بإمكانه أن يأخذه إلى بيت المقدس ، وأن يعيده في ليلة واحدة .
ما هذا اليقين ؟ هذا يقين الصدِّيقية .
ثم أقبل حتى انتهى الى الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال يا نبي الله ، أحدثت هؤلاء القوم أنك جئت بيت المقدس هذه الليلة ؟)...قال نعم )...قال يا نبي الله فاصفه لي ، فإني قد جئته )...فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرفع لي حتى نظرت إليه)...فجعل الرسول الكريم يصفه لأبي بكر ويقول أبو بكر صدقت ، أشهد أنك رسول الله )...حتى إذا انتهى قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر وأنت يا أبا بكر الصديق )...فيومئذ سماه الصديق...
من أعماله قبل توليه الخلافة :
إخواننا الكرام : كان هذا الصحابي يقوم بأعمال لا تُصدَّق ، فقبل أن يكون خليفةً كانت له خدمات جلِيَّة لأبناء حيه ، ومن هذه الخدمات أن له جيرانًا يتامى صغار ، وعلى رأسهم عجوز كبيرة في السن ، فكان يحلب لهم الشياه في الليل ، يؤمُّ هذه البيوت فيحلب لهم الشياه ، ويؤم بيوتًا أخر فيطهو لهم الطعام ، وكان يقدم خدمات يترفَّع عنها أصغر داعية الآن ، أأنا أخدم فلانًا ؟! وليس لدينا إلا الكلام فقط ، وإلقاء الخطب ، فكان هذا الصحابي الجليل يقوم بخدمات يترفع عنها أصغر داعية ، ولما صار خليفة ، تناهى إلى سمعه حسرة العجائز ، لأنهن سيحرمن من هذه الخدمة الجليلة التي يقوم بها هذا الرجل الصالح ، وذات يوم قرع دارًا مِن تلك الدور ، فسارعتْ فتاة صغيرة لتفتح الباب وإذا بها تصيح : جاء حالب الشاة ، مَن هو حالب الشاة ؟ سيدنا الصديق ، خليفة رسول الله ، وخليفة المسلمين ، لما عرفت أن سيدنا الصديق طرق الباب وهو خليفة المسلمين قالت : ويحك يا بنيتي ألا تقولين خليفة رسول الله ما هذا الكلام ؟ قال : يقول كتاب السيرة : يطرق مع نفسه ويهمهم بكلمات لعل لسان حاله يقول دعيها لقد وصفتني بأحب الأعمال إلى الله هذا الوصف أحب إليه من كلمة خليفة المسلمين .

يتبع لاحقا
 
أين كنت اخي قصي ة الله توحشتك موووووت :heart: :kiss: :kiss: :kiss:
اذا لقد لبيت رغبة أخي محمود ههههههههههههه:D
21205_1170265631.gif
 

مالت عليك أغصان الجنة و هب عليك من نسيمها و زوجك الله من الحور العين
 
رضي الله عن الصحابة الكرام جميعا و أرضاهم
ليس هناك كلمات توفي الصديق حقه
إسلامنا في ميزان سيدنا أبو بكر الصديق (حامي الإسلام و محارب الردة )
 
بارك الله فيك د / قصي
والله انت رائع
استمر
وامتعنا بقلمك الذي يخط اسطر يالله على روعتها​
 
وكما وفيت انت بوعدك
اوفي انا بوعدي

سلسلة العشرة المبشرين بالجنة - ج 1 .pdf -
سلسلة العشرة المبشرين بالجنة - ج 1 .doc
 

المرفقات

  • سلسلة العشرة المبشرين بالجنة - ج 1.pdf
    74.1 KB · المشاهدات: 9
  • سلسلة العشرة المبشرين بالجنة - ج 1.doc
    56 KB · المشاهدات: 8
أين كنت اخي قصي ة الله توحشتك موووووت :heart: :kiss: :kiss: :kiss:

اذا لقد لبيت رغبة أخي محمود ههههههههههههه:D

21205_1170265631.gif

هلا أخي غانو
أنا موجود وأراقب النشاط الرائع للطلاب العادين من الامتحانات و الطلاب الجدد فأحببت ترك الساحة مؤقتا لهم لتشجيعهم
 
رضي الله عن الصحابة الكرام جميعا و أرضاهم
ليس هناك كلمات توفي الصديق حقه
إسلامنا في ميزان سيدنا أبو بكر الصديق (حامي الإسلام و محارب الردة )

شكرا أخي العثماني
أرجو أن يعجبكم الموضوع لأنه جهد شخصي وليس منقولا لذا أرجو ارسال الملاحظات في حال وجود أي منها
 
عودة
أعلى