nanci taha
New Member
ذكر أنه في صعيد مصر رجل غني متسلط اشتهر باسم " الباشا " كان يملك فدادين من المزارع ..
كان متغطرساً يمارس أصناف الإذلال على المزارعين الصغار ..
دار الزمان دورته فأصاب أرضه ما أتلفها ..
فأصبح فقيراً بعد غنى .. كسيراً .. جاع أولاده وهو ليس عنده مصدر يتكسب منه ..ولا يعرف صنعه غير الزراعة .. لكن أرضه تالفة ..
فخرج يبحث عن عمل .. أي عمل ..
أقبل على مزرعة لأحد الفلاحين الضعفاء الذين ذاقوا من إذلاله قديماً ..
دخل عليه .. وقال بكل مذلة : هل أجد عندك عملاً .. أقطف الثمر .. أو أنقي الحبوب .. أو أقلم الأشجار ..أو ..
فثار المزارع في وجهه وقال : أنت تعمل عندي !!
أنت المتكبر المتغطرس .. الحمد لله أن استجاب دعاءنا عليك وأذلك ..
ثم طرده من بستانه ..
مضى يجر قدمي خيبته ..حتى دخل بستاناً آخر ..فإذا بفلاح له معه ذكريات أليمة .. فطرده كما طرده الأول ..
مضى الباشا المسكين لا يلوى على شئ .. ولا يريد أن يرجع إلى أولاده خالياً ..
مر على مزرعة لفلاح ثالث .. فدخل ليجرب حظه معه ..
رآه الفلاح فانبهر .. وقد ذاق أيضاً من إذلاله من قبل ..
قال الباشا : أنا أبحث عن عمل .. أولادي جوعى ..
فأراد الفلاح أن يذله .. وأن ينتقم منه بأسلوب ذكي ..
فقال له : أهلاً أيها الباشا !! نورت بستاني !! من مثلي اليوم !
الباشا الكبير يدخل ارضي !! أنت الباشا الكبير..
أنت الباشا الوجيه !!
أنت .. وجعل يخدره بهذه العبارات .. حتى صار الباشا منوماً مغناطيسياً !!
ثم قال الفلاح : مرحباً وأهلاً .. عندي عمل .. لكني لا أدري هل يناسبك أم لا ؟
قال الباشا : وما هو ؟
قال : اليوم سوف أحرث الأرض .. وعندي محراث يجره ثوران .. ثور أبيض و ثور أسود ..
والثور الأسود اليوم مريض ولا يستطيع أن يعمل ..
والثور الأبيض لا يطيق جر الحراثه وحده ..
فأريدك أن تقوم اليوم بوظيفة الثور الأسود ..
فأنت قوي
توجه الباشا بكل كبرياء إلى الحراثة .. ووقف بجانب الثور الأبيض ..
أقبل المزارع إليه وبدأ بالثور الأبيض وربطه بالحبال ليجر المحراث ..
ثم توجه إلى الباشا وهو يردد قائلاً : يا أحسن باشا في العالم .. يا قوي .. يا بطل ..والباشا يتلفت في زهو ..
ثم ربط الحبال في كتفي الباشا ..وركب هو الحراثة معه السوط !!
وصاح : امشِ .. وضرب ظهر الثور فتحرك .. وتحرك الباشا يجر المحراث ..
والفلاح يردد : جميل يا باشا .. ممتاز ياملك ..
ويضرب ظهر الثور .. ويصيد أقوى ياباشا .. أحسن ياباشا !!
والباشا المسكين لم يتعود على ذلك .. لكنه كان يجر بكل قوته .. من الصباح حتى غابت الشمس .. وكأنه غائب العقل ..
فلما انتهى .. فك الفلاح عنه الحبال .. وهو يقول : والله شغلك جميل يا باشا .. هذا أحسن يوم مر على يا باشا ..
ثم ناوله بضعة جنيهات .. ومضى الباشا إلى بيته ..
دخل على أولاده .. وقد تقرحت كتفاه .. وسالت الدماء من أسفل قدميه .. والعرق يغرق ثيابه .. و .. لكنه مازال منتشياً مخدراً ..
سأله أولاده : هاه هل وجدت عملاً ؟!
فقال – بكل فخر _ : نعم .. أنا الباشا ..
كيف لا أجد عملاً !
فقالوا : فماذا اشتغلت ؟!
فقال : اشتغلت .. هاه اشتغلت !! وبدأ يصحو من تخديره ..
ويدرك ما أصابه ..
سكت قليلاً ثم قال : اشتغلت ثوراً !!!!!!!!!!!!
فبالعبارات الجميلة نستطيع التخدير أحياناً
.......... اختر أطيب الكلام كما تختار أطيب الثمار ..........