لا تهجروه

nanci taha

New Member


بسم الله الرحمن الرحيم





السَّـلام عليكُـم ورحمـةُ اللهِ وبركاتُـه ،،

. . .


إنَّ الحمدَ للهِ ، نحمدُه ، ونستعينُ به ، ونستغفرُه ، ونعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا . مَن يهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له ، ومَن يُضلِل فلا هادىَ له . وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلاّ اللهُ وحدَه لا شريكَ له ، وأشهدُ أنَّ مُحمدًا عبدُه ورسولُه .



ثُمَّ أمَّا بعــد ؛

وضعوه في بيوتِهم .. و زيَّـنوا به سيَّاراتِهم .. و علَّقوه على رِقابِهم .
ادَّعَـوا قُربَهم مِنه .. و حِرصَهم على العملِ به .
وهم في الحقيقةِ له مُهمِلون .. وعنه مُبتعِدون ..
وبه غيرُ مُتمسِّكين .. وبأحكامِهِ غيرُ عاملين .
غرَّتهُم أسماؤهُم .. وادَّعَوا معرفَتَهم بدينِهم .
فأصبحوا بالقُرآن يتبرَّكُون .. وهُم في الحقيقةِ له هاجِرون .
يتباهون به .. ويدَّعُـون حِفظَهم له .
فليتهم يَعُـوا ويعلموا .. ويُفيقوا ويفهموا .




أناسٌ انتسبوا للإسلام .. فعُرِفُوا بين الناسِ بالمُسلمين ..
لكنْ هل كان لهم مِن إسلامِهم نصيب ..؟!
لَعلَّهم لم يعرفوا مِن الإسلامِ إلاَّ اسمَه .. ولم يعرفوا مِن القُرآنِ إلاَّ رسمَه .
فإذا سألتَهم عن صلاتِهم . قالوا : لا نُصلِّي ..
وإذا سألتَهم عن كتابِ رَبِّهِم ، وجدتَهم لا يعرفوا عنه شيئًا ،
ورُبَّما سمِعوا آيةً مِن القُرآن فظنُّوها مَثلاً أو حِكمةً أو غيرَ ذلك .



والقُرآن كلامُ اللهِ المُنَزَّل على عبدهِ ورسولِه مُحمدِ بن عبد اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ، المُتَعَبَّد للهِ بتلاوتِهِ .

في القُرآن توحيدٌ وتعبيدٌ لله .
في القُرآن فِقهٌ وأحكامٌ تتعلَّقُ بالدِّينِ والحياة .
في القُرآن وَعظٌ وتذكير ، ودعـوةٌ للتأمُّلِ والتفكير .
في القُرآن قَصَصٌ وعِبَر ، وترغيبٌ وترهيب .
في القُرآن دعـوةٌ للفضيلة ، ونهىٌ عن الرذيلة .
في القُرآن أخبارُ السَّابقين ، وأحوالُ اللاحقين .



القُرآنُ كِتابُ رَبِّنا سُبحانَه وتعالى .
القُرآنُ مُعجِزَةُ نبيِّنا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم .
القُرآنُ نورٌ وهُـدَى .
القُرآنُ شِفاءٌ ودواء .
القُرآنُ رحمةٌ وبُشرَى .
القُرآنُ دليلُ السَّائِرين وهِدايةٌ للحائِرين .
القُرآنُ عِـزٌّ وأمان .
القُرآنُ وسيلةٌ للتقرُّبِ إلى الرحمن ، وطريقٌ للجِنان .








وبالرغم مِن كُلِّ ذلك ، فقد هجره كثيرٌ مِن المُسلمين ؛ هجروا تلاوتَه ، وحِفظَه ، وتدبُّرَه ، وتعلُّمَه ، وتعليمَه ، والعملَ به ، والاستشفاءَ به .
﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا القُرءَانَ مَهْجُورًا ﴾ الفرقان/30 .






وللأسفِ الشديد ، فكثيرٌ مِن المُسلمينَ اليومَ إذا سمِعوا الغِناءَ فرِحوا واستبشروا ، وأخذوا يُدندِنُونَ ويُغنُونَ ، ويتمايلونَ ويتراقصُون ؛ فكلماتٌ من الأغاني تُفرِحُهم ، وكلماتٌ تُحزِنُهم ، وكلماتٌ تُثيرُ شهواتِهم ، بل وكلماتٌ تُثيرُ شُبُهاتِهم ، بما فيها مِن تشكيكاتٍ وكُفريَّات ..

فهلاَّ تأثَّرُوا بكلامِ رَبِّهم كما تأثَّرُوا بكلامِ البَشَرِ الذي لا ينفعهم بشئٍ ، بل إنَّه يضرُّهُم ويكونُ سببًا في تعبِهم وهلاكِهِم ..؟!
هلاَّ وقفوا قليلاً وحكَّمُوا عُقولَهم ، وقارنوا بين الحقِّ والباطِل ، والخيرِ والشَّر ..؟!
بل لا وَجه للمُقارنةِ أصلاً ..
فالقُرآنُ ومُزمُور الشَّيطان لا يجتمعان في قلبِ عبدٍ مُؤمِن ، لأنَّه إذا دخل أحدُهما القلبَ ، لم يجعل للآخرِ مكانًا .



فأنتَ أيُّها المُسلم لو جعلتَ القُرآنَ نِبراسَ حياتِك ، ونورًا تهتدي به في ظُلماتِك ، لطَرَدَ مِن قلبك كُلَّ باطِل ، ولكان سببًا في نجاتِك _ بإذن الله _ بعد مماتِك .

فما لتلك القلوبِ قَسَت .. ولكلامِ رَبِّها ما وَعَت ..!
ما لها أعرضَت عن القُرآن ، ولم تُبالِ بالنِّيران ، ولم تعلم أنَّ عاقِبةَ مَن أهملَه ضياعٌ وخُسران ..!
ما لتلك القلوب ، تاهت في الدُّرُوب ، بين لَعِبٍ ولَهو ، وغفلةٍ وسهو ..!
أكثرت مِن الذنوب ، ولم تُفكِّر بإصلاحِ العُيوب ، والتَّقَرُّبِ مِن علاَّم الغُيوب ..!


فسُبحان رَبِّي ..! ما أحلَمَه على عِبادِه ..!
فلو شاء لأخذَهم بذنوبِهم ، ولعَجَّلَ لهم العُقوبةَ على أفعالِهم .
لو شاءَ لأحرقَ عليهم بيوتَهم ، ولأنزل عليهم صاعِقةً مِن السَّماءِ فأهلكَتهم .
فسُبحان الرءوفِ الرَّحيم ..!

ما لتلك القلوبِ القاسية ، السَّاهيةِ اللاهية ، التي ما علِمَت أنَّ اللهَ شديدُ العِقاب ، وأنَّه يُمهِل ولا يُهمِل ..!
وما علِمَت أنَّه سُبحانه غفـورٌ رحيمٌ ، يغفِرُ لِمَن تابَ إليهِ وأناب .
ومع ذلك ، على ذنبها أَصَرَّت .. وما تابت وما رَجَعَت .. وبمعصيتِها ما أَقَرَّت .. وازدادت بُعدًا عن رَبِّها ، وهَجْرًا لكِتابِهِ .



فـ يا مَن هَجرتَ كِتابَ رَبِّك ، أمَا تخشى أن يشهدَ عليكَ يومَ القِيامة ، ويشهدَ على هَجرِكَ له ..؟!

فإنْ كُنتَ لم تقرأه أصلاً ، فابكِ على نفسِك ، فقد فاتكَ خيرٌ عظيم وأجرٌ كبير ..!
وإنْ كُنتَ قرأتَه ولم تعمل به ، فما فائدةُ قراءتِكَ له إذا كان لم يُؤثِّر فيكَ ، ولم يُحَرِّك فيكَ ساكِنًا ، ولم يُغيِّر مِن سلوكِكَ ، ولم يُطوِّر مِن حياتِكَ ، ولم يُزِدكَ إيمانًا ..؟!

أمَا علِمتَ أنَّ هذا القُرآنَ يشفعُ للعبدِ يومَ القِيامةِ ، كما أخبر بذلك نبيُّنا محمدٌ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - بقوله : ‹‹ اقرأوا القُرآنَ فإنَّه يأتي يومَ القِيامةِ شفيعًا لأصحابِه ›› رواه مُسلِم ...؟!


أمَا علِمتَ أنَّ اللهَ سُبحانه يرفعُ بهذا القُرآن أقوامًا عمِلُوا به في الدُّنيا ، وصدَّقُوا بأخبارِه ، وعمِلُوا بأحكامِه ، واتَّبعُوا أوامِرَه ، وانتهوا بنواهيه ..؟!

أتُحِبُّ أن يرفعكَ اللهُ في الدُّنيا والآخرةِ ، أم تُحِبُّ أن يضعكَ ويُذِلَّك ..؟!

أَمَا علِمتَ أنَّ بقراءتِكَ للقُرآن تزداد حسناتُكَ ؛ فلَكَ بكُلِّ حرفٍ حَسَنَة ، والحَسنَةُ تُضاعَف ، كما قال نبيُّنا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : ‹‹ مَن قرأ حرفًا مِن كِتابِ الله فله حَسنة ، والحَسنةُ بعَشر أمثالِها ، لا أقول الم حرف ، ولكنْ ألِفٌ حرف ، ولامٌ حرف ، ومِيمٌ حرف ›› رواه التِّرمِذِىّ وقال : حديثٌ حَسَنٌ صحيح ...؟!

أَمَا علِمتَ أنَّ صاحِبَ القُرآن مُقدَّمٌ على غيره ..؟! يقولُ نبيُّنا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : ‹‹ يَؤُمُّ القومَ أقرؤهُم لكِتابِ الله .... ›› الحديث . رواه مُسلِم .


أَمَا علِمتَ أنَّ هذا القُرآنَ وسيلةٌ للثباتِ على دين الله ، وبه يزيدُ إيمانُكَ ويَقْوَى ، كما أخبر بذلك رَبُّنا سُبحانه في قولِه : ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَولَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْءَانُ جُمْلَةً وِاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا ﴾ الفرقان/32 ، وقال جَلَّ وعَلا : ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذّا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ ءَايَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ الأنفال/2 .

أبَعْدَ كُلِّ هذا الفضل وكُلِّ هذه الأجور ما زِلتَ مُصِرَّاً على هَجْرِكَ للقُرآن..؟!


وأخيــرًا : هل تُحِبُّ الله ..؟!
بالتأكيد ستقولُ : نعـم ؛
فهو سُبحانه خالِقُكَ ورازِقُكَ ومُدَبِّرُ شئونِكَ .
إذًا .. كيف تهجُرُ شيئًا يُحِبُّه سُبحانه ..؟!
كيف تهجُرُ كلامَه ولا تقرؤه ..؟!

..... إنَّ المُحِبَّ لِمَن يُحِبُّ مُطيعُ .....

وقد دعاكَ رَبُّكَ لتلاوةِ كِتابِه والعملِ به .. فهلاَّ أطعته ..! وهلاَّ تقرَّبتَ إليه بما يُحِبّ ..!

لو كان قلبُكَ طاهِرًا لَمَا هَجرتَ كلامَ رَبِّك ..
واسمع لقول ابن مسعودٍ رضى اللهُ عنه : "لو طَهُرَت قُلُوبُكُم ما شَبِعَت مِن كلامِ رَبِّكُم" .

واعلم أنَّ مَن هَجَرَ كِتابَ رَبِّه ضَلَّ وهَلَك ، ومَن تَمَسَّكَ به اهتدى ونجا
.



فلنُعلِنها توبةً إلى اللهِ سُبحانَه ، ولنرجِع لِكتابِهِ ، فنُكثِر مِن تلاوتِه ، ونحفظُه ، ونتعلَّمُ أحكامَه ، ونُحوِّلها إلى واقعٍ عملىٍّ مُطَبَّقٍ في حياتِنا ، فهى سبيلُ هِدايتنا ، وبها تنصلحُ أحوالُنا ، وتتيَسَّرُ أمورُنا ، وتزدادُ أجورُنا ، وبه نقترِبُ مِن جَنَّةِ رَبِّنا سُبحانه .
غَفَرَ اللهُ لِي ولَكُم ، وجعلَنا مِن حفظةِ كِتابِ العاملين به .




هذا وما كان من توفيقٍ فمِن اللهِ وحده ، وما كان مِن خطأٍ فمِن الشيطان ، واللهُ ورسولُه مِنه بَراء ، وأعـوذُ باللهِ أنْ أُذكِّرَكُم به وأنساه
 



سلمت أناملك
أختي العزيزه ذكريات طفله

دام لنا تميزك وحضورك الرائع
تقدير يليق بك



 
عودة
أعلى