يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ‎



logo.gif







بسم الله الرحمن الرحيم


( إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) ..


يتكرر ذكر الصبر في القرآن كثيرا ;


ذلك أن الله سبحانه يعلم ضخامة الجهد الذي تقتضيه الاستقامة


على الطريق بين شتى النوازع والدوافع ;


والذي يقتضيه القيام على دعوة الله في الأرض


بين شتى الصراعات والعقبات ;


والذي يتطلب أن تبقى النفس مشدودة الأعصاب


مجندة القوى , يقظة للمداخل والمخارج . .


ولا بد من الصبر في هذا كله . .


لا بد من الصبر على الطاعات ,


والصبر عن المعاصي ,


والصبر على جهاد المشاقين لله ,


والصبر على الكيد بشتى صنوفه ,


والصبر على بطء النصر ,


والصبر على بعد الشقة ,


والصبر على انتفاش الباطل ,


والصبر على قلة الناصر ,


والصبر على طول الطريق الشائك


والصبر على التواء النفوس ,


وضلال القلوب , وثقلة العناد , ومضاضة الاعراض . .


وحين يطول الأمد , ويشق الجهد , قد يضعف الصبر , أو ينفد ,


إذا لم يكن هناك زاد ومدد


. ومن ثم يقرن الصلاة إلى الصبر ;


فهي المعين الذي لا ينضب


والزاد الذي لا ينفد .


المعين الذي يجدد الطاقة ,


والزاد الذي يزود القلب ;


فيمتد حبل الصبر ولا ينقطع



ثم يضيف إلى الصبر , الرضى والبشاشة ,


والطمأنينة , والثقة واليقين .


إنه لا بد للإنسان الفاني الضعيف المحدود



أن يتصل بالقوة الكبرى , يستمد منها العون


حين يتجاوز الجهد قواه المحدودة .


حينما تواجهه قوى الشر الباطنة والظاهرة .


حينما يثقل عليه جهد الاستقامة على الطريق


بين دفع الشهوات وإغراء المطامع ,



وحينما تثقل عليه مجاهدة الطغيان والفساد وهي عنيفة .


حينما يطول به الطريق وتبعد به الشقة في عمره المحدود ,


ثم ينظر فإذا هو لم يبلغ شيئا وقد أوشك المغيب ,


ولم ينل شيئا وشمس العمر تميل للغروب .


حينما يجد الشر نافشا والخير ضاويا ,


ولا شعاع في الأفق ولا معلم في الطريق . .


هنا تبدو قيمة الصلاة . .


إنها الصلة المباشرة بين الإنسان الفاني والقوة الباقية


. إنها الموعد المختار لالتقاء القطرة المنعزلة بالنبع الذي لا يغيض .


إنها مفتاح الكنز الذي يغني ويقني ويفيض .


إنها الانطلاقة من حدود الواقع الأرضي الصغير


إلى مجال الواقع الكوني الكبير .


إنها الروح والندى والظلال في الهاجرة ,


إنها اللمسة الحانية للقلب المتعب المكدود . .


إذا داهمك الخَوْفُ وطوَّقك الحزنُ ،

وأخذ الهمُّ بتلابيبك ، فقمْ حالاً إلى الصلاةِ ،

تثُبْ لك روحُك ، وتطمئنَّ نفسُك ،

إن الصلاة كفيلةٌ – بأذنِ اللهِ باجتياحِ

مستعمراتِ الأحزانِ والغمومِ ،

ومطاردةِ فلولِ الاكتئابِ .

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم

إذا حزبَهُ أمرٌ قال : (( أرحنا بالصلاةِ يا بلالُ ))

فكانتْ قُرَّةَ عينِهِ وسعادتهُ وبهجتَهُ

من أعظمِ النعمِ – لو كنّا نعقلُ –

هذهِ الصلواتُ الخمْسُ كلَّ يومٍ وليلةٍ كفارةٌ لذنوبِنا ،

رفعةٌ لدرجاتِنا عند ربِّنا ، ثم هي علاجٌ عظيمٌ لمآسينا ،

ودواءٌ ناجِعٌ لأمراضِنا ، تسكبُ في ضمائرِنا مقادير زاكيةً من اليقين ،

وتملأُ جوانحنا بالرِّضا أما أولئك الذين جانبوا المسجد ،

وتركوا الصلاة ، فمنْ نكدٍ إلى نكدٍ ، ومن حزنٍ إلى حزنٍ ،

ومن شقاءٍ إلى شقاءٍ ﴿ فَتَعْساً لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ)

دمتم في حفظ الرحمن
 


•●[ .. سلمت أناملك على الأبداع .. ]●•

لاحرمنا جديدك ..

//
 
عودة
أعلى