قصي حمدان
New Member
حكم التدخين الشرعي
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على نبيه المصطفى وعلى آله صحبه وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد .
ظهر الدخان على الوجه المعروف به اليوم عام1492م تقريباً حيث رأى بعض البحارة الأسبانيين شجرة الدخان عند اكتشافهم القارة الأمريكية ، وأول ما ظهر الدخان في البلاد الإسلامية كان في أواخر المائة العاشرة من الهجرة النبوية, وأول من جلبه للبلاد الإسلامية هم النصارى
ممَّ يتركب الدخان
الدخان هو مجموعة من المواد السامة وهي :
1- غاز أول أكسيد الفحم
2- عنصر الرصاص الثقيل السام
3- مادة البنزوبيرين التي لا خلاف بين الأطباء حول تأثيرها الفعال في ظهور السرطان
4- النيكوتين وهي مادة سامة جداً لدرجة أن 50 مليغراماً منها تقتل إنساناً إذا حُقن بها دفعةً واحدة في الشريان
5- عنصر البلونيوم الذي يتركز في رئة المدخِّن ويفتك بها
6- القطران: وهي المادة التي تؤدي إلى اصفرار الأسنان
7- الزرنيج الذي يُستعمل في إبادة الحشرات
8- كحول ومواد مُطيبة تضيفها المصانع من أجل الاحتفاظ بالرطوبة في التبغ
حكم التدخين :
أدلة القائلين بالكراهة
فقط استند هؤلاء إلى ما يأتي من الأدلة
أ-أنه لا يخلو من نوع ضرر ولا سيما الإكثار منه مع أن القليل يجر إلى الكثير
ب-النقص في المال كان يمكن إنفاقه فيما هو خير منه وأنفع لصاحبه والناس
ج-نتن رائحته التي تزعج كل من لم يألفها وتؤذيه
د-إخلاله بالمروءة
هـ-يشغل عن أداء العبادة على الوجه الأكمل
و-من اعتاده قد يعجز في بعض الأيام عن تحصيله فيتشوش خاطره لفقده
ز-ومثل ذلك إذا كان في مجلس لا ينبغي استعماله فيه. أنظر فتاوى معاصرة للقرضاوي ص658 وهذه هي خلاصة أدلة القائلين بالكراهة
أدلّــة المبـيحـين
قالوا أن الأصل في الأشياء الإباحة ودعوى أنه يسكر أو يخدر غير صحيحة, لكن من لم يعتده يحصل له إذا شربه نوع من غثيانٍ وهذا لا يُوجب التحريم
أدلّــة المحـرّمـيـن
قالوا أنه من المعلوم أن الشريعة الإسلامية قد جاءت بأصول عامة تندرج تحتها فرعيات كثيرة فاستدل علماء الإسلام رحمهم الله تعالى بهذه الأصول العامة على تحريم الدخان لإدراجه تحتها؛ والأصول المشار إليها إما آيات قرآنية وإما أحاديث نبوية, واستنباطاً من فتاوى العلماء القدامى في تحريم الحشية
ومن هذه الأدلة على وجه التيسير والاختصار
قوله تعالى واصفاً نبيه , أنه {...يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث...} الأعراف157
وقوله تعالى {...ولا تبذر تبذيراً إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين...}الإسراء27
وقوله تعالى {...ولا تقتلوا أنفسكم...} النساء29
وقوله صلى الله عليه وسلم ,لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ , صحيح رواه الإمام أحمد وغيره
وقوله , من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزلنا وليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته , متفق عليه قال هذا صلى الله عليه وسلم لكراهة رائحة هاتين الثمرتين فكيف برائحة هذا الدخان العفنة المنتنة التي تؤذي من يتعاطاه وتؤذي غيره من الناس
بل إن رائحة هذا الدخان أشد إيذاءً من رائحة البصل أو الثوم, ومن صلى بجانب مُدخّن وجد هذا فنسأل الله تعالى أن يحفظنا وإخواننا من البلاء في الدين والدنيا
الإسكار: قالوا أنه من المعلوم أن كل من شرب دخاناً كائناً ما كان أسكره (بمعنى أشرقه وأذهب عقله بتضييق أنفاسه ومسامه عليه فالإسكار من هذه الحيثية ؛ لا سكر اللذة والطرب
التفتير والتخدير: وقالوا إن لم يُسلّم أنه يسكر فهو يُخدّر ويفتّر, والرسول صلى الله عليه وسلم ,نهى عن كل مُسكر ومُفتّر , صحيح رواه الإمام أحمد وأبو داود ؛ قالوا: والمفتر ما يورث الفتور والخدر قي الأطراف
قال الشيخ القرضاوي: حسبك بهذا الحديث دليلاً على تحريمه. الضرر: والضرر هنا ينقسم إلى نوعين
ضررٌ بدني: حيثُ يُضعف القوى ويُغير لون الوجه بالصُفرة والإصابة بالسعال الشديد الذي قد يؤدي إلى مرض السل؛ وأنه لا فرق في حرمة المضر بين أن يكون ضرره دفعياً (أي يأتي دفعة واحدة وأن يكون تدريجياً فإن التدريجي هو الأكثرُ وقوعاً
ضررٌ مالي: ويُعنى به أن في التدخين تبذيراً للمال لأنه لا يفيد لا في الجسم ولا في الروح ولا في الدنيا ولا في الآخرة وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال كما مر معنا. انظر الفتاوى المعاصرة للقرضاوي ص656
الـخـلاصـة
أن الصحيح من هذه الأقوال والذي ترتاح إليه النفس وتطمئن له هو ما ذهب إليه جمهور هؤلاء العلماء وهو التحريم لشربه وبيعه وشرائه ولو كان للغير, لقوة ما استدلوا عليه من الأدلة القوية الثابتة بالكتاب والسنة, ولقوة القواعد الأصولية التي اعتمدوا عليها
ولأن الذين ذهبوا إلى الكراهة فقط قد اختلفوا في هذه الكراهة هل هي كراهة تحريميّة أم تنزيهيّة, فمهما يكن فإنه من المقرر عند علماء الأصول أن الإصرارَ على
الصغائر يقرب إلى الكبائر؛ فبناء على هذه القاعدة نقول أن القول بكراهيّته يعود في النهاية للحكم بتحريمه
وأخيراً نقول إذا كان هذا في حق الرجال فإن الحكم في حق النساء أشد وأقوى لأنه يشوه جمال المرأة ويغيّر لون أسنانها ويجعل رائحة فمها كريهة مع ما يجب أن تكون عليه المرأة من أنوثةٍ وحسنٍ كما أراد الله سبحانه وتعالى لها
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين