الجزء الثاني من كتاب عالم جورج بوش السري

قصي حمدان

New Member
الجزء الثاني من كتاب عالم جورج بوش السري

رؤية عالمية إنجيلية
كانت المجموعة الاكثر تطرفا في اقصى اليمين المسيحي تقف في صف سيونغ مون. ويقف افرادها على رأس قوة كبيرة تتراوح نسبة الناخبين فيها بين 15 و18 في المائة، تؤازرهم شخصيات نافذة في عالم السياسة. ولم يكن بإمكان اي مرشح جمهوري للانتخابات الرئاسية تجاهلهم او ازدراءهم وكان مون يمثل جسرا حقيقيا بين قطاعي السياسة والدين، وهنا تكمن قوته. ويذكر ان «مجلس السياسة الوطنية» الذي تأسس على يد القس والكاتب الديني المتطرف تيم لاهاي استفاد من تبرعاته. وتضم هذه المنظمة التي يحاط نشاطها بسرية تامة، كل رموز التيار المحافظ المتطرف الديني من امثال جيري فالويل، وبات روبر ستون، وبول ويريش، الناشط السياسي الذي يرى ان مكان المرأة في البيت، وجيمس دوبسون، مرشد جورج دبليو بوش وناصحه، والمبشر الديني المفضل لدى الرئىس الاميركي جيمس روبنسون، وبوب جونز المعروف بمعاداته للكاثوليكية اذي يصف البابا بـ«المسيح الدجال»، وقد حظيت مؤسسته بزيارة جورج دبليو بوش اثناء حملته الانتخابية عام 2000، وكان ذلك حدثا أثار الكثير من الجدل.
ومن بين السياسيين الاعضاء في هذا المجلس، نجد شخصيات نافذة مثل السيناتور جس هيلمز والنواب ديك آرمي، وهوارد فيليبس، وتوم دي لاي، مرشح تكساس الذي كان سيصبح في نوفمبر 2002، الرجل الاقوى في الكونغرس الاميركي بعد انتصار الجمهوريين في مجلس النواب. ويذكر انه قال في كلمة القاها امام شخصيات دينية: «وحدها المسيحية ترسم الطريق للعيش عبر تقديم اجابات لكل ما نواجهه في هذا العالم». كما اسرّ انه مكلف بمهمة ربانية تتلخص في بث «رؤية عالمية انجيلية في السياسات التي تعتمدها الولايات المتحدة».
ويعمل المجلس المذكور، حسب رأي جو كوناسون، وجين لايونز «كلجنة مركزية لجبهة شعبية ثيوقراطية». انه تحالف افراد وجماعات تخفي خلافاتها لمحاربة عدو مشترك، ويتمثل هذا الاخير بصورة مجردة في الفصل الذي ينص عليه الدستور الاميركي بين الكنيسة والدولة.
ومن ابرز المستهدفين من قبل هذا التحالف، الليبراليون وكثير من الديموقراطيين و«اتباع الفلسفة الانسانية» (العلمانيون) بمختلف مشاربهم، بل وحتى الجمهوريون المعتدلون.
ويعتنق معظم اعضاء التحالف مذهبا يؤكد ان الدستور الاميركي يستمد شرعيته الاساسية من الانجيل طبقا لتأويل البروتستانيين الاصوليين.
وفي مطلع 1999، وفي الوقت الذي لاحت في الافق ملامح الانتخابات الرئاسية المقبلة، كانت هذه الجماعات الدينية عازمة على الوصول الى الحكم عبر مرشح يشاركهم في رؤيتهم بعد ان راودهم الشعور بان قادة الحزب الجمهوري عاملوهم بوقاحة. ويقول احد المراقبين: «كانت سلطتهم آنذاك لا تتعدى العمل على إلحاق الهزيمة بالمرشح الرسمي. وهو ما حدث في عام 1992 مع بوش الاب، ثم مع السيناتور بوب دول في عام 1996 وتحدثت كثير من مراسلاتهم عن ضرورة السيطرة على الحزب في المستقبل».

في الحلقة الثالثة رصدنا أول انتصار كاسح يحققه غلاة المحافظين مع وصول رونالد ريغن إلى السلطة. واندحار اليسار الاميركي في معركة الأفكار لصالح مفكري الفريق الأول، من أمثال صاموئيل هانتبنغتون وفرانسيس فوكاوياها، ودينيس دسوزا وغيرهم. ورأينا كيف ظهرت صحيفة «الواشنطن تايمز» تكريسا لهذا الحضور الفكري الطاغي، وتكشّف لنا ما بين هذا الاعلام والمؤسسات الاستخباراتية في أميركا من تواطؤ، وعلاقات مشبوهة جمعت بينه وبين رموز حركة المحافظين الجدد.
اشكروفت لا يتقن تلاوة الإنجيل ويشوه نصوصه
المسيحيون يدعمون اليهود اليوم من أجل إلغائهم غداً
في عام 1999، بدا احد المرشحين هو المفضل لديهم ولكنه لم يكن جورج دبليو بوش بل جون اشكروفت الآتي من الجنوب. وقال عنه جيف جاكوبي في الواشنطن تايمز: «اشكروفت ولد ونشأ في احضان اليمين المسيحي». وكان ينتمي الى جماعات الرب التي تستقطب 3.2 مليون عضو في الولايات المتحدة واكثر من 30 مليونا من الاتباع في مختلف انحاء العالم.
(...) غير ان اشكروفت يتحدث في خطاباته بشكل اختزالي ومقلق عن تاريخ اميركا والانجيل، بل انه ـ حسب ما اشار اليه الصحافي روبرت باري ـ غير قادر على تلاوة نصوص الانجيل دون تشويهها. وقد تلقى لإطلاق حملته الانتخابية. تبرعات بقيمة 10 الاف دولار من زعيم التحالف المسيحي بات روبرستون وزوجته. واسرَّ روبرستون منذ 1992 لصحيفة دنفر بوست قائلا: «ان هدفي هو بسط السيطرة على الحزب الجمهوري». لكن اشكروفت لم يكن قادرا على فرض نفسه على الصعيد الوطني وتحقيق هذا الهدف، اما مون الذي ظل روبرستون على علاقة وثيقة معه فقد كان يفضل جورج دبليو بوش.
وكان حاكم تكساس، الابن البكر للرئىس السابق يملك في نظر روبرستون ميزتين اساسيتين: الامكانات المالية الضخمة، والعلاقات الوثيقة التي يحرص على تنميتها مع الجماعات الاصولية المسيحية.
وحض روبرستون اليمين المسيحي على دعم جورج دبليو بوش واقصاء خصمه الاخطر، السيناتور جون ماكاين، وكان المقابل الذي طلب من بوش دفعه لقاء هذا الدعم تعيين جون اشكروفت في منصب وزير العدل، بينما كان ينوي تعيينه قاضيا في المحكمة العليا، فانهالت عليه وعلى نائبه ديك تشيني الاتصالات من كل مسؤولي اليمين الديني يطالبون بوزارة العدل لأشكروفت، وكان لهم ذلك، مما اثار حفيظة المدافعين عن الحقوق المدنية، وحماية البيئة والفصل الدستوري بين الكنيسة والدولة. والى جانب السلطة القضائىة بسط اشكروفت سيطرته على جهاز الإف. بي. آي. ومكتب الكحول والتبغ والاسلحة النارية، وكلها اجهزة تتمتع بسلطات زجرية مهمة.
وبذلك اصبح بالامكان بالنسبة الى بات روبرستون وحلفه، الذي جعل من الحرب ضد العلمانية سلاح المعركة الاساسي، بدء «المواجهة الروحية» وقد صرح قائلا «سيكون هناك قوى شيطانية يجب علينا محاربتها، وينبغي ان تكون الاستراتيجية الواجب تبنيها ضد اليسار الراديكالي الاميركي مشابهة لتلك التي اعتمدها الجنرال ماكارثور ضد اليابانيين ابان حرب المحيط الهادي».
«إن الشعب اليهودي في اسرائىل والعالم لا يملك صديقا اعز من جيري فالويل»، إذ لم يفوت هذا المبشر ورجل الاعمال الفرصة يوما للتأكيد على الاهتمام الكبير الذي يخص به الاصوليون المسيحيون الدولة العبرية والجاليات اليهودية.
ويعد فالويل احد الزعماء المنتمين الى تيار «المسيحيين الصهاينة» وكذا احد العناصر الفاعلة في هذا اللوبي، الذي يتسم بالتنظيم المحكم والجرأة ولا يستطيع اي زعيم سياسي اميركي تفاديه، او الالتفاف عليه.
ويذكر انه منذ منتصف القرن 20 اصبح مصطلح «اصولي» يعني نمطا عنيفا ومتشددا للغاية من البروتستانتية، ويؤكد على مكافحة الانحطاط الثقافي والفكر الليبرالي، وتؤمن معظم هذه الحركات بنبوءات جون داربي، وهو قس انكليزي تحدث في القرن 19 عن سلسلة من الاحداث باعتبارها نذيرا بقرب نهاية العالم، ومن بينها الحرب، وظهور نظام سياسي واقتصادي عالمي جديد، وعودة اليهود الى الارض المقدسة التي وعد بها ابراهيم.
وعمل القس المحافظ المتطرف، وصديق مون، تيم لاهاي على ترويج افكار داربي في كتبه الدينية وهي نبوءات تعد بعودة المسيح الذي سيقيم مملكة الرب بعد معركة ارمجيدون، لكنه يرهن هذه النهاية السعيدة بتخلي اليهود عن دينهم وهو ما لن يحدث الا اذا استعادوا كل الاراضي التي منحهم اياها الله. ويقول ماثيو انجيل في صحيفة الغارديان معلقا: «يدعم هؤلاء المسيحيون اليهود بغرض الغائهم» ويتبنى جيري فالويل، وبات روبرستون، ودي إل مودي مؤسس معهد
Bible moody هذا الاعتقاد، وكذلك مايكل جيرسون، محرر خطابات جورج دبليو بوش.
وفي مجلة بيزنس ويك كتب ستان كروك يقول: «منذ زمن صلاح الدين حتى عهد صدام حسين، ينظر المسيحيون الاصوليون الى القادة المسلمين كمسيح دجال محتمل او على الاقل كنذير بظهوره» ثم يضيف محللا نظريات جون داربي «بعد سبع سنوات من هذه الهيمنة الشيطانية يعود المسيح وقديسوه المتمثلون، على الارجح، في جورج دبليو بوش ومعاونيه» لينتصروا على الشر في معركة ارمجيدون، وهي ساحة معركة قديمة تقع بالقرب من حيفا شمال اسرائيل. وسيستقر المقام بالمسيح في القدس ومنها سيحكم العالم لمدة الف عام، وهي «الألفية» التي طالما انتظرها المؤمنون بهذا الاعتقاد.
ويجد هذا التفسير للانجيل صدى لدى بعض السياسيين مثل جون اشكروفت، وتوم دي لاي، ممثل تكساس الذي أصبح الرجل الأقوى في الكونغرس الأميركي. ويذكر انه خلال الانتفاضة الثانية حذر بوش، رغم الصداقة التي تجمعهما، كما حذر ادارته من مغبة القيام بأي محاولة للضغط على ارييل شارون لحمله على سحب القوات الاسرائيلية من الضفة الغربية.
وتجدر الاشارة الى ان الانتصار الخاطف الذي حققته اسرائيل في حرب الستة أيام عام 1967، واحتلال مدينة القدس، اشاعا نشوة عظيمة بين معتنقي افكار داربي. وقد كتب نيلسون بيل، صاحب صحيفة كريستيانيتي توداي
Ghristianuty Today، وهو المبشر الديني الشهير بيلي غراهام، يقول: «ها هي عودة القدس الى اليهود للمرة الأولى منذ أكثر من الفي عام تثير في دارس الانجيل قشعريرة، وتؤكد من جديد صحة الانجيل وصدقه».
تحالف غامض
انعقد هذا التحالف الغامض بين اسرائيل والمسيحيين المحافظين في عام 1977، حين وصل مناحيم بيغن والليكود الى الحكم للمرة الأولى. وكان بيغن يريد التصدي بأي ثمن لمبادرات الرئيس جيمي كارتر الرامية الى اطلاق مفاوضات من أجل الاعتراف بحق الفلسطينيين في اقامة وطن. وسعى الليكود جاهداً الى استمالة العناصر الاصولية داخل تيار المحافظين المسيحيين المتطرفين المؤيدين للتعنت الاسرائيلي. وهكذا خسر كارتر قاعدة انتخابية مهمة.
وقد اشترى هؤلاء صفحات كاملة في أهم الصحف الاميركية ليكتبوا فيها: «آن الأوان بالنسبة إلى المسيحيين الانجيليين ليؤكدوا اعتقادهم بنبوءة الكتاب المقدس، وحق اسرائيل الإلهي في أرضها. واننا لنؤكد كإنجيليين إيماننا بالأرض التي وعد بها الشعب اليهودي.. وكنا ننظر بكثير من القلق إلى كل الجهود الرامية الى اقتطاع جزء من الوطن اليهودي لأمة أخرى أو كيان سياسي آخر.
شارون نجم الروك
كان التفاف المسيحيين الصهيونيين المكثف حول رونالد ريغن في عام 1980 احد أسباب الهزيمة التي مني بها جيمي كارتر. وفي يونيو 1981 اتصل مناحيم بيغن هاتفياً بجيري فالويل، حتى قبل الاتصال بالرئيس الاميركي، وذلك مباشرة بعد قيامه بتدمير محطة اوزيراك النووية في العراق. وحين قررت حكومة بيغن عام 1982 اجتياح لبنان، ذهب صانع هذه المبادرة الرئيسي، ارييل شارون، وكان وزيراً للدفاع آنذاك، الى الولايات المتحدة للتأكد من مدى دعم المسيحيين المحافظين لها.
وحظي شارون لدى مثوله أمام المسيحيين الصهاينة بتصفيقات وهتافات «يخص بها عادة حسب أحد الشهود نجوم موسيقى الروك». ويذكر ان رئيس الوزراء الاسرائيلي يتبوأ مكانة خاصة، إذ يعتبر في نظر بعض المتطرفين، الرجل الذي اختاره الله لانجاز نبوءات آخر الزمان. وهو يعرف في زعمهم من مساره حيث ملك السلطة ثم اهتزت صورته لدوره المفترض في مذابح صبرا وشاتيلا. كما يستندون الى نص ورد في الانجيل يقول «يسقط الرجل العادل سبع مرات ثم يقوم منها».
ويستند دعم اسرائيل لأسباب دينية الى تفسير حرفي للتوراة. إذ يؤكد المسيحيون الصهاينة انهم بدعمهم برنامج اسرائيل الكبرى الذي دافع عنه بيغن وحزب الليكود، لا يفعلون سوى تلبية نداء الرب، مثلما ورد في العهد القديم.
(...) وقد صرح زعيم التحالف المسيحي السابق رالف ريد بالقول: «ليس هناك دليل اكبر على بسط الرب سلطانه على العالم اليوم من بقاء اليهود، ووجود اسرائيل، وهذه الحقيقة تفسر في جزء منها سر تشبث المسيحيين وغيرهم من المحافظين المؤمنين بدعم اسرائيل».
أزمة الشرق الأوسط في الإنجيل
وعن هذا التحالف الغامض، كتب كل من كين سيلفر ستين ومايكل شيرر في ماذر جونز
mother jones: «يعمل المسيحيون على دعم اسرائيل فقط لايمانهم ان ذلك يؤدي الى انتصار المسيحية في نهاية المطاف، وازمة الشرق الاوسط بالنسبة إليهم تنبأ بها كتاب الانجيل».
(...) ويؤكد الحليف الاكبر لليكود والقادة الاسرائيليين ان المسيح الدجال قد ظهر وانه «يهودي وذكر» ويعتبر القس تشاك ماسلر معتقل او شويتز النازي «مجرد تمهيد لارمجيدون المقبلة» لكن التحالف بين ادارة بوش والحكومة الحالية في اسرائيل لا يستطيع ان يخفي الجانب المقلق في طروحات داربي التي يرددها المسيحيون المتطرفون، ومفادها انه في نهاية هذه المعركة النهائية بين الخير والشر سيتحول كثير من اليهود الى الدين المسيحي، اما الكافرون من بقية اليهود والمسلمين فسيكون مصيرهم الهلاك والموت، وسيقود المسيح الصالحين بعد ذلك الى الجنة.
إغاثة روحية
كانت صحيفة لوموند قد ذكرت في احدى مقالاتها ان المبشرين الدينيين الاميركان كانوا يرابطون خلال الحرب عند ابواب العراق «استعدادا لتقديم الاغاثة» المادية والروحية الى السكان بعد تحريرهم من صدام حسين، وكانت «هناك فرق تابعة لكل من المؤتمر المعمداني لمنطقة الجنوب وجمعية سامارتيان بورس الانسانية (يرأسها فرانكلين غراهام ابن المبشر الانجيلي الشهير بيلي غراهام) ترابط على الحدود الاردنية»، ويذكر ان فرانكلين غراهام هذا هو الذي كان له شرف «مباركة» حفل تنصيب جورج دبليو بوش في يناير 2001، ويتلقى دائما دعوات لزيارة البيت الابيض ونقل عنه كلام لاذع عن الاسلام اذ قال: «ان إله المسلمين ليس هو نفسه إله المسيحيين، انه إله مختلف واعتقد ان ديانتهم ديانة عدائية وشريرة جدا».
ليست قوى اليمين المسيحي الاميركي المتطرف وحدها فاعلة في ادارة بوش فثمة عناصر في الفريق الرئاسي كانت من اشد المتحمسين لعملية «الحرية العراقية» وتتبنى طروحات مشابهة لطروحات الاصوليين، لكنها تختلف معهم في الافكار والرؤية، وهي عناصر يهودية مقربة من حزب الليكود الاسرائيلي ومؤيدة لاتباع «اسلوب صارم» في التعامل مع المسألة الفلسطينية.
وقد اصبح هؤلاء، منذ وصول جورج دبليو بوش إلى السلطة، وتحديدا منذ تاريخ 11 سبتمبر، مقربين جدا من القائد العام لأهم جيش في العالم، وباتت توصياتهم وطروحاتهم تلقى آذانا صاغية لديه، وهم الذين يقفون وراء السياسة الخارجية الجديدة لواشنطن.
لكن العلاقات التي تربطهم باسرائيل، وبفئة من الطبقة السياسية الاميركية تطرح تساؤلات كبيرة حول مدى اخلاقيات نشاطاتهم وشرعيتها.
ويعتبر دوغلاس فيث، وكيل وزارة الدفاع خير مثال لهذه العلاقة الوثيقة بين الادارة الحالية واليمين الاسرائيلي.
فهو مقرب جدا من المنظمة الصهيونية الاميركية، حيث يلقي محاضرات عدة.
وكان فيث قبل عمله في ادارة بوش يدير مكتب محاماة يملك فروعا خارجية في اسرائيل دون غيرها، وكان يمثل «صاحب شركة لصنع الاسلحة اسرائيليا».
ويتمتع فيث بخصوصية تميزه عن البقية من أمثاله وتتمثل في كونه المسؤول الاميركي الوحيد الذي يملك سندات خزينة اسرائيلية، وهو استثمار لا يستحق الذكر الى جانب ثروته التي تتجاوز 27 مليون دولار لكن وكيل وزارة الدفاع ليس الوحيد بين الصقور الذي عمل مع اصحاب شركات الاسلحة الاسرائيليين، فريتشارد بيرل الذي يصنف اليوم ضمن المحافظين الجدد، سبق ان عمل لمصلحة شركة
soltam التي تصنع قطع المدفعية وقذائف الهاون، ويعد بيرل الأكثر نفوذا بين «الصقور» الى جانب بول وولفويتز، وكان يدير مجلس سياسة الدفاع التابع للبنتاغون قبل ان يقدم استقالته على اثر اتهامه بالتورط في فضائح مالية، لكنه احتفظ بعضويته في المجلس.
وفيما يفضل بيرل العمل في الظل والابتعاد عن الاضواء حتى لقب في عهد ريغن، بـ «أمير الظلمات»، يحب بول وولفويتز الظهور واحتلال موقع الصدارة في وزارة الدفاع الاميركية، لكن الدروب التي سلكاها تقاطعت اكثر من مرة منذ ثلاثين عاما، وخاصة في المعهد اليهودي لشؤون الامن القومي، وهو مركز ابحاث ودعم لاسرائيل في الظاهر، ومجموعة ضغط في الواقع ذات هدف مزدوج يتمثل في منع بيع الاسلحة المتطورة الى العالم العربي، والحرص على استمرار تدفق المساعدات العسكرية الاميركية في اتجاه الدولة العبرية.
والى جانب بول وولفويتز، ودوغلاس فيث، وريتشارد بيرل، يرد اسم اليوت ابرامز، الذي عين في ديسمبر 2002 مديرا لشؤون الشرق الاوسط في مجلس الامن القومي بناء على اوامر كونداليسا رايس، وهو بصفته هذه يتولى تحرير التقارير المتعلقة بالصراع الاسرائيلي الفلسطيني وتزكيتها او وقفها قبل ان ترفع الى كونداليسا رايس وجورج بوش.

كان جون اشكروفت يمثل في البداية المرشح المثالي للرئاسة بالنسبة لليمين المسيحي، لولا أن ابن تكساس تفوق عليه بالجمع بين الثروة الطائلة، والعلاقات الوثيقة مع الجماعات الاصولية المتطرفة. وهو ما رجح كفة الرئاسة لصالحه بدعم من اللوبي المسيحي اليميني الذي يتمتع بنفوذ لا يفل ويحمل مشروعا لمكافحة الانحطاط الثقافي بحسب مفهومه الخاص والفكر الليبرالي بشكل عام.
وأبرز ما يسم حركات اليمين المسيحي المتطرف هو ذلك التحالف الوثيق الذي يجمعها باسرائيل، والنابع من ايمانها الراسخ بحق هذه الأخيرة في أرض الميعاد.
العالم الإسلامي خصم جديد بعد الاتحاد السوفيتي في عرف الصقور
الصقور يتراجعون في خطة تقسيم العراق لإضرارها بالزعامة الأميركية في العالم
لا يمثل المحافظون الجدد كل اليهود والاسرائيليين بل هم مجرد مجموعة صغيرة من الاشخاص يسعون لتحقيق اهداف رسموها لانفسهم عبر وسائل ما فتئوا يبسطون سيطرتهم عليها اكثر فأكثر مع تزايد حجم نفوذهم داخل الادارة الحالية.
ويبدو ان سطوتهم المتنامية لم تعد تجد من يقاومها داخل الادارة، فأسلوب الاعتدال الذي يمثله كولن باول باعتباره خصمهم المبين آخذ في التلاشي تماما، وقد «تطهر البنتاغون في نهاية 2001 من آخر حمامة» ونعني بذلك بروس ريدل الذي كان يدعو الى الحرص على توافر تحالف كبير في الحرب على الارهاب ومراعاة الحساسيات العربية التي قد يفرزها هجوم محتمل ضد العراق.
وامعانا في عزل كولن باول، نجح كل من وولفويتز ورامسفيلد في فرض شخصية اخرى موالية تماماً للصقور عليه، وهكذا تم تعيين جون بولتون، في منصب وكيل وزارة لشؤون الامن القومي، ومسؤول عن الاسلحة رغم تحفظات وزير الخارجية.. وبدوره اتخذ بولتون لنفسه مستشارا خاصا يدعى ديفيد وارمسر، وهو صديق ريتشارد بيرل سبق له التعاون ايضا مع بنيامين نتانياهو حين كان رئيسا للوزراء، وزوجته ميراف شاركت في تأسيس معهد الابحاث الاعلامية لشؤون الشرق الاوسط الى جانب الكولونيل ييغال كارمون، المسؤول السابق عن جهاز الاستخبارات العسكرية الاسرائيلي، ويحرص المعهد على ترجمة ما ينشر في الصحافة العربية من مقالات لاذعة، وابراز نزعة معاداة السامية التي تهز هذه المنطقة الى جانب ترجمة المقالات المؤيدة للسياسة الاميركية في الشرق الاوسط، ففي يوم 24 ابريل 2003، وبعد ايام قليلة من ورود ذكر سوريا في خطابات رامسفيلد، نشر المعهد على الصفحة الاولى من موقعه ترجمة لمقال من صحيفة كويتية يعتبر نظام بشار الأسد «أسوأ من نظام صدام». ومن الواضح ان هذه الترجمة لم تأت اعتباطاً لأنها تعكس وجهة نظر عربية مؤيدة لسياسة واشنطن. وهو ما يجافي الحقيقة إذ ما من مسؤول سياسي في الشرق الأوسط ـ فما بالك بالمواطن العادي ـ يؤيد تدخلاً عسكرياً في سوريا مجهول العواقب.
شارك ديفيد وارمسر الذي سبق ذكره، الى جانب ريتشارد بيرل، ودوغلاس فيث في إعداد تقرير سري للغاية يحمل عنوان «قطيعة شاملة» ورفع الى رئيس الوزراء الاسرائيلي نتانياهو عام 1996. وتمحور التقرير حول هدفين أساسيين اثنين رسما من أجل مصلحة اسرائيل وهما: تفكيك العراق، وتصفية النظام السوري.
وجاء في التقرير ما يلي:
«جاءت دعوة الاردن الى اعادة النظام الهاشمي لحكم العراق بمثابة الثقل الموازن للطموحات الاقليمية السورية. وبما ان مستقبل العراق سيؤثر في التوازن الاستراتيجي في الشرق الأوسط تأثيراً عميقاً. فإن تأييد اسرائيل لعودة الملكية في العراق سيكون له ما يبرره. وبإمكان حكومة نتانياهو ان تقوم بأولى زياراتها الرسمية الى الاردن قبل الذهاب الى واشنطن، وتقدم الدعم للملك حسين لمساعدته (في مجال الأمن والاستخبارات) في مكافحة التخريب السوري وتشجيع الاستثمارات الأجنبية في الاردن عبر نفوذ اسرائيل في أوساط رجال الأعمال الاميركيين، لتخليصها من تبعيتها (الحالية) تجاه العراق، وإلهاء السوريين باستخدام عناصر معارضة لبنانية لخلخلة قبضة سوريا على لبنان.
... ويمكن لاسرائيل ان تشكل محيطها الاستراتيجي بالتعاون مع تركيا والاردن عبر اضعاف سوريا. وقد يتحقق ذلك بعزل صدام حسين في العراق مما يسمح بالتالي بإجهاض طموحات دمشق. كيف؟ بعقد تحالفات مع العشائر العربية التي تقطن على جانبي الحدود العراقية ـ السورية والمعادية للنظام السوري..».
وفضلاً عن هذه النصائح ذات الطابع الجيوستراتيجي التي تبدو كإرشادات للحرب الحالية، ذهب بيرل وزملاؤه أبعد من ذلك إذ جاء على لسانهم «نظراً إلى طبيعة نظام دمشق، فإنه من الطبيعي والاخلاقي ان تتراجع اسرائيل عن محاولاتها الانفتاحية (السلام الشامل) وتتمسك بكبح نمو هذا البلد عبر لفت الانظار الى برامجه لامتلاك اسلحة الدمار الشامل، ورفض اتفاقات السلام مقابل الأرض الخاصة بمرتفعات الجولان».
بل تضمنت هذه الوثيقة «نصائح» في مجال الاتصال لكسب تعاطف واهتمام الاميركيين خلال زيارات بنيامين نتانياهو للولايات المتحدة. وأوصى أصحابها رئيس الوزراء الجديد بالحديث عن أهدافه السياسية بلغة مألوفة لدى الأميركيين.
هكذا نستخلص إذن ان الحرب في العراق لم تكن قراراً جديداً بالنسبة إلى الصقور في هذه الادارة. وهي ليست نتيجة «عملية التفتيش» التي لم تقنع أحداً بل تمثل تجسيداً لاستراتيجيات أقدم في الزمن تهدف الى اعادة تشكيل ميزان القوى السائد اليوم في الشرق الأوسط.
ولكن يبقى السؤال مطروحاً بعد قراءة هذا التقرير حول الهدف الحقيقي من وراء هذه العملية. هل هو السعي وراء المصالح الاميركية أو تعزيز وضع اسرائيل في المنطقة؟
ومهما كانت القضية الأساسية التي يدافع عنها الصقور، فإن التفكير في تفكيك أمة ذات تركيبة معقدة جداً كما هي الحال في العراق، وإلصاقها بمملكة تفتقر الى الاستقرار مثل الاردن يكشف مدى ثقة هؤلاء بأفكارهم ومشاريعهم ولا واقعيتهم. وبعد أربع سنوات من رفع تلك الوثيقة الى نتانياهو، تم تقديم نسخة أخرى منها مخصصة للأميركيين وتحديداً لجورج دبليو بوش لكنها اختلفت عن النسخة الأصلية في شيئين اثنين، فاستخدمت فيها مصطلحات مألوفة لدى الأميركيين. وتم إغفال الحديث عن أي تفكيك للعراق. وان عادت هذه الفكرة لتتردد على لسان بول وولفويتز. وتم تحرير هذا التقرير تحت اشراف مركز دراسات آخر في واشنطن يحمل اسم المشروع من أجل القرن الاميركي الجديد
PNAC، ويعمل من اجل تشجيع «الزعامة الاميركية للعالم» ويضم المركز الصقور الموالين لاسرائىل المتعاطفين مع الليكود واعضاء من اليمين المسيحي المتطرف الاميركي.
مناورة تشيني
كان الصقور قد حاولوا مرارا الترويج لوجهة نظرهم على اعلى مستوى في السلطة التنفيذية، فبعد مرور فترة قصيرة على سقوط جدار برلين في عهد ولاية بوش الاولى، دار حديث حاسم بين ديك تشيني وبول وولفويتز كان بمثابة الانتصار الاول للمحافظين الجدد، اذ شكل تشيني، وكان وزيرا للدفاع آنذاك، لجنة تضم الى جانب آخرين بول وولفويتز ولويس ليبي (مناصرا آخر للحرب الحالية). وكان الهدف الذي رسمه هؤلاء كبيرا ويتمثل في وضع الخطوط العريضة لسياسة خارجية اميركية جديدة في عالم ما بعد الحرب الباردة، ثم طلب من كولن باول، الذي كان يتولى رئاسة الاركان، اعداد تقرير منافس يقدم رؤية للعالم وللعلاقات الدولية تتسم بالاعتدال قياسا الى رؤية الصقور. وحدد تشيني تاريخ 21 مايو 1990 لعرض التوصيات، وتم تخصيص ساعة لكل من وولفويتز وفريقه، وباول وفريقه، وفي الموعد المحدد اعطيت الكلمة لوولفويتز اولا فتجاوز المدة المخصصة له كثيرا دون ان يقاطعه تشيني. واضطر باول للمغادرة دون عرض تقريره بعد ان حدد له وزير الدفاع موعدا بعد اسبوعين من باب المجاملة.. وهكذا كان الموجز الذي نقله هذا الاخير لجورج بوش الأب تلخيصا وافيا لأفكار وولفويتز وخرج باول خاسرا، وكان من المتوقع ان يلغي الرئيس الاميركي خطابا تاريخيا لكونه كان يمثل انعطافة حقيقية في تاريخ هذه الامة المعروفة بانطوائها على نفسها ونفورها من الاهتمام بما يجري في الخارج ومن التدخل في مشاكل العالم. الا ان الخطاب الذي كان مرتقبا في الوقت نفسه، الذي كانت الدبابات العراقية تتدافع فيه نحو الكويت، ألغي.
وطيلة التسعينات، بدأت ملامح رؤية الصقور تتضح شيئا فشيئا، وحدد مبدؤهم الخاص بالسياسة الخارجية العالمية الذي يقوم على استباق التهديدات وتصفية القوى المنافسة، بغض النظر عن موقعها وعن الظروف، هدفا واضحا تمثل في الشرق الاوسط باعتباره مصدرا للقلاقل الدائمة، وتولد لدى الصقور يقين مطلق بتشابك المصالح الاميركية بالمصالح الاسرائىلية بفعل الروابط القوية احيانا التي تربطهم بإسرائىل (شقيقة وولفويتز تقيم في اسرائىل) وتماثل الرؤى بينهم وبين زعماء الليكود، اذ يدعو هولاء الى ضرورة تكاتف هاتين الديموقراطيتين، مهما كان الثمن، من اجل التصدي للعالم العربي الذي حل محل الاتحاد السوفيتي في دور الخصم. وهو خصم يجب تحريره بالقوة اذا اقتضى الامر ذلك. ويبدو واضحا هنا مدى التأثير الكبير لطروحات المستشرق الشهير المقرب من المحافظين الجدد برنارد لويس، الذي قال عنه بول وولفويتز «كان بارعا في وضع العلاقات مع الشرق الاوسط وقضاياه في سياق اوسع عبر فكر موضوعي وفذ ومستقل، فلويس علّمنا كيف نفهم تاريخ الشرق الاوسط المعقد والمهم، وكيف نستخدمه لنهتدي به، من اجل اقامة عالم افضل للاجيال القادمة».. يذكر ان برنارد لويس هو خبير معروف عالميا خدم ابان ا لحرب العالمية الثانية في اجهزة الاستخبارات البريطانية، وهو الذي ابتكر مفهوم «صدام الحضارات» الذي ردده صاموئيل هانتنغتون في طروحاته لاحقا.
الصقور تحفزوا لبغداد منذ 1998
اصبحت بغداد هدفا مفضلا لدى الصقور منذ عهد كلينتون، ففي عام 1998 نشر مركز «مشروع القرن الاميركي الجديد» رسالة مفتوحة الى الرئيس يطالبه فيها بالقيام بعمل عسكري من طرف واحد، دون المرور عبر مجلس الامن، وهي الرسالة التي وقعها كل من ريتشارد بيرل وبول وولفويتز ودونالد رامسفيلد وبعد ذلك ببضعة اشهر طلب مركز ابحاث آخر يحمل اسم «لجنة السلام والامن في الخليج» من بيل كلينتون الاعتراف بحكومة عراقية مؤقتة يقودها اعضاء المجلس الوطني العراقي، على اعتبار ان هذا الاعتراف من شأنه ان يشكل الخطوة الاولى باتجاه «استراتيجية سياسية وعسكرية ترمي الى اسقاط صدام حسين ونظامه». وكان من بين الموقعين على هذه الرسالة الثانية الى جانب ريتشارد بيرل، بوصفه أحد رئيسي المركز، كل من رامسفيلد ووولفويتز، وفيث، وأبرامز، وبولتون. ولا تخفى استراتيجية تحريك اللجان والهيئات ومراكز الابحاث بسرعة متدرجة على أحد في واشنطن.
ويقول أحد موظفي وزارة الخارجية شارحا: «يستخدم بيرل وبقية الصقور هذه الطريقة منذ زمن طويل. وهي تولد انطباعا لدى الرأي العام، وكذا بعض اعضاء الكونغرس بأن موجة المحافظين الجدد بصدد التحول الى مدّ كاسح. اذ يعمد مركز بعينه الى حشد التأييد في اطار لوبي لضرب العراق، ثم يحذو مركز آخر حذوه في اليوم التالي.
وفي الاسبوع الموالي تنشر صحيفتك المفضلة في صفحتها الاولى رسالة وصلت من «معهد ابحاث» آخر. وهكذا يجري الحديث بصوت واحد عن الموضوع، وهو ما يكون له اكبر الاثر اذ يعتقد الناس خطأ ان الاغلبية تتبنى آراء هؤلاء».
وقد صرح سياسي اسرائيلي سابق مقرب من اسحق رابين ومعارض لسياسة الصقور فقال: «انهم يأملون في اعادة المجد الاميركي. ومن شأن هذه القوة المتنامية ان تخدم في الوقت نفسه من وجهة نظرهم المصالح الاسرائيلية. ولأنهم منظرون فان ميزان القوى في المنطقة يمكن تحديده بالارقام وعلى الخرائط. فالامر بالنسبة إليهم مجرد عملية حسابية. اي ان اسقاط صدام واضعاف سوريا كفيلان بتركيع الفلسطينيين». ويضيف قائلا: «... الصقور في واشنطن لا يشعرون بشيء من آثار النزاع الذي لا يعيشونه بصورة مباشرة. ومع ذلك، فانهم هم من يقرر مصيرنا اليوم».
 
شكرا أخي لكن بصراحة لا يوجد أحد من النادي عايز يسمع سيرة جورج بوش و لا حتى النظر الى صورته...............لكن موضوع ممتاز لنعرف شر هذا الرجل
 
صدقت يا أخي و مشكور على المرور الطيب
و الله و لا أنا أطيقه و لكن من أجل كشف حقيقته التافهة و تعريته أمام بعض من يقول بديمقراطيته فلينظر و ليتمعن
 
أي ديمقراطية التي تقتل الأطفال و تشرد الناس من بيوتهم............................بوش ديكتاتوري تحت راية الديمقراطية.......أليس كذلك
 
صدقت أخي ghanou
فديمقراطيته ما هي إلا خدعة كبيرة ( و إن أردت استيعاب ما يحدث عد لبروتوكولات حكماء صهيون لترى العجب العجاب )
و الله هذه أكبر من أن تكون ديكتاتورية دموية
حسبنا الله و نعم الوكيل
 
عودة
أعلى