●¦[ الــفـــارس ]¦●
Well-Known Member
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين اما بعد
فقد قال ابن القيم في حادي الأرواح الى بلاد الافراح
" هذا الباب اشرف أبواب الكتاب و اجلها قدرا و أعلاها خطرا و اقرها عينا أهل السنة و الجماعة و اشدها على أهل البدعة و الضلالة و هي الغاية التي شمر إليها المشمرون و تنافس فيها المتنافسون و تسابق إليها المتسابقون و لمثلها فليعمل العاملون إذا ناله أهل الجنة نسوا ما هم فيه من النعيم وحرمانه و الحجاب عنه لأهل الجحيم اشد عليهم من عذاب الجحيم اتفق عليها الأنبياء و المرسلون و جميع الصحابة و التابعون و أئمة الإسلام على تتابع القرون و أنكرها أهل البدع المارقون و الجهمية المتهوكون و الفرعونية المعطلون و الباطنية الذين هم من جميع الأديان منسلخون و الرافضة الذين هم بحبائل الشيطان متمسكون و من حبل الله منقطعون و على مسبة أصحاب رسول الله عاكفون و للسنة و أهلها محاربون و لكل عدو لله و رسوله و دينه مسالمون و كل هؤلاء عن ربهم محجوبون و عن بابه مطرودون أولئك أحزاب الضلال و شيعة اللعين و أعداء الرسول و حزبه..."
يقول الله " وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة " القيامة 22- 23
يقول شمس الدين" فإنه لا شيء أشهى إليهم وأقر لعيونهم وأنعم لبواطنهم من النظر إليه فنضر وجوههم بالحسن ونعم قلوبهم بالنظر إليه...
وقال الحسن البصري في قوله تعالى وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة قال حسنها الله تعالى بالنظر إليه سبحانه وحق لها أن تنضر وهي تنظر إلى ربها عز وجل
قال أبو سليمان الداراني لو لم يكن لأهل المحبة أو قال المعرفة إلا هذه الآية وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة لاكتفوا بها...
ويقول الله " كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون" المطففين (15)
قال ابن كثير أي لهم يوم القيامة منزل ونزل سجين ثم هم يوم القيامة مع ذلك محجوبون عن رؤية ربهم وخالقهم
قال الإمام أبو عبد الله الشافعي : وفي هذه الاية دليل على أن المؤمنين يرونه عز وجل يومئذ وهذا الذي قاله الإمام الشافعي رحمه الله في غاية الحسن وهو استدلال بمفهوم هذه الاية
كما دل عليه منطوق قوله تعالى : { وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة } وكما دلت على ذلك الأحاديث الصحاح المتواترة في رؤية المؤمنين ربهم عز وجل في الدار الاخرة رؤية بالأبصار في عرصات القيامة وفي روضات الجنات الفاخرة..."
ومقولة الشافعي" لما أن حُجب هؤلاء في السخط , كان في هذا دليل على أن أواياءه يرونه في الرضا" -العقيدة الطحاوية-
قال :النبي صلى الله عليه وسلم جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن" متفق عليه
وقال صلى الله عليه وسلم "حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه" مسلم
(سبحات وجهه) نوره وجلاله وبهاؤه أما الحجاب فأصله في اللغة المنع والستر
وقال الله " ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام " الرحمن (27)
قال ابن كثير" وهذه الاية كقوله تعالى : { كل شيء هالك إلا وجهه } وقد نعت تعالى وجهه الكريم في هذه الاية بأنه ذو الجلال والإكرام أي هو أهل أن يجل فلا يعصى وأن يطاع فلا يخالف كقوله تعالى : { واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه } وكقوله إخبارا عن المتصدقين : { إنما نطعمكم لوجه الله } قال ابن عباس : ذو الجلال والإكرام ذو العظمة والكبرياء ولما أخبر تعالى عن تساوي أهل الأرض كلهم في الوفاة وأنهم سيصيرون إلى الدار الاخرة فيحكم فيهم ذو الجلال والإكرام بحكمه العدل"
وقال تعالى" تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما " الاحزاب 44
قال ابو الفداء "الظاهر أن المراد ـ والله أعلم ـ تحيتهم أي من الله تعالى يوم يلقونه سلام أي يوم يسلم عليهم كما قال عز وجل : { سلام قولا من رب رحيم }..."
وعن جرير قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة - يعني البدر - فقال "إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا" ثم قرأ " وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب"متفق عليه
(لا تضامون ) لا ينالكم ضيم أي تعب أو ظلم بسبب انضمام بعضكم لبعض عن رؤية الملك الجبار
قال النووي في المنهاج شرح مسلم ابن الحجاج " أي ترونه رؤية محققة لا شك فيها ولا مشقة كما ترون هذا القمر رؤية محققة بلا مشقة فهو تشبيه للرؤية بالرؤية لا المرئى بالمرئي والرؤية مختصة بالمؤمنين ..."
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم من عمله وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه فاتقوا النار ولو بشق تمرة" بخاري
(أيمن منه ) عن يمينه . ( أشأم منه ) عن شماله
قال الله "ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد " ق 34-35
ولدينا مزيد كقوله "للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون" يونس 26
فالحسنى : الجنة
والزيادة : هي النظر الى وجه الله الكريم
فعن ثابت البناني عن عبدالرحمن بن أبي ليلى عن صهيب عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله " في قوله { للذين أحسنوا الحسنى وزيادة } قال: فإذا دخل أهل الجنة الجنة قال يقول الله تبارك وتعالى تريدون شيئا أزيدكم ؟ فيقولون ألم تبيض وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار قال فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل" ترمذي واحمد واصله عند مسلم
اما في الدنيا فلا احد يراه ...
قال صلى الله عليه وسلم "إنكم لن تروا ربكم عز و جل حتى تموتوا"
صحيح الجامع الصغير وزيادته 4076 ورواه ابن ماجه
وعن أبي ذر قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك ؟ قال نور أنى أراه" مسلم
نسأل الله من فضله العظيم وأن لا يحرمنا لذة النظر الى وجهه الكريم