أحكام جراحة التجميل في الفقه الإسلامي

قصي حمدان

New Member
أحكام جراحة التجميل في الفقه الإسلامي
للدكتور محمد عثمان شبير - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الكويت
لقد حرم الإسلام بعض أشكال الزينة : كالوصل والوشم والوشر والنمص وغير ذلك ، لما فيها من الخروج على الفطرة والتغير لخلق الله تعالى والتدليس والإيهام وغير ذلك . وقد قمت بهذا البحث تلبية لرغبة جراحي التجميل في معرفة الأحكام الشرعية المتعلقة بالعمليات التي يمارسونها ، ورتبته على ثلاثة مباحث وخاتمة .
المبحث الأول : تجميل الشعر بالوصل والإزالة والجراحة : الشعر زينة للرجل والمرأة كما قالت السيدة عائشة رضي الله عنها : " زينة الرجل في لحيته وزينة المرأة في شعرها " .
المطلب الأول : تجميل شعر الرأس : سوف أتكلم عن أحكام :
أولا : وصل الشعر : اتفق الفقهاء على تحريم وصل الشعر في الجملة ففي رواية لمسلم : " أن رسول الله r لعن الواصلة والمستوصلة ، والواشمة والمستوشمة " .
وجه الاستدلال : الواصلة في الأحاديث : هي التي تصل شعر امرأة بشعر أخرى لتكثر به شعر المرأة .
والمستوصلة : هي التي تطلب أن يفعل بها ذلك .
حكم الوصل بشعر الآدمي : اتفق فقهاء الحنفية والمالكية والحنابلة والظاهرية والشافعية على تحريم وصل شعر المرأة بشعر آدمي ، بقصد التجمل والتحسين ، سواء أكان الشعر الذي تصل به شعرها أم شعر زوجها أم محرمها أم امرأة أخرى غيرها لعموم الأحاديث الواردة في النهي عن الوصل ، ولأنه يحرم الانتفاع بشعر الآدمي وسائر أجزائه لكرامته ، بل يدفن شعره وظفره وسائر أجزائه .
حكم الوصل بغير شعر الآدمي : اختلف الفقهاء في حكم وصل شعر المرأة بغير شعر الآدمي على النحو التالي 1 ذهب الحنفية إلى أن الوصل بغير شعر الآدمي : كالصوف والوبر وشعر الماعز والخرق مباح ؛ لعدم التزوير ،ولعدم استعمال جزء من الآدمي ،وهما علة التحريم عندهم . و جاء في حاشية ابن عابدين : " إنما الرخصة في غير شعر بني آدم ، تتخذه المرأة لتزيد في قرونها ، وهو مروي عن أبي يوسف . وفي الخانية : لا بأس بأن تجعل في قرونها وذوائبها شيئا من الوبر " . وإلى هذا ذهب أيضا الليث بن سعد ، فأجاز وصل الشعر بالصوف والخرق وما ليس بشعر .
2 وذهب المالكية والظاهرية ومحمد بن جرير الطبري إلى أن الوصل بشعر غير الآدمي من صوف وشعر حيوان ووبر حرام . قال الإمام مالك : " لا ينبغي ان تصل المرأة شعرها بشعر ولا غيره " . واستدلوا لذلك بعموم الأحاديث السابقة وبخاصة حديث جابر : " زجر النبي r أن تصل المرأة برأسها شيئا " ولأن فيه تدليسا وإيهاما بكثرة الشعر وتغييرا لخلقة الله تعالى
وقد استثنى المالكية من ذلك ربط الشعر بالخرق وخيوط الحرير الملونة مما لا يشبه الشعر ، فليس بمنهى عنه ؛ لأنه ليس بوصل ، ولا في مقصود الوصل . قال الإمام مالك : " و لا بأس بالخرق تجعلها المرأة في قفاها وتربط للواقية وما من علاجهن أخف منه " .
3 وذهب الشافعية إلى تفصيل القول في الوصل بغير شعر الآدمي ، فقالوا : إن وصلت المرأة شعرها بشعر غير آدمي فإما ان يكون طاهرا أو نجسا .
فإن كان نجسا كشعر ميتة وشعر مالا يؤكل لحمه إذا انفصل في حياته فهو حرام ؛ لحرمة استعمال النجس في الصلاة وخارجها .
وإن كان طاهرا فينظر : إن كانت الموصولة ليست بذات زوج فهو حرام أيضا . وبه قطع الدارمي والطيب والبغوي واليعقوبي .
وإن كانت متزوجة ففيه ثلاثة أقوال :
الأول : يجوز الوصل بإذنه فقط .
والثاني : يحرم الوصل مطلقا : أي ولو أذن الزوج .
والثالث : يجوز الوصل مطلقا : أي ولو لم يأذن الزوج .
والقول الأول هو الصحيح لدى الشافعية وبه قطع جماعة منهم .
هذا بالنسبة لما يشبه شعر الآدمي من الوبر والصوف أما خيوط الحرير الملونة ونحوها مما لا يشبه الشعر فليس بمنهي عنه لعدم وجود التدليس .
4 وذهب الحنابلة إلى أن الوصل بغير شعر الآدمي إما أن يكون بشعر أو بغير شعر : فإن كان بشعر : كشعر الماعز فيحرم ، كما يحرم الوصل بشعر الآدمي ، لعموم الأحاديث السابقة ، ولما فيه من التدليس . فإذا وصلت المرأة شعرها بشعر بهيمة لا يصح الوصل ،ولا تصح صلاتها إن كان الشعر نجسا لحملها النجاسة مع قدرتها على اجتنابها ، وتصح إن كان طاهرا .
وإن كان الوصل بغير شعر ، فإن كان لحاجة شد الشعر وربطه فلا باس به ، لأن الحاجة داعية إليه ولا يمكن التحرز منه .
روى أحمد بن محمد بن حازم أن إسحاق بن منصور حدثهم أنه قال لأبي عبد الله ـ يعني أحمد بن حنبل ـ تكره كل شيء تصله المرأة بشعرها ؟ قال : غير الشعر إذا كان قرامل قليلا بقدر ما تشد به شعرها فليس به بأس إذا لم يكن كثيرا " .
وإن كان لغير حاجة ففي ذلك روايتان :
الأولى : يكره
والثانية : يحرم فلا تصل المرأة برأسها شيئا من الشعر والقرامل ولا الصوف لحديث جابر السابق : " زجر النبي r أن تصل المرأة برأسها شيئا " .
ورجح ابن قدامة الرواية الأولى ، فقال : " والظاهر أن المحرم إنما هو وصل الشعر بالشعر ، لما فيه من التدليس ، واستعمال الشعر المختلف في نجاسته ، وغير ذلك لا يحرم لعدم هذه المعاني فيها ، وحصول المصلحة من تحسين المرأة لزوجها من غير مضرة .
المعنى الذي لأجله حرم الوصل :اختلف العلماء في المعنى الذي لأجله حرم الوصل على عدة أقوال وهي :
1 ذهب الحنفية إلى أنه التدليس باستعمال جزء من الآدمي ، فلا يجوز الانتفاع بأجزاء الآدمي لكرامته ، بل يدفن شعره وظفره وسائر أجزائه المنفصلة ولا ينتفع بها
2 وذهب المالكية والظاهرية ومحمد بن جرير الطبري إلى أنه التدليس بتغيير خلق الله :
كمن يكون شعرها قصيرا أو حقيرا فتطوله أو تغزره بشعر غيرها فكل ذلك تغيير للخلقة .
كما استدلوا أيضا بقوله r في حديث لعن الله الواشمة والمتفلجة : ( المغيرات خلق الله ).
3 وذهب الشافعية والحنابلة إلى أن المعنى الذي لأجله حرم الوصل هو التدليس مطلقا : سواء استعمل شعر الآدمي أو غيره وسواء كان فيه للخلقة أو لم يكن .
والراجح ما ذهب إليه الشافعية والحنابلة من أن المعنى المناسب لتحريم الوصل هو التدليس بالعيب والغش والخداع لأن النبي r سماه زورا ، لما فيه من تدليس وغش ، وقد نهى النبي r عن الغش بقوله : " من غشنا فليس منا " .
وأما ما ذهب إليه الحنفية من أن التدليس لا يكون إلا بشعر الآدمي ، فغير صحيح ؛ لأن التدليس كما يقع بشعر الآدمي يقع بشعر البهيمة الصناعي وغير ذلك مما يشبه الشعر الطبيعي . وأما استدلال المالكية بالآية فغير مسلم ، لأن الآية جاءت بتغيير الخلقة بالجرح والتشريح كما في تبتيك آذان الأنعام ، والوشم وغير ذلك .
وأما الحديث فقد جاء في سياق النهي عن الواشمة والمتفلجة لا الواصلة . فإذا كان يصلح كعلة للنهي عن الوشم والتفليج فلا يصلح كعلة لوصل الشعر ، لأن أحاديث النهي عن الوصل نصت على العلة وهي كونه زورا وغشا وخداعا . قال الخطابي : " الواصلات هن اللواتي يصلن شعور غيرهن من النساء يردن بذلك طول الشعر يوهمن أن ذلك من أصل شعورهن ، فقد تكون المرأة زعراء قليلة الشعر ، أو يكون شعرها أصهب ، فتصل شعرها بشعر أسود فيكون ذلك زورا وكذبا فنهى عنه ، أما القرامل فقد رخص فيها أهل العلم ، وذلك أن الغرور لا يقع بها ، لأن من نظر إليها لم يشك في أن ذلك مستعار " .
وإذا كانت علة النهي عن الوصل هي التدليس والتزوير فيكون الرأي المختار في وصل شعر المرأة بغير شعر الآدمي على النحو التالي :
1 إذا كان الموصول بشعر المرأة يشبه الشعر الطبيعي ، حتى يظن الناظر إليه أنه شعر طبيعي ؛ يحرم الوصل سواء أكان شعرا أم صوفا أم وبرا أم خيوطا صناعية أم غير ذلك ، لأن علة تحريم الوصل قد تحققت فيه .
2 أما إذا كان الموصول به لا يشبه الشعر الطبيعي بحيث يدرك الناظر إليه لأول وهلة أنه غير طبيعي ، فلا يحرم الوصل سواء أكان شعرا أم صوفا أو وبرا أم قرامل ، وذلك لعدم تضمنه علة التحريم : وهي التدليس .
3 ضفر شعر المرأة بالخرق الملونة وغيرها ما هو ظاهر في أنه ليس من شعرها لا يعتبر وصلا ، ولا يدخل في النهي .
ثانيا : حلق المرأة شعر رأسها :أجمع العلماء على أنه لا حلق على المرأة في الحج ،ويتعين علبها التقصير وقد كره جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة الحلق لغير ضرورة كمرض ، لأنه بدعة في حقها ، وفيه تغيير جمال الخلقة فيؤدي إلى المثلة وتشويه المنظر . وحرموه إذا تشبهت المرأة بالرجال . واستدلوا لذلك بالحديث روى الإمام مسلم عن أبي موسى أنه قال : " أنا بريء مما بريء منه رسول الله r ، فإن رسول الله r بريء من الصالقة والحالقة والشاقة .الحالقة : هي التي تحلق شعرها عند المصيبة
وذهب المالكية والظاهرية إلى تحريم الحلق مطلقا ، سواء أكان لتغيير جمال الخلقة أو للتشبه بالرجال ، لعموم الأحاديث السابقة "
والراجع ما ذهب إليه المالكية والظاهرية من تحريم الحلق للمرأة ، لأن المثلة بتغيير جمال الخلقة منهي عنها ، كما أن التشبه بالرجال منهي عنه ، فيحرم على المرأة حلق شعر رأسها لغير ضرورة ، سواء قصدت المثلة ، أو التشبه بالرجال ، أو التشبه بالكافرات عند نزول المصائب .
ثالثا : حلق شعر الرأس على هيئة قزع : أجمع العلماء على كراهة القزع للرجل والمرأة إلا أن يكون لمداواة ونحوها لما روى الإمام مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما : " أن رسول الله r نهى عن القزع لنافع : وما القزع ؟ قال : يحلق بعض رأس الصبي ويترك بعضه " . ولما روى أبو داود عن ابن عمر أيضا : أن النبي r رأى صبيا قد حلق بعض شعره وترك بعضه ، فنهاهم عن ذلك وقال : " احلقوه كله أو اتركوه كله " .
المعنى الذي لأجله نهى عن القزع : اختلف العلماء في المعنى الذي لأجله نهى عن القزع على عدة أقوال ، ويرجع سبب الاختلاف إلى تعدد أشكال وأنواع القزع ، وهذه الأنواع هي :
الأول : أن يحلق من رأسه مواضع من هنا وههنا مأخوذ من نقزع السحاب ، وهو تقطيعه .
والثاني : أن يحلق وسطه ويترك جوانبه ، كما يفعله شمامسة النصارى .
والثالث : أن يحلق جوانبه ويترك وسطه ، كما يفعله كثير من الأوباش والسفلة .
والرابع : أن يحلق مقدمة ويترك مؤخره .
فالأول يكره لما فيه من الضرر وعدم عدل الإنسان مع نفسه .
قال ابن تيمية : " وهذا من كمال محبة الله ورسوله للعدل فإنه أمر به ، حتى في شأن الإنسان مع نفسه ، فنهاه أن يحلق بعض رأسه ويترك بعضه ، لأنه ظلم للرأس حيث ترك بعضه كاسيا وبعضه عاريا . ونظير هذا أنه نهى عن الجلوس بين الشمس والظل ، فإنه لبعض بدنه ، ونظيره نهى أن يمشي الرجل في نعل واحدة ، يل إما أن ينعلهما أو يحفيهما "
وأما النوع الثاني فيكره لما فيه من التشبه بأهل الكتاب ، فقد كان اليهود يفعلونه كما كان شمامسة النصارى يفعلونه ، قال الحكيم الترمذي : " كان هذا فعل القسيسيين ، وهم أضر من النصارى ، فقد نهى رسول الله r عن التشبه بهؤلاء الذين وصفناهم " .
وأما النوع الثالث فيكره لما فيه من التشبه بالأوباش والسفلة وأهل الشر والفساد فهو زي أهل الشر والدعر .
وأما النوع الرابع فيكره لما فيه من المثلة التي تعافها الأنفس والقلوب ، فهو يؤدي إلى تشويه جمال الخلقة .
رابعا : نتف الشيب واستعجاله :اتفق الفقهاء على جواز خضاب الشيب بغير السواد من الحناء والكتم والصفرة للرجال والنساء . كما اتفقوا على كراهة نتف الشيب من المحل الذي لا يطلب منه إزالة شعره كالرأس واللحية . واستثنى الحنفية من ذلك جواز نتفه لإرهاب العدو . وقال المالكية : يكره نتف الشيب ، وإن قصد به التلبيس على النساء فهو أشد في المنع . قال رسول الله r : " لا تنتفوا الشيب ، ما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام إلا إذا كانت له نورا يوم القيامة " . وفي لفظ أحمد : " إلا رفعه الله بها درجة ، ومحيت عنه سيئة ، وكتب الله له بها حسنة " .
وأما استعجال الشيب بالمعالجة : بأن يضع كبريتا أو غير ذلك فقد كرهه الشافعية لما فيه من التدليس ، ولما يترتب عليه من الضرر .
تجميل شعر الوجه بالنماص : الوجه بالنسبة للمرأة أصل الزينة ـ فتتجمع فيه محاسن المرأة ، ويبدوا فيه جمال الخلفة وهو محل استمتاع الزوج ، ولهذا خلقه الله تعالى خاليا من الشعر إلا شعر الحاجبين والأهداب . ففي شعر الحاجبين زينة وجمال وواقية مما ينحدر من الرأس ، وجعل على هذا المقدار لأنه لو نقص عنه لزالت منفعة الجمال والوقاية ، ولو زاد عليه لغطى العين وأضر بها ، وحال بينها وبين ما تدركه ، وفي شعر الأهداب زينة وجمال ووقاية للحدقة . و لقد اتفق الفقهاء على تحريم النماص في الجملة فقد روى أبو داود عن ابن عباس قال : " لعنت الواصلة والمستوصلة ، والنامصة والمتنمصة ، والواشمة والمستوشمة من غير داء "
واختلف الفقهاء في المراد بالنماص المحرم :
1 فذهب الحنفية إلى أن النماص المحرم هو ما تفعله المرأة للتبرج والتزين للأجانب ، وكذا ما تفعله بلا حاجة ولا ضرورة ، لما في نتفه بالمناص من الإيذاء . أما ما تفعله بقصد التزين لزوجها فلا يحرم ، فإذا كان في وجهها شعر يؤدي إلى نفور زوجها عنها جاز لها إزالته ، فيجوز لها إزالة ما نبت في وجهها من لحية أو شارب أو عنفقه بل يستحب ذلك . وهو غير داخل في النهـي عن النماص . وكذا يجوز لها الأخذ من شعر الحاجبين وشعر الوجه ما لم تتشبه في ذلك بالمخنثين
2 وذهب المالكية إلى أن النماص المحرم هو نتف الشعر من الوجه ، لما فيه من التلبيس بتغير خلق الله تعالى ، فلا يجوز للمرأة أن تقلع الشعر من وجهها بالمنماص .
3 وذهب الشافعية إلى أن النماص المحرم : هو الأخذ من شعر الحاجبين لترقيقهما ، حتى يصيرا كالقوس أو الهلال بقصد الحسن والتجمل ، إذا كان بدون إذن الزوج .
وبناء على هذا فإن الزوجة إذا فعلت بإذن الزوج جاز ، لأن له غرضا في تزينها لها ، وقد أذن لها فيه .
ويخرج من النماص المحرم إزالة اللحية والشارب والعنفقة للمرأة بالنتف أو الحلق ، سواء أكانت المرأة متزوجة ، أم غير متزوجة ، ويستحب لها فعل ذلك ، ولا يدخل هذا الفعل في النهي عن النماص ، لأن النهي إنما هو في الحواجب وأطراف الوجه .
وأما تهذيب الحاجبين بالأخذ منهما إذا طالا فلم ير الشافعية فيه شيئا ، وكره النووي ذلك فقال :وينبغي أن يكره لأنه تغيير لخلق الله لم يثبت فيه شيء .
4 وللحنابلة في النماص المحرم ثلاثة أقوال :
الأول : ما نص عليه الإمام أحمد أن النماص المحرم هو نتف شعر الوجه ، أما حلقه فلا بأس به ، لأن الخبر إنما ورد في النتف . و بالنسبة للحف ، فقال : ليس به بأس للنساء . قال : وسأله عن النتف ، فقال : أكرهه للرجال والنساء . وقد كان أحمد يأخذ من حاجبه وعارضه .
والثاني : وهو وجه عند الحنابلة : إذا أخذت المرأة الشعر من وجهها لأجل زوجها بعد رؤيته إباها فلا بأس به ، وإنما يذم إذا فعلته قبل أن يراها ، لأن فيه تدليسا .
والثالث : ما ذهب إليه عبد الرحمن بن الجوزي من أن حديث النامصة محمول على التدليس أو على الفاجرات . فيكون النماص المحرم ما تفعله المرأة على وجه التدليس أو بقصد التشبه بالفاجرات .
وبناء على ما سبق فإنه يجوز للمرأة حلق لحيتها وشاربها .
5 وذهب الطبري وابن حزم الظاهري إلى أن النماص المحرم هو نتف الشعر من الوجه ، لما فيه من تغيير خلق الله ، فلا يجوز للمرأة تغيير خلقتها التي خلقها الله عليها بزيادة أو نقص التماسا للحسن لا للزوج ولا لغيره : كمن تكون مقرونة الحاجبين فتزيل ما بينهما توهم البلج أو عكسه . وكذا لا يجوز حلق لحيتها ولا عنفقتها ولا شاربها ، لما فيه من تغير الخلقة .
المعنى المختار للنماص المحرم : بعد عرض آراء الفقهاء في المراد بالنماص المحرم يتبين أنهم اختلفوا في الشعر الذي تقلعه المرأة بالمنماص هل هو شعر الوجه أو شعر الحاجبين ؟
فإذا بالغت المرأة في نتف شعر الحاجبين للتجمل والتحسن : كأن تزيلهما كليا ، أو ترققهما حتى يصيرا كالقوس أو الهلال فهو النماص المنهي عنه . ويؤيد ذلك ما جاء في سنن أبي داود بعد أن روى حديث ابن عباس السابق حيث قال : " وتفسير النامصة : التي تنقش الحاجب حتى ترقه " .
وبناء على ذلك فإن إزالة اللحية والشارب والعنفقة للمرأة بالنتف أو الحلق جائز ، لأنه لا يدخل في النماص المحرم كما ذهب إليه جمهور الفقهاء . لأن كثيرا من الفقهاء اعتبروا ظهور اللحية والشارب في المرأة نقصا وعيبا ، فلا شيء من الدية على المعتدي عليها بالنتف والإزالة لأنه أزال عنها الشين .
ويخرج من النماص المحرم أيضا تهذيب الحاجبين بأخذ الشعر الزائد الخارج عن استقامة الحاجبين من غير مبالغة فيه ، لأنه لا تدليس فيه ولا تغيير لخلق الله .
أولا : الحدود التي ينبغي مراعاتها في تجميل الشعر : من خلال دراستنا للأحكام المتعلقة بتجميل شعر الرأس وشعر الوجه تبرز الحدود التالية :
1 أن لا يكون فيه تدليس وغش وخداع .
2 أن لا يكون فيه تغيير للخلقة الأصلية .
3 أن لا تستعمل فيه مادة نجسة .
4 أن لا يكون بقصد تشبه أحد الجنسين ( الذكر والأنثى ) بالآخر .
5 أن لا يكون بقصد التشبه بالكافرين أو أهل الشر والفجور .
6- أن لا يترتب عليه ضرر أكبر .
ثانيا : الأحكام الشرعية للعلميات الجراحية التجميلية المستجدة : بناء على ما سبق فإن الحكم الإجمالي للعمليات الجراحية الخاصة بتجميل الشعر هو الجواز إذا روعيت الحدود والشروط السابقة و للتفصيل :
1 زرع الشعر في الرأس بحيث يكون ناميا :علاج الشعر جراحيا بإجراء عملية زرع الشعر في الرأس بحيث يكون ناميا جائز إذ لا تدليس فيه ، بل معالجة للرجوع إلى الخلقة القويمة التي جبل عليها الإنسان.
2- معالجة الشعر الأبيض في رأس الطفل : بياض الشعر يحصل في الإنسان بسببين : أحدهما : طبيعي بسبب كبر السن وهو الشيب . والثاني : خارج عن الطبيعة ، وهو ما يوجد عقب الأمراض المجففة .
فالشيب لا يجوز نتفه ـ كما بينا ـ لما فيه من التدليس وتغيير الخلقة . أما الشعر الأبيض في الطفل أو الشاب فقد حدث بسبب مرض ، فتجوز معالجته بإجراء عملية إذا لا تدليس فيه ، ولا تغيير للخلقة الأصلية .
3 إجراء عملية لإزالة الكثيف الذي يغطي الوجه عند الأطفال و يجعل وجه ذلك الطفل شبيها بوجه الذئب فهل يجوز معالجة الشعر الكثيف الذي يغطي الوجه عند ذلك الطفل ؟
إن وجود ذلك الشعر في جميع جسم الإنسان غير طبيعي ، وهو يحصل بسبب اضطراب الهرمونات الكظرية الخاصة بنمو الشعر وترتيب مراحله أو بسبب العقاقير كالكورتيزون وعملية التجميل في هذه الحالة تكون بانتزاع الشعر من جذوره بواسطة الكهرباء أو " الألكروليسيز " و بناء على ما سبق فإن الحكم الشرعي لهذه العملية الجواز ما لم تؤد إلى ضرر أكبر بالطفل ، لأنها إعادة إلى الخلقة الأصلية .
4 إزالة شعر اللحية والشارب من وجه المرأة جراحيا : جائز ما لم يترتب عليه ضرر أكبر إذ لا تدليس فيه ، ولا تغيير للخلقة الأصلية .
5 معالجة شعر اللحية والشارب في وجه الرجل جراحيا : لا يجوز لما فيه من تغيير الخلقة الأصلية والتشبه بالنساء .
المبحث الثاني : تجميل الجسم بالألوان والعلامات الباقية :
أولا : الوشم : وقد أجمع العلماء على تحريم الوشم على الفاعلة والمفعول بها باختيارها ورضاها لأنه يؤدي لتغيير خلقة باق . ولا يدخل في النهي عن الوشم تغيير الخلقة بما لا يكون باقيا : كتجميل العينين بالإثمد ، وخضاب اليدين والقدمين بالحناء والكتم ، وتحمير الوجنتين ،وتطريف الأصابع والنقش والتكتيب بالأصباغ قال الشوكاني : " إنما النهي في التغيير الذي يكون باقيا ، أما ما لا يكون باقيا : كالكحل ونحوه من الخضابات فقد أجازه مالك وغيره من العلماء " .
ثانيا : إزالة الوشم : قال الشافعية : إن الموضع الموشوم يصير نجسا بانحباس الدم فيه ، فتجب إزالته لأن الصلاة لا تصح من حامل النجاسة . ويلزم الموشوم بإزالته إن كان فعله باختياره ورضاه : أي بعد بلوغه ولو كان كافرا ثم أسلم . أما إذا فعل به بغير رضاه : كالمكره والصبي لم تلزمه إزالته ، وحيث عذر في إزالة الوشم لا يضر في صحة صلاته .
وقد أشاروا إلى طريقة إزالته وما يترتب عليها ، فقالوا : إن أمكن إزالته بالعلاج وجبت إزالته ، وإن لم يمكن إلا بالجرح : فإن خاف منه التلف أو فوات عضو أو منفعة عضو أو حدوث شيء فاحش في عضو ظاهر لم تجب إزالته ، وتكفي التوبة في هذه الحالة ، وإن لم يخف شيئا من ذلك ونحوه لزمه إزالته ويعصي بتأخيره .وسواء في هذا كله الرجل والمرأة .
وقد خالف بعض الفقهاء في نجاسة الموضع الموشوم ، فقد بوب الهيثمي بابا في طهارة الوشم وأنه لا تجب إزالته واستدل بما روي عن قيس بن أبي حازم قال " دخلنا على أبي بكر رضي الله عنه في مرضه فرأيت عنده امرأة بيضاء موشومة اليدين تذب عنه ، وهي أسماء بنت عميس .
ثالثا وسم الوجه : وهو الكي للعلامة . فيستعمله أصحاب الحيوانات لتمييز حيواناتهم عن غيرها . وتستعمله القبائل ، فتسم كل قبيلة أفرادها بسمة معينة في الوجه .
فقد أجاز الإسلام وسم الحيوان في جميع الأعضاء غير الوجه لما روي الإمام مسلم عن جابر قال : " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضرب في الوجه وعن الوسم في الوجه "
وأما وسم الآدمي فقد اتفق الفقهاء على تحريمه لكرامة الإنسان ، ولأنه لا حاجة إليه ، ولا يجوز تعذيبه بلا حاجة ولا ضرورة . ولا يدخل في النهي عن الوسم الكي للعلاج عند جمهور الفقهاء فهو جائز ، لأنه داخل في جملة العلاج والتداوي المأذون فيه . لقوله صلى الله عليه وسلم : " إن كان في شيء من أدويتكم خير ففي شرطة محجم أو شربة عسل أو لذعة بنار توافق الداء ، وما أحب أن أكتوي " .
رابعا : قشر الوجه : وقد حرم العلماء قشر الوجه لما فيه من تغيير خلق الله تعالى ، ولما يترتب عليه من أضرار يتأذى بها الجلد فيما بعد . ولا يدخل في هذا النهي ما تستعمله المرأة من أدوية ومراهم لإزالة الكلف وتحسين الوجه .
المطلب الثاني : العمليات الجراحية المستجدة الخاصة بتغيير لون الجسم : حرم الإسلام الوشم والوسم والقشر لما فيها من تغيير الخلقة الأصلية بما هو باق ، وتعذيب الإنسان بلا ضرورة . وأجاز استعمال ما لا يكون باقيا من الأصباغ : كالكحل والحناء والكتم والحمرة وغير ذلك .
فإذا ثبت عدم جدوى هذه الطريقة في إزالة النمش والبقع الجلدية وربما أدت إلى ضرر في الجلد ، فلا تجوز كما بينا في قشر الوجه ، والله أعلم .
أولا : تجميل الأسنان بالتفليج : التفليج في اللغة : من فلج الأسنان باعد بينها ، و التفليج في الاصطلاح : هو برد الأسنان بمبرد ونحوه لتحديدها وتحسينها . و قد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك في قوله : " المتفلجات للحسن المغيرات خلق الله " فهو التدليس وإظهار صغر السن بتغيير الخلقة الأصلية تغييرا مبالغا فيه .
ثانيا : تجميل الأعضاء بتغيير هيئتها : الأصل في ذلك عدم جواز تغيير هيئة الأعضاء بالتصغير أو التكبير أو الزيادة أو النقصان إذا كان العضو في حدود الخلقة المعهودة ، لحديث اللعن على تغيير خلق الله : " لعن الله الواشمات .. والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله " .
قال الطبري : " لا يجوز للمرأة تغيير شيء من خلقتها التي خلقها الله عليها بزيادة أو نقص التماسا للحسن لا للزوج ولا لغيره " .
ثالثا : تجميل الأعضاء المبتورة بالتركيب والتثبت والزرع : اتفق الفقهاء على جواز تركيب أعضاء معدنية بدلا من الأعضاء المبتورة . لما روى عن عبد الرحمن بن طرفة أن جده عرفجة بن سعد قطع أنفه يوم الكلاب ، فاتخذ أنفا من ورق فأنتن عليه فأمره النبي فاتخذ أنفا من ذهب . وفي رواية : " فأمره النبي أن يتخذه من ذهب " .
فقد أجاز النبي صلى الله عليه وسلم الذهب للحاجة . أما في حالة وجود مادة أخرى كالبلاستيك تقوم بما يقوم به الذهب فلا يجوز استعمال الذهب .
وفي حالة تحرك السن أجاز الفقهاء شدها بالفضة ، واختلفوا في جواز شدها بالذهب : فذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة ومحمد بن الحسن الشيباني وأبي يوسف في رواية إلى جواز شد السن المتحركة بالذهب إذا خشي عليها أن تسقط لحديث عرفجة السابق .
وذهب أبو حنيفة وأبو يوسف في رواية إلى عدم جواز شد السن المتحرك بالذهب لأنه محرم ولا يباح إلا للضرورة ، وقد اندفعت في السن بالفضة ، فلا حاجة للذهب .
وقد أجاز جمهور الفقهاء وصل عظام الإنسان بعظم الحيوان الطاهر وخياطة الجرح بعصب الحيوان الطاهر
قال النووي : " إذا انكسر عظمه فينبغي أن يجبره بعظم طاهر قال أصحابنا : ولا يجوز ان يجبره بنجس مع قدرته على طاهر يقوم مقامه " .
رابعا : تجميل الأعضاء بقطع الزوائد : الزوائد إما يولد بها الإنسان ، وإما أن تكون حادثة فتوجد نتيجة مرض
1 الزوائد التي يولد بها الإنسان : إذا خلق الله للإنسان أصبعا زائدة أو سنا زائدة ، فهل يجوز قطعها أم لا ؟
اختلف الفقهاء في ذلك . ويرجع سبب الاختلاف إلى أن هذه الزوائد هل هي جزء من الخلقة الأصلية التي لا يجوز تغييرها ، أم أنها نقص وعيب في الحلقة المعهودة ؟
وخلاصة القول في ذلك أن الزوائد التي يولد بها الإنسان عيب ونقص في الخلقة المعهودة ويجوز قطعها بشروط وهي :
أ أن تكون زائدة على الخلقة المعهودة كوجود إصبع سادس في اليد أو الرجل .
ب أن تؤدي إلى ضرر مادي أو نفسي لصاحبها .
ج أن يأذن صاحبها أو وليه في القطع .
د أن لا يترتب على قطعها ضرر أكبر كتلف عضو أو ضعفه .
2 الزوائد الحادثة : أباح الفقهاء قطع السلعة والتالول والخراج ، لأنها لم تكن موجودة في أصل الخلقة ، وإنما حدثت نتيجة مرض . فيدخل قطعها في التداوي المأذون به . ويشترط لذلك عدم الخوف من السراية .
خامسا : تجميل الأذن بثقبها وتعليق الحلق فيها : اختلف العلماء في ثقب أذن البنت لتعليق الحلق فيها فذهب الحنفية والحنابلة إلى جواز ذلك لأن المرأة تحتاج إليه في التجميل والتزين ، وهما حاجة من حاجاتها الأساسية ، فيجوز لها ثقب الأذن للزينة . وذهب الشافعية إلى عدم جواز ثقب الأذن ، فقال الغزالي : " لا أرى رخصة في تثقيب آذان الصبية ، لأجل تعليق حلق الذهب فيها ، فإن هذا جرح مؤلم ومثله موجب للقصاص ، فلا يجوز إلا لحاجة مهمة كالفصد والحجامة والختان ، والتزين بالحلق غير مهم ،وأيد هذا الرأي ابن الجوزي الحنبلي ، بهذا يتبين أن الراجح ما ذهب إليه الحنفية والحنابلة من أن ثقب أذن الأنثى جائز ؛ لسلامة أدلتهم ، ولأن فيه سد حاجة فطرية عند المرأة : وهي التزين ولأن الألم الذي يحصل نتيجة الثقب خفيف جدا .
المطلب الثاني : العمليات التجميلية المستجدة المتعلقة بتعديل قوام الأعضاء : و هذه لم يتعرض لها الفقهاء بأحكام تفصيلية ، وتحتاج هذه العمليات إلى حكم شرعي ، ويكون ذلك بالتخريج وتطبيق القواعد العامة . ومن هذه العمليات :
1 تغيير هيئة الأعضاء بالزيادة والنقصان .
2 بناء الأعضاء بحيث يستقطع جزء من الآدمي ويزرع في محل العضو المبتور .
3 شد التجاعيد .
4 إزالة الشحوم بعملية جراحية .
أولا : تغيير هيئة الأعضاء بالزيادة والنقصان :تلجأ بعض النساء وبخاصة القينات والممثلات إلى تغيير أشكال الأعضاء الظاهرة : كالأنف والأذن الفك والشفة والفك والذقن والثديين ؛ رغبة في الحسن والجمال ولفت نظر المشاهدين إليهن .
إن دوافع عمليات تغيير هيئة الأعضاء هي :
1 إشباع نزعة غرور عند المرأة فتتطلع إلى تحسن مبالغ فيه بتغيير خلق الله تعالى .
2 التدليس بأن تتطلع الكبيرة في السن إلى فترة ثانية من الشباب .
فإذا كانت هذه هي دوافع التعديل فلا يجوز إجراء تلك العملية ، ويكون الطبيب الذي أجراها والمرأة التي فعل بها ذلك آثمين ، لأنه تغيير لخلق الله تعالى وتدليس كما في تفليج الأسنان. والله أعلم .
ثانيا : بناء الأعضاء بحيث يستقطع جزء من الآدمي ويزرع في محل العضو المبتور :
إذا تعرض عضو من الأعضاء لبتر نتيجة حادث مروري ، فهل يجوز بناؤه من جديد ؟ بحيث يستقطع جزء من الآدمي ويزرع في مكان العضو المبتور . ومن الأمثلة على ذلك بناء الأنف حيث يستخدم في بنائه شرائح جلدية تنقل إلى الأنف إما من الجبهة أو من جدار البطن ، ثم تقوى بعظم يؤخذ إما من القفص الصدري أو الحوض .
لم يتعرض الفقهاء لمثل هذه العلميات وإنما عرضوا لحكم بناء الأعضاء من المعادن كالذهب والفضة ، كما تعرضوا لحكم استقطاع قطعة من الفخذ ليأكلها المضطر ، حيث قال النووي : " ولو أراد المضطر أن يقطع قطعة من فخذه أو غيرها ليأكلها ، فإن كان الخوف منه كالخوف في ترك الأكل أو اشد حرم ، وإلا جاز على الأصح بشرط ألا يجد غيره ، فإن وجد حرم قطعا " .
فإذا جاز أخذ القطعة من الجسم للأكل ،وهو إتلاف لها بالكلية جاز أخذ الجلدة لزرعها في موضع من جسمه لإزالة شين فاحش ، لا سيما وأن الشين الفاحش في العضو الظاهر كخوف طول المرض كما قال الزركشي .
وينبغي أن يقيد جواز الاستقطاع بقصد الزرع بالقيود التالية :
1 أن يتعين عليه استعمال ذلك الجزء من الآدمي ، بحيث لا يوجد غيره يقوم مقامه .
2 أن يكون الضرر المترتب على عدم الزرع بقصد التجميل أعظم من الضرر المترتب على عدم مراعاة المحظور .
3 أن يغلب على ظنه نجاح العملية الجراحية .
4 أن لا يترتب على الاستقطاع ضرر أكبر ككسر أية عضو أو تلفه .
ثالثا : شد التجاعيد : والحكم في عملية شد التجاعيد يختلف تبعا لسن المرأة التي تفعل بها تلك العملية .
فإذا كانت كبيرة في السن وحدثت فيها التجاعيد نتيجة الشيخوخة ، فلا يجوز لها فعل تلك العملية لما فيها من التدليس وإظهار صغر السن وتغيير خلق الله .
وإن كانت صغيرة في السن وحدثت فيها التجاعيد نتيجة أسباب مرضية فيجوز لها معالجة المرض والآثار المترتبة على المرض كالتجاعيد . بشرط أن لا تؤدي تلك العملية إلى ضرر أكبر . والله أعلم .
رابعا : عملية سحب الدهون من الجسم :
من العمليات الجراحية التجميلية عملية سحب الدهون المتراكمة نتيجة السمنة في مناطق معينة في الجسم ، حيث يتم إدخال أنبوبة امتصاص تحت الجلد ويسحب بواسطتها كميات كبيرة من الدهن .
يقول الفقهاء السابقة أن تعديل قوام الجسم بتناول الأطعمة أو بالامتناع عنها أو بالتداوي جائز ، ما لم يؤد إلى ضرر . و أما سحب الدهون بقصد تخفيف الوزن وتعديل قوام الجسم فيجوز بشرطين :
1 أن تتعين عملية سحب الدهون بحيث لا توجد وسيلة أخرى تقوم مقامها .
2 أن لا يترتب عليها ضرر أكبر .
الخاتمة : هذه هي الأحكام المتعلقة بجراحة التجميل حاولت جهدي في استخراج مسائلها وتحرير عللها واستخلاص القواعد الكلية الضابطة لها . وهذه القواعد هي :

1 الجراحة تعذيب وإيلام للإنسان الحي ، فلا تجوز إلا لحاجة أو ضرورة .
2 أن يتعين على الإنسان إجراء العملية الجراحية ، بحيث لا توجد وسيلة أخرى تقوم مقام تلك العملية في سد الحاجة أو دفع الضرورة .
3 أن يغلب على ظن الطبيب نجاح تلك العملية ، فلا يجوز له اتخاذ جسم الإنسان محلا لتجاربه .
4 أن لا يكون فيها تغيير للخلقة الأصلية المعهودة ، فلا يجوز تغيير هيئة عضو من الأعضاء بالتصغير
أو التكبير إذا كان ذلك العضو في حدود الخلقة المعهودة .
5 أن لا يكون فيها مثلة وتشويه لجمال الخلقة الأصلية المعهودة .
6 أن لا يكون فيها تدليس وغش وخداع ، فلا يجوز للمرأة العجوز إجراء عملية جراحية بقصد إظهار صغر السن .
7 أن لا يترتب عليها ضرر أكبر كإتلاف عضو .
8 أن لا تكون بقصد تشبه أحد الجنسين ( الذكر والأنثى ) بالآخر .
9 أن لا تكون التشبه بالكافرين . فلا يجوز للمسلمين التشبه بالكافرين فيما يختص بهم من أمور الزينة .
10 أن لا تكون بقصد التشبه بأهل الشر والفجور .
والتفليج تفعله العجوز ومن قاربها في السن إظهارا للصغر وحسن الأسنان ، لأن هذه الفرجة اللطيفة بين السنان تكون للبنات الصغار . فإذا عجزت المرأة كبرت سنها والتصقت بالأخرى ، فتبردها بالمبرد أو نحوه لتصير لطيفة وتوهم كونها صغيرة .
وقد اتفق فقهاء الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية على تحريم التفليج بقصد التحسن وإظهار صغر السن ، لا بقصد المعالجة والتداوي واستدلوا لذلك بحديث ابن مسعود السابق : " لعن الله الواشمات والمستوشمات ، والنامصات والمتنمصات ، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله " .
المطلب الأول : الأحكام الفقهية المتعلقة بتعديل قوام الأعضاء كما أجاز العلاج والتداوي بالمراهم والكي بحيث لا يترتب عليها ضرر أكبر .
وبناء على ذلك فلا تجوز عملية " صنفرة الوجه " أو قشره للتحسين والتجمل . وتجوز معالجة ما يحدث في الجسم حدوثا غير طبيعي : كالوشم ودوالي الساقين ، والأوردة الجلدية التي تظهر في الوجه ، والتشوهات التي تحدث نتيجة الحروق أو الحوادث أو غير ذلك ما لم يترتب عليها ضرر أكبر ، وهذه كلها داخلة في التداوي المأذون فيه .
 
جزاك الله خيرا أخ قصى

وإن كنت أرجو أن لو كنت عرفتنا بــ الدكتور محمد عثمان شبير أكثر وأكثر

بارك الله فيك :)
 
عودة
أعلى