مسألة تضمين الطبيب

قصي حمدان

New Member
مسألة تضمين الطبيب
الشيخ الدكتور : خالد بن علي المشيقح


هذه المسألة تكلم عليها العلماء في الزمن السابق ، وكذلك تكلم عليها العلماء في الوقت الحاضر وعقد لها شيء من المؤتمرات والندوات وكثر فيها الكتابات ، لأن الطب الآن بسبب كثرة الناس وترقي الطب أصبح الناس يحتاجون إليه كثيرا ، وأصبح يرد على عيادة الطبيب كثير من المرضى وقد يقوم بإجراء عمليات يوميا أو أسبوعيا ، فقد يحدث من هؤلاء الأطباء شيء من الأخطاء ، وقد تكون هذه الأخطاء مقرونة بالتعدي والتفريط وقد لا تكون كذلك ، فسنذكر – إن شاء الله تعالى - الحالات التي يضمَّن فيها الطبيب والحالات التي لا يضمَّن فيها ، وقبل ذلك نذكر تعريف الضمان .

تعريف الضمان :
الضمان في اللغة : يطلق على معان منها : الالتزام . ومنها : الكفالة بالشيء وعلى الشيء . ومنها : التغريم .
وأما في اصطلاح الفقهاء : فيطلق على ضمان المال والتزامه بعقد أو بغير عقد . ويطلق أيضا على ما أوجبه الشارع بسبب الاعتداءات كالكفارات ونحوها .
والمراد بتضمين الطبيب هنا : تضمينه ما حصل من تلف تحت يده سواء كان هذا التلف لنفس أو عضو أو منفعة .

تعريف الطبيب :
والطبيب عرفه العلماء بتعريفات منها :-
- أنه العالم بالطب .
- وقيل : هو الذي يعالج المرضى .
- وقيل : هو الذي يعرف العلة ودواءها وكيفية المداواة . وهذا القول هو الأقرب .

أحوال تضمين الطبيب :
الحال الأولى : أن يكون الطبيب حاذقا قد أعطى صنعة الطب حقها ، وألا تجني يده يعني : لا تتعدى يده ما أذن له فيه .
ومعنى ( كونه حاذقا ) : أن يكون مكتسبا لعلم الطب ، وعلم الطب – كما ذكر العلماء - قد يكتسب بالأمور التجريبية وقد يكتسب بالأمور النظرية وقد يكتسب بكل منهما .
حكمها : هذه بالاتفاق أنه لا ضمان عليه .
المثال : طبيب حاذق عرف مهنة الطب ، أراد أن يجري عملية واحتاج أن يشق البطن بمقدار 1سم ، وشقه كذلك ولم تتعد يده ، فلم تتجاوز يده ما أذن له في ذلك ، فقد شق ما يرى أنه يحتاج إليه ثم حصل تلف للنفس أو لعضو من الأعضاء أو منفعة من المنافع تحت يده فالعلماء يقولون : لا ضمان عليه لكن لا بد من توفر هذين الأمرين :
الأمر الأول : أن يكون حاذقا ، عارفا بالطب .
الأمر الثاني : ألا تجني يده فلا تتعدى ما أذن لها فيه .

مسألة: بم يكون حذق الطبيب ؟
تكلم ابن القيم رحمه الله تعالى عن حذق الطبيب وذكر أن الطبيب لا يكون حاذقا إلا بواحد وعشرين أمرا : فلا بد أن ينظر في نوع المرض ، وسبب حدوثه ، وقوة المريض ، وهل له مقاومة للمرض أو ليست له مقاومة ؟ وأن ينظر إلى مزاج البدن الطبيعي ما هو؟ والمزاج الحادث ، وما سن المريض وعادته ؟ و الوقت الحاضر من فصول السنة ، وما بلد المريض ، وتربته ؟ ...إلخ ، وهذا مما يدل على أن العلماء رحمهم الله يشددون في حذق الطبيب .
ومثل هذه الأشياء بسبب ترقي الطب وتقدمه قد نقول : بأنها تختلف .
أدلتهم على هذا الحكم :
- استدلوا بحديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي r قال : ( من تطبب وهو لا يعلم منه طب فهو ضامن ) أخرجه أبو داود وابن ماجه والحاكم وصححه .
- وأيضا بما ورد عن عمر وعلي رضي الله تعالى عنهما : أن من تطبب على أحد من المسلمين ولم يكن بالطب معروفا فأصاب نفسا فما دونها فعليه دية ما أصاب .
ويفهم من هذا الحديث وآثار الصحابة رضي الله عنهم أنه إذا كان جاهلا فإنه يضمن هذا هو منطوق الحديث والآثار ، ومفهومها : أنه إذا كان عالما فإنه لا ضمان عليه .
- وأيضا القاعدة الشرعية : أن ما ترتب على المأذون فإنه غير مضمون . فهذا الطبيب قد أذن له بالعلاج فما ترتب على هذا المأذون فإنه غير مضمون .
- وأيضا هذا المريض أمانة بيد الطبيب ، والأمين لا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط .

الحال الثانية : ألا يكون الطبيب حاذقا بل يكون متطببا جاهلا ولا يعلم المريض بعدم حذقه ، وقد يكون الطبيب حاذقا في مرض غير حاذق في مرض آخر فيقدم على العلاج في هذا المرض وهو غير حاذق فيه والمريض لا يعلم ، فقام بالمداواة فتلف تحت يده نفس أو عضو أو منفعة .
حكمها : هذا يضمن بالإجماع .
الدليل على ذلك :
- ما تقدم من الأدلة السابقة كما في قول الله عز وجل : ﴿ فلا عدوان إلا على الظالمين([1]) وهذا ظالم ، فكونه يباشر مداواة هذا المرض وهو لا يعلمه يعد هذا ظالما .
- وكذلك حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي r قال : ( من تطبب وهو لا يعلم منه طب فهو ضامن ) .
- وكذلك ما أسلفنا من الآثار عن عمر وعلي رضي الله عنهما .
الحال الثالثة : أن يكون الطبيب جاهلا والمريض يعلم أنه جاهل .
حكمها :
اختلف فيها العلماء على قولين :
القول الأول :
وهو قول أكثر أهل العلم أنه ضامن فيلحقون هذه المسألة بالمسألة التي قبلها حتى ولو كان المريض يعلم بأنه جاهل ، فكون الطبيب يقدم على العلاج وهو جاهل فإنه يضمن .
الدليل على ذلك :
- استدلوا بالأدلة السابقة فالله عز وجل يقول : ﴿ فلا عدوان إلا على الظالمين وهذا ظالم ، لكونه أقدم على المعالجة وهو جاهل لا يعلم .
- وتقدم حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وأثر عن عمر وعلي رضي الله عنهم .
القول الثاني :
ذهب إليه ابن القيم رحمه الله تعالى أنه لا يضمن .


والدليل على ذلك :
حديث عبد الله بن عمرو نفسه ، ففيه قوله : ( وهو لا يعلم منه طب ) فدل ذلك على أنه إذا كان المريض يعلم حاله فإنه لا ضمان عليه .

الترجيح :
الأقرب في هذه المسألة هو قول الجمهور من أهل العلم وأما ما ذهب إليه ابن القيم ، فقوله r ( وهو لا يعلم منه طب ) لا يلزم أن نجعله بالنسبة للمريض وإنما يكون بالنسبة لنفس الطبيب فيعلم من نفسه أنه غير طبيب وأنه لا يحسن الطب .
وأيضا لأن المريض ليس له أن يأذن للطبيب الجاهل أن يداويه لأن فاقد الشيء لا يعطيه فهذا البدن ملك لله عز وجل لا يملك أن يتصرف فيه في غير ما أذن له فيه شرعا . وعلى هذا لو أراد أن يقطع إصبعا من أصابعه أو أن يجرح نفسه فهذا محرم ولا يجوز ، فدل على أن إذن المريض لهذا الطبيب الجاهل أن يعالجه إذن في غير محله .
فالصواب : أنه يضمن ، لكن إذا قلنا بالضمان فإنه تؤخذ منه هذه الدية التي حصلت ولا تعطى لهذا المريض وإنما الأقرب أن تصرف في بيت المال أو يتصدق بها على الفقراء .

الحال الرابعة : أن يكون الطبيب حاذقا وقد أذن له وأعطى الصنعة حقها ، لكنه أخطأ .
وفرق بين هذه المسألة والمسألة في الحال الأولى ، ففي الحال الأولى تلف تحت يده من تلف وهو لم يخطئ ويده لم تجن لكن في هذه المسألة أخطأ.
مثاله: بدلا من أن يعطي جرعة من المخدر بمقدار معين زاد خطأ فتلف تحت يده نفس أو عضو أو منفعة .
مثال آخر : بدلا من أن يكون مقدار القطع في العملية مقدار 2سم ، زاد فقطع 3سم ، فتلف تحت يده .
أو أن يقطع في غير محل القطع مثلا ، فالقطع في الرجل اليمنى فقطع من الرجل اليسرى .
أو أن المصور بالأشعة زاد في قدر الجرعة الإشعاعية وهكذا . المهم أن هذا الطبيب أخطأ .
وهذه الحال الرابعة هي التي يكثر حولها أخطاء الأطباء .
وهذه يقسمها العلماء إلى قسمين :

القسم الأول : أن يكون هناك تعد أو تفريط من الطبيب .
وضابط التعدي : « فعل ما لا يجوز » ، كأن يزيد في جرعة المخدر أو في كمية الدواء تهاوناً منه .
وضابط التفريط : « ترك ما يجب » ، كما لو لم يشخص حالة المريض كما ينبغي .
حكمه :
الحكم فيما إذا تعدى أو فرط أنه يضمن بالاتفاق .
الدليل : قوله تعالى: ﴿ فلا عدوان إلا على الظالمين وهذا الطبيب ظالم لكونه تعدى أو فرط فيضمن .
وكذا ما تقدم من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما مرفوعا : ( من تطبب وهو لا يعلم منه طب فهو ضامن ) فإذا كان الجاهل يضمن فكذلك من باب أولى أن يضمن المتعدي أو المفرط .
وكذلك أيضا ما تقدم من الآثار عن الصحابة .

القسم الثاني : أن لا يتعدى الطبيب ولا يفرط .
فهو لم يفعل شيئا لا يجوز ، وأيضا لم يترك شيئاً وجب عليه ، بل اجتهد وفعل الواجب عليه .
مثاله : طبيب شق الجرح لإجراء العملية لكن يده تحركت فزاد في الشق ، أو في أثناء إعطاء جرعة المخدر ، قدَّر الجرعة كما هو الواجب لكن يده تحركت فزاد .
فهو الآن لم يتعد ولم يفرط لكن خرج شيء من ذلك عن إرادته .
حكمه :
الحكم في هذه الحال اختلف فيها أهل العلم هل يضمن الطبيب أو لا ؟ على قولين :
القول الأول :
وبه قال الإمام مالك أنه لا ضمان عليه .
الدليل على ذلك :
- قوله تعالى : ﴿ فلا عدوان إلا على الظالمين وهذا الطبيب ما دام حاذقا في صنعته ، فلا ضمان عليه وهو الآن لم يتعد ولم يفرط فهو غير ظالم .
- وكذلك حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما مرفوعا : ( من تطبب وهو لا يعلم منه طب فهو ضامن ) وهذا يعلم منه طب ولم يتعد ولم يفرط لكن خرج ذلك عن إرادته .
- وكذلك قالوا : هذا الطبيب مؤتمن على بدن الطبيب ومقتضى الأمانة عدم التفريط ، لأن الأمين لا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط .
فلو أن شخصاً استأجر سيارة ثم تلفت هذه السيارة فإنه لا يضمنها لأنه أمين إلا إذا تعدى كما لو استأجرها على أن يستعملها داخل البلد ثم خرج بها خارج البلد فيضمن ، وكذا لو فرط كما لو ترك السيارة مفتوحة حتى سرقت وكان الواجب عليه أن يقفلها أو أن يحفظها داخل بيته فهنا يضمن.
فالأمين في الأموال لا يضمن شيئا إلا إذا تعدى أو فرط فكذلك أيضا في الأبدان لا يضمن إلا إذا تعدى أو فرط .
القول الثاني :
وهو قول الجمهور من أهل العلم أنه يضمن حتى وإن لم يتعد ولم يفرط .
الدليل على ذلك :
- قوله تعالى : ﴿ وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله ([2]) فالقتل هنا حصل خطأ ومع ذلك أو جب الله عز وجل الدية والكفارة .
- وأيضا استدلوا على ذلك بأن جناية الطبيب إتلاف وإتلاف حقوق الآدميين يستوي فيه العمد والخطأ ، إذ إن حقوق الآدميين مبنية على المشاحة فلو أن شخصا أتلف سيارة شخص خطأ بصدمة حدثت منه غفلة فإنه يضمن .
الترجيح :
الأقرب في هذه المسألة عدم الضمان ، وفرق بين تضمين شخص كان غافلا في القيادة حتى صدم شخصا وأتلف عضوا من أعضائه أو منفعة من منافعه ، وبين تضمين الطبيب لأن الطبيب مؤتمن على بدن هذا المريض فلا ضمان عليه والأمين لا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط ، وهنا لم يحصل منه تعد ولا تفريط ، وأما ذلك الذي غفل فأتلف سيارة أو ثوبا فإنه غير مؤتمن على ما أتلف فيضمن .
الخلاصة :
تلخص لنا في الحالة الرابعة أنه إذا كان الطبيب حاذقا لكنه أخطأ فإن كان خطؤه بتعد أو تفريط فإنه يضمن ، وإن كان خطؤه بغير تعد ولا تفريط فإنه لا ضمان عليه .

مسألة : الجمهور الذين قالوا : بتضمين الطبيب في هذه الحال الرابعة اختلفوا هل الضمان يكون في ماله أو على عاقلته على قولين :
القول الأول :
وهو قول أكثرهم أن الضمان يكون على العاقلة إذا أتلف نفسا أو عضوا أو منفعة وكان الإتلاف ثلث الدية فما فوق .
الدليل :
- ما تقدم من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ، فضمان الطبيب في حال عدم التعدي والتفريط من قبيل الخطأ فإذا كان كذلك فإن العاقلة تحمل الخطأ كما ورد في حديث أبي هريرة t في الصحيح .
- وكذلك ورد عن عمرt أن ختَّانة كانت في المدينة ختنت جارية فماتت فجعل عمر ديتها على عاقلتها . أخرجه عبد الرزاق في مصنفه ، وابن أبي شيبة وإسناده صحيح .
القول الثاني :
أن الضمان يكون في مال الطبيب ، وهذا ذكره بعض المالكية وقالوا : بأنه يروى عن عمر وعلى رضي الله عنهما .
أما الرواية عن عمر t فقد ورد عنه أنه : ضمن رجلا كان يختن الصبيان فختن صبيا فمات فضمنه .
وقد أجيب عنه بجوابين :
الأول : أن هذا الأثر معارض لما تقدم عنه من أنه جعل الضمان على العاقلة .
والجواب الثاني : أن معنى ضمنه يعني ألزمه الضمان ولا يلزم أن يتحمل القاتل خطأ الضمان على نفسه وإنما هو على عاقلته .
وأما أثر علي t في قصة المرأة التي خفضت - يعني ختنت - جارية فهلكت الجارية فضمنها .
فهذا أخرجه ابن أبي شيبة وهو ضعيف لا يثبت .
وعلى هذا يكون الضمان على عاقلة الطبيب .

الحال الخامسة : إذا كانت مداواة الطبيب بلا إذن من المريض أو وليه .
حكمها :
وهذه الحالة يقسمها العلماء رحمهم الله إلى قسمين :
القسم الأول :
أن يكون الطبيب غير متبرع بأن يكون مستأجرا فإذا كان كذلك فلا بد من رضا المريض وأهليته للإذن بأن يكون بالغا عاقلا ، فإن لم يكن أهلا للإذن فلا بد من إذن وليه ؛ لأن عقد الإجارة يعتبر فيه الرضا لقوله تعالى : ﴿ ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم([3]) والإجارة تجارة .
وكذلك يعتبر فيه أهلية العاقد ، فلا يصح عقد الإجارة من الصبي أو المجنون ؛ لأنه محجور عليهما في تصرفاتهما .
وعلى هذا إذا كان الطبيب مستأجرا وداوى غير المكلف بلا إذن وليه ، أو داوى المكلف بلا إذنه فإنه يضمن وهذا باتفاق الأئمة الأربعة .

القسم الثاني :
أن يكون الطبيب متبرعا غير مستأجر ، فداوى المريض بلا إذنه أو داوى الصغير أو المجنون بلا إذن وليه فهل يضمن لو حصل تحت يده تلف أو لا يضمن ؟
فيه قولان لأهل العلم :
القول الأول :
و به قال ابن حزم وابن القيم : أنه لا ضمان عليه .
الدليل على ذلك :
- قوله تعالى : ﴿ ما على المحسنين من سبيل ([4]) وهذا محسن .
- وأيضا لأمره r بالمداواة فقال : ( تداووا فإن الله لم يضع داءا إلا ووضع له شفاء ) والطبيب امتثل أمر الشارع فالشارع قد أذن له بالمداواة .
القول الثاني :
وهو قول الجمهور من أهل العلم : أنه إذا داوى المريض حتى ولو كان متبرعا ثم تلف تحت يده نفس أو عضو أو منفعة فإنه يضمن .

الدليل على ذلك :
- أنه إذا داوى المكلف بغير إذنه أو إذن ولي غير المكلف فإنه يعتبر متعديا . وإذا كان متعديا فإن عليه الضمان .
وناقش ابن القيم هذا وقال : التعدي إنما يكون في فعل الطبيب يعني فعل الطبيب في نفس المداواة ، هل فيه تعد أو ليس فيه تعد ؟ هذا الذي ينظر فيه ، أما الأذن وعدمه فلا يظهر فيه التعدي ؛ لأنه الآن أحسن إلى هذا المصاب .
الترجيح :
و القول الأول هو الأقرب ؛ لأن الطبيب محسن في هذه الحال.
& تنبيه :
عند الجمهور من أهل العلم أنه لا بد من إذن المكلف في المداواة أو إذن ولي غير المكلف ، واستثنوا من هذا الشرط مسألتين :
المسألة الأولى : إذا تعذر استئذان المريض أو تعذر استئذان وليه وفي تأخير المداواة ضرر على المريض فلا يشترط الإذن في هذه الحالة ؛ لأن الشرع أمر بذلك فقال تعالى : ﴿ وتعاونوا على البر والتقوى([5]) وقال سبحانه : ﴿ ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما([6]) وقال النبي r ( انصر أخاك ظالما أو مظلوم ا) .
فإذا تعذر استئذان هذا المريض لكونه مغمى عليه ويطول إغماؤه وفي ذلك ضرر عليه فإنه يعالج .
وكذلك إذا كان ولي غير المكلف بعيدا وانتظار إذنه يسبب ضررا على هذا المصاب فإنه يعالج ويسقط الإذن في هذه الحال .
المسألة الثانية : إذا كان المرض من الأمراض المتعدية فإنه لا يعتبر المريض في الإذن بل يداوى وإن لم يأذن إذا كان مكلفا أو يأذن وليه إذا كان غير مكلف ؛ لأن الله عز وجل قال : ﴿ ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ([7]).
وأيضا من القواعد الفقهية : لا ضرر ولا ضرار . وقاعدة : الضرر يزال .

http://university.arabsbook.com/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftnref1([1]) سورة البقرة آية: (193)

http://university.arabsbook.com/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftnref2([2]) سورة النساء آية: (92)

http://university.arabsbook.com/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftnref3([3]) سورة النساء آية: (29)

http://university.arabsbook.com/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftnref4([4]) سورة التوبة آية: (91)

http://university.arabsbook.com/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftnref5([5]) سورة المائدة آية: (2)

http://university.arabsbook.com/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftnref6([6]) سورة النساء آية: (29)

http://university.arabsbook.com/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftnref7([7]) سورة البقرة آية: (195)


 
عودة
أعلى