حقوق المولود ( قبل الولادة )

حقوق المولود قبل الولادة
المطلب الأول : إختيار الزوجة الصالحة والزوج الصالح.
إن الأسرة هي الرابطة بين الرجل والمرأة والأولاد وهي أساس بناء المجتمع.
ولتكوين هذه الأسرة لا بد من زواج مبني على أساس ودعائم ايمانية لإنشاء جيل واع راشد مستخلف في الأرض.
" فالزواج فطرة إنسانية ومصلحة اجتماعية للمحافظة على النوع البشري وعلى الإنسان ولسلامة المجتمع من الإنحلال الخلقي والأمراض ، وهو سكن روحاني ونفساني ، ويبدأ هذا الزواج باختيار الزوجة الصالحة (1)
أسس اختيار الزوجة من أجل طفل أفضل :
" هذه هي أهم خطوة في طريق بناء الأسرة ، فزوجة الرجل هي رفيقة عمره وأمينة سره ، وأم ولده وألصق شيء بنفسه وحسه ، ولهذا كان على الزوج حين يريد ويعزم على اختيار شريكة حياته أن يتحرى عن الأسس التي تساعد على استقرار الحياة الزوجية ووقايتها من الإضطراب والإنحلال ، وتمكنه من حسن اختيار شريكة حياته لأن سعادة الإنسان وتعاسته يكون رهن هذا الإختيار، الذي ينبغي ان يخضع لمنطق العقل لا لحكم الهوى ، وأن يصدر عن حكمه ورويه، وذلك لأن من أكثر وأهم مشكلات الزواج يكون نتيجة التسرع في اختيار شريك أو شركة حياة دون معرفة وبحث دقيق ، فلهذا يجب بذل المزيد من الجهد في سبيل حسن اختيار الأم لما لها من أثر عميق ودور كبير في حياة الأسرة وتماسك بنيانها ، فالأم الصالحة تنشئ أطفالاً متكاملين في تكوينهم العقلي والخلقي والنفسي والجسمي " (2)
" والزواج عقد شراكه ،الأصل بقاؤه مستمراً حتى نهاية الحياة لذلك كان من حق الطرفين اختيار شريكه ، ولذا كان من حق الفتاه أن تختار الكفؤ المناسب لها ولا يجوز لأوليائها أن يكرهوها على من لا ترغب في مشاركته حياة زوجية ،أسها الأول أن يرضى الطرفان بإنشائها " (1)
عن أبي هريرة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ( لا تنكح البكر حتى تستأذن ولا الثيب حتى تستأمر ) فقيل يا رسول الله : كيف اذنها ؟ قال : ( إذا سكتت ) (2)
الأسس التي يتم اختيار الزوجين بناءً عليها لقيام حياة زوجية وأسرية مستقرة (3)
1) الدين والأخلاق الحسنة.
حدَّث الرسول – صلى الله عليه وسلم – عن الركيزه الأولى في بناء الأسرة وهي اختيار
الزوج والزوجه ذوي الدين والخلق فقال – صلى الله عليه وسلم موضحاً ذلك :
(إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفسادٌ عريض)(1)
وقد وضح الرسول – صلى الله عليه وسلم – أهمية الدين في انتقاء الزوجة فهي الدعامة الأرسخ والأقوى فعن أبي هريرة رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ( تنكح المرأة لأربع لمالها ، ولحسبها ، ولجمالها ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك ) (2)
" ونقصد بالدين الفهم الحقيقي للإسلام والتطبيق العلمي السلوكي لكل فضائله الساميه ، وآدابه الرفيعة ، ونقصد كذلك الإلتزام الكامل بمنهاج الشريعة ومبادئها الخالدة على مدى الزمان والأيام " (3)
" ومما لاشك فيه أن المرأة المطيعة لزوجها ، المحبة له ، هي المرشحة أولاً وقبل غيرها للنجاح في تربية الجيل تربية صالحة فيها نفع للدين والأمة والوطن ، وهي المؤهلة لأداء الطاعة للزوج لأن ربها أمرها بذلك .
وكذلك الزوج الصالح التقي ، الوقّاف عند حدود الله هو المؤهل دون غيره ، لرعاية الزوجة المؤتمن عليها ، وهو القادر على إعطائها حقها غير منقوص مما يجعل مستقبل الأسرة زاهراً مضموناً.
وأما الجمال والنسب والحسب فهي خصال محموده شريطة أن تتوافق مع الخصلة الأساس الدين والأخلاق لأن الدين والأخلاق هو الخصلة التي تحيط تلك الخصال بسياج منيعه ودرع، وتمنع هذه الخصال من الإيقاع بالمرأة بمهاوي المهالك ، وبراثن المعاصي" (4)
2) المال :
إن المتتبع لإحكام الإسلام العامة يرى أنها جامعة لخاصتيّ العاطفية والمثالية ، فلم يجعل من العاطفة الشرط الوحيد لنجاح الحياة الزوجية مهما كانت جياشة قوية ، اذ خشي الإسلام ألا تصمد العواطف العارمة أمام قسوة الحياة المادية ، وشظف العيش الشديد ، لذا عالج الإسلام الواقع البشري معالجة ميدانية واقعية أولاً ، ثم ارتفع بها نحو المثالية شيئاً فشيئاً (1)
عن فاطمة بنت قيس ذكرت للنبي –صلى الله عليه وسلم – أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباها فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم – ( أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه ، وأما معاوية فصعلوك لا مال له ، انكحي أسامة بن زيد ) فكرهته ، ثم قال ( انكحي أسامه ) فنكحته فجعل الله فيه خيراً ، واغتبطت " (2)
قال النووي: " وأما إشارته – صلى الله عليه وسلم- بنكاح أسامه ، فَلِما علمه من دينه وفضله وحسن طرائقه وكرم شمائله فنصحها بذلك " ( 3)
إن كان الرجل تقي ذو خلق وميسور الحال فهذا جيد ، أما إذا كان كثير المال ، قليل التقوى ففي هذه الحاله يقدم التقي على كل من سواه، فميزان التقوى هو الإساس للزوج والزوجة.
3) الحسب والمكانة الاجتماعية:
قال تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } (4)
" الزواج كفعل اجتماعي يقوّي من إدراك أهمية التنوع المؤدي إلى التعاون والتعارف القائمين على أساس الوعي والفهم المتبادل بين الشعوب ،...، وإنَّ الشرائح الاجتماعية المتقاربة المستوى والعادات والأعراف قادرة على فهم بعضها أكثر من المستويات الأخرى المتباينة،
4) الجمال
" حب الجمال فطرة في الإنسان ،...، لذا حث الإسلام الخاطب على رؤية مخطوبته لعله يجد ميلاً تجاهها ، أو يتعرف على عيوب جسدية أو معنوية وذلك حرصاً على استقرار الحياة المستقبلية لكليهما " (3)
عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رجلاً تزوج إمرأة من الأنصار فقال له –صلى الله عليه وسلم – ( أنظرت اليها ) : قال : لا، قال: ( فاذهب فانظر اليها فإن في أعين الأنصار شيئاً ) (4)
ولكن الرجل " في درامة الإعجاب بالفتاة الجميلة وتحت وطأة الحب الذي يعمى ويصم ، لا يرى الخاطب آثار الدماء في معارك الطلاق " (5)
إن على رأس الأسس في اختيار الزوج والزجة التقوى والدين والأسس الأخرى مساعدة إن توفرت زاد فرصة النجاح وقل الفشل.
" إذن فتربية الأولاد في الإسلام يجب أن تبدأ أول ما تبدأ بزواج مثالي يقوم على مبادئ ثابتة لها في التربية أثر في إعداد الجيل تكوين وبناء.
[ إن من]أوجد في بيته حجر الأساس الذي يبني عليه ركائز التربية القوية ودعائم الإصلاح الإجتماعي و معالم المجتمع الفاضل ، ألا وهو المرأة الصالحة " (6)
المطلب الثاني : حقوق الجنين
الجنين في اللغة : من الفعل الثلاثي جَنَنَ : أي استتر ، وجنَّ الليل أظلم ، والجنين الولد ما دام في الرحم والجمع أجنه وأجبن(1)، وكل شيء سُتر عنك فقد جنَّ عنك (2)
والجنين عند الأطباء : ثمرة الحمل في الرحم حتى نهاية الأسبوع الثامن ، وبعده بدعى بالحمل
والجنين في علم الحياء : النبات الأول في الحبة ، والحيّ من مبدأ انقسام اللاقحه حتى يبرز الى الخارج (3)
قال تعالى : }وإذا أنتم أجنة في بطون أمهاتكم {(4)
" إن الشريعة تعتبر الجنين كائناً مستقلاً يتمتع بالحقوق الإنسانية التي يتمتع بها الآخرون دون أن يؤثر في ذلك أنه مستظل بحياة أمه داخل في كينونتها وغير منفصل عنها " (5)
من الحقوق التي تتعلق بحياء الجنين وسلامته :
1) وجهة الشارع الآباء الى اتخاذ الوسائل التي تكون بها حماية الطفل وصيانته من نزعات الشيطان عند وصفه في الرحم وذلك بالدعاء عند الجماع رجاء الولد الصالح(6)
عن ابن عباس قال : قال النبي -صلى الله عليه وسلم- ( أما لو أنَّ أحدهم يقول حين يأتي أهله باسم الله، اللهم جنبني الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ، ثم قدر بينهما في ذلك أو قضي ولد لم يضره شيطان أبدا ) (1)
2)إباحة الفطر في رمضان للحامل إن خافت على جنينها
3)الإسلام يدعو المرأة الحامل أن تأكل الطعام الطيب المفيد للجنين حيث تحتوي الوجبات الغذائية على نسبة كبيرة من الكالسيوم لبناء العظام والأسنان ، والحديد المهم للدم والفيتامينات وغير ذلك من الطعام المفيد المغذي للأم والجنين ،وأيضاً من الأشياء المهمة للمرأة عدم الإنفعال حيث انه حين الإنفعال يفرز هرمون الأدرينالين من الغدة الكظرية إلى دم الأم ثم يصل الدم الى الجنين وبالتالي يؤدي ذلك الى تأثر الجنين فيخرج في المستقبل أكثر انفعالاً بسبب ذلك.
وبالتالي فأن حالة الأم النفسية والصحية تؤثر على الجنين ، فمثلاً عند تقرب الأم لله –سبحانه وتعالى – بالطاعات كالصلاة وقراءة القرآن ، فإن الجنين يشعر بالطمانينة كأمه.
4)تحريم الإجهاض
لا يصح للمرأه أن تسقط جنينها ، وإذا فعلت ذلك عمداً أثمت وكان عليها الكفَارة والغُرّة وهي عُشر دية الأم " (2)
ولا يجوز تناول الأدوية التي تشكل خطراً على الجنين أو التعرض المباشر للأشعه في فتره معينة من الحمل ، مما يؤدي إلى إسقاطه أو تشوهه.
5) " تأجيل إقامة الحد على المرأه الحامل حتى تضع حملها وذلك حرمة للجنين وإبقاء على حياته " (1)
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- للغامدية عندما جاءته وقالت له أنها زنت وأنها حامل ( امّا لا فاذهبي حتى تلدي ) .(2)
رتب الشارع عقوبات بدنية ومالية تلزم من يتقوى على الجنين (3)
عن أبي هريرة – رضي الله عنه- أن إمرأتين من هذيل ، رمت أحداهما الأخرى ، فطرحت جنينها ، فقضى فيه النبي – صلى الله عليه وسلم- بغرة : عبد أو أَمَة (4)
" وهذا الإهتمام كله بالجنين قبل أن يولد ، مفخرة من مفاخر هذا الدين " (5)
 


( تنكح المرأة لأربع لمالها،ولحسبها،ولجمالها ولدينها،فاظفر بذات الدين تربت يداك )(2)

بارك الله فيك اخي عصام مجهود رائع وموضوع شيق​

اللهم ارزقنا الزوجة الصالحة يا رب العالمين ... امين​
 
عودة
أعلى