nanci taha
New Member
كان ياما كان .. في زمن غير هذا الزمان .. يحكى انه هناك بلاد يحكمها حاكم .. طيب القلب .. ويعرف بالإنسانية .. محبوب وله شعبية كبيرة .. والبلد التي يحكمها هي من اكبر البلاد في المنطقة .. يحاول ان يرضي الجميع ولايبخل عليهم بشي .. يده مبسوطة .. يعطي الفقير ويساعد المحتاج .. ولكن .. لايعلم بأنه هناك ايدي خفية لاتحب الخير إلا لنفسها .. وتحاول ان تكسب رضا هذا الحاكم وتبين له الولاء والطاعة .. هذه الايدي تسرق وتنهب بإسم هذا الحاكم وبإسم نظام هذه الدولة .. وفي يوم من الايام مرض هذا الحاكم .. وغلب على هذه البلاد الحزن والخوف على هذا الحاكم .. والذي طمأن قلوبهم بأن هذه البلاد تملك العلم الشيء الكثير .. واجتمعوا جميع الاطباء واقروا اجراء عملية جراحية لهذا الحاكم .. والمفاجأة كانت هي سفر الحاكم لإجراء العملية في خارج البلاد .. وبحمد الله تكللت هذه العملية بالنجاح .. وعاد الحاكم لبلاده .. وهلت الافراح .. وسعد الناس بعودة حاكمهم بصحة وسلامة .. ومن ضمن الاحتفالات أمر وزير البلاد من جميع سكان البلاد بكتابة رسالة تهنئة ليعبروا عن مشاعرهم تجاه هذا الحاكم .. وبدأت رسائل التهنئة تنهال على قصر الحاكم .. ولفت إنتباه الحاكم رسالة تهنئة كتبت من احد الاطفال يهنأ الحاكم بعودته .. وقد كتب فيها ..:لا
سيدي الحاكم هل شعرت بالضعف .. ؟ ، هل شعرت بالتعب .. ؟ ، هل شعرت بالألم والمعاناة .. ؟ ..
والدي ووالدتي أيضــا ، لايغيب عنهم الألم ولايختفي منهم الشقاء ..
الحمد لله على سلامتك ونجاح عمليتك .. لكني أسأل لماذا سافرت إلى الخارج لاجراء عمليتك ،
هل مستشفياتنا ليست أهلا لعلاجك وليس فيها كفاءات وتجهيزات يمكنها إجراء مثل عمليتك هذه .؟
هل بالإمكان أن تؤمن العلاج والسفر لوالدي المريض ..
عفوا سيدي الحاكم يكفينا أن تؤمن له سرير في المستشفى ،
فنحن ليست لنا علاقة بأي مسؤول .. فوالدي أمضى زهرة حياته في خدمة هذه البلاد أكثر من 30 سنة
ولما كبر وضعف وحاصرته الأمراض تنكرتم له ..
الحمد لله على سلامتك ونجاح عمليتك .. لكني أسأل هل تعرف ما معنى أن تعيش في بلاد يصرف المليارات من الدراهم على المشاريع الاقتصادية والتعليمية وهو فقير ، لا يكاد يجد قيمة باغة الفول .. ،
هل تعرف لماذا الفول ؟
لأنه هو الأرخص فخمسة دراهم تكفي أسرتنا بكاملها .. هل يعرف أحفادك هذا ( الفول ) ؟؟
هل تعرف ما معنى أن تعيش بلا مأوى ، طبعا أقصد مأوى تملكه .. وليس هناك من يقف لك بالمرصاد في نهاية كل فترة يطالبك بدفع الإيجار أو يطردك لتبيت في الشارع ..
هل شعرت يوما بالقهر واليأس والإحباط لأنك عاجز عن توفير قيمة الإيجار الذي يطالبك به صاحب العقار ،
هذا ما كنت أراه في عيني والدي وهو يحاول إخفاءهما عنا ..
كان يبكي وتخنقه العبرة ثم يخرج إلى الشارع هائما على وجهه فقط حتى تخف لوعته وحرقته .
سيدي الحاكم ، اشتكيت مرة حالنا إلى استاذ الحلقة الدراسية ..
فقال لي يابني ، لستم وحدكم الذين لا تملكون مسكنا يستركم ،
أكثر من ثلاثة أرباع من في البلاد كذلك ..
الحمد لله على سلامتك ونجاح عمليتك ..
لكني أسأل هل تعرف كم الراتب التقاعدي الذي يستلمه والدي والذي يعول أسرة مكونة من سبع أفراد ، تقريبا ( 3000 ) درهم ، كم هو مصروف أحفادك اليومي ..
( 3000 ) درهم نصفها لايجار البيت ونصفها الآخر هو الذي نقتات به ونعيش منه
الحمد لله على سلامتك ونجاح عمليتك .. لكني أسأل هل تعرف أنني أدرس في مبان مستأجرة ،
كيف تريدني يا سيدي أن أحصل على نسبة عالية وأنا أدرس في مثل هذه المدارس الإفريقية ؟؟،
هل درس أحفادك في مثل هذه المدارس .. ؟؟
بل هل درسوا أصلا في مدارس البلاد .. ؟؟
كيف يكون لي أحلام وآمال وأنا أرى هذه الطبقية المقيتة ،.
سيدي الحاكم
ها قد بلغت من الكبر عتيا ، فإن كان قد بقي لك من العمر بقية ،
فأصلح أحوال هذه البلاد وأغدق عليهم من تلك الدراهم التي تصرف في مشاريع خداعة ،
وخفف عنهم ما يدفعون من مصاريف على الخدمات التي تقدمها البلاد ..
لا أظن البلاد تعجز عن توفير سكن لكل أسرة تنتمي لهذه البلاد ..
سيدي الحاكم
إن عجزت عن ذلك فالموت خير لك من الحياة
لأن الله سيسألك عن كل فقير في بلدك وعن كل درهم تصرفه البلاد ..
وعن كل نهاب سراق من المتنفذين في بلدك ..
لأن حياتك حينئذ معناها المزيد من استمرار معاناة الناس وعذاباتهم والتضييق عليهم في أرزاقهم ،
ومعناها المزيد من مناقشة الحساب أمام الله ومن نوقش الحساب عذب – أجارك الله من عذابه - .
سيدي الحاكم ..
لا عذر لك أمام الله ،
أن تقول لم يخبرني أحد بهذا ..
فسوف تسأل أيضا ،
لماذا قربت المنافق الخائن وأبعدت الصادق الأمين . ؟؟
سيدي الحاكم ..
حمدا لله على سلامتك ونجاح عمليتك .
اللهم صلي وسلم على محمد وعلى آله وصحبه اجمعين
الحمد لله