nanci taha
New Member
بسم ألله ألرحمن ألرحيم
ألحمد لله رب ألعالمين والصلاة والسلام على سيد ألمرسلين
وخاتم ألنبين محمد وعلى أله وصحبه وسلم تسليما
ياأخواني ياأخواتي ألسلام عليكم ورحمة ألله وبركاته
موضوعونا هو ألظلم
الظلم
بأكل أموال الناس وأخذها ظلما وظلم الناس بالضرب والشتم والتعدي والاستطالة على الضعفاء قال الله تعالى ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل أو لم تكونوا أقسمتم من قبل مالكم من زوال وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال وقال تعالى إنما السبيل على الذين يظلمون الناس وقال تعالى وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون وقال إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ثم قرأ رسول الله وكذلك أخذ ربك إذ أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد وقال من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرض أو شيء فليتحلله اليوم من قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه وقال عن ربه تبارك وتعالى أنه قال يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا وقال رسول الله أتدرون من المفلس قالوا يا رسول الله المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع فقال إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام وحج فيأتي وقد شتم هذا وأخذ مال هذا ونبش عن عرض هذا وضرب هذا وسفك دم هذا فيؤخذ لهذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرح عليه ثم طرح في النار وهذه الأحاديث كلها في الصحاح وتقدم حديث إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة وتقدم قوله لمعاذ حين بعثه إلى اليمن واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب وفي الصحيح من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين يوم القيامة وفي بعض الكتب يقول الله تعالى اشتد غضبي على من ظلم من لم يجد له ناصرا غيري وأنشد بعضهم لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرا فالظلم يرجع عقباه إلى الندم تنام عيناك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنم وكان بعض السلف يقول لا تظلم الضعفاء فتكون من أشرار الأقوياء وقال أبو هريرة رضي الله عنه إن الحبارى لتموت في وكرها هزالا من ظلم الظالم وقيل مكتوب في التوراة ينادي مناد من وراء الجسر يعني الصراط يا معشر الجبابرة الطغاة ويا معشر المترفين الأشقياء إن الله يحلف بعزته وجلاله أن لا يجاوز هذا الجسر اليوم ظالم عن جابر قال لما رجعت مهاجرة الحبشة عام الفتح إلى رسول الله قال ألا تخبروني بأعجب ما رأيتم بأرض الحبشة فقال فتية كانوا منهم بلى يا رسول الله بينما نحن يوما جلوس إذ مرت بنا عجوز من عجائزهم تحمل على رأسها قلة من ماء فمرت بفتى منهم فجعل إحدى يديه بين كتفيها ثم دفعها فخرت المرأة على ركبتيها وانكسرت قلتها فلما قامت التفتت إليه ثم قالت سوف تعلم يا غادر إذا وضع الله الكرسي وجمع الله الأولين والآخرين وتكلمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون سوف تعلم من أمري وأمرك عنده غدا قال فقال رسول الله صدقت كيف يقدس الله قوما لا يؤخذ من شديدهم لضعيفهم إذا ما الظلوم استوطأ الظلم مركبا ولج عتوا في قبيح اكتسابه فكله إلى صرف الزمان وعدله سيبدو له ما لم يكن في حسابه وروي عن النبي أنه قال خمسة غضب الله عليهم إن شاء أمضى غضبه عليهم في الدنيا وإلا أمر بهم في الآخرة إلى النار أمير قوم يأخذ حقه من رعيته ولا ينصفهم من نفسه ولا يدفع الظلم عنهم وزعيم قوم يطيعونه ولا يساوي بين القوي والضعيف ويتكلم بالهوى ورجل لا يأمر أهله وولده بطاعة الله ولا يعلمهم أمر دينهم ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه العمل ولم يوفه أجرته ورجل ظلم امرأة صداقها وعن عبدالله بن سلام قال إن الله تعالى لما خلق الخلق واستووا على أقدامهم رفعوا رؤوسهم إلى السماء وقالوا يا رب مع من أنت قال مع المظلوم حتى يؤدى إليه حقه وعن وهب بن منبه قال بنى جبار من الجبابرة قصرا وشيده فجاءت عجوز فقيرة فبنت إلى جانبه كوخا تأوي إليه فركب الجبار يوما وطاف حول القصر فرأى الكوخ فقال لمن هذا فقيل لامرأة فقيرة تأوي إليه فأمر به فهدم فجاءت العجوز فرأته مهدوما فقالت من هدمه فقيل الملك رآه فهدمه فرفعت العجوز رأسها إلى السماء وقالت يا رب إذا لم أكن أنا حاضرة فأين كنت أنت قال فأمر الله جبريل أن يقلب القصر على من فيه فقلبه وقيل لما حبس خالد بن برمك وولده قال يا أبتي بعد العز صرنا في القيد والحبس فقال يا بني دعوة المظلوم سرت بليل غفلنا عنها ولم يغفل الله عنها وكان يزيد بن حكيم يقول ما هبت أحدا قط هيبتي رجلا ظلمته وأنا أعلم أنه لا ناصر له إلا الله يقول لي حسبي الله الله بيني وبينك وحبس الرشيد أبا العتاهية الشاعر فكتب إليه من السجن هذين البيتين شعرا أما والله إن الظلم شوم وما زال المسيء هو المظلوم ستعلم يا ظلوم إذا التقينا غدا عند المليك من الملوم وعن أبي أمامة قال يجيء الظالم يوم القيامة حتى إذا كان على جسر جهنم لقيه المظلوم وعرفه ما ظلمه به فما يبرح الذين ظلموا بالذين ظلموا حتى ينزعوا ما بأيدهم من الحسنات فإن لم يجدوا لهم حسنات حملوا عليهم من سيئاتهم مثل ما ظلموهم حتى يردوا إلى الدرك الأسفل من النار وعن عبدالله بن أنيس قال سمعت رسول الله يقول يحشر العباد يوم القيامة حفاة عراة غزلا بهما فيناديهم مناد بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب أنا الملك الديان لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة أو أحد من أهل النار أن يدخل النار وعنده مظلمة أن أقصه حتى اللطمة فما فوقها ولا يظلم ربك أحدا قلنا يا رسول الله كيف وإنما نأتي حفاة عراة فقال بالحسنات والسيئات جزاء ولا يظلم ربك أحدا وجاء عن النبي أنه قال من ضرب سوطا ظلما اقتص منه يوم القيامة ومما ذكر أن كسرى اتخذ مؤدبا لولده يعلمه ويؤدبه حتى إذا بلغ الولد الغاية في الفضل والأدب استحضره المؤدب يوما وضربه ضربا شديدا من غير جرم ولا سبب فحقد الولد على المعلم إلى أن كبر ومات أبوه فتولى الملك بعده فاستحضر المعلم وقال له ما حملك على أن ضربتني في يوم كذا وكذا ضربا وجيعا من غير جرم ولا سبب فقال المعلم اعلم أيها الملك أنك لما بلغت الغاية في الفضل والأدب علمت أنك تنال الملك بعد أبيك فأردت أن أذيقك ألم الضرب وألم الظلم حتى لا تظلم أحدا فقال جزاك الله خيرا ثم أمر له بجائزة وصرفه ومن الظلم أخذ مال اليتيم وتقدم حديث معاذ بن جبل حين قال له رسول الله واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب وفي رواية إن دعاء المظلوم يرفع فوق الغمام ويقول الرب تبارك وتعالى وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين وأنشدوا شعرا توق دعا المظلوم إن دعاءه ليرفع فوق السحب ثم يجاب توق دعا من ليس بين دعائه وبين إله العالمين حجاب ولا تحسبن الله مطرحا له ولا أنه يخفى عليه خطاب فقد صح أن الله قال وعزتي لأنصر المظلوم وهو مثاب فمن لم يصدق ذا الحديث فإنه جهول وإلا عقله فمصاب فصل ومن أعظم الظلم المماطلة بحق عليه مع قدرته على الوفاء لما ثبت في الصحيحين أن رسول الله قال مطل الغني ظلم وفي رواية لي الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته أي يحل شكايته وحبسه فصل ومن الظلم أن يظلم المرأة حقها من صداقها ونفقتها وكسوتها وهو داخل في قوله لي الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال يؤخذ بيد العبد أو الأمة يوم القيامة فينادى به على رؤوس الخلائق هذا فلان ابن فلان من كان له عليه حق فليأت إلى حقه قال فتفرح المرأة أن يكون لها حق على أبيها أو أخيها أو زوجها ثم قرأ فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون قال فيغفر الله من حقه ما شاء ولا يغفر من حقوق الناس شيئا فينصب العبد للناس ثم يقول الله تعالى لأصحاب الحقوق ائتوا إلى حقوقكم قال فيقول الله تعالى للملائكة خذوا من أعماله الصالحة فأعطوا كل ذي حق حقه بقدر طلبته فإن كان وليا لله وفضل له مثقال ذرة ضاعفها الله تعالى له حتى يدخله الجنة بها وإن كان عبدا شقيا ولم يفضل له شيء فتقول الملائكة ربنا فنيت حسناته وبقي طالبوه فيقول الله خذوا من سيئاتهم فأضيفوها إلى سيئاته ثم صك له صكا إلى النار ويؤيد ذلك ما تقدم من قول النبي أتدرون من المفلس فذكر أن المفلس من أمته من يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام ويأتي وقد شتم هذا وضرب هذا وأخذ مال هذا فيؤخذ لهذا من حسناته ولهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار فصل ومن الظلم أن يستأجر أجيرا أو إنسانا في عمل ولا يعطيه أجرته لما ثبت في صحيح البخاري أن رسول الله قال يقول الله تعالى ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ومن كنت خصمه خصمته رجل أعطى بي غدر ورجل باع حرا فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه العمل ولم يعطه أجرته وكذلك إذا ظلم يهوديا أونصرانيا أو نقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفسه فهو داخل في قوله تعالى أنا حجيجه أو قال أنا خصمه يوم القيامة ومن ذلك أن يحلف على دين في ذمته كاذبا فاجرا لما ثبت في الصحيحين أن رسول الله قال من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة قيل يا رسول الله وإن كان شيئا يسيرا قال وإن قضيبا من أراك فخف القصاص غدا إذا وفيت ما كسبت يداك اليوم بالقسطاس في موقف ما فيه إلا شاخص أو مهطع أو مقنع للراس أعضاؤهم فيه الشهود وسجنهم نار وحاكمهم شديد البأس إن تمطل اليوم الحقوق مع الغنى فغدا تؤديها مع الإفلاس وقد روي أنه لا أكره للعبد يوم القيامة من أن يرى من يعرفه خشية أن يطالبه بمظلمة ظلمه بها في الدنيا كما قال النبي لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء وقال من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو من شيء فليتحلل منه اليوم من قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه ثم طرح في النار وروى عبدالله بن أبي الدنيا بسنده إلى أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله قال أول من يختصم يوم القيامة الرجل وامرأته والله ما يتكلم لسانها ولكن يداها ورجلاها يشهدان عليها بما كانت تعنت لزوجها في الدنيا ويشهد على الرجل يده ورجله بما كان يولي زوجته من خير أو شر ثم يدعى بالرجل وخدمه مثل ذلك فما يؤخذ منهم دوانيق ولا قراريط ولكن حسنات هذا الظالم تدفع إلى هذا المظلوم وسيئات هذا المظلوم تحمل على هذا الظالم ثم يؤتى بالجبارين في مقامع من حديد فيقال سوقوهم إلى النار وكان شريح القاضي يقول سيعلم الظالمون حتى من انتقصوا أن الظالم ينتظر العقاب والمظلوم ينتظر النصر والثواب وروي أنه إذا أراد الله بعبده خيرا سلط الله عليه من يظلمه ودخل طاوس اليماني على هشام بن عبدالملك فقال له اتق الله يوم الأذان قال هشام وما يوم الأذان قال قال الله تعالى فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين فصعق هشام فقال طاوس هذا ذل ذا الصفة فكيف بذل المعاينة يا راضيا باسم الظالم كم عليك من المظالم السجن جهنم والحق الحاكم فصل في الحذر من الدخول على الظلمة ومخالطتهم ومعونتهم قال الله تعالى ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار والركون ههنا السكون إلى الشيء والميل إليه بالمحبة قال ابن عباس رضي الله عنهما لا تميلوا كل الميل في المحبة ولين الكلام والمودة وقال السدي وابن زيد لا تداهنوا الظلمة وقال عكرمة هو أن يطيعهم ويودهم وقال أبو العالية لا ترضوا بأعمالهم فتمسكم النار فيصيبكم لفحها وما لكم من دون الله من أولياء وقال ابن عباس رضي الله عنهما ما لكم من مانع يمنعكم من عذاب الله ثم لا تنصرون لا تمنعون من عذابه وقال الله تعالى احشروا الذين ظلموا وأزواجهم أي أشباههم وأمثالهم وأتباعهم وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله سيكون أمراء يغشاهم غواش أو حواش من الناس يظلمون ويكذبون فمن دخل عليهم وصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه ومن لم يدخل عليهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه وعنه رضي الله عنه عن النبي من أعان ظالما سلط عليه وقال سعيد بن المسيب رحمه الله لا تملأوا أعينكم من أعوان الظلمة إلا بإنكار من قلوبكم لئلا تحبط أعمالكم الصالحة وقال مكحول الدمشقي ينادي مناد يوم القيامة أين الظلمة وأعوانهم فما يبقى أحد مد لهم حبرا أو حبر لهم دواة أو بري لهم قلما فما فوق ذلك إلا حضر معهم فيجمعون في تابوت من نار فيلقون في جهنم وجاء رجل خياط إلى سفيان الثوري فقال إني رجل أخيط ثياب السلطان هل أنا من أعوان الظلمة فقال سفيان بل أنت من الظلمة أنفسهم ولكن أعوان الظلمة من يبيع منك الإبرة والخيوط وقد روي عن النبي أنه قال أول من يدخل النار يوم القيامة السواطون الذين يكون معهم الأسواط يضربون بها الناس بين يدي الظلمة وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال الجلاوزة والشرط كلاب النار يوم القيامة الجلاوزة أعوان الظلمة وقد روي أن الله تعالى أوحى إلى موسى عليه السلام أن مر بني إسرائيل أن لا يتلوا من ذكري فإني أذكر من ذكرني وأن ذكري إياهم أن ألعنهم وفي رواية فإني أذكر من ذكرني منهم باللعنة وجاء عن النبي أنه قال لا يقف أحدكم في موقف يضرب فيه رجل مظلوم فإن اللعنة تنزل على من حضر ذلك المكان إذا لم يدفعوا عنه وروي عن رسول الله أنه قال أتي رجل في قبره فقيل له إنا ضاربوك مائة ضربة فلم يزل يتشفع إليهم حتى صاروا إلى ضربة واحدة فضربوه فالتهب القبر عليه نارا فقال لم ضربتموني هذه الضربة فقالوا إنك صليت صلاة بغير طهور ومررت برجل مظلوم فلم تنصره فهذا حال من لم ينصر المظلوم مع القدرة على نصره فكيف حال الظالم وقد ثبت في الصحيحين عن رسول الله أنه قال انصر أخاك ظالما أو مظلوما فقال يا رسول الله أنصره إذا كان مظلوما فكيف أنصره إذا كان ظالما قال تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره ومما حكي قال بعض العارفين رأيت في المنام رجلا ممن يخدم الظلمة والمكاسين بعد موته بمدة في حالة قبيحة فقلت له ما حالك قال شر حال فقلت إلى أين صرت قال إلى عذاب الله قلت فما حال الظلمة عنده قال شر حال أما سمعت قول الله عز وجل وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ومما حكي قال بعضهم رأيت رجلا مقطوع اليد من الكتف وهو ينادي من رآني فلا يظلمن أحدا فتقدمت إليه فقلت له يا أخي ما قصتك قال يا أخي قصة عجيبة وذلك أني كنت من أعوان الظلمة فرأيت يوما صيادا وقد اصطاد سمكة كبيرة فأعجبتني فجئت إليه فقلت أعطني هذه السمكة فقال لا أعطيكها أنا آخذ بثمنها قوتا لعيالي فضربته وأخذتها منه قهرا ومضيت بها قال فبينا أنا أمشي بها حاملها إذ عضت على إبهامي عضة قوية فلما جئت بها إلى بيتي وألقيتها من يدي ضربت على إبهامي وآلمتني ألما شديدا حتى لم أنم من شدة الوجه والألم وورمت يدي فلما أصبحت أتيت الطبيب وشكوت إليه الألم فقال هذه بدء الآكلة أقطعها وإلا تقطع يدك فقطعت إبهامي ثم ضربت على يدي فلم أطق النوم ولا القرار من شدة الألم فقيل لي إقطع كفك فقطعته وانتشر الألم إلى الساعد وآلمني ألما شديدا ولم أطق القرار وجعلت أستغيث من شدة الألم فقيل لي اقطعها إلى المرفق فقطعتها فانتشر الألم إلى العضد وضربت على عضدي أشد من الألم الأول فقيل اقطع يدك من كتفك وإلا سرى إلى جسدك كله فقطعتها فقال لي بعض الناس ما سبب ألمك فذكرت قصة السمكة فقال لي لو كنت رجعت في أول ما أصابك الألم إلى صاحب السمكة واستحللت منه وأرضيته لما قطعت من أعضائك عضوا فاذهب الآن إليه واطلب رضاه قبل أن يصل الألم إلى بدنك قال فلم أزل أطلبه في البلد حتى وجدته فوقعت على رجليه أقبلها وأبكي وقلت له يا سيدي سألتك بالله ألا عفوت عني فقال لي ومن أنت قلت أنا الذي أخذت منك السمكة غصبا وذكرت ما جرى وأريته يدي فبكى حين رآها ثم قال يا أخي قد أحللتك منها لما قد رأيته بك من هذا البلاء فقلت يا سيدي بالله هل كنت قد دعوت علي لما أخذتها قال نعم قلت اللهم إن هذا تقوى علي بقوته على ضعفي على ما رزقتني ظلما فأرني قدرتك فيه فقلت يا سيدي قد أراك الله قدرته في وأنا تائب إلى الله عز وجل عما كنت عليه من خدمة الظلمة ولا عدت أقف لهم على باب ولا أكون من أعوانهم ما دمت حيا إن شاء الله وبالله التوفيق موعظة إخواني كم أخرج الموت نفسا من دارها لم يدارها وكم أنزل أجسادا بجارها لم يجارها وكم أجرى العيون كالعيون بعد قرارها شعر يا معرضا بوصال عيش ناعم ستصد عنه طائعا أو كارها إن الحوادث تزعج الأحرار عن أوطانها والطير عن أوكارها أين من ملك المغارب والمشارق وعمر النواحي وغرس الحدائق ونال الأماني وركب العواتق صاح به من داره غراب بين ناعق وطرقه في لهوه أقطع طارق وزجرت عليه رعود وصواعق وحل به ما شيب بعض المفارق وقلاه الحبيب الذي لم يفارق وهجره الصديق والرفيق الصادق ونقل من جوار المخلوقين إلى جوار الخالق نازله والله الموت فلم يحاشه وأذله بالقهر بعد عز جاشه وأبدله خشن التراب بعد لين فراشه ومزقه الدود في قبره كتمزيق قماشه وبقي في ضنك شديد من معاشه وبعد عن الصديق فكأنه لم يماشه ما نفعه والله الاحتراز ولا ردت عنه الركاز بل ضره من الزاد الإعواز وصار والله عبرة للمجتاز وقطع شاسعا من السبل الأوفاز وبقي رهينا لا يدري أهلك أم فاز وهذا لك بعد أيام وما أنت فيه الآن أحلام ودنياك لا تصلح وما سمعت ستراه غدا على التمام ويقع لي ولك ويحك أما يؤثر فيك هذا الكلام