المجتمع المدني و مشروع الخلافة

Silent Center

New Member











صلاة الجمعة لا تنعقد إلا بأربعين فما فوق ، و ذلك بحسب ما ذهب إلية الإمام الشافعي و الإمام احمد ، و لا يتوقف ذلك الشرط عند كل أسبوع بل ينتقل على شكل فرحتين في السنة الواحدة ، فصلاة العيدين يكون فيها العدد أربعون شرط الكفاية و الإسقاط عن الباقين، و يستمر ذلك الشرط إلى صلوات قائمة على الخوف من الله بسبب الكسوف و الخسوف ، و عند تأخر الرحمة يكون العدد موجود لطلب الغوث من الله عبر صلاة الاستسقاء
فعدد المصلين و ارتباطهم بذلك العدد كأقل تجمع سكاني مستوطن في مكان واحد ، يعتبر من الدلالات المبكرة التي تعطي للدين الإسلامي مفهوما للمجتمع مدني .

فالمجتمع المدني كمفهوم ليس منتج علماني يستطيع ان يواكب متغيرات العصر بسهولة كما راج لدى البعض بحيث يحتكر ذلك المفهوم على بيئته ، فقد كان الدين الإسلامي يرعى ذلك المفهوم كأساس منذ بزوغه .

الآن حين يكون هناك مشروع جهادي طموح كمشروع الخلافة الإسلامية يقدم نفسه كمطلب شرعي و كحتمية ربانية عبر خطابة العقدي للخروج من عبادة الطاغوت و الجاهلية و الحكم بما أنزل الله
، فذلك يحملني إلى محاولة استيعاب ذلك الخطاب ، لأنه مشروع تقويض و تطبيق ، ففحوى ذلك الخطاب يحمل مفهوم الأنظمة الشمولية .

لكن يبدو أن الوقت لم يحن ليخرج خطاب شمولي حقيقي و كامل بمعناه المؤسساتي المنظم و المنسق ، فذلك المشروع ضخم جدا يتعلق بالأمة ، فكلما سمحت لى الفرصة بالإطلاع على خطاباتهم او مؤلفاتهم من المنظرين و المفكرين الذين يبشرون بذلك المشروع غالبا أجدهم يحملون روح ثورية للتقويض و عقلية لا تتناسب مع تطبيق حجم ذلك المشروع ، فلم أجد سوى محمد قطب رحمة الله كمفكر و يحمل نزعة شمولية نوعا ما عبر مؤلفاته لكنها لم تكتمل فيبدو أن المعتقد كان يسحبه كي لا يتجه إلى الشمول ، و مع ذلك لم تستطيع تلك العقليات أن ترى ما رآه محمد قطب و إن لم تبلغ درجات الإحكام ، فقد اختارت زاويتهم شيئا معين و تركوا من فكره أشياء كثيرة...


دعونا نعود إلى مجتمعاتنا الحالية و لنعيش الوضع الشائع بمختلف المراحل و المتطلبات في مجتمعنا المدني او المؤسساتي الذي وعاينا على الدنيا و وجدنا أنفسنا نمارس التفاعل مع منظماته الرسمية و غير الرسمية

فنحن نذهب إلى المدرسة من عمر ست سنوات و نقضي 16 او 17 سنة في التعليم ، يكون العمر قد وصل إلى سن 23 سنة
وإلى ذلك السن أو ما قبله بقليل لا يوجد زواج
بل هناك مرحلة البحث عن عمل و إذا مَنّ الله عليك بوظيفة ، ستدخل مرحلة التكوين المادي ( تجمع لك دراهم ) ، تقريبا ستحتاج من ثلاث إلى خمس سنوات ، يعني ممكن قبل سن الثلاثين بقليل أو بإكتمالة ، و وقتها تبدأ مرحله البحث و الاقتران بشريكه العمر ، و مهما راوغت السلف و الدين في ظهرك

طبعا البنت غالبا ما تختلف كثير لكن خلونا نقف عند انتهاء مراحل التعليم و يكون عمرها 23 او 24
ممكن النصيب يبكر لها بعريس يطرق الباب من سن ال18
لكن لا مانع أن نقول بأنه إلى سن الـ24 لم يأتيها النصيب

فذلك الشاب ألا يوجد احتمال كبير أنه خلال الثلاثين سنة قد ارتكب فاحشة الزنا
الاحتمال موجود و بنسبة كبيرة ، لذلك ستظهر المناداة بتطبيق الحدود
سواء من أصحاب مشروع الخلافة او من غيرهم فانا كذلك لا أقول بتعطيل الحدود
لكن بالله لحظة شوي ، و دعونا نأخذ جزء من بعض الحدود التي شرعها الله كعقاب ، أليس من المعقول أن يقابلها قنوات مباحة حللها الله لك ، فالسرقة ستجد ما يقابلها الكسب ( العمل ) و خيارات أخرى متعدده

فقبل مئات السنين كان الزواج متيسر ، بل من المعقول أن يكون على ذمة الرجل أربع من الإناث و هو لم يصل بعد إلى سن 28
و أضف إلى ذلك ما كان يملكه من ما ملكت اليمين
هذه خيارات متعددة و متوفرة من الأشياء الحلال يتم تفيرغ الشهوة من خلالها ، فبعد ذلك إن قام بفاحشة الزنا ، يقام علية الحد بكل حكمة و اقتدار و اطمئنان

أما صاحبنا اللي عاش و هو يتمرغ في مراحل الحياة المدنية الحالية حتى يستطيع أن يستر نفسه ، لا يوجد خيارات متعددة و مباحة كي يفرغ شهوته إلا عن طريق الزواج بواحدة فقط و ذلك حين يكون قد جمع مهرها و يكون عمره قد وصل الـ30

ستقول علية بالصيام ، سأقول ذلك توجيه نبوي كإجراء وقائي
و لكنه ليس الأصل الذي يقابل الشهوة ، فالأصل إن يفرغ شهوته في ما أباحه الله

الآن لو زنا ذلك الشاب ، سنكون أمام أقامه الحد مع تقلص كبير في الخيارات التي تصرفه عن ذلك الحرام

غالبا هنا أصحاب مشروع الخلافة لا يهمهم وضع حلول فكرية او حتى اجتهادية لتلك المشكلة
فكل شيء على الطاغوت فهذه المشكلة من الطاغوت
المهم هو إقامة الحد
و لن تغيب الرؤية كثيرا لجلب ما اشتهر به عمر رضى الله عنة في وقت تقلص فية المباح فأصبح اقتراف المحرم ضرورة حياتية

فلو رأيت شيء من الرؤية المهمة التي تسهم في حلول عقلانية سليمة لها فهم بالواقع المعاصر و لا تخرج عن روح الإسلام و تكون ضمن الحلول لمثل تلك المشكلات في مجتمعنا الحالي فعلى الأقل سأقدم شيء من الثقة لأصحاب ذلك المشروع الطموح
فالخطوط العريضة من الجزء النظري من ذلك المشروع يبشر بالحرية و العدالة و المساواة و إلغاء كل سبل الظلم و الجور ...
و طبعا آلية اختيار الخليفة و المبايعة و الشورى و المسميات و بيت المال و البيوع ........
فذلك كله لا يعطي ذلك العمق و الرؤية و الشمول
و الذي يؤدي إلى مفهوم الدولة و مفهوم المجتمع المدني الموجود في الدين

عندها فقط سيكون ذلك الشاب ابو ثلاثين سنه موجود في دولة الخلافة بشكل آخر و بمعطيات أخرى ، فالحدود كإجراء عقابي واضح ومحفوظ بالكامل لكن ما يقابلها من سبل الحلال سيكون بخيارات شبة معدومة و قد تختفي تماما ، فيصبح الشغل الشاغل اقتراف الحرام بشكل فوج جماعي و سيكون الشغل الشاغل لتلك الدولة قطع اليد و الجلد و الرجم

فتلك الوعود التي تعد بانتشالنا من الجاهلية المعاصرة
يبدو أنها ستنقلنا إلى جاهلية مركبة








 
عودة
أعلى