ماءالورد
New Member
إن استطعت التحلل ممن اغْتَبْت من غير حصول مَفْسَدَة ، فهو الْمُتعيِّن ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام : مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لا يَكُونَ دِينَارٌ وَلا دِرْهَمٌ ؛ إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ . رواه البخاري .
وإن لم تعذّر ذلك فكفارة ذلك الثناء على مَن اغتبت ، وذلك بِذِكْرِه بِخير في المجالس التي ذَكَرتِه فيها بِسُوء ، والدعاء له . فإن الحسنات يُذهبن السيئات ، وهذا قد جاء عن بعض السلف .
قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ : كَفَّارَةُ الْغَيْبَةِ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لِمَنْ اغْتَبْته .
وأما التخلّص منها فيكون بأمور ، منها :
1 - تَذَكّر القصاص غدًا في يوم القيامة ، فَمَن اغتاب غيره فسوف يَقِف بين يدي الله مع خصومه ، ويَقتَصّ مِن حسنات مَن اغتابه ، كما في الحديث السابق .
2 - تَذكّر أنه ما عاب أحدٌ غيره إلاّ لِنقص في شخصه !
قال بكر بن عبد الله المزني : إذا أردت أن تنظر العيوب جملة فتأمل عيّابًا ، فإنه إنما يَعيب الناس بفضل ما فيه مِن العَيب .
3 – أن من ذَكَر عيوب الناس ، ذَكَر الناس عيوبه ؛ لأن الجزاء مِن جِنْس العَمَل .
4 – أن يشتغل الإنسان بعيوب نفسه عن عيوب الناس .
قيل : مِن سعادة المرء أن يشتغل بعيوب نفسه عن عيوب غيره ..
وقيل :
لا تكشفن مساوي الناس ما سَتَرُوا *** فيهتك الله سِتْرًا عن مساويكا
واذكر محاسن ما فيهم إذا ذُكروا ***ولا تعب أحدًا منهم بما فيكا
5 – أن المغتاب يأكل لَحْم أخيه .. فكيف لو تخيّل أنه يأكل لَحْم أخيه مِن أمِّه وأبيه بعد ما مات ؟!
(وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ) .
6- أن يتذكّر المغتاب أنه يُهدي حسناته لِمن يُبغضه .
ورَحِم الله ابن المبارك حيث قال : لو كنت مُغتابًا لاغْتَبْتُ أمي ! فإنها أحقّ بحسناتي .
ولَمّا قيل للحسن : اغتابك فلان ، بَعَث إليه بِطَبقٍ فيه رُطَب ، وقال : أْهْدَيْتَ إليّ بعض حسناتك ، فأحببت مكافأتك !
والله تعالى أعلم ماء الورد:718129: