معالجات جديدة لكومبيوترات السرعة الفائقة

محب الله ورسوله

مشــرف عــام
طاقم الإدارة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تنفي الحاجة إلى وحدات متخصصة للرسومات أو الصوت أو الشبكة والخليّة تحتوي على 234 مليون ترانزستور

internet.314201.jpg

خلدون غسان سعيد
مثلما تتحد الخلايا البيولوجية في جسد الإنسان في وحدة واحدة للقيام بوظيفة معينة، فإن تقنية معالجات الخلية Cell Processors، تسمح باتحاد معالجات عدة للقيام بوظيفة معينة في أي جهاز إلكتروني، من الأجهزة البسيطة إلى الأجهزة الفائقة التطور، معلنة بزوغ حقبة جديدة في عالم الاتصالات والإنترنت ووجود وتفاعل الأجهزة المختلفة بعضها مع بعض، مهما كانت وظيفتها.
في عام 2001، قامت شركات آي بي إم وسوني وتوشيبا بالتحالف، لصنع جيل جديد من المعالجات لجهاز البلاي ستيشن 3 الخاص بسوني، بتكلفة 400 مليون دولار. هذا النوع الجديد من المعالجات يمثل تطرفا في عدد من نزعات صناعة الإلكترونيات، حيث ان محور فكرة المعالج الجديد هي تكامل ووجود أكثر من نوع من المعالجات (كمعالجات الريسك والسيم دي وال دي إس بي)، على عدة أسطح في شكل مكعب هندسي كوحدة لمعالجة البيانات، ويمكن التعامل مع أي مجموعة من هذه المعالجات حسب الحاجة وعند الطلب، وبالتالي تزول الحاجة إلى وجود معالج متخصص للرسومات وآخر للصوت أو الشبكة، لأن عددا من المعالجات العامة يمكنها أن تقوم بعمل أي معالج آخر، وبالتالي تصبح المهمة على عاتق البرامج، لا على الدارات الإلكترونية. تخيل وجود مجموعة كبيرة من الموارد الحسابية متجمعة على شكل وحدات معالجة (دي إس بي وريسك وسيم دي) متكاملة في مكعب واحد يمكن استخدام أي مورد منه عن طريق برامج مكتوبة بطرق ذكية. وبالتالي يصبح المكعب مثل عش للنحل، حيث تعمل كل نحلة في عمل متعاون لتأدية المهام المطلوبة منها.

مواصفات تقنية

* معالج الخلية يتكون من حوالي 16 معالجا (يمكن تقليل العدد الإجمالي)، متكاملا كوحدة للمعالجة. ويمكن للبرنامج طلب استخدام معالج واحد أو أكثر، عن طريق اقترانات برمجية Functions، لمعالجة تجسيم الأصوات أو رسم الصورة، فيتم طلب دورات معالجة من المعالج، ويتم تجميع المعالجات (برمجيا) في عدة فرق حسب نوع المعالجة، وذلك لتوزيع المعالجة عليهم والمشاركة بمعلومات المعالجة بين بعضهم بعضا، ويتغير حجم كل فريق حسب الحاجة إلى موارد جديدة إما عن طريق الحصول على معالج جديد من مجموعة المعالجات المتوفرة، أو عن طريق الاستغناء عن أحد المعالجات الأخرى واستخدامه في العملية الحسابية المطلوبة. وتعمل المعالجات بسرعة 4 جيجاهيرتز (الجيجاهيرتز هي وحدة قياس سرعة معالجة البيانات وتساوي 1024 ميجاهيرتز) وتعمل بقوّة 64 بت (هذه القوة ترمز إلى حجم الرسالة الممكن معالجتها في دورة واحدة للمعالج، ومعظم الأجهزة الحديثة تعمل بقوة 32 بت)، للحصول على عمليات حساب كسرية Floating Point Operations ضخمة.

والذاكرة القريبة المشتركة تبلغ 512 كيلوبايت L2 Cache، و32 كيلوبايت L1 Cache، ذاكرة الكاش نوعان: نوع قريب من المعالج يسمى Level2، أو L2، ونوع يسمّى Level1، أو L1، وكلما اقتربت الذاكرة من المعالج كلما صغر حجمها وزاد ثمنها. يتم تخزين المعلومات المهمة جدا أو المستخدمة كثيرا في هذه الذاكرة، فكل ما زاد استخدام المعلومة أو زادت أهميتها، وُضعت في الذاكرة القريبة جدا، والمعلومات الأقل أهمية توضع في الذاكرة القريبة. أما المعلومات التي ستعالج في وقت لاحق أو التي لا تكون متعلقة بالعمليات الحالية، فإنها توضع في الذاكرة العشوائية RAM، أو على القرص الصلب Hard Disk، ويتم جلبها لاحقا حين اللزوم. حجم الذاكرة القريبة جدا يكون عادة 16 أو 32 كيلوبايت، بينما تتراوح أحجام الذاكرة القريبة بين 128 كيلوبايت و2048 كيلوبايت، ويتم إحصاء نوعية المعلومات المستخدمة وتعداد تكرار استخدامها لتقرير أي معلومة تستحق أن توضع في ذاكرة الكاش.

ولتقريب مفهوم ذاكرة الكاش أكثر، تصور هاتفا يحتوي على خاصية الاتصال السريع Speed Dialing، حيث يقرر المستخدم تسجيل الأرقام الأكثر استخداما على أزرار الهاتف ليستطيع طلب الطرف الآخر بسرعة، دون اللجوء إلى البحث عن الرقم في الدليل أو قائمة العناوين. والذاكرة القريبة جدا تتصل بالذاكرة القريبة عن طرق قناة تدفق معلومات Bus ذات قدرة تدفق تبلغ 32 بايت لكل دورة.

كل معالج يتكون من عدة وحدات حسابية مبسطة جدا (بعضها يشبه بساطة وحدات عمل معالجات البنتيوم 1)، ذلك من أجل إزالة التعقيد في صنع المعالجات وإزالة منظّمات المعالجة (أصبح جزء كبير منها مسؤولية المبرمج). وقد تقرر استغلال المساحة الكبيرة المخصصة للذاكرة القريبة (حجم الذاكرة القريبة كبير مقارنة بحجم وحدات المعالجة)، لوضع المزيد من وحدات المعالجة للحصول على عدد كبير جدا منها عوضا عن مشاركتها للذاكرة. وبجعل الذاكرة القريبة واحدة لـ 16 معالجا، أصبح من الممكن حشر المزيد من الترانزستورات، وأصبحت كمية المعلومات المعالجة ضخمة جدا في كل دورة. وبجعل البرمجيات مسؤولة عن إعادة تسمية الحوافظ الرقمية الصغيرة Register Renaming وإعادة ترتيب الأوامر Instruction Reordering، وتوقع التوزيع الوظيفي Branching Prediction، أصبح من الممكن تبسيط الدارات الإلكترونية وجعلها أسرع بكثير من ذي قبل، وأصبح المعالج شبيها بمعالجات الباور «بي سي 601» Power PC 601، واستخدمت شركة آي بي إم تقنيات مثل وضع السليكون على العازل الكهربائي Silicon-On-Insulator لتحصل على أكثر من 1 تريليون عملية حسابية في الثانية (ما يساوي قدرة 256 معالج بنتيوم 4 يعمل بسرعة 4 جيجاهيرتز). ويتم تطوير هذه المعالجات باستخدام 8 طبقات نحاسية بسماكة 90 نانومتر (النانومتر هو وحدة قياس صغيرة جدا، تبلغ 1 على المليار من المتر، أي ان المتر الواحد يساوي مليار نانومتر). وتحتوي الخلية على 234 مليون ترانزستور، وحجمها هو 221 مللي متر مكعب.

فكما هو ملاحظ، فإن هذا النوع الجديد من المعالجات هو هجين جديد بين البرمجيات والدارات الإلكترونية، والحمل البرمجي Software Overhead سيكون ضخما لدرجة غير معقولة وستتطلب البرمجة عبئا كبيرا على مصممي البرنامج للحصول على أداء عال، وحجم تدفق المعلومات بين مكونات المعالج Bus Bandwidth لا يمكن تجاوزه بالتقنيات الموجودة حاليا. ولحل هذه المعضلة، استعانت شركة آي بي إم بتقنية شركة رامباس Rambus السريعة جدا في نقل المعلومات بين مكونات المعالج.

استخدامات على الكومبيوتر

* ولكن هذا التطور ليس حصريا لأجهزة البلاي ستيشن 3 فقط، فقد وقعت شركة ميركوري لأجهزة الكومبيوتر Mercury Computer Systems، عقدا يسمح لها بتكامل معالج الخلية في منتجاتها الخاصة بالدفاع وعلوم الحياة والطاقة وصناعة الإلكترونيات والغلاف الجوي بالتعاون مع مهندسين من مجموعة آي بي إم لخدمات الهندسة والتكنولوجيا.

ويمكن الاستعانة بمعالجات موجودة على مكعب موجود بداخل جهاز آخر عن طريق توصيل الأجهزة بعضها ببعض للحصول على قوة معالجة إضافية، وسيمكنك مثلا توصيل جهاز «دي في دي» بجهاز التلفاز والستيريو والميكرويف (إن كانت كلها تستخدم معالجات الخلية)، للحصول على 4 مكعبات تحتوي على 64 معالجا مشتركا لمعالجة أي عملية على أي جهاز، وبالتالي فإن الحدود الحسابية لا تنتهي، وسيصبح هناك قانون مور Moore"s Law، ينص قانون غوردون مور، أحد مؤسسي شركة إنتل، على أن التطور التقني يجعل عدد الترانزستورات في داخل الدارات الكهربائية يتضاعف كل 18 شهرا لكل بوصة مربّعة، والقانون ما زال ساري المفعول منذ عام 1965، مجرد نظرية قديمة تُدرس في كتب تاريخ الحاسب الآلي تصف عصور الظلام في عالم المعالجات الرقمية.

كما أنه بوجود هذه التقنية، فإن كبار علماء الكومبيوتر سيصبح لديهم أجهزة خارقة للعمل في معظم الشركات والقطاعات، وسيتحررون من احتكار الشركات المالكة لأجهزة الحاسب الآلي الخارق Super Computers، وبالتالي التطور التقني سيرتفع بشكل خيالي بسبب كثرة وتنوع التجارب والنظريات وتطبيقها بشكل سريع جدا.

وحسب هذه الطريقة في عمل المعالجات، فإنه من الممكن أن يستطيع جهاز كومبيوتر واحد أن يشغل أكثر من نظام تشغيل في وقت واحد، مثل ويندوز Windows ويونيكس Unix وماك أو إس MacOS وبي إي أو إس BeOS.
 
عودة
أعلى