قصص وعبر راقية

image.jpg


الجسر
هذه قصة لأخوين كانا متحابين كثيراً، يعيشان فى توافق تام بمزرعتهما.. يزرعان معاً ويحصدان معاً. كل شيء مشترك بينهما. حتى جاء يوم، اندلع خلاف بينهما. بدأ الخلاف بسوء تفاهم، لكن رويدا رويدا، اتسعت الهوة.. واحتد النقاش. ثم تبعه صمت أليم استمر عدة أسابيع.

وذات يوم، طرق شخص ما على باب الأخ الأكبر. كان عاملا ماهراً يبحث عن عمل.
نعم... أجابه الأخ الأكبر، لدى عمل لك.
هل ترى الجانب الآخر من الترعة حيث يقطن أخي؟
لقد أساء إلي وآلمني، وانقطعت الصلة بيننا .

أريد أن أثبت له أنني قادر على الانتقام منه.
هل ترى قطع الحجارة تلك التى بجوار المنزل؟
أريدك أن تبنى بها سورا عالياً، لأنني لا أرغب فى رؤيته ثانيةً.

أجابه العامل: أعتقد بأننى قد فهمت الوضع!

أعطى الأخ الأكبر للعامل كل الأدوات اللازمة للعمل..ثم سافر تاركاً إياه يعمل أسبوعاً كاملاً. عند عودته من المدينة، كان العامل قد أنهى العمل.

ولكن يا لها من مفاجأة!

فبدلاً من إنشاء سور، بنى جسراً بديعاً.

فى تلك اللحظة، خرج الأخ الأصغر من منزله وجرى صوب أخيه قائلاً: يا لك من أخ رائع! تبنى جسراً بيننا رغم كل ما بدر منى! إنني حقاً فخور بك.

وبينما كان الأخوان يحتفلان بالصلح، أخذ العامل فى جمع أدواته استعداداً للرحيل.
قال له الأخوان فى صوت واحد: لا تذهب! انتظر! يوجد هنا عمل لك.

ولكنه أجابهما: كنت أود البقاء للعمل معكما، ولكنني ذاهب لبناء جسور أخرى!

العبرة: فلنكن بنائين جسوراً بين الناس وألا نبنى أسواراً تفرق بينهما أبداً.
 
هل أعـتذر لابـنـي؟
2_mn_14_9_2010_37_24.jpg

يروي احد المدربين في مهارات التعامل مع الأبناء قائلا: أثناء تقديمي لإحدى الدورات الخاصة بالرجال لاحظت رجلاً قد تغير وجهه، ونزلت دمعة من عينه على خده وكنت وقتها أتحدث عن إحدى مهارات التعامل مع الأبناء وكيفية استيعابهم، وخلال فترة الراحة جاءني هذا الرجل وحدثني على انفراد قائلاً : هل تعلم لماذا تأثرت بموضوع الدورة ودمعت عيناي؟



قلت له : لا والله ! فقال : إن لي ابنا عمره سبعة عشر سنة، وقد هجرته منذ خمس سنوات لأنه :لا يسمع كلامي ويخرج مع صحبة سيئة ويدخن السجائر وأخلاقه فاسدة كما أنه لا يصلي ولا يحترم أمه . فقاطعته ومنعت عنه المصروف وبنيت له غرفة خاصة على السطح ولكنه لم يرتدع، ولا أعرف ماذا أعمل ولكن كلامك عن الحوار وأنه حل سحري لعلاج المشاكل أثر بي فماذا تنصحني ؟ هل أستمر بالمقاطعة، أم أعيد العلاقة؟ وإذا قلت لي ارجع إليه فكيف السبيل ؟



قلت له : عليك أن تعيد العلاقة اليوم قبل الغد وإن ما عمله ابنك خطأ ولكن مقاطعتك له خمس سنوات خطأ أيضاً أخبره بأن مقاطعتك له كانت خطأ وعليه أن يكون ابناً باراً بوالديه ومستقيما ًفي سلوكه فرد على الرجل قائلاً : أنا أبوه أعتذر منه ؟ نحن لم نتربى على أن يعتذر الأب من ابنه



قلت : يا أخي الخطأ لا يعرف كبيراً ولا صغيراً وإنما على المخطئ أن يعتذر فلم يعجبه كلامي وتابعنا الدورة وانتهى اليوم الأول وفي اليوم الثاني للدورة جاءني الرجل مبتسماً فرحاً ففرحت لفرحه، وقلت له: ما الخبر؟ قال: طرقت على ابني الباب في العاشرة ليلاً، وعندما فتح الباب قلت له: يا ابني إني أعتذر من مقاطعتك لمدة خمس سنوات فلم يصدق ابني ما قلت ورمى برأسه على صدري وظل يبكي فبكيت معه ثم قال: يا أبي أخبرني ماذا تريدني أن أفعل فإني لن أعصيك أبداً وكان خبراً مفرحاً لكل من حضر الدورة.



نعم إن الخطأ لا يعرف كبيراً ولا صغيراً إن الأب إذا أخطأ في حق أبنائه ثم اعتذر منهم فإنه بذلك يعلمهم الاعتذار عند الخطأ وإذا لم يعتذر فإنه يربي فيهم التكبر والتعالي من حيث لا يشعر هذا ما كنت أقوله في أحد المجالس في مدينة بوسطن بأمريكا وكان بالمجلس أحد الأصدقاء الأحباء فحكى لي تعليقاً على ما ذكرت قصة حصلت بينه وبين أحد أبنائه عندما كان يلعب معه بكتاب من بلاستيك فوقع الكتاب خطأ على وجه الطفل وجرحه جرحا ًبسيطاً

فقام واحتضن ابنه واعتذر منه أكثر من مرة حتى شعر أن ابنه سعد باعتذاره هذا فلما ذهب به إلى غرفة الطوارئ في المستشفى لعلاجه وكان كل من يقوم بعلاجه يسأله كيف حصل لك هذا الجرح ؟ يقول : كنت ألعب مع شخص بالكتاب فجرحني ولم يذكر أن أباه هو الذي سبب له الجرح ثم قال معلقاً : أعتقد أن سبب عدم ذكري لأنني اعتذرت منه.



وحدثني صديق آخر عزيز علي وهو دكتور بالتربية بأنه فقد أعصابه مرة مع أحد أبنائه وشتمه واستهزأ به ثم اعتذر منه فعادت العلاقة أحسن مما كانت عليه في أقل من ساعة



فالاعتراف بالخطأ والاعتذارلا يعرف صغيراً أو كبيراً
 
ما أجمل أن نسعد الآخرين
hospital_bed_in_007.jpg

ما أجمل أن نسعد الآخرين: في أحد المستشفيات كان هناك مريضان هرمين في غرفة واحدة ، كلاهما معه مرض عضال أحدهم كان مسموحاً له بالجلوس في سريره لمدة ساعة يوميا بعد العصر ولحسن حظه فقد كان سريره بجانب النافذة الوحيدة في الغرفة، أما الآخر فكان عليه أن يبقى مستلق على ظهره طوال الوقت.


كان المريضان يقضيان وقتهما في الكلام، دون أن يرى أحدهم الآخر، لأن كلاً منهما كان مستلقياً على ظهره ناظر إلى السقف.


تحدثا عن أهليهما ، وعن بيتيهما ، وعن حياتهما ، وعن كل شيء وفي كل يوم بعد العصر، كان الأول يجلس في سريره حسب أوامر الطبيب، وينظر في النافذة، ويصف لصاحبه العالم الخارجي وكان الآخر ينتظر هذه الساعة كما ينتظرها الأول ، لأنها تجعل حياته مفعمة بالحيوية وهو يستمع لوصف صاحبه للحياة في الخارج.


ففي الحديقة كان هناك بحيرة كبيرة يسبح فيها البط ، والأولاد صنعوا زوارق من مواد مختلفة وأخذوا يلعبون فيها داخل الماء، وهناك رجل يؤجَّر المراكب الصغيرة للناس يبحرون بها في البحيرة، والجميع يتمشى حول حافة البحيرة وهناك آخرون جلسوا في ظلال الأشجار أو بجانب الزهور ذات الألوان الجذابة، ومنظر السماء كان بديعاً يسر الناظرين.. وفيما يقوم الأول بعملية الوصف هذه ينصت الآخر في ذهول لهذا الوصف الدقيق الرائع ثم يغمض عينيه ويبدأ في تصور ذلك المنظر البديع للحياة خارج المستشفى.


وفي أحد الأيام وصف له عرضاً عسكرياً ورغم أنه لم يسمع عزف الفرقة الموسيقية إلا أنه كان يراها بعيني عقله من خلال وصف صاحبه لها.


ومرت الأيام والأسابيع وكل منهما سعيد بصاحبه وفي أحد الأيام جاءت الممرضة صباحاً لخدمتهما كعادتها، فوجدت المريض الذي بجانب النافذة قد قضى نحبه خلال الليل ، ولم يعلم الآخر بوفاته إلا من خلال حديث الممرضة عبر الهاتف وهي تطلب المساعدة لإخراجه من الغرفة فحزن على صاحبه أشد الحزن وعندما وجد الفرصة مناسبة طلب من الممرضة أن تنقل سريره إلى جانب النافذة ولما لم يكن هناك مانع فقد أجابت طلبه.


ولما حانت ساعة بعد العصر وتذكر الحديث الشيق الذي كان يتحفه به صاحبه انتحب لفقده ولكنه قرر أن يحاول الجلوس ليعوض ما فاته في هذه الساعة وتحامل على نفسه وهو يتألم، ورفع رأسه رويداً رويداً مستعيناً بذراعيه، ثم اتكأ على أحد مرفقيه وأدار وجهه ببطء شديد تجاه النافذة لينظر العالم الخارجي وهنا كانت المفاجأة!! لم ير أمامه إلا جداراً أصم من جدران المستشفى ، فقد كانت النافذة على ساحة داخلية نادى الممرضة وسألها إن كانت هذه هي النافذة التي كان صاحبه ينظر من خلالها، فأجابت إنها هي !!


فالغرفة ليس فيها سوى نافذة واحدة ثم سألته عن سبب تعجبه، فقص عليها ما كان يرى صاحبه عبر النافذة و ما كان يصفه له.. كان تعجب الممرضة أكبر، إذ قالت له: ولكن المتوفى كان أعمى ، ولم يكن يرى حتى هذا الجدار الأصم ، ولعله أراد أن يجعل حياتك سعيدة حتى لا تُصاب باليأس فتتمنى الموت.
 
رأس السمكة وذيلها

1709545_c71b.png

جلست الزوجة تحدث زوجها عن زيارتها لصديقتها وأنها قدمت لها طبقاً من السمك المشوي لم تذق مثله من قبل, فطلب الزوج من زوجته أن تأخذ الطريقة ليذوق هذا الطبق الذي لا يقاوم. اتصلت الزوجة وبدأت تكتب الطريقة وصديقتها تحدثها فتقول " نظفي السمكة ثم اغسليها، ضعي البهار ثم اقطعي الرأس والذيل ثم أحضري المقلاة .." هنا قاطعتها الزوجة: ولماذا قطعتي الرأس والذيل؟

فكرت الصديقة قليلا ثم أجابت: لقد رأيت والدتي تعمل ذلك! ولكن دعيني أسألها. اتصلت الصديقة بوالدتها وبعد السلام سألتها: عندما كنت تقدمين لنا السمك المشوي اللذيذ لماذا كنت تقطعين رأس السمكة وذيلها؟ أجابت الوالدة: لقد رأيت جدتك تفعل ذلك! ولكن دعيني أسألها. اتصلت الوالدة بالجدة وبعد الترحيب سألتها: أتذكرين طبق السمك المشوي الذي كان يحبه أبي ويثني عليك عندما تحضرينه؟

فأجابت الجدة : بالطبع، فبادرتها بالسؤال قائلة: ولكن ما السر وراء قطع رأس السمكة وذيلها؟ فأجابت الجدة بكل بساطة وهدوء: كانت حياتنا بسيطة وقدراتنا متواضعة ولم يكن لدي سوى مقلاة صغيرة لا تتسع لسمكة كاملة!

المغزى
تمثل هذه القصة واقع الكثير من العاملين في المنشآت، فهم يستمرون بالقيام بأعمال روتينية واتخاذ إجراءات معينه وإتباع حلول متكررة دون التفكير في المتغيرات والمستجدات لأن أبسط وأسهل شيء هو أن نفعل ما كنا نقوم به دوماً وهذا بدوره يسبب هدراً لا داعي له ويكبد مصاريف كان بالإمكان تلافيها. ومع التحديات والمنافسة المتزايدة يحتاج العاملون إلى ابتكار أفكار جديدة وإيجاد حلول للمشاكل التي تواجههم بعيداً عن أسلوب التفكير الرتيب والوسائل التقليدية المكلفة
 
عودة
أعلى