Samir Aser
New Member
مِين محمد دَه ؟!
نظر حوله ؛ لقد اختلى كل رفيق بخليلته فى الخيام الأنيقة الحمراء والصفراء والزرقاء المنصوبة على شاطىء البحر الأحمر ، وقد تبعثرت فى كل مكان عُلب البيرة وزجاجات النبيذ الفارغة وكمية كبيرة من قشور الاستاكوزا . وبقى وحده معها ؛ ومازالت تجلس القرفصاء ، تلك المرأة الفرنسية الصغيرة تنظر بعينين ثابتتين بعيدا بعيدا عبر البحر الساكن .
قام بخفة نحو الميكروباص ، ودفع لصيادى الاستاكوزا باقى حسابهم ، وأمر السائق بإعادتهم إلى الميناء . كان قد بدأ نشاطه منذ أن وطأت قدماه أرض مدينة الغردقة ؛ جلب عدة خيام أنيقة ؛ واتفق مع صيادى الاستاكوزا على أن يقوموا بالصيد لحسابه ؛ واعداد الاستاكوزا الطازجة بسلقها بطريقتهم الفريدة فى أوعية خاصة بماء البحر ؛ بينما يقضى زبائنه من السياح الأجانب الجوالين وقتهم فى اللهو والرقص على أنغام الديسكو فى سهرة خلوية ساحرة .
عاد بهدوء واستلقى إلى جوارها ينظر إلى السماء الصافية الأديم ؛ وقد بدى القمر بدراً ضاحكاً يطل من عليائه ، يشع بضوئه الغموض والبهجة ؛ وانتثرت حوله النجوم لم يتخلف منها جرم فى احتفالية سماوية رائعة . الجو مشبع برائحة اليود ؛ والنسيم الدافىء تتوالى هباته الرقيقة .
إنه لأول مرة يشعر بعجزه ؛ وهو الخبير بالنساء ؛ إن فى هذه المرأة الفرنسية الصغيرة شيئاً مُحيراً لم يعهده من قبل فى بنات جنسها . لفتت نظره منذ أن وقع بصره عليها ، واختارها لتكون رفيقته.. غجرية العينين ، والشفتين ، والـ .....
؛ لقد ضحكت احدى رفيقاتها ، عندما لاحظت أنه يحاول التودد إليها ؛ وقالت بفرنسيتها مايعنى : - مادلين من بنات الليل فى باريس .. بس خلاص .. سِى فِينِيه.. مافيش فايده .. رَيَّح نفسك .. قابلت محمداً فى الأقصر قبل أن نأتى إلى هنا .
ثم تعالت ضحكاتها وأردفت : - أصابتها لعنة الفراعنة .
ساعتها ابتسم فى سخرية ( فليقبل التحدى ) .
وهاهو يستلقى إلى جوارها ممداً على الرمال.... لم تشرب الخمر.. لم ترقص .. ألح عليها فتناولت قطعة صغيرة من الخبز تلوكها فى صمت . انعقد لسانه ولم يجد سوى كلمة ( سافا ) يوجهها لها من آن لآخر ؛ فتهز رأسها ببطء دون أن تجيب . كلما مد يده يتحسسها زَمَّت شفتيها وانهمرت الدموع من عينيها فى صمت.... لم تمنعه من تقبيلها بينما دموعها تغمر وجهه ... ولأول مرة تلفظت بعبارات مبهمة ؛ خُيّل إليه أنها تنطق باسم ( الله ) بلكنتها الفرنسية .
أسقط فى يده وتراجع وتساؤل يطن برأسه المخمور ( مِين محمد دَه ؟!.. مِين محمد دَه ؟! ) ؛ امتلأ قلبه بالغيرة ؛ وتخيله أسمر اللون ؛ نحيفا ؛ ذى شعر أسود مجعد ؛ يجيد التحدث بأكثر من لغة... ( أعرفهم هؤلاء الأقصريين . اذن فقد امتلكها بسحره وعَجَزْتُ عن فك طلسماته .... مِين محمد ده ؟! ... مِين محمد ده ؟! ) ؛ وأثقلت الخمر رأسه فنام .
أحس بسخونة ؛ وانتبه على قرص الشمس الأحمر الكبير يُولد من رحم البحر ؛ فرك عينيه... مازالت جالسة بسابق هيئتها ترقب قرص الشمس الأحمر . قام من رقدته واعتدل فى جلسته ؛ أحست به قامت بهدوء ؛ وأخذت تسير الهوينى على شاطىء البحر تتقافز حولها المخلوقات البحرية تفر هاربة إلى جحورها فى الرمال.... نظر إليها وهى تبتعد فى حيرة.... وأمسك برأسه بكلتا يديه ، فلمح حقيبتها الصغيرة تناثرت منها بعض الأوراق ؛ لفتت نظره ورقة زرقاء مطوية، سحبها ؛ وفتحها ؛ فإذا به يقرأ كلمات مكتوبة باللغة العربية بخط جميل :
الله معى .. الله ناظِرى .. الله شاهِدى
من كان الله معه وهو ناظره وشاهده .. يعصيه ؟!
إياكِ والمعصية .
طوبى للأنقياء القلب ؛ لأنهم يعاينون الله .
؛ ووجد نفس الكلمات مكتوبة بحروف لاتينية .
التفت ناحيتها .... مازالت تسير بعيدا بعيدا ...
ولم تُر بعد ذلك خيامه الأنيقة على شاطىء البحر .
سمير عصر
نظر حوله ؛ لقد اختلى كل رفيق بخليلته فى الخيام الأنيقة الحمراء والصفراء والزرقاء المنصوبة على شاطىء البحر الأحمر ، وقد تبعثرت فى كل مكان عُلب البيرة وزجاجات النبيذ الفارغة وكمية كبيرة من قشور الاستاكوزا . وبقى وحده معها ؛ ومازالت تجلس القرفصاء ، تلك المرأة الفرنسية الصغيرة تنظر بعينين ثابتتين بعيدا بعيدا عبر البحر الساكن .
قام بخفة نحو الميكروباص ، ودفع لصيادى الاستاكوزا باقى حسابهم ، وأمر السائق بإعادتهم إلى الميناء . كان قد بدأ نشاطه منذ أن وطأت قدماه أرض مدينة الغردقة ؛ جلب عدة خيام أنيقة ؛ واتفق مع صيادى الاستاكوزا على أن يقوموا بالصيد لحسابه ؛ واعداد الاستاكوزا الطازجة بسلقها بطريقتهم الفريدة فى أوعية خاصة بماء البحر ؛ بينما يقضى زبائنه من السياح الأجانب الجوالين وقتهم فى اللهو والرقص على أنغام الديسكو فى سهرة خلوية ساحرة .
عاد بهدوء واستلقى إلى جوارها ينظر إلى السماء الصافية الأديم ؛ وقد بدى القمر بدراً ضاحكاً يطل من عليائه ، يشع بضوئه الغموض والبهجة ؛ وانتثرت حوله النجوم لم يتخلف منها جرم فى احتفالية سماوية رائعة . الجو مشبع برائحة اليود ؛ والنسيم الدافىء تتوالى هباته الرقيقة .
إنه لأول مرة يشعر بعجزه ؛ وهو الخبير بالنساء ؛ إن فى هذه المرأة الفرنسية الصغيرة شيئاً مُحيراً لم يعهده من قبل فى بنات جنسها . لفتت نظره منذ أن وقع بصره عليها ، واختارها لتكون رفيقته.. غجرية العينين ، والشفتين ، والـ .....
؛ لقد ضحكت احدى رفيقاتها ، عندما لاحظت أنه يحاول التودد إليها ؛ وقالت بفرنسيتها مايعنى : - مادلين من بنات الليل فى باريس .. بس خلاص .. سِى فِينِيه.. مافيش فايده .. رَيَّح نفسك .. قابلت محمداً فى الأقصر قبل أن نأتى إلى هنا .
ثم تعالت ضحكاتها وأردفت : - أصابتها لعنة الفراعنة .
ساعتها ابتسم فى سخرية ( فليقبل التحدى ) .
وهاهو يستلقى إلى جوارها ممداً على الرمال.... لم تشرب الخمر.. لم ترقص .. ألح عليها فتناولت قطعة صغيرة من الخبز تلوكها فى صمت . انعقد لسانه ولم يجد سوى كلمة ( سافا ) يوجهها لها من آن لآخر ؛ فتهز رأسها ببطء دون أن تجيب . كلما مد يده يتحسسها زَمَّت شفتيها وانهمرت الدموع من عينيها فى صمت.... لم تمنعه من تقبيلها بينما دموعها تغمر وجهه ... ولأول مرة تلفظت بعبارات مبهمة ؛ خُيّل إليه أنها تنطق باسم ( الله ) بلكنتها الفرنسية .
أسقط فى يده وتراجع وتساؤل يطن برأسه المخمور ( مِين محمد دَه ؟!.. مِين محمد دَه ؟! ) ؛ امتلأ قلبه بالغيرة ؛ وتخيله أسمر اللون ؛ نحيفا ؛ ذى شعر أسود مجعد ؛ يجيد التحدث بأكثر من لغة... ( أعرفهم هؤلاء الأقصريين . اذن فقد امتلكها بسحره وعَجَزْتُ عن فك طلسماته .... مِين محمد ده ؟! ... مِين محمد ده ؟! ) ؛ وأثقلت الخمر رأسه فنام .
أحس بسخونة ؛ وانتبه على قرص الشمس الأحمر الكبير يُولد من رحم البحر ؛ فرك عينيه... مازالت جالسة بسابق هيئتها ترقب قرص الشمس الأحمر . قام من رقدته واعتدل فى جلسته ؛ أحست به قامت بهدوء ؛ وأخذت تسير الهوينى على شاطىء البحر تتقافز حولها المخلوقات البحرية تفر هاربة إلى جحورها فى الرمال.... نظر إليها وهى تبتعد فى حيرة.... وأمسك برأسه بكلتا يديه ، فلمح حقيبتها الصغيرة تناثرت منها بعض الأوراق ؛ لفتت نظره ورقة زرقاء مطوية، سحبها ؛ وفتحها ؛ فإذا به يقرأ كلمات مكتوبة باللغة العربية بخط جميل :
الله معى .. الله ناظِرى .. الله شاهِدى
من كان الله معه وهو ناظره وشاهده .. يعصيه ؟!
إياكِ والمعصية .
طوبى للأنقياء القلب ؛ لأنهم يعاينون الله .
؛ ووجد نفس الكلمات مكتوبة بحروف لاتينية .
التفت ناحيتها .... مازالت تسير بعيدا بعيدا ...
ولم تُر بعد ذلك خيامه الأنيقة على شاطىء البحر .
سمير عصر