الفرزدق
صخر النقائض الصلد
الفرزدق الجناح الاخر لطائر النقائض الاشهر فى ديوان الشعر العربى على مدى تاريخة كلة اما الجناح الاول فهو جرير وبهذين الجناحين حلق ذلك الطائر طويلا متفردا فى فضاء لعبة النقائض مستفيدا من اعجاب الجمهور العربى كلة بتلك اللعبة وشغفة بتداعياتها بعد ذلك
ولكنها لعبة ، مجرد لعبة ، وهذا ما سنحاول اثباتة ومن ادلة هذة المحاولة ذلك الرثاء الشجى للفرزدق على لسان جرير فى قصيدتين يمكن النظر اليهما باعتبارهما من عيون مراثى العرب ، ولا يمكن الا ان يكون ذلك الرثاء حقيقيا وصادق فلا يمكن ان تزيف مشاعر الحزن بتلك الطريقة المتقنة ،والاهم الا داعى لذلك التزييف لدى جرير
لقد كان حزيتا بالفعل وهو يودع ندة الاثير الفرزدق ، وينهى بذلك حقبة من تاريخة الشخصى لا تاريخ خصمة اللدود وحسب .فلم يكن لقصيدتة ان تطبق شهرتها الافاق لولا انها توسلت ذلك الصراع الوهمى فى سياق لعبة النقائض بالتعاون مع الفرزدق وكان لكل منهما طريقتة فى ممارسة اللعبة ، حيث قالت العرب قولتها فيهما " جرير يغرف من بحر والفرزدق ينحت من صخر "
استفاد الشاعران اذن من تلك اللعبة بالتساوى والتوازى ايضا ، ولكن هذا لا يعنى انهما لم يكونا شاعرين مجيدين فعلا ، ولا يعنى انهما لم يتركا لنا سوى تلك النقائض وحسب . ففى تاريخ الفرزدق الشخصى والحديث عنة وحدة الان ، من المأثر الشعرية ما يمكن ان نقيمة من خلالة وحدة ، وبغض النظر عن نقائضة مع جرير ، باعتبارة احد اهم شعراء العصر الامويى ، فقد نظم جميع انواع الشعر واغراضة المعروفة فى سياق عصرة من مدح وهجاء وفخر ورثاء ، الا انة اسرف فى الفخر متكأ على سؤددة القبلى الذى اورثة اعتدادا مبالغا فية بابائة واجدادة . وكان ذلك الاعتداد زادة الاول فى معركتة مع جرير ومع غيرة من الشعراء الذين هاجاهم وهاجوة وربما كان ايضا سببا فى خصومتة مع الكثير من الولاة واهل الحكم .
وبسبب تلك العلاقات المضطربة مع اهل الحكم من الامويين والتى زاد من اشتعالها ، وربما كان سببا فيها من الاساس انحيزة لآل البيت وتشيعة المعلن لة فى خصومتة مع الدولة الاموية ، وعندما جاهر بذلك التشيع فى قصائد طبقت شهرتها الافاق ، اضطرة حنق البيت الاموى علية لان يترك العراق كلها حيث تمركز الحكم الاموى، الى المدينة المنورة ، ولكن هذا لم يمنعهم من حبسة لبعض الوقت فى عهد هشام بن عبد الملك
ولد هماما بن غالب بن صعصة التميمى الدارمى فى البصر عام 38 هجريا ( 658م) ولقب منذ ولادتة بالفرزدق اى صاحب الوجة المدور كاستدارة رغيف الخبز الضخم ولعل فى اللقب ما يدل على بعض ملامحة وصفاتة الجسمانية الضخمة والتى يبدوا انها كانت احد عناصر فخرة بذاتة الى فخرة بنسبة الرفيع واصلة الشريف وفقا للمعاير العربية الصرف
ويبدوا ان نبوغة بدأ باكرا فقد خرص اهلة على ان يقضى فترة من حياتة وهو صغير فى البادية على عادة وجهاء القوم ، ومخالطتة لاهل البادية من العرب الذين لم يتاثروا باخلاط المدن اللغوية اكتسب فصاحتة وطلاقة لسانة ثم عاد ليتلقى العلم بشكل منهجى على ايدى اهل العلم فى مدينة البصرة أنذاك فتميز بتعلمة العربية وانحيازة لنحوها انحيازا بينا . وقد حضر الفرزدق فى اطار تعليمة مجالس اهل العلم المروموقين فى ذلك الوقت كمجلس الحسن البصرى وغيرة وبلغ من تأثرة بهذة المجالس ان رأى البعض فى شعرة الكثير من ملامح لغة الوعاظ والفقهاء وقد عد الكثيرون شعرة من اهم مصادر اللغة العربية ومن ابرز شواهدها حتى قيل :" لولا شعر الفرزدق لذهب ثلث اللغة العربية " .
ولم يكن النحاة وحدهم من استفاد بشعر الفرزدق فقد نافسهم فى ذلك المؤرخون ايضا وذلك لولعة بايراد ايام العرب وحوادثهم وانسابهم ومناقبهم ومثالبهم فى شعرة بشكل ميزة عن معاصيرية من الشعراء على هذا الصعيد
كما يستطيع متلقى قصيد الفرزدق ان يعر ف الكثير من تفاصيل الاحداث السياسية فى عصرة كاحداث الخوارج واحداث خراسان وغيرها كثيرا من الاحداث التى شكلت الخريطة السياسية لامة العرب فى ذلك الوقت
وقد كان الفرزدق يعتنى بشعرة ويحرص على سلامتة كنحات ينحت ابياتة من صخور صلدة لتكون جواهر لامعة تحت شمس النقض الساطعة وكان يكثر من الحكمة حتى ذهبت جملة من ابياتة مذهب الامثال الشعبية
وتوفى سنة 110هجريا ( 728م) فى منطقة كاظمة بالكويت .
سعدية مفرح