حكاية مظلة

حكاية مِظلـّة
يتركني كلّ صيف، لا يسألُ عني!! و على أبواب الشتاء يتذكرني، يحملني بين يديه، ينفضُ غبار الشهور التي أهملني فيها..
و في جوٍّ عاصف يسيرُ بي تحت زخّات المطر التي تطرقُ رأسي..
أكثرُ ما يؤلمني عندما يتأبّط ذراعي ذاهباً اليها، و في كنف ظلي يتسامران على وقع طرطقة حبّات المطر، يغازلها و يغزلني، يتلاعب بي بأنامله الرشيقة، فأدور مترنحة من العشق!! من شدّة اشتياقي اليه أكاد أن احضنه و لكني أحجبُ لهفتي خشيةً أن ترشقه حبّة مطر فترديه مريضاً..
كم من مرّة رماني على مقعدٍ، قرب المدفأة، لا يداعبني، ينصرف عني اليها، يخاطبها، يبتسم لها.. و أنا هناك أنتظر لمسة من يده و الغيرة تحرقني، أو أن يرمقني بنظرة على الأقل، تذكـّره باللحظات الجميلة التي قضيناها سويّاً..
خائنٌ هو، لا يقدّرُ حبّي، اهتمامي و سهري على راحته..
ذات مساء في ثورة عشق نسيني، عاد بعدَها و قد ابتلت ثيابُهُ..
الى حيثُ أقبع مقيّدة أتى، و الغضبُ يكاد يقتلني خوفاً عليه، و قلقاً من أن يصيبه مكروه..
لقد صدق ظني، فلأيّام خلت بقي طريح الفراش و هو يعاني من انفلونزا حادة..
فجأة سمعتُ طرقاً على الباب الموارب، المفتوح بخجلٍ.. ها هي!! ألم يكفها ما أصابه بسببها، لماذا أتت؟!!
بخطواتٍ حانقة إليّ أقبلت لتحملني اليه و الدهشة تشل كلّ توقعاتي، تقطع حبل تساؤلاتي!!
صوتها العاتب يقول: الحق عليك، لماذا لم تأخذ مظلتك؟!! لا تتركها مرّةً ثانية.
عندها عقدتُ صداقتي عليها، و صارت كلّ أيام السنة نزهةً لي برفقته في الشتاء و الأيّام الصافية..

حسام فوزي سعيد - كاتب من لبنان
 
13210200132.gif
 
عودة
أعلى