الغش.. خلق المفلسين

mohamadamin

حكيم المنتدى
الغش.. خلق المفلسين




قد يجد الناظر من حولنا أنَّ أحوال كثير من الناس قد تغيَّرت لدرجة أن أصبح الغشُّ خُلُقًا ودَيدنًا ، لا

يستغنون عنه في تعاملاتهم وتسيير أمور حياتهم ومعيشتهم .

ولقد وصل الغشُّ إلى شرائحَ كثيرة من المجتمع وصولاً ليست له دلالةٌ سوى أنَّ صاحبه قد باع آخرتَه بدنيا

عفنةٍ قذرة ، لن تطول كثيرًا ، ولن يجنيَ في آخرته سوى الخُسران والضياع يوم لا ينفعُ الندم .

( اللهم نجّنا وثبّتنا )..

( وإنّا لله وإنّا إليه راجعون )..



نماذج من المُفلسين



التاجر :


فمن التجَّار من تجده يحلف الأيمان المغلَّظة في تجارته ، وهو يعلم أنه كاذب ! ومنهم من يَغشُّ في سلعته

بخلطها بما يُفسد فائدتها ! ومنهم من يغشُّ في تواريخ الإنتاج وتواريخ الصلاحية ! ومنهم من يضع السلع

الفاسدة بقاع العبوة ثم يضع من فوقها السِّلع الصالحة المميزة في شكلِها وجمالها ! ومنهم من يخلِط مع

العسل ماءً ! ومنهم ، ومنهم ومنهم....


فيا تاجرًا غاشًّا في تجارتك ، اعلم أنك مفلسٌ ، فاتق اللهَ ؛ فربُّك يراك وسيحاسبك ، ولن ينفعك ندم ولا تحسُّر.


الموظف :


ومن الموظفين من يغشُّ كثيرًا ؛ تجده لا يتَّقي الله في وظيفته ، يزوغ ، ويُهمل ، ويحصُل على راتب يشوبه

الكثير من الحرام ، يطلب من زملائه التوقيع بالحضور ، وهو لا يكون حاضرًا في دائرة عمله ، ومنهم من

تجدهم لا يرقبون في الله إلاًّ ولا ذمَّة ، لا يُهمهم : أَمِنْ حلالٍ يأكلون ، أم في حرامٍ يغوصون ؟! يظنون أنَّها

شطارة وفهلوة وذكاء ، وهؤلاء والله إنما يغشُّون أنفسهم ، ويضحكون على أنفسهم قبل كونهم يغشُّون الله

وأصحاب مؤسساتهم ودوائر أعمالهم .

أىُّ بركة ستحلُّ على رواتبهم ، وبأىِّ وجه سيقابلون ربهم عند الحساب ؟! ألا يعلمون أنَّ من نبَت لحمه من

حرام فالنار أولى به ؟! يتحالفون مع الشيطان فيصلون به إلى حلبة من الصراع ، يتفوقون عليه وعلى

جنوده ؛ بل ويتميزون ، أليس في هذا غشٌّ لجهة العمل ، سواءٌ لأصحاب الأعمال بالقطاع الخاص أو

المصالح الحكومية ؟!


أليس في هذا غشٌّ لنفسه وزوجه وبنيه ، فهو يطعمهم من الحرام ويغذِّيهم من الحرام ، فأنَّى يُستجاب له ؟!

فيا غاشًّا في عملك ووظيفتك ، اعلم أنك مفلسٌ، فاتقِ الله ؛ فالغشُّ ظلمات وضياع للضمير، ومجلبة لعدم

البركة.



الطالب :


وقد تجد الطالب الذي يقتنص من زميله في قاعة الاختبارات الإجابة عَنْوة وسرقة مع سبق الإصرار

والترصُّد ؛ لينجح على أكتاف المجتهدين المُتعَبين الذين لم يتركوا ليلة إلا وهم فيها ساهرون ، ثم يفاجأ

المسكين أنَّ ذلك الآخر - الذي غشَّ منه - قد حصل على درجة أعلى منه، كيف ذلك ؟!


لا يدري، وإنا لله وإنا إليه راجعون!

فتكون النِّقمة على المُعلِّم الذي صحّح الاختبار ، وعلى الطالب الذي تفنَّن في القنص بإبهار ، فتتأجَّج القلوب

وتشتعل ، ولا حول ولا قوَّة إلا بالله العظيم !

فيا طالبًا غاشًّا ، اعلم أنك مفلس.. فاتق الله ، فإن ما حصلت عليه - قنصًا - سيكون إلى زوال ، فضلاً عن

ضياع خُلُقك .



المدَّعون للعلم والمعرفة :



وقد تجد فئةً من المدَّعين للعلم والمعرفة يقومون بسرقة أبحاث غيرهم ومقالاتهم ودراساتهم ، ثم يُزيلون منها

أسماءَ أصحابها ، وينسبونها لأنفسهم ، بلا ضمير ، بلا خجل ، بلا حياء ، بلا خوف من الله ! وهى فئة

وشريحة كبيرة جدًّا الآن ؛ خاصَّة على الشبكة الإنترنتية ؛ فكثر هؤلاء الذين ينقُلون المقالات والبحوث

والدراسات عن غيرهم، وينسبونها لأنفسهم، ولا يكلِّف أحدهم نفسه أن يشير إلى أن المنشور قد تم نقله عن

فلان أو علاَّن ؛ إحقاقًا للحق، وحفاظًا على حقوق مَن بحث وكتب ودرَس وألَّف ، ولا حول ولا قوة إلا بالله

! ضاعت الضمائر، وعميت البصيرة والبصائر ؛ سعيًا وراء الرِّياء والسمعة والشهرة ؛ حتى يقالَ عنهم :

إنهم كُتَّاب وعالمون ومثقفون ومميَّزون .

فيا غاشًّا في العلم والمعرفة ، اعلم أنك مفلس، اتق الله ، وأعط كلَّ ذي حقٍّ حقَّه ، وانسُب الفضل في العلم

والمعرفة إلى صاحبه وأهله .

، واعلم أنَّ الله طيِّبٌ لا يقبل إلا ما كان طيبًا ، وأْتِ بأسلوب راقٍ لا ضياع فيه لحقوق الغير.



المُعلِّمون :


وقد تجد شريحةً من المعلِّمين والمعلمات لا يتَّقون الله في الشرح وتبيين الدروس لطلابهم ، فيتركون

الغامض من الدروس ، ويعقِّدون السهل منها ؛ وذلك من أجل مُساومة الطلاب على أنَّ الفهم الصحيح

والتحصيل الأكيد لن يكون إلا بدرسٍ خصوصيٍّ ، بعيدًا عن ساحة المدرسة ، وقاعة الفصل الدراسيِّ ،

فيصبح المعلم بذلك غاشًّا لله ورسوله ، غاشًّا للأمانة التي حمَّلها الله إياه : أمانة التعليم ، وأمانة التربية ،

وأمانة الجيل الذي يستطيع أن يساهم في إخراجه على أحسن وجه وأطيب أثر , ولا يكون ذلك الغشُّ إلا سببًا

في ضياع الضمائر ، وعثرةً كبيرة أمام أولياء الأمور الذين لا يستطيعون مُواكبة الدرس الخصوصيِّ

ومصاريفه ، ثم في النِّهاية فإنَّ هذا الغشَّ يُخرج للمجتمع - لا محالة - جيلاً ناقمًا على المعلمين ، الذين هم

في الحقيقة إذا كانوا أمناءَ بحقٍّ وعلى حق ، وعملوا بحق الأمانة ، لكانوا والله كالرسل تُقبَّل أقدامهم قبل

أيديهم؛ فهم السِّراج ، ومعالم الطريق القويم ، وشمس الهداية لتلاميذَ يراد لهم غدٌ مشرقٌ ، وأن يكونوا جيلاً

صالحًا منتجًا .


فيا معلِّمًا ، ويا معلمةً ، غاشًّا في عملك، اتق الله ؛ فالغشُّ ضياعٌ لتلاميذك ، ومجلبةٌ للنقمة ، ومحق للبركة

من رزقك !


خاتمة :


اللهمَّ إنك ناظرٌ إلينا ، حاضرٌ معنا ، قادرٌ علينا ، أحطْتَ بنا سمعًا وعلمًا وبصرًا ، فارزقنا أُنسًا بك وهيبةً

منك ، وقوِّ فيك يقيننا ، وبك اعتصمنا فأصلح لنا ديننا ، وعليك توكَّلنا فارزقنا ما يكفينا ، وبك لُذْنا فَنَجِّنا مما

يؤذينا ؛ أنت حسبنا ونعم الوكيل ، نعم المولى ونعم النصير .

وصلِّ اللهم على نبينا وقدوتنا محمَّد صلى الله عليه وسلِّم وآله وأصحابه ، الصادق الأمين .
 
الغش وتزويـــــــــــــــــــــــــــــــــر الحقائــق لها رواج كبير في زمننا... اللهم بصرنا بالحق:)
 
عودة
أعلى