الربا من أخطر البلايا التي تهدد المجتمع المسلم

mohamadamin

حكيم المنتدى
الربا من أخطر البلايا التي تهدد المجتمع المسلم
قال الله تعالى " الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {275} يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ {276} إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ {277} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {278} فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ {279} وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {280} وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ {281}‏

ما الربا ؟

الربا في اللغة : الزيادة مطلقا .
قال القرطبي : ثم إن الشرع قد تصرف في هذا الإطلاق فقصره على بعض موارده .
فمرة : أطلقه على كسب الحرام .كما قال الله تعالى في اليهود : "وأخذهم الربا وقد نهوا عنه" [النساء: 161]. ولم يرد به الربا الشرعي الذي حكم بتحريمه علينا وإنما أراد المال الحرام ، كما قال تعالى: "سماعون للكذب أكالون للسحت" [المائدة: 42] يعني به المال الحرام من الرشا، وما استحلوه من أموال الأميين حيث قالوا : " ليس علينا في الأميين سبيل " [آل عمران: 75]. وعلى هذا فيدخل فيه النهي عن كل مال حرام بأي وجه اكتسب.
والربا الذي عليه عرف الشرع : الزيادة في أشياء مخصوصة ( يعنون بذلك الأموال الربوية كما سيأتي) .
أنواع الربا
1) ربا الفضل :
وهو البيع مع زيادة أحد العوضين المتفقي الجنس على الآخر .
فالأصل أن الشيئين ( العوضين) إذا كانا من جنس واحد واتفقا في العلة [ كانا موزونين أو مكيلين ] لابد لذلك من شرطين :
أ‌) التساوي وعلم المتعاقدين يقينا بذلك .
ب‌) التقابض قبل التفرق .
وإذا كانا مختلفين في الجنس ومتحدين في العلة كبيع قمح بشعير مثلا فلا يشترط إلا التقابض وتجوز المفاضلة .
أما إذا اختلفا في الجنس والعلة كأن تبيع قمحا بذهب أو فضة فلا يشترط فيه شيء من ذلك .
عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الذهب بالذهب. والفضة بالفضة. والبر بالبر. والشعير بالشعير. والتمر بالتمر. والملح بالملح. مثلا بمثل. سواء بسواء. يدا بيد. فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يدا بيد ".‏[ أخرجه مسلم (1587) ك المساقاة ، باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدا ]
2) أما ربا النسيئة : فهو زيادة الدين في نظير الأجل ، وهو ربا الجاهلية الذي كانوا يتعاملون به ، فكان الرجل إذا أقرض آخر على أجل محدد ، فإذا جاء الأجل ولم يستطع الأداء قال له : تدفع أو ترابي فيزيده في نظير زيادة الأجل.
kba2er-k012-06.jpg

خطورة الربا

1) أكل الربا يعرض صاحبه لحرب الله ورسوله ، فيصير عدوا لله وسوله
قال الله تعالى " ‏فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون " .
قيل المعنى :إن لم تنتهوا فأنتم حرب لله ولرسوله ، أي أعداء. ‏
فهي الحرب بكل صورها النفسية والجسدية ، وما الناس فيه الآن من قلق واكتئاب وغم وحزن إلا من نتاج هذه الحرب المعلنة لكل من خالف أمر الله وأكل بالربا أو ساعد عليها ، فليعد سلاحه إن استطاع ، وليعلم أن عقاب الله آت لا محالة إن آجلا أو عاجلا ، وما عهدك بمن جعله الله عدوا له وأعلن الحرب عليه رب سلم سلم .
2) آكل الربا وكل من أعان عليه ملعون .
قال صلى الله عليه وسلم " آكل الربا ، وموكله ، وكاتبه ، وشاهداه ، إذا لمسوا ذلك ، والواشمة، والموشومة للحسن ، ولاوي الصدقة ، والمرتد أعرابيا بعد الهجرة، ملعونون على لسان محمد يوم القيامة "[2] واللعن هو الطرد من رحمة الله تعالى .
3) أكل الربا من الموبقات
قال الله تعالى : " الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس "
قال ابن عباس في قوله : " الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش " قال : أكبر الكبائر الإشراك بالله عز وجل ، قال الله عز وجل " ومن يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة " ثم قال : وأكل الربا لأن الله عز وجل يقول " الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس " [ قال الهيثمي في المجمع : رواه الطبرانى وإسناده حسن ] .

وحقيقة الكبيرة أنها كل ذنب ورد فيه وعيد شديد ، وقد جاء مصرحا بهذا في الصحيحين وغيرهما فعد رسول الله أكل الربا من السبع الموبقات . قال صلى الله عليه وسلم " اجتنبوا السبع الموبقات: الشرك بالله ، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات " [3]

4) عقوبة آكل الربا أنه يسبح في نهر دم ويلقم في فيه بالحجارة
وعن سمرة بن جندب قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه فقال من رأى منكم الليلة رؤيا قال فإن رأى أحد قصها فيقول ما شاء الله فسألنا يوما فقال هل رأى أحد منكم رؤيا قلنا لا قال لكني رأيت الليلة رجلين أتياني فأخذا بيدي فأخرجاني إلى الأرض المقدسة وفي سياق القصة قال ـ صلى الله عليه الصلاة والسلام ـ : " فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم على وسط النهر وعلى شط النهر رجل بين يديه حجارة فأقبل الرجل الذي في النهر فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه فرده حيث كان فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان ثم فسر له هؤلاء بأنهم آكلوا الربا " . [ رواه البخاري ] .
5) ظهور الربا سبب لإهلاك القرى ونزول مقت الله
قال صلى الله عليه وسلم " إذا ظهر الزنا والربا في قرية فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله " [ أخرجه الطبراني في الكبير الحاكم في المستدرك عن ابن عباس ، صححه الألباني في صحيح الجامع [679] ] .
6) مآل الربا إلى قلة وخسران .
عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ما أحد أكثر من الربا إلا كان عاقبة أمره إلى قلة " [ رواه ابن ماجه والإمام أحمد وصححه الشيخ الألباني ] .
7) أكل الربا من أسباب المسخ .
وفي مسند الإمام أحمد من حديث عبد الرحمن بن غنم وأبي أمامة وابن عباس " والذي نفس محمد بيده ليبيتن ناس من أمتي على أشر وبطر ولعب ولهو فيصبحوا قردة وخنازير باستحلالهم المحارم والقينات وشربهم الخمر وأكلهم الربا ولبسهم الحرير" [ رواه عبد الله بن الإمام أحمد في المسند وكذا ابن أبي الدنيا كما ذكره ابن القيم في إغاثة اللهفان ]
الربا شقيقة الشرك .
" الربا سبعون بابا، والشرك مثل ذلك " وفي رواية لابن ماجه " الربا ثلاثة وسبعون بابا " [ أخرجه البزار عن ابن مسعود وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (3538) ، (3540) ]
kba2er-k012-04.jpg

8) الربا أشد من ستة وثلاثين زنية
قال صلى الله عليه وسلم " درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم ، أشد عند الله من ستة وثلاثين زنية " [أخرجه أحمد في مسنده والطبراني في الكبير عن عبد الله بن حنظلة وصححه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح الجامع (3375) ]
وفي لفظ عند البيهقي من حديث ابن عباس " درهم ربا أشد عند الله من ستة وثلاثين زنية ومن نبت لحمه من سحت فالنار أولى به " .
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن أنس قال: " خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر الربا وعظم شأنه، فقال: إن الرجل يصيب درهما من الربا أعظم عند الله في الخطيئة من ست وثلاثين زنية يزنيها الرجل، وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم " .
9) أدنى الربا ذنبا كمثل من زنا بأمه .
عن ابن مسعود قال : قال صلى الله عليه وسلم : " الربا ثلاثة وسبعون بابا أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه، وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم "
[أخرجه الحاكم في المستدرك وصحح الحافظ العراقي في تخريج الإحياء إسناده وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (3539) ]
وعن البراء بن عازب مرفوعا " الربا اثنان وسبعون بابا ، أدناها مثل إتيان الرجل أمه ، وإن أربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه "
[ أخرجه الطبراني في الأوسط وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع “3537” ]
قال الطيبي : ‏المراد إثم الربا ، ولا بد من هذا التقدير ليطابق قوله أن ينكح " ثلاثة وسبعون باباً أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم " .
قال الطيبي : إنما كان الربا أشد من الزنا لأن فاعله حاول محاربة الشارع بفعله بعقله قال تعالى " فأذنوا بحرب من اللّه ورسوله " أي بحرب عظيم فتحريمه محض تعبد وأما قبيح الزنا فظاهر عقلاً وشرعاً وله روادع وزواجر سوى الشرع فآكل الربا يهتك حرمة اللّه ، والزاني يخرق جلباب الحياء .

بيان حكم الشرع في بعض المعاملات الشائعة

أولا : الفوائد المصرفية
صدرت الفتاوى المتتابعة من علماء العصر والصادرة عن المجامع الفقهية بحرمة أخذ فوائد البنوك .
1) فمن ذلك فتوى الشيخ بكري الصدفي مفتي الديار المصرية (سنة 1325هـ 1907م ) عن دار الافتاء المصرية .
2) وكذا الشيخ عبد المجيد سليم (سنة 1348هـ 1930م ) بتحريم استثمار المال المودع بفائدة البتة ، والفتوى الصادرة عنه (سنة 1362هـ 1943م ) بأن أخذ الفوائد عن الأموال المودعة حرام ولا يجوز التصدق بها ، ( وسنة 1364هـ 1945م ) بأنه يحرم استثمار المال المودع في البنك بفائدة ، وأن في الطرق الشرعية لاستثمار المال متسع للاستثمار .
3) وأصدر الشيخ الدكتور / عبد الله دراز بحثه (سنة 1951م) بأن الإسلام لم يفرق بين الربا الفاحش وغيره في التحريم . [ محاضرة ألقاها في مؤتمر القانون الإسلامي بباريس وهي مطبوعة باسم الربا في نظر القانون الإسلامي ]
4) كما أفتى الشيخ / محمد أبو زهرة (1390هـ 1970) بأن الربا زيادة الدين في نظير الأجل وأن ربا المصارف هو ربا القرآن وهو حرام ولا شك فيه ، وأن تحريم الربا يشمل الاستثماري والاستهلاكي في رد دامغ للذين يرددون أن الضرورة تلجئ إلى الربا [ بحوث في الربا ، ط دار البحوث العلمية 1970م ].
5) وأفتى الشيخ / جاد الحق علي جاد الحق مفتي الديار المصرية (سنة 1399هـ 1976م ) بأن سندات التنمية وأذون الخزانة ذات العائد الثابت تعتبر من المعاملات الربوية المحرمة ، وأن إيداع المال بالبنوك بفائدة ربا محرم سواء كانت هذه المصارف تابعة للحكومة أو لغيرها .
6) كما صدر عن المؤتمر الثاني للمصرف الإسلامي بالكويت (سنة 1403هـ 1983 م ) بحضور كوكبة من أبرز العلماء والاقتصاديين بيانا بأن ما يسمى بالفائدة في اصطلاح الاقتصاديين هو من الربا المحرم .
7) ناهيك عن الفتاوى الصادرة عن المجمع الفقهي بمكة المكرمة ، واللجنة الدائمة للإفتاء والإرشاد بالمملكة العربية السعودية .
ثانيا: شهادات الاستثمار وصناديق التوفير
صدرت عن مفتي الديار المصرية فضيلة الشيخ / جاد الحق علي جاد الحق (سنة 1400هـ 1979 م ) الفتوى بأن فوائد شهادات الاستثمار وشهادات التوفير من الربا المحرم ، وأنها لا تعد من قبيل المكافأة أو الوعد بجائزة .
و(سنة 1401هـ 1981م) بأن شهادات الاستثمار (أ ، ب ) ذات الفائدة المحددة المشروطة مقدما زمنا ومقدارا داخلة في ربا الزيادة المحرم .
و(سنة 1980 م) بأن الفائدة المحددة على المبالغ المدخرة بصناديق التوفير بواقع كذا في المائة ، فهي محرمة لأنها من باب الربا (الزيادة المحرمة شرعا ) .
ومن أراد أن يتثبت من هذا كله فليراجع فتاوى دار الإفتاء المصرية كل في سنته وتاريخه .

------------------
[1] أخرجه البخارى (5142) ك النكاح ، باب لا يخطب على خطبة أخيه حتى ينكح أو يدع ، ومسلم (1412) ك البيوع ، باب تحريم بيع الرجل على بيع الرجل وسومه على سوم أخيه – واللفظ له -
[2] أخرجه النسائي عن ابن مسعود ، و صححه السيوطي والألباني “صحيح الجامع [5] “ ، “ تخريج الترغيب 3/49 “ }
[3] متفق عليه أبو داود النسائي عن أبي هريرة ، وهو في صحيح الجامع [144] ، “ الإرواء/ 1202 ، 1335 ، 2365 “ }
 
عودة
أعلى