الدنيا فانية.. فلا تجعلها أكبر همك

الموضوع في 'كتب طبية' بواسطة ابو ابراهيم, بتاريخ ‏يونيو 5, 2010.

  1. ابو ابراهيم

    ابو ابراهيم مشرف كليه الطب إداري

    إنضم إلينا في:
    ‏مارس 28, 2007
    المشاركات:
    8,981
    الإعجابات المتلقاة:
    4,438
    نقاط الجوائز:
    128
    الجنس:
    ذكر
    الوظيفة:
    Family doctor)General practitioner)



    انها فانية فلماذا نجعل الدنيا أكبر همنا ومبلغ علمنا؟ هذه هي الدنيا الفانية التي لا يستقيم معها إلا العمل الصالح ولا ينفع معها إلا طريق الصلاح والفلاح إذا الدنيا دار ممر لا دار مقر، الكيس فيها من دان نفسه وعمل لما بعد الموت فعندما نأخذ أحكام ديننا كيفما تماشتْ مع أهوائنا ونتناساها متى تعارضت مع أهوائنا لنصبح على عكس ما أراد الله لنا، قال الشافعي (رحمه الله):
    إذا شئت أن تحيـا سليماً من الأذى
    وعرضك مصون وحظك طيب
    لسانك لا تذكر بـهِ عورةَ امـرئ ٍ
    فكلك عورات وللناسِ ألســنُ
    وعينك إن أبدت لـَــك معايبـــاً
    فصُنها وقل يا عينُ للناسِ أعينُ
    وعاشر بمعروفٍ وسامح من إعتدى
    وفارق ولكــن بالتي هيَ أحسنُ.
    يقول الله عز وجل في كتابه العزيز في سورة الملك(تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{1} الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ{2} الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ{3} ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِأً وَهُوَ حَسِيرٌ{4} وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِّلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ{5} وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ{6}.فلماذا جعلنا الدنيا أكبر همنا ولماذا أخذت منا كل شيء وقتنا صلاتنا أخلاقنا علاقاتنا مع أزواجنا وأبنائنا وأخذتنا من علاقاتنا الإجتماعية الأساسية هي دار ممر لا دار مقر فكيف جعلناها كل شيء ونسينا وتناسينا أن الرزق والرازق هو الله هل حجتنا أن الدنيا تحتاج للكد والتعب ؟ نعم ولكن كيف تكد وتتعب وما قسمه الله لك يأتيك ولو كنت مستلقياً على ظهرك بشرط العمل والجد لا ان نجعل كل يومنا كله للدنيا،، إنها إرادة الله عز وجل بأن جعل الرزق بيده سبحانه فكم من لاهث وراء الدنيا وكم من لاهث وراء زخرفها لن يأتيه إلا القليل منها وما قسمه الله له، ربما يقول البعض أن الدنيا تقتضي منا أن نواصل الليل بالنهار وإلا كما يقولون (بنموت من الجوع؟!) ونسينا أن هناك مثلا يردده آباؤنا واجدادنا منذ زمن طويل فحواه(ما في حدا بموت من الجوع) فكيف تمحورت المقولة عندنا لكد وتعب وجهد وإلا سنموت من الجوع. جاء في حكم وقصص الصين القديمة أن ملكاً أراد أن يكافئ أحد مواطنيه فقال له : إمتلك من الأرض كل المساحات التي تستطيع أن تقطعها سيراً على قدميك، فراح الرجل وشرع يطوي الأرض مسرعاً ومهرولاً في جنون .. سار مسافة طويلة فتعب وفكر أن يعود للملك ليمنحه المساحة التي قطعها ولكنه غير رأيه وقرر مواصلة السير ليحصل على المزيد .. سار مسافات أطول وأطول وفكر في أن يعود للملك مكتفياً بما وصل إليه .. لكنه تردد مرة أخرى وقرر مواصلة السير ليحصل على المزيد والمزيد .. ظل الرجل يسير ويسير ولم يعد أبداً .. فقد ضل طريقه وضاع في الحياة، ويقال إنه وقع صريعاً من جراء الإنهاك الشديد .. لم يمتلك شيئاً ولم يشعر بالاكتفاء والسعادة لأنه لم يعرف حد الكفاية او كما يقولون لم يقتنع بالموجود!فهو الطمع الذي لا يمكننا تركه!
    والمسلم ليس كذلك ..فهو يضع بين عينيه وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدعاء العظيم « اللهم قنعني بما رزقتني وبارك لي فيه، واخلف لي في كل غائبة خير « أو كما قال صلى الله عليه وسلم . فقضية الرزق محسومة ومنتهية لدى المسلم، لذلك فالصراع على الدنيا والتكالب عليها سقط من حسابه .. فلماذا إذن نضيع أوقاتنا وراء سراب لا يسمن ولا يغني من جوع وعبارة عن أوهام الدنيا الكاذبة(فيلا - سيارة فارهة - رصيد بنكي - أراضي - عقارات - أسهم).
    لذلك يقولون ان من أداب الحياة أن لا تسخر من الآخرين وأحلامهم الجميلة خاصة من تعتقد أنهم أقل منك من البسطاء الطيبين فربما تكون منزلة من يخدمونك ويعملون معك وتحت أوامرك عند الله أسمى وأرفع منك ومن كثير من علياء القوم، لذلك فعندما تأتي ساعة الحقيقة يجب أن نكون مستعدين لها متيقنين بأننا قد عملنا وأخلصنا العمل لأنها ستكون أخر سويعات حياتنا، {وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ }ق19.ويقولُ اللهُ تَعالى :{وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى } سورة طه.
    فلا تجعل حيـاتك مُلكاً لغيرك ولا يشغلك المخلوق عن الخـالق عز وجل. هناك أشخـاص بنظرتهم الاستعلائية على خلق الله يعتقدون إنهم لا يخطئون فقط مخلوقون لتصحيح أخطاء الآخرين ونقدهم المستمر لهم ولا يجيدون فن الإعتذار فهم يعتقدون إنهم كل شيء وغيرهم لا شيء، فمن يسلك الطريق الصحيح عندهم مذموم لأنهم ملكوا من الدنيا والعلم كل شيء فكيف تقيمهم؟؟!. قال صلى الله عليه وسلم: (كن في الدنيا كأنك عابر سبيل)أي لا تركن إليها، ولا تتخذها وطنا، ولا تحدث نفسك بالبقاء فيها، ولا تتعلق بها إلا بما يتعلق الغريب به في غير وطنه الذي يريد الذهاب منه الى أهله(النووي).
    تزود من الدنيا فإنك لا تدري
    إذا جن ليل هل تعيش إلى الفجر
    فكم من صحيح مات من غير علة
    وكم من سقيم عاش حيناً من الدهر
    وكم من عروس زينوها لزوجها
    وقد نسجت أكفانها وهي لا تدري
    وكم من صغار يرتجى طول عمرهـم
    وقد أدخلت أجسادهم ظلمة القبر
    الخوف على الحياة وزخرفها وديمومتها هو الذي قتلنا وذبحنا وغير أجمل ما فيها وهو (حسن الخلق)، وجعلنا نستبدل كل شيء جميل بكل شيء قبيح الخوف على مستقبل الأبناء الخوف على مستقبل العمل الخوف ثم الخوف ثم الخوف من ضياع الدنيا وفوات كسبها جعلنا نتغير جعلنا نتقلب. فالذي يشتغل أربع ساعات وغيره خمس ساعات وغيره لا يعود إلى بيته إلا بعد منتصف الليل صلاته المفروضة كلها قضاء.. ليأتي آخر الشهر وقد جمع الألوف من الدنانير ثم تجده في غرفة الإنعاش يستجدي ضحكه هنا أو رشفة ماء كل منهم لن يموت حتى تقول الملائكة: لقد أكل آخر لقمة، وشرب آخر شربة، ستموت ونموت بعدما ما نستوفي ما كتبه الله لنا في هذه الدنيا كما يقول صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الله وأجملوا في الطلب) أي إبذل السبب للرزق لكن لا تجعل الدنيا أكبر همك،،، فهي دنيا ممر لا دنيا مقر. إن وجدت الكافر والعاصي والمتكبر والمتغطرس والمتجبر ومن لا يعرف الله حق المعرفة يتقلب في شيء من النعيم في هذه الدنيا فلا تعجب إنما أعطاه الله شيئاً لا يساوي جناح بعوضة، ويوم القيامة يكون وبالاً عليه ! كان إبن سيرين – رحمه الله – إذا ذكر عنده الموت، مات كل عضو فيه – يعني من التفكير والتأمل، وقال إبراهيم اليمني : شيئان قطعاً عني لذة الدنيا : ذكر الموت والوقوف بين يدي الله عز وجل، وقال كعب : من عرف الموت هانت عليه مصائب الدنيا وهمومها وكذلك كان كثيراً من الصحابة يتفكر في أمر الآخرة ويكون مهموماً عليها مشتاقاً لها.لذلك يقولون إنه تأتي على القاضي العدل ساعة يتمنى فيها إنه لو لم يقض بين إثنين في تمرة.الرسول صلى الله عليه وسلم يرى تمرة على السرير يقول لعائشة رضي الله عنها لولا أني أخشى أن تكون من تمر الصدقة لأكلته وسبحان الله القائل في كتابه (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ }الأنبياء. سنحاسب على إبتسامة ساخرة لفتة حائرة لقمة إقتطعتها من مال حرام، جزء من حق غيرك أخذته بغير حق لأنك تعتقد إنك مٌخلد ..دعوة مظلوم، تكبرك على خلق الله، تبديلك لحقوق الناس بجرة قلم تعطي فلاناً وتحرم فلاناً حسب مصالحك وشخصيتك الأنانية كلها ستحاسب عليها. وعندها لن ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
    مقاله جميله منقوله من جريده الراي
     

مشاركة هذه الصفحة