المصدر: موت البابا وكسوف الشمس؟؟!! في منتدى : المنتدى الإسلامي مساء (الجمعة) كسفت الشمس كسوفا كليا حلقيا في النصف الغربي من الكرة الارضية، وأمس ايضا (دفن) عظيم الكاثوليك في العالم: البابا يوحنا بولس الثاني.. وقد يهم أناس من الناس فيظنون: ان الشمس قد انكسفت لدفن البابا، وهو وهم مدفوع بأن السنن الكونية لا ترتبط في حركتها العامة او الاستثنائية بحياة البشر ومصائرهم. فلقد انكسفت الشمس في يوم موت إبراهيم ابن النبي محمد صلى الله عليه وسلم. فقال ناس من الناس: ان الشمس انكسفت لموت إبراهيم، فخرج عليهم النبي الذي جاء ليعلم الناس الحقائق الدينية والكونية وقال بوضوح وصدق ـ : «ان الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته». وفي مثل هذه الايام من ابريل عام 2003 اندلعت الحرب على العراق. وللبابا يوحنا بولس الثاني: علاقة بهذه الحرب: فنحن نشهد بأنه كان من اقوى المعارضين لها: في اثناء الاعداد والتحضير لها، ويوم نشوبها، والى ان اوقفت.. فلماذا وقف البابا الراحل هذا الموقف القوي الواضح ضد هذه الحرب؟ هل لأنه كان يعلم (كذبة) أسلحة الدمار الشامل؟.. أو لأنه محب للسلام؟ أو لأنه يخشى أن تشوه هذه الحرب (صورة العالم المسيحي)؟.. الراجح: ان هذه الأسباب مجتمعة كانت وراء موقفه. ولذا نقول: ان العالم قد خسر بموته داعية من دعاة السلام الانساني العام.. ثم ان موقفه هذا يثبت: ان العالمين: الاسلامي والمسيحي ليسا في حالة حرب صليبية، وان كان البعض يريدها كذلك ويتمناها من أجل تحقيق اغراض مبتوتة الصلة بالمسيح ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبتعاليمه التي قوامها: الحق والعدل والتسامح والمحبة والسلام. ومن الناحية العقلانية الموضوعية: كان موقف البابا يوحنا بولس الثاني صحيحا في مناهضة تلك الحرب ومعارضتها بدليل الحقائق والوقائع التي تكشفت بعدها.. ومن هذه الحقائق والوقائع ـ على سبيل المثال ـ: ـ والذي اذيع منذ ايام ـ 1 ـ ان تقرير (اللجنة الرئاسية) في واشنطن قد أكد وجزم بأن الحرب على العراق قامت على (أكاذيب).. ومما جاء في التقرير: «ان المعلومات والتقديرات الخاصة بأسلحة الدمار الشامل العراقية كانت خاطئة بنسبة 100%، وان هذا الخطأ المروع قد ألحق ضررا جسيما وطويل المدى بالمصداقية الأمريكية على مستوى عالمي، وان اصلاح هذه المصداقية سيستغرق سنوات طويلة في المستقبل». وقالت اللجنة في تقريرها: «نحن نستنتج ان الاوساط الاستخباراتية كانت مخطئة تماما في كل تقديراتها حول اسلحة الدمار الشامل والتي سبقت الحرب على العراق». وحذر التقرير من كارثة جديدة مماثلة حيث قال: «ان هناك احتمال اعادة الاخطاء نفسها مع ايران وكوريا الشمالية في حال عدم اصلاح اجهزة الاستخبارات في جانبي: المعلومات والتحليلات.. ومما زاد الاخطاء المدمرة حدة: التجاهل المتعمد لمعلومات وآراء معارضة لوجود اسلحة دمار شامل في ذلك البلد». 2 ـ قال مؤرخ الجيش الأمريكي: الميجور اشعيا ويلسون: «لم تكن هناك رؤية واضحة لما بعد انتهاء مرحلة القتال، وبينما درس عدد من المسؤولين الحكوميين الاوضاع المحتملة التي تعقب العمليات العسكرية، لم يقدم اي شخص، اي وثيقة حقيقية تطرح استراتيجية تهدف الى الاستقرار. وبينما قد تكون هناك خطط على المستوى القومي في نطاق الحرب، فإنه لم تكن هناك اي خطط تعالج مشكلة ما بعد سقوط النظام، وليس هناك خطة عملية واضحة وكافية خاصة بتحقيق الاستقرار وبعمليات الدعم. لقد كان تصور مخططي الحرب الأمريكيين والمنفذين لها والقيادة المدنية المسؤولة عن الحرب، كان هذا التصور ضيقا جدا، قياسا بما هي عليه على ارض الواقع. وظل هؤلاء يميلون الى التفكير في العمليات العسكرية بعد الغزو وكأنها مسؤولية طرف آخر غيرهم». وما جرى قد جرى «!!!». واذا كان من المتعذر (تغيير التاريخ) حتى وان كان حديث العهد بالوعي، وبمسرح الزمان والمكان، فإنه من المستطاع: استنباط (العبرة) العميقة العقلانية الموضوعية المجدية في الحاضر والمستقبل. أ ـ والعبرة الاولى العميقة العملية: ان تعيد الولايات المتحدة (الثقة) الى (المعلومة)، فهي ثقة قد اهتزت، بل انتفت بعد شن حرب ضروس على اساس (معلومة خاطئة). اذ كيف يثق الناس في العالم، بعد ذلك: بمعلومة أمريكية تتعلق بالحرب والسلام، والاقتصاد، او الارهاب؟.. ويتعين ـ ها هنا ـ ان نقرأ ـ بانتباه جدير ـ ما ورد في تقرير اللجنة الرئاسية في هذا المجال. فقد قال التقرير: «ان المعلومات والتقديرات الخاطئة حول اسلحة الدمار الشامل العراقية قد الحقت اضرارا جسيمة بالمصداقية الأمريكية على مستوى عالمي. وان اصلاح هذه المصداقية سيستغرق سنوات طويلة». ب ـ العبرة الثانية: رد الاعتبار الى (العقل) والمنطق، فما جرى كان غير معقول، بل كان حطا من قيمة العقل ومكانته. وهذه النقطة ذات صلة بالنقطة السابقة، ذلك ان المعلومة الصحيحة، والتحليل الصحيح مرتبطان بالعقل والمنطق، والعكس صحيح. جـ ـ العبرة الثالثة: العقلانية النفعية: عدم الاصغاء للغلاة الذين يؤثرون الايديولوجيا او اتجاهاتهم الشخصية على المصلحة الوطنية او القومية العامة. فهناك عدد من الناس كان ينفخ في بوق الحرب: إما بدافع هوى شخصي او مصلحة ذاتية، وإما وفاء لاجندة اخرى.. واقرب مثال زمني على ذلك: ما يحدث لـ (توم ديلاي) زعيم الاغلبية الجمهورية في مجلس النواب الأمريكي، فقد عرف هذا الرجل بأنه (زعيم المسيحيين الصهاينة)!! وعرف بغلوه الشديد في الدفع الى الحرب، وبأنه وراء القوانين المعادية للعرب والمسلمين في الكونجرس، ولكن ماذا يجري لهذا الرجل الآن (وهذا هو موضع الشاهد)؟.. هناك لجنة برلمانية أمريكية مختصة تحقق في تجاوزات قانونية واخلاقية اتهم بها توم ديلاي. فقد اظهر التحقيق انه تلقى اموالا من شركات خاصة في روسيا وعدد آخر من الدول الاجنبية.. وفي مقابل هذه الاموال كان هذا الرجل يتولى الدفاع عن مصالح هذه الشركات، وهذه خطيئة او تهمة قد تؤدي الى استقالته.. والعبرة ان الشورى ينبغي ان تؤخذ من اناس يتمتعون بأكبر قدر ممكن من النزاهة والمصداقية والاحساس بالمسؤولية، وإلا فإن الاخطاء، بل الخطايا العسكرية والسياسية ستتكاثر بيقين، وستتكرر حتما كما قال تقرير اللجنة الرئاسية. د ـ العبرة الرابعة الكبرى العميقة: اصلاح ما فسد من العلاقات بين العالم الاسلامي والولايات المتحدة بعد الذي جرى وكان. فمهما يكن من شأن، فإن الملف لم يغلق، وان الفرصة لم تضع، بمعنى: ان العلاقة بين العالم العربي الاسلامي والولايات المتحدة يمكن ان تعود الى مسار صحيح وناضج وراشد يعتمد على مقومات ثلاثة: 1 ـ المقوم الاول هو: الاقتناع الراسخ بـ (المشترك الانساني) المتمثل في التعدديات: الثقافية واللغوية والعرقية والحضارية والتشريعية والسياسية، ولعل من تصحيح المسار ان نسمع كونداليزا رايس تقول: «لا يمكن لاحد السعي لفرض نموذج حضاري بعينه للتغيير المرتقب الذي ينبغي ان يتحقق في سياق التقاليد والظروف الدينية والتاريخية والثقافية. فالدول تسير بخطوات تناسبها». 2 ـ المقوم الثاني: المصالح المشتركة. وعلى الطرفين في هذا الميدان: ان يتبادلا النضال الصدوق، بمعنى ان يناضل كل طرف في سبيل خدمة مصالح الطرف الآخر: باخلاص وهمة وجلد. 3 ـ المقوم الثالث: الكف المتبادل عن التشويه المتبادل. وهذا هو المنهج الصحيح الواقعي في (تحسين) صورة الولايات المتحدة لدى الرأي العام العربي الاسلامي.. ونحن ننادي بهذا المنهج ونؤيده. لماذا؟ لأنه ليس من قيمنا تقبيح صورة الآخرين، ولا تمني السوء لهم ولأن صورة جميلة للولايات المتحدة تحفزنا على الثناء على ما فيها من خير من دون ملام من قومنا المرتاعين الملتاعين مما يحدث. بيد ان ذلك كله لا ينبغي ان يكون (مجانا)، فعلى الأمريكيين، ان يكفوا عن تشويه ديننا وقيمنا وقضايانا. هذا هو الطريق لتصحيح المسار، وتحسين الصورة. انها فتنة فاعتبروا يا اولوا الابصار ............ منقووووووول..................
