ادب المحاكمة الأدبية لبشار بن برد

الموضوع في 'منتدى اللغة العربية' بواسطة موسى حمدان, بتاريخ ‏أكتوبر 25, 2013.

  1. موسى حمدان

    موسى حمدان Active Member

    إنضم إلينا في:
    ‏أكتوبر 23, 2009
    المشاركات:
    234
    الإعجابات المتلقاة:
    212
    نقاط الجوائز:
    43
    الجنس:
    ذكر


    المُحَاكَمَةُ الأَدَبِيَّةُ
    للشَّاعِرِ العَبَّاسِيِّ بَشَّار بن بُرْد
    موسى حمدان
    2013 م
    الشَّاعر بَشَّار بن برد
    نسبه: بشَّار بن برد العُقيلي، نسبة لامرأة من بني عقيل أعتقته من الرِّقِّ، ويُكَنَّي بأبي معاذ، ولُقِّب بالمُرَعَّث، لأنَّه وهو صغير كان له في أُذُنه رعاث، والرُّعاث القرط، أي الحلق الذي يُعلَّق في الأذُن، وقال ابن سلام: إنَّما سُمِّيَ بشَّار المُرَعَّث، لأنَّه كان لقميصه جيبان: جيب عن يمينه وجيب عن شماله، فإذا أراد لبسه ضَمَّهُ عليه من غير أن يدخل رأسه فيه، وإذا أراد نزعه حلَّ أزراره وخرج منه، فَشُبِّهَتْ تلك الجيوب بالرُّعاث لاسترسالها وتدلِّيها، وسُمِّيَ من أجلها المُرَعَّثُ.فارسي الأصل من طخارستان، وبرد والده من سبي المهلب بن أبي صفرة، وكان برد طيَّاناً فقيراً، وكانت أم بشَّار رومِيَّةٌ لِرَجُلٍ من الأزدزَوَّجَها بُرْدَاً، وولدت بشَّارَ ضريراً، ولم يرَ الدُّنيا، ولهذا كان ناقماً على البشر جميعاً.
    نشأته: ولد بشَّار سنة 96ه، 713م، ونشأ في بنيعقيل نشأة عربية خالصة بالبصرة، فاستوى لسانه على الكلام الفصيح، ثم عاش في البادية شاباً فَصَحَّ لفظه، ونبغ في الشِّعر وله عشر سنوات، وكانت بداية شعره هجاءً لِمَا رآه من النَّاس وتهكُّمهم منه لأنَّه ضرير، كان بشَّارُ ضخماً، مفرط الطول، عظيم الوجه، أعمى أكمه وجاحظالعينين، يغشاهما لحم أحمر فكان قبيح العمى مجدور الوجه، وقد ضُرب المثلُ بقباحة عينه.
    قال واصل بن عطاء في بشَّار عندما علم أنَّه تعرَّض لعمر وعثمان: أَمَا هاهنا أحد يذهب إلى هذا الأعمى المُشَنَّفُ المُكَنَّى بأبي معاذ فيبعج بطنه على مهاده".
    حياته: وكان بشَّار مُعْتَدَّاً ومفتخراً كثير بنفسه وبأصله الفارسي، وكان بشار حادَّ الطِّباع سيءَ الخُلُق مُتَبَرِّماً بالنَّاس مفطوراً على استعدائهم، مُتَقَلِّبَ المزاج، سريع الاستجابة لِمَا حوله شديدَ الانفعال، يثور لأقلِّ الأسباب"، وقال أبو الفرج الأصبهاني:سمعت الأصمعي يذكر: أنَّ بشَّاراً كان من أشدِّ النَّاس تَبَرُّماً بالنَّاس وكان يقول: الحمد لله الذي ذهب ببصري، فقيل له: وَلِمَ يا أبا معاذ، قال: لئلَّا أرى مَنْ أبغض، وكان يلبس قميصا له لبنتان، فإذا أراد أن ينزعه نزعه من أسفله، فبذلك سُمِّيَ المُرَعَّث.
    وكان جريئا مستخِفَّاً بكثير من الأعراف والتقاليد، نهماً مقبلاً على المتعة بصورها، الخمر والنِّساء والغناء..وكان بجانب جرأته في غزله يهجو من لا يعطيه".
    شعره: وصفه أهل العلم والأدب بأنَّه: "شاعر مجيد ترك على حدِّزعمه اثنتي عشرة ألف قصيدة وقال: ويلي إنْ لَمْ يَكُنْ في كل واحدة بيت جيد.
    أمسكبشَّار بزمام اللُّغة وسخَّرها في شعره بإتقان، كان لَعُوْباً بالمعاني والألفاظ، وأجاز لنفسهالاشتقاق أسوة بأئمَّة اللُّغة، أتقن جميع أبواب الشِّعر، كان فيَّاض الموهبة غزير المادَّةلا يتكلَّفُ النَّظم، وليس عجيباً بعد هذا أنْ نَجِدْهُ تبوَّأ مركزاً يرتاح فيه فيساحة الشِّعر العربي". وقال أبو الفرج الأصبهاني: كان إذا أراد أن ينشد صَفَّقَ بيديه وتنحنح وبصق عن يمينه وشماله ثم ينشد فيأتي بالعجب.
    وقال د. محمود العادليّ: "إن الرِّقابة الدِّينيَّة والسِّياسيَّة والاجتماعيَّة في عصره قد حذفتكثيراً من شعره بعد وفاته، وهو مُتَّهم في معظمه خاصة في الغزل والهجاء". وقال ابن رشيق: "جيد الشِّعر حسنه، خبيث الهجاء، عجيبٌ في تشبيهاته وهو أعمى، وسبق إلى ابتكار كثير من المعاني التي أخذها عنه بعض الشُّعراء، وكان عهده فاتحة لشِعْر البديع".
    زندقته: قال ابن المعتز عن زندقته فى طبقات الشُّعراء: قال السِّدري: كان عمي بشَّار من أفقه الناس وأعلمهم بكتاب الله، فعاشر قوماً من الحرَّانيين فخبث دينه"، وأضاف ابن النَّديم أنَّه كان: من رؤسائهم المتكلِّمين الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الزندقة... ومن الشُّعراء بشَّار بن برد.
    وفاته: مات مقتولاً بأمر من الخليفة المهدي حيث رماه بالزَّندقة، وجملة الخبر أنَّ المهدي حنقعليه لهجائه له، وأخفى له كرها عظيماً، وحين زار المهدي البصرةمُتَفَقِّداً أحوالها وصل إلى البطائح ومرّ بداره وكان على سطحهاسكراناً، فعلم بحضور المهدي، وخاف أن يراه على حاله من السُّكر، فراح يؤذِّن،فقال المهدي: من هذا الذي يؤذِّن في غير الوقت؟ قالوا: بشَّار، قال: عليَّ به، وحين مثل بين يديه، قال: يا زنديق هذا من بذائك، تُؤَذِّنُ في غير الوقت، ثكلتك أُمُّك، ثم أمر بصاحب الزَّنادقة ...، فأخرجه معه فيزورق، وأمر الجلَّادين أنْ يضربوه ضرباً متلفاً... وضُرِبَ سبعين سوطاً حتى مات، وألقي من على السَّفينة، فحمله الموج إلى شاطئ البصرة. فحمله أهله ودفنوه، وما تبعجنازته سوى أمَة سوداء من السِّند. وأكثر المصادر تقول أنَّه مات سنة 168ه، 783م.
    المحاكمة الأدبيَّة للشَّاعر بشَّار بن برد
    الحاجب: محكمة. يدخل القاضي والنيابة والدفاع والحضور
    القاضي: أين المُتَّهم؟
    بشَّــــــــار: نعم سيدي القاضي، أنا موجود.
    القاضي: تَقَدَّمْ أيُّها المُتَّهم.
    بشَّــــــــــار: أنا بصيرٌ سيدي القاضي، فلْيرشِدْني أحدكم.
    القاضي: أيُّها الحاجب، أحضر المتَّهم، وأرشده لمكانه.
    الحاجب: أمرك سيِّدي القاضي، يسحب الحاجب بشَّار إلى مكان وقوفه أمام القاضي والنِّيابة والدِّفاع
    تقَدَّمْ معي أيُّها المتهم.
    القاضي: ما اسمك؟
    بشَّــــــــار: أنا بشار بن برد مولى بني عقيل من سبي طخارستان.
    القاضي: أنت متهم في كثير من القضايا التي تُخِلُّ بأمن الخلافة وحياة المؤمنين.
    بشَّــــــــار: وما هي تهمتي سيِّدي القاضي؟
    القاضي: تهمتك ليست واحدة، وإنَّما هي مجموعة من القضايا.
    بشَّـــــــــار: أرجو ذكرَها.
    القاضي: 1. التَّعرُّضُ لأعراض الناس
    2. دعوة الفتــيان والفتيات للرذيلة
    3. متهم بالزندقة، والخروج عن جادة الحقِّ والدِّين
    4. متَّهم بإثارة الفتنة ضدَّ الخليفة
    5. التعرُّض للخليفة و وزرائه
    6. متَّهم بالشعوبية، وتفضيل العجم على العرب والمسلمين
    7. سِكِّيرٌ ماجن خليع وَزانٍ وتجاهر بالمعاصي.
    القاضي: وقبل الخوض في هذه التُّهم، ما مهنتك؟
    بشَّــــــــار: أنا كفيف سيِّدي، ولا مهنة لي، وكما ترى جسدي لا يساعدني على العمل
    القاضي: ممَّ تعيش أنت وأهل بيتك؟
    بشَّـــــــــار: لا أهل لي سوى جارية تُدعى رباب
    القاضي: أولك جارية وتعيش معك وتقيمان تحت سقف واحد
    بشَّــــــــار: نعم سيِّدي
    القاضي: وفيم تحتاجها؟
    بشَّـــــــار: أنا ضرير كما ترى سيِّدي القاضي، ولا أستطيع القيام بأعمال بيتي
    القاضي: مِمَّ تعيشُ أنت وجارتك؟
    بشٍّـــــــار: لقد وهبني الله موهبة الشِّعر أتكسَّب بِها
    القاضي: تهمتك أنك شاعر، وتتعرَّضُ لأعراض النَّاس، فما قولُ:؟
    بشَّــــــــــار: تُهمتي أنَّني شاعر، فهذه ليست تهمة، لأنَّها موهبةٌ من الله، أمَّا قولك التَّعرُّضُ لأعراض النَّاس، فكيف يكون ذلك وأنا بصيرٌ؟، فأنا كما ترى سّيِّدي القاضي لا حولا لي ولا قوة، لأنَّني بصيرٌ وضعيفٌ
    إنَّ في برديَّ جِسماً ناحِلاً ( ) لو تَوَكَّأتَ عليه لانهَدَم
    القاضي: أنتَ يا بشَّارُ متَّهمٌ بالزَّندقة والنِّفاق، ألستَ القائلُ:
    ولستُ بصائمٍ رمضان طوعاً ( ) ولســــتُ بآكلٍ لحـــــمَ الأضــــــاحي
    وقلت: الأرضُ مظلِمَةٌ والنَّارُ مُشرِقةٌ ( ) والنَّارُ معبودةٌ مذ كانتِ النَّارُ وأنتَ القائل: إبليسُ خيرٌ من أبيكم آدمُ ( ) فتــنـــــــــبَّــهوا يا معشـــــــرَ الفُــــــــجَّـارِ
    النَّارُ عنصُــرُهُ وآدمُ طيــنُهُ ( ) والطِّـــينُ لا يعــــلو على النّــــــــــــــَار
    بشَّـــــــار: بل أنا القائل: أنا من قد علمتَ لا أنقضُ( ) العهـــــدَ ولا تســـتخــفَّــني الأهـواء
    والقائل: من الفاطميين الدُّعاةِ إلى الهوى ( ) جهاراً ومن يهدكَ مثل ابن فاطمِ
    نعم سيِّدي القاضي، أنا قائل تلك الأبيات، لكنَّني معذورٌ سيِّدي فيما قلتُ
    القاضي: وما عُذْرُك؟
    بشَّــــــــار: بالنِّسبة الصِّيامِ فأنا كما سبق و أسلفتُ، أنا ضعيف، ولا يتحمَّلُ جسمي الصِّيامَ، والدِّينُ الإسلامي دينُ يسرٍ لا عسر، فقد قالI:فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ، البقرة: آية: 184، وأنا سيِّدي القاضي أطعمُ على مدار العام المسكينة جاريتي رباب، أما بالنِّسبةِ لِلَحْمِ الأضاحي، فكما ترى سيِّدي: جسمي به لحم كثير، ومصابٌ بداء الملوك مرض النُّقرس، وممنوع من تناول اللُّحوم
    القاضي: وما قولك فيمن قالوا عنك: وكان من سعادة الرَّجلِ من أهلِ البصرة ألا يعرف بشَّارَ، ولا بشَّار يعرفُهُ، فإنَّهُ إنْ لم يُصِبْهُ في عرضِهِ أصابه في مالِهِ، وقالوا: ولا ذو شرفٍ إلا ويهابُهُ ويخافُ معرَّةَ لسانِه، والمقصودُ أنتَ يا بشَّار
    بشَّــــــــار: حسدٌ سيِّدي القاضي، فهذا القولُ ما قاله شاعرٌ يلحقُ بي في قولِ الشِّعر، أو صاحبُ مالٍ بخيلٌ يخافُ أنْ يقعَ في طريقي، فيتصدَّقُ عليَّ ببعضِ مالِه الَّذي منحه الله، فهذا كافرٌ بالنِّعمة، وأتمنى عليه زوالَها
    القاضي: أنتَ يا بشَّار تُؤَلِّبُ قلوب الرَّعيَّة على الخليفة وتحثُّهم على الثَّورة، أما قلتَ:
    أبا جعفرٍ ما طول عيشٍ بدائم ( ) ولا سالِمٌ عمَّا قليلٍ بسالمِ
    ثمَّ غيرتَها من إبراهيم إلى الخراسانيّ، فقلتَ:
    أبا مُســــلِمٍ ما طول عيشٍ بدائم ( ) ولا سالِمٌ عمَّا قليلٍ بسالمِ
    فما رأيكَ في ذلك؟
    بشَّــــــــار: نعم سيِّدي أنا القائلُ، وهذا تصديقٌ لقولِهI: كُلّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْه رَبّك ذُو الْجَلَال وَالْإِكْرَام الرحمن : 27-26، وما قلْتُهُ فإنَّما لأُذكِّرَه بأنْ يبقى على صِلةٍ قويةٍ بالله الخالقI
    القاضي: سامحناك في بعض ما وجِّهَ لك
    بشَّــــــــار: جزاك الله خيراً سيِّدي القاضي، وجعلك ذُخرا لإحقاقِ الحقِّ
    القاضي: يا بشَّارُ هل تنسى فضلَ العربِ والمسلمين عليك، وعلى أهلِك؟
    ألا تذكر حين كنتَ طِفلاً بأنَّ لنا الفضلَ نحن معشر المسلمين لفي إعطائكم الحرِّيَّة من ظلم الحكم في بلادِكم؟، هل تذكُرُ عندما سباك العرب المسلمون وأعتقوك وأهلك وأعطوك الحرِّيَّة، وربُّوك مع أبنائهم، وتقول فيهم:
    أحينَ لَبِستَ بعد العُرِيِّ خَزَّاً () ونادمــتَ الكــــرام على العُـــــــــــقارِ
    ونلتَ من الشّـَبارقِ والقـلايا ( ) وأعطــــيتَ البنــفســجَ في الخــمارِ
    تفاخِــرُ يا ابن راعــيةٍ وراعٍ ( ) بني الأحرارِ؟ حسبُكَ من خسـارِ
    إلى أن تقول: وكنتَ إذا ظمِئتَ إلى قراحٍ ( ) شركتَ الكلبَ في ذاكَ الإطار
    بشٍّـــــــار: بل أنا القائل سيِّدي:
    لقد عــلم القــبائلُ غير فخرٍ ( ) على أحــدٍ وإنْ كان افتــــخارُ
    لنا بطـــحاء مكَّةَ والمُصـلَّى ( ) وما حازَ المُحَصَّبُ والجمارُ
    وساقيةُ الحجيجِ إذا توافوا ( ) و مبــــتدرِ المواقــفِ والنِّــــفارِ
    وميــــراث النَّــبيِّ وصاحبيهِ ( ) تلاداً لا يُبـــــــاعُ ولا يُعــــــــــارُ
    أمَّا ما سبق وقلتُه سيِّدي القاضي فقد أكونُ قلتُهُ وأنا طفلٌ ولا أدري ما أقول.
    القاضي: وما قولُكَ فيما قُلتَهُ في أميرِ المؤمنين المهديِّ، وفي وزيرِهِ يعقوب بن داود
    بني أُمَــيَّـــةَ هُبُّــــوا طـــــال نومُـــــــــكمُ ( ) إنَّ الخــليــفةَ يعــــقوبُ بن داود
    ضاعتْ خلافتِكم يا قومُ فالتمسوا ( ) خــليــفةَ الله بيــن الزِّقِّ والعـــــود
    بشّــــــــَار: قلتُها على سبيلِ المداعبة، ألا يحقُّ للإنسانِ أنْ يرفِّهَ عن نفسِهِ ليجّدِّدَ عطاءَهُ، ولم أذكر الزِّقَّ، بل قلتُ: خليفة الله بين الناي والعودِ، وهذا يكونُ من الجواري في قصور الخلفاءِ ولا ضيرَ في ذلك، وقصدي ذَمُّ بني أُميَّةَ وليس الخليفة المهديِّ.
    القاضي: أنتَ يا بشَّارُ إضافةً لما سبق مُتَّهمٌ بالمجونِ والخلاعة والإباحِيَّةِ بين الشَّبابِ والفتياتِ، في قولك: فدعيني معه يا أمَتي ( ) علَّنا في خلوةٍ نقضي الوَطَرَا
    وتقولُ داعياً النِّساءَ إلى الفحشاءِ، وتصيبُ أعراضَ النَّاسِ بالقدحِ وقولك:
    لا يُؤْنِسَـــنَّـكَ من مُخَــــــبَّأَةٍ ( ) قولٌ تُغـــلِّـــــظُهُ وإنْ جَــرَحَـــــــــا
    عُسْرُ النِّساءِ إلى مُيَاسَرَةٍ ( ) والصَّعبُ يمكنُ بعدما جَمَحا
    بشَّـــــــار: قُلْتُهُ سيدي القاضي على سبيل المداعبةِ في حداثةِ سِنِّي وحينها كنتُ فتى
    محامي الدِّفاع: سيِّدي القاضي، إنَّ هذا الشَّاعر كما ترونَ ضعيفٌ مريض وبصير، ولا ننسى أنَّهُ مولى، وأنَّهُ شاعر وقد قالI في سورة الشُّعراء: وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226)،كما ترى سيدي القاضي وضعَ هذا المتَّهمَ، نرجو أن تأخذوا بعين الاعتبار أنَّ الشاعر الضَّعيف المريض البصير بشَّار بن برد الواقف أمام عدالتكم كالحمل الوديع يكثر من الشِّعر ليدعو للحكمة وفعل الخير، ويدعو إلى التَّمَسُّكِ بقيم الإسلام إنَّهُ هو القائل: ألا أبلـــغ الرأي المشــــــــورة فاســـتعن () برأي فصيحٍ أو نصيحةَ حازم
    ولا تجعلْ الشورى عليك غضاضةً ( ) فإن الخــــــــوافي قــــــوةٌ للقــــــــوادِمِ
    فأرجو سيِّدي القاضي أن تأخذَكم الرَّحمةَ والرَّأفةَ بهذا الإنسان البصير الماثل أمامكم.
    وكيل النِّيابة: سيدي القاضي إنَّهُ يقول إنَّ الخوافي قوةٌ للقوادم، إنَّهُ يخفي الكثير ويعرف الكثير، إنَّهُ يثير النَّاس ضدَّ الخليفة، ولا تنسَ أنَّهُ ذكر الخليفة بأنَّهُ موجود بين الزِّقِّ، أو الرِّقِّ أو الناي والعود ويقصد أنَّهُ في الحانات ودور القيان، كما أنَّهُ أقسم بأنَّهُ لن يصلِّيَ، ولن يصومَ رمضان، ولن يأكل لحم الأضاحي،، لهذه زندقةٌ بيِّنةٌ وخروج عن الدِّين، وأنَّهُ خليعٌ ماجنٌ حيث يقيم منفرداً مع جاريته رباب حتى يسكتها فلا تفضحُ أسِرَّهُ، وهو القائل فيه شعراً، حيث يقول:
    ربابةُ ربَّـــــةُ البيــــتِ ( ) تصبُّ الخلَّ في الزَّيتِ
    لها عشر دجاجاتٍ ( ) وديكٌ حســـــنُ الصــــوتِ
    إضافةً إلى مجونه وخلاعته فهو زانٍ يتعرَّضُ لأعراض الناس بالقدح والذَّمِّ، لذا سيِّدي القاضي أطالبُ عدالةَ محكمتكم أنْ تنزلَ في هذا المتَّهمِ المنافقِ الزِّنديقِ أقصى العقوبة، وأطالبُ بإعدامِهِ لتريحَ النَّاسَ منه، ومن فجورِه
    القاضي: الحكم بعد المناقشة
    الحاجب: محكمة
    الحاجب: محكمة يدخلُ القاضي بعد مناقشة باقي القضاة للإدلاء بالحكم
    القاضي: لقد ثبت بالدليل القاطع أنَّكَ زنديقٌ ماجنٌ خليعٌ منافقٌ كاذبٌ وشعوبي، وبناءً على ما تقدَّمَ حكمت المحكمة بإعدامِكَ جلداً حتى الموت لما ارتكبت من معاصٍ في حقِّ الله والخليفة والنَّاس.
    المصادر والمراجع:
    1. أدب .. الموسوعة العالمية للشعر العربي بشار بن برد www.adab.com
    2. الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني
    .3 خصائص الهجاء في شعر بشار بن بـرد بقلم: أحمد الظّرافي تاريخ النشر: 2007/12/10
    4. دنيا الوطن: pulpit.alwatanvoice.com.
    5. الدكتور محمود العادلي:ejabat.google.com
    6. ديوان بشار بن برد.
    7. طبقات الشعراء لابن المعتز
    8.www.forsanhaq.com.
    9. forum.stop55.com.
    موسى حمدان 2013 م
     
    moh@med ،mann1 و alighalel معجبون بهذا.
  2. alighalel

    alighalel مشرف منتدى اللغة العربية إداري

    إنضم إلينا في:
    ‏مايو 11, 2009
    المشاركات:
    2,342
    الإعجابات المتلقاة:
    1,229
    نقاط الجوائز:
    128
    الجنس:
    ذكر
    الوظيفة:
    طليب علم
    مكان الإقامة:
    مصر
    الله الله الله الله الله
    ما هذة الروعة وما هذا الجمال
    واجمل من ذلك هى عودتك اخى الحبيب
    لقد انار المنتدى بعد ظلمة وفرح بعد حزن لعودة شاعرنا
    والله لا ادرى ماذا اقول من فرض فرحتى بعودتك
    كل عام وانت بخير
    اسأل الله عز وجل ان يكون سبب غيابك عنا خيرا
    واسألة الا يبعدك عنا مرة اخرى
    تحياتى لك اخى الحبيب
     

مشاركة هذه الصفحة