الابتلاءات في الدنيا

الموضوع في 'المنتدى الإسلامي' بواسطة fahed albeij, بتاريخ ‏مارس 28, 2019.

  1. fahed albeij

    fahed albeij Member

    إنضم إلينا في:
    ‏سبتمبر 26, 2015
    المشاركات:
    31
    الإعجابات المتلقاة:
    25
    نقاط الجوائز:
    18
    الجنس:
    ذكر
    الوظيفة:
    يعمل في الشركة الصناعية للزيوت النباتية
    مكان الإقامة:
    syria aleppo


    الابتلاءات في الدنيا

    إن الله تعالى جعل الدنيا دار ابتلاء وامتحان للإنسان ويختبرُ اللهُ الناس بالمصائب تارةً وبالنَّعم تارةً أخرى, فينظرُ من يشكر منهم ومن يكفر ثم يرجعون إلى الله فيجازيهم على أعمالهم

    قال الله تعالى :{ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ }(35) الأنبياء

    فإن الله سبحانه وتعالى لا بُدَّ من أن يبتليَ عباده المؤمنين بحسب ما عندهم من إيمان , والهدف من هذا الابتلاء , هو أن يُمحصهم فيعلم الصادق في إيمانه من الكاذب ليجازيَ كُلاً بما يستحقَّهُ

    قال الله تعالى : { أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} (3) العنكبوت

    نحن نعيش تحت مشيئة الله وقدره وما قدرهُ لنا سيصيبنا وليس له دافعٌ ولا مانعٌ

    ونحن متوكلون على الله وهو حسبنا ونعم الوكيل , فلا تيأس عند الشدة ولا تبطرُ عند النعمة

    قال الله عزّ وجلّ :{ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} (22) الحديد

    أي ما أصابكم أيها الناس من مصائب في الأرض مثل {قحط المطر وقلة النبات ونقص الثمار وغلاء الأسعار والجوع وغيرها } وفي الأنفس مثل{الأمراض والفقر وذهاب الأولاد وغيرها}

    إلا هو مسطورٌ ومكتوبٌ في اللوح المحفوظ , صغيرها وكبيرها عند الله سبحانه وتعالى قبل أن يخلق هذه النفوس , وفي الحديث عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَدَّرَ اللَّهُ الْمَقَادِيرَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ(الترمذي}

    وهذا الأمر عظيم لا تحيط به العقول , بل تذهل عنده أفئدة أولي الألباب , لا بد من نفوذه ووقوعه فلا سبيل إلى دفعه

    إن في الدنيا مصائب ومحنا وآلام تضيق بها النفوس ومزعجات تورث الخوف والجزع , كم ترى من شاكي يشكو خوفا أو علة وسقما أو حاجة وفقرا

    تلك هي الدنيا تضحك وتبكي وتجمع وتفرق , شدةٌ ورخاءٌ وسراءٌ وضراءٌ , دار غرور لمن اغتر بها وهي عبرةٌ لمن اعتبر بها

    إن أثقال الحياة ومصائبها لا يطيق حملها الضعاف من الناس الذين لم يتمكن الإيمان من قلوبهم , لا ينهض بأعبائها إلا العمالقة الصابرون أولو العزم من الناس أصحاب الهمم العالية

    وفي الحديث: عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ سَعْدٍ ، قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَشَدِّ النَّاسِ بَلاءً ، قَالَ : الأَنْبِيَاءُ ، الأَمْثَلُ ، فَالأَمْثَلُ ، يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ ، فَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ صُلْبًا ، ابْتُلِيَ عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ هُوِّنَ عَلَيْهِ ، فَمَا زَالَ كَذَلِكَ حَتَّى يَمْشِيَ عَلَى الأَرْضِ مَا لَهُ ذَنْبٌ} صحيح

    إن المؤمن الواثق لا يفقد صفاء العقيدة ونور الإيمان إذا نزلت به مصيبة , أما الإنسان الجزوع إذا نزلت به نازلة أو حلت به كارثة ضاقت عليها الأرض بما رحُبت

    قال عليه الصلاة والسلام : { مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا أَخْلَفَ اللَّهُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا}{صحيح مسلم}

    وعلى الإنسان أن يسأل ربه العافية ويصبر على ما أصابه

    يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :{ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا سَبَقَتْ لَهُ مِنْ اللَّهِ مَنْزِلَةٌ لَمْ يَبْلُغْهَا بِعَمَلِهِ ابْتَلَاهُ اللَّهُ فِي جَسَدِهِ أَوْ فِي مَالِهِ أَوْ فِي وَلَدِهِ قَالَ أَبُو دَاوُد زَادَ ابْنُ نُفَيْلٍ ثُمَّ صَبَّرَهُ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ اتَّفَقَا حَتَّى يُبْلِغَهُ الْمَنْزِلَةَ الَّتِي سَبَقَتْ لَهُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى} رواه أبي داود

    وكم في الابتلاءات من الألطاف الخفية لربنا تعالى والتي تعجز عقولنا من تصورها , فضلاً عن الإحاطة بها

    إن من فقد الثقة بربه وساء ظنهُ وعجز عن تحمل الشدائد فلا ينظرُ إلا إلى مستقبل أسود ولا يترقب إلا لأمل مظلم

    وأما المؤمن لا تبطرهُ نعمة ولا تجزعهُ شدة

    قال عليه الصلاة والسلام :{ « عَجِبْتُ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ لِلْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَ الْمُؤْمِنِ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ فَشَكَرَ كَانَ خَيْراً لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ فَصَبَرَ كَانَ خَيْراً لَهُ »أخرجه مسلم في الصحيح

    إن الابتلاءات سُنّة ربانية ومكفرات للذنوب لا بُدّ من وقوعها في هذه الدنيا , لتكون داراً للامتحان في الشهوات والفقر والمرض والخوف والنقص في الأموال والأنفس والثمرات

    والمصائب والآلام ملازمة للبشر من أجل تحقيق العبودية لله

    قال الله تعالى :{ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} (157) البقرة

    والصبر درع المؤمن وسلاحه الذي يتغلب به على الشدائد والمشاق , وإذا نزل بالعبد مرض أو مصيبة فحمد الله وصبر إلا أعطاه الله من الأجور مالا يعلم

    قال الله تعالى :{ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}الزمر (10)

    فكل الأعمال قد تجد لها أجراً معيناً إلا الصبر لعظمته فأجره بغير حساب , {عن أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ عن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ عِظَمُ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ}{رواه ابن ماجه والترمذي}

    ومن فوائد الابتلاء : يكفر الذنوب ومحو السيئات ورفع الدرجات والمنزلة في الآخرة وفتح باب التوبة والذل والانكسار بين يدي الله , وتقوية صلة العبد بربه , واليقين بأنه لا ينفعُ ولا يضرُ إلا الله

    بعض الناس يعبد الله تعالى طالما هو في خير دائم وسرور مستمر فإذا أصابه شر أو وقع به مكروه ينقلب على وجهه

    والله تعالى يريد من عبده أن يُقبل على عبادته في ثبات إيمان لا تزعزعه الأحداث ولا تهز إيمانه فيتراجع , ربك يريدك عبداً له في الخير وفي الشر في السراء وفي الضراء فكلاهما فتنة واختبار

    فلابتلاء ليس شراً , ولكن الشر هو أن تسقط في الابتلاء

    قال الله تعالى:{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}(11)الحج



    قال الفضيل بن عياض : {الناس ما داموا في عافية مستورون , فإذا نزل بهم بلاء صاروا إلى حقائقهم , فصار المؤمن إلى إيمانه , وصار المنافق إلى نفاقه}

    وَسُئِلَ الشّافِعِيّ رَحِمَهُ اللّهُ أَيّمَا أَفْضَلُ لِلرّجُلِ أَنْ يُمَكّنَ أَوْ يُبْتَلَى ؟ فَقَالَ لَا يُمَكّنُ حَتّى يُبْتَلَى وَاَللّهُ تَعَالَى ابْتَلَى أُولِي الْعَزْمِ مِنْ الرّسُلِ فَلَمّا صَبَرُوا مَكّنَهُمْ

    قال ابن القيم :{ أَنّ اللّهَ سُبْحَانَهُ اقْتَضَتْ حِكْمَتُهُ أَنّهُ لَا بُدّ أَنْ يَمْتَحِنَ النّفُوسَ وَيَبْتَلِيَهَا فَيُظْهِرُ بِالِامْتِحَانِ طَيّبَهَا مِنْ خَبِثِهَا.......}

    فعلينا بالإيمان بالقضاء والقدر , فالسعيدُ من عرف الدنيا حق المعرفة ورضيَ بما يصيبه منها مؤمنا بقضاء الله وقدره , يعلم أنه لا يصيبه إلا ما قد كتبه ربه عليه من خيرا أو شرا

    قال الله تعالى:{ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (51)التوبة

    الحمد لله رب العالمين

    نسأل الله عز وجل أن يدفع عنا البلاء ويرفع عنا الداء وعن جميع المسلمين

    وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين





     
    أعجب بهذه المشاركة mann1

مشاركة هذه الصفحة